تتمنع وهي الراغبة‏!‏بقلم‏:‏ عماد عريان

من طرف صفاء الأربعاء مارس 25, 2009 11:17 am

سياسة خارجية
بقلم‏:‏ عماد عريان

تتمنع وهي الراغبة‏!‏

يحمل
المشهد الأمريكي ـ الإيراني الراهن كثيرا من الأمور الهزلية المثيرة
للدهشة في المواقف المتقلبة والمتغيرة لطهران وواشنطن‏,‏ وإن كانت جميعها
مشاهد غير مستعصية علي الفهم والاستيعاب‏.‏ فالإدارة الأمريكية الجديدة
برئاسة باراك أوباما شرعت بالفعل في طرح منهجها الجديد في التعامل المختلف
مع قضايا العالم الملتهبة‏,‏ خاصة تجاه العراق وأفغانستان وبينهما
إيران‏,‏ وهي القضايا الأكثر تكلفة للولايات المتحدة علي المستويين المالي
والبشري‏,‏ ومن المفترض أنه في ضوء تلك التوجهات الجديدة أصبحت هناك فرصة
سانحة أمام إيران للخروج من عزلتها الدولية ومأزقها الذي تعيشه بسبب
برنامجها النووي‏,‏ وجعلها في أوقات كثيرة أقرب ما تكون إلي هجوم عسكري
مدو‏.‏

لكن المثير في الأمر أن إيران‏,‏ من خلال تصريحات ومواقف
مرشدها الأعلي علي خامنئي‏,‏ استقبلت رسائل عيد النيروز التي خرجت من مكتب
البيت الأبيض لأوباما‏,‏ بفتح صفحة جديدة بين البلدين‏,‏ بمنتهي العنجهية
والصلف‏,‏ بل وطالبت واشنطن بضرورة أن تغير من سياستها علي أرض الواقع من
خلال توجهات جديدة تحفظ لطهران كل مطالبها‏,‏ وبتأمل هذا المشهد نجد أنه
لا ينم عن رغبات حقيقية لدي الطرفين في فتح صفحة جديدة ومختلفة بين
العاصمتين‏,‏ فالنظامان الأمريكي والإيراني لا يمكن أن يلتقيا ولو طال
الزمن‏,‏ لكنها لعبة المصالح التي فرضت علي أوباما مغازلة طهران في هذا
التوقيت‏,‏ فكما سهلت وساعدت إيران الولايات المتحدة علي غزو الأراضي
الأفغانية‏,‏ ثم الأراضي العراقية لأسباب نفعية ترتبط بإزاحة نظامي طالبان
من كابول‏,‏ وصدام حسين من بغداد‏,‏ فإن طهران مطالبة الآن‏,‏ من قبل
الولايات المتحدة تحديدا‏,‏ بتسهيل خروج القوات الأمريكية من العراق
وأفغانستان وفقا لاستراتيجيات البيت الأبيض الجديدة‏.‏

ولاشك في أن
الإدارة الأمريكية ترغب في الخروج من هذين المستنقعين دون حدوث اضطرابات
أمنية‏,‏ أو حروب أهلية تعطي انطباعا بهزيمة المشروع الأمريكي‏,‏ ولهذا‏,‏
ولو علي سبيل التغيير التكتيكي‏,‏ تحاول الفوز بعون إيران في هذا الشأن‏,‏
ولأن إيران تدرك ذلك جيدا‏,‏ وبحكم السياسات البراجماتية النفعية التي
يمارسها النظام الإيراني علي الدوام‏,‏ كان من الضروري أن تتشدد في
مواقفها وتستقبل بفتور العروض الأمريكية‏,‏ وذلك رغبة منها في تعظيم
مكاسبها السياسية والاقتصادية والمعنوية أيضا إلي أقصي درجة ممكنة‏,‏
وبذلك أبدت تمنعا في الاندفاع نحو العم سام برغم كل الشواهد التي تؤكد
أنها ترغب في الفوز بدفء أحضانه لتجاوز العزلة الدولية‏,‏ وعلي الجانب
الآخر تظل سياسة البيت الأبيض متسقة مع النهج نفسه‏,‏ فهي تبحث عن مكاسب
عظمي دون التضحية بأهدافها الاستراتيجية‏,‏ خاصة التخلص من البرنامج
النووي الإيراني‏.‏