مع توقع زيارة مبارك لواشنطن صيفاً هل يصلح أوباما ما أفسده بوش؟!بقلم: محمد علي إبراهيم

حكايات اسبوعية
بقلم: محمد علي إبراهيم
مع توقع زيارة مبارك لواشنطن صيفاً
هل يصلح أوباما ما أفسده بوش؟!


تابعت كما تابع غيري من الزملاء الصحفيين عناوين ومانشيتات الصحف الحزبية
والخاصة الفترة الماضية.. المانشيتات اقتصرت علي زيارة السيد جمال مبارك
أمين السياسات لواشنطن والتي اعقبتها زيارات لمسئولين آخرين في مواضيع شتي
منهم وزير الخارجية والوزير عمر سليمان ووفد مجلسي الشعب والشوري الذي ضم
د. محمد كمال ومني ذو الفقار وآخرين وتبعتهم بعثة طرق الأبواب في مهمتها
السنوية وبات واضحا أن اهتمام الصحف بهذه الزيارات يعود في المقام الأول
الي الزيارة المرتقبة التي سيقوم بها الرئيس مبارك إذا شاء الله لكونها
أول زيارة للعاصمة الأمريكية بعد 5 سنوات.

كانت زيارة الرئيس الأخيرة لواشنطن في ابريل 2005 في أوائل الفترة
الثانية للرئيس الأمريكي جورج بوش الابن ورغم استقبال بوش لمبارك في
مزرعته الخاصة بتكساس الا انه اقدم علي تصرف في منتهي الغباء حيث استقبل
في اليوم التالي لزيارة مبارك ارييل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي الأمر
الذي فسره المراقبون انه تنصل من بوش عن أي التزام قطعه علي نفسه وادارته
اثناء محادثاته مع الرئيس مبارك خصوصا في عملية السلام.

منذ ذلك الحين ساءت العلاقات بين مصر وأمريكا وبالتحديد مع عناصر
معينة من المحافظين الجدد في إدارة بوش مثل ديك تشيني نائبه وكوندليزا
رايس وزيرة خارجيته التي حلت محل الجنرال كولين باول في إدارة بوش
الأولي.. نقاط الخلاف الرئيسية بين القاهرة وواشنطن تركزت علي رفض مصر لعب
ادوار معينة في العراق والملف النووي الايراني والموقف من النظام
السوداني.. هناك أيضا تصدي مصر للمشروع الذي تبنته كوندليزارايس واسمته
حيناً الشرق الأوسط الكبير وحينا آخر الشرق الأوسط الواسع أو الأكبر..
استطاعت مصر والسعودية ودول أخري تفتيت هذا المشروع في مهده الأمر الذي
اعتبرته واشنطن تحديا لسياساتها..

حاولت وشنطن كثيرا خلال فترة حكم الرئيس بوش أن تتسلط علي القرار
السيادي المصري فباءت بالخزي وخصوصا في قضية زعيم حزب الغد د. أيمن نور.
كما كان واضحا أن وزيرة الخارجية الأمريكية كانت حريصة في كل زياراتها
للقاهرة علي الاجتماع مع رموز المعارضة المصرية في اشارة واضحة إلي أن
واشنطن تبحث عن بديل لنور وسعد الدين إبراهيم.

أعود للزيارات المصرية لعدد من المسئولين الذين وصلوا الي واشنطن
فأقول إن الصحف الخاصة أجمعت انها تمهد لزيارة الرئيس المرتقبة للعاصمة
الامريكية في ابريل ولا ادري علي اي أساس تم توقع الموعد هل تأسيسا علي
زياراته السابقة أم بناء علي انقضاء المائة يوم الأولي لأوباما في الحكم!

علي أية حال الزيارات الرسمية المصرية لأمريكا استمرت لفترة طويلة
وليس ضروريا أن تكون مرتبطة بالاعداد لزيارة الرئيس لواشنطن وان كانت جزءا
منها..

لكن المهم الآن ان يكف كل المجتهدين عن طرح رؤاهم حول ما الذي ستتطرق اليه الزيارة.


فبداية يجب ان نؤكد أن قوي المعارضة المصرية لن تجد الترحيب الذي كانت
تجده من الإدارة السابقة. ليس لأن ادارة أوباما لاتهتم بالديموقراطية
والاصلاح السياسي. ولكن لأن هناك أولويات حاكمة الآن في أمريكا أهمها
الأزمة الاقتصادية العالمية وكيفية نهوض العملاق الاقتصادي الأول في
العالم من عثرته.

غير أن مصر وهي تنظرإلي مستقبل علاقاتها مع أمريكا تدرك جيدا أن
واشنطن لن تناصر العرب علي حساب إسرائيل وتعلم كذلك ان إدارة أوباما لن
تنصر الفلسطينيين تماما.. هذه القناعة الراسخة لدي مصر تولدت من مراقبة
لصيقة بالادارة الأمريكية في أول أيامها فالاهتمام الأول والأخير سيكون
بالمواطن الأمريكي الذي حاصرته الأزمة الأقتصادية بالاضافة الي سوء ادارة
الرئيس بوش للمشاكل السابقة الأمر الذي ادي إلي تراكمها بحيث لاتستطيع
الإدارة الحالية لأوباما الاقدام علي أي خطوة تتعلق بالملفات الخارجية الا
بعد ترتيب البيت من الداخل.

من ثم فإن كل الاجتهادات التي تسوقها الصحف الخاصة والتنبؤات عما
سيدور بين الرئيس مبارك وأوباما ومطالب مصر بالنسبة لعملية السلام
والمساعدات كلها اشياء سابقة لاوانها.

الشئ الوحيد المؤكد في الإدارة الأمريكية الجديدة انها لن تتدخل في
الوقت الراهن في سياسات دول الشرق الاوسط لانها تركز علي المواطن الأمريكي
فقط في المرحلة القادمة.

ويبقي الآن القول إن هذا الاهتمام الشديد بالزيارة المرتقبة للرئيس
إلي امريكا.. والتي لم يصدر بعد أي توجيه بموعدها في ابريل.. سيصبح
روتينيا بعد الآن حيث تدور العجلة وتعرف القاهرة وواشنطن نقاط التماس في
علاقاتهما ومحاور الاختلاف.. ساعتها لن يجدي الاجتهاد أو التوقع أو الحدس
لأن كل شئ سيكون في النور.. كما كان أيام بوش.. فاصبروا..




وعد بلفور الثاني!



الأسبوع الماضي طالعت مقالات لبعض كبار الكتاب في الصحف
الخاصة بعد أن ظهرت رسالة أوباما الرئيس الأمريكي لإيران.. السادة
الصحفيون حلفاء طهران في صحفنا- إما لأموال تصلهم أو لانتماء يربطهم أو
نكاية في مواقف حكومية لا تعجبهم- اتفقوا علي أن ما صدر عن أوباما هو
اعتراف بالهزيمة أمام طهران.. لمجرد أن طلب أوباما بدء حوار مع إيران
اعتبره "المتفيرسون" أو أتباع فارس في مصر مهزوماً.. لم يقرأ أحدهم خطاب
أوباما الذي بثه التليفزيون الأمريكي وطالب فيه طهران بالتخلي عن الإرهاب
والذراع العسكرية.

لم يقرأ أحد خطاب أوباما لطهران من منظور القوة الناعمة أو
الدبلوماسية الأمريكية.. هذه الدبلوماسية لا تخاطب القادة بقدر ما توجه
حديثها للشعوب.. نعم أمريكا تريد بدء حوار مع طهران.. لكن هذا الحوار لا
يعني أن واشنطن انهزمت في تناطحها مع طهران.. وإنما يعني أن الرئيس
الأمريكي بدأ في تغيير طريقة تعامله مع إيران.. تغيير التعامل لا يعني
الهزيمة أو الانتصار. وإنما يطرح تساؤلاً هاماً هو هل إذا كان الرئيس
الأمريكي قد غير سياسته هل بوسع الملالي أن يغيروا سياستهم تجاه أمريكا
التي اعتادوا وصفها بالشيطان الأكبر.

جاء خطاب أوباما كما قلت للشعب الإيراني وليس لقادته.. للإيرانيين
الذين أضاءوا الشموع في سبتمبر 2001 تعاطفاً مع ضحايا الإرهاب.. كانت
إيران مختلفة آنذاك في التوجه السياسي.. لم تكن العراق قد سقطت وكان يهم
الإيرانيون مد جسر إلي واشنطن.

لكن انظروا يا سادة إلي الفرق بين رسالة أوباما والرد الذي جاءه من
مرشد الثورة الإيرانية.. طالبته طهران بالاعتذار عن أخطاء الماضي..
الاعتذار يعني تعويضات وخلافه.

طهران فهمت خطاب أوباما علي أنه هزيمة أو تراجع أو إنسان في موقف
ضعيف.. الملالي لم يقرأوا خطاب أوباما بطريقة صحيحة.. أوباما رسالته واضحة
وهي أنه يرحب بإيران فاعلة بالمجتمع الدولي لكن بعيداً عن الإرهاب والذراع
العسكرية.. هذا معناه بكل وضوح أنها دولة تشجع الإرهاب ولها أذرع عسكرية
في المنطقة.

للأسف حواريو طهران في مصر فهموا خطاب أوباما علي أنه هزيمة.. كل
المحللين وخبراء السياسة الدولية فهموا الخطاب علي أن واشنطن لن تتعامل مع
طهران إلا إذا تخلت عن الإرهاب وتوقفت عن دعم حماس وحزب الله وفي الوقت
ذاته تمتنع عن تعطيل الحوار الفلسطيني- الفلسطيني الذي تدور مناقشاته
بالقاهرة والتي ما تكاد تبدأ حتي تتوقف.

إيران مطلوب منها كي يبدأ الحوار بينها وبين الولايات المتحدة أن
تصرف النظر عن مشروعها النووي العسكري وأن تتخلي عن احتلال جزر الإمارات
الثلاث والامتناع عن تهديد دول المنطقة بما فيها إسرائيل.

إن خبراء الاستراتيجية يعرفون أن مخاطبة الخصوم لا تبدأ بالقصف
العنيف وإنما بالمصافحة الهادئة كما في مباريات الملاكمة.. تحية يعقبها
استكشاف ثم وابل من اللكمات.

لم يفكر أحد السادة الزملاء من حواريي طهران في صحف القاهرة في أن ما
يطلبه أوباما من طهران مستحيل التنفيذ تماماً إن لم يكن غير مطروح التفكير
فيه نهائياً.. ما يطلبه أوباما معناه أن علي إيران أن تتخلي عن أهم مبادئ
الجمهورية الإسلامية وهو تصدير الثورة.. طبعاً طهران لو فعلت ذلك ستكون قد
أعطت لأوباما انتصاراً تاريخياً معنوياً بحيث يصبح أول رئيس أمريكي تستجيب
له إيران العصية المتمردة.. من أجل ذلك لن تمد إيران يدها بالحوار.

إن معني قبول طهران للحوار مع واشنطن أن تنسحب من العراق ولبنان
والخليج وفلسطين.. وهذا لن يحدث. لأن قوة إيران ونفوذها الإقليمي قائم
بصفة أساسية علي تهديد أمن من حولها.

إيران تصدر الثورة وتزرع الجواسيس والعملاء في السعودية والبحرين
وبقية الخليج.. لكن ماذا لو استطاعت إيران أن تنجز المطلوب منها وتقهر
المستحيل وتتغير كما يريد أوباما؟.

هنا الخطورة الكبري. فساعتها ستكافئ واشنطن طهران وتسند إليها مهمة
أمن الخليج.. ويتحول الخليج العربي إلي فارسي!! ويصبح نجاد هو شرطي
المنطقة الجديد ويرث دور الشاه الذي لعبه باقتدار طوال ثلاثة عقود قبل أن
يطيح به الخميني عام ..1979 وهنا الخطورة الكبري لأن أمريكا ستكون قد
تصرفت بنفس منطق انجلترا عند إقامة إسرائيل حيث أعطي من لا يملك "بلفور"
وعداً لمن لا يستحق عام 1917 وبعد قرن من الزمان تجيء أمريكا لتمنح إيران
هذا الامتياز.

ومع استحالة تغيير إيران لنظامها الحاكم والتخلي عن فكرة تصدير
الثورة. إلا أن السياسة لا تعرف المستحيل. وعلينا كعرب أن نضع ذلك في
الاعتبار ولا نستبعد أن يتفق الذئبان الأمريكي والإيراني علي "الفرائس"
العربية.. ربنا يستر!.




احك ياأستاذ!



دأب الأستاذ هيكل علي الخروج علينا كل فترة بوثائق يقول إنها
سرية أو أنها خاصته وحصل عليها من أصدقاء نافذين في الخارجية البريطانية
أو الأمريكية أو.. أو..

الكاتب الكبير يدرك تماماً ولع المشاهدين العرب بكلمة "سري للغاية"..
ويعرف بنفس القدر أنه مازال لعبدالناصر سحر خاص بين الجماهير لأسباب كثيرة
ليس منها أنه بطل عسكري أو عبقرية إصلاحية سياسية ولكنه بالتأكيد قائد أول
ثورة في إفريقيا والشرق الأوسط وهي ما أجبرت الاستعمار أن يحمل عصاه علي
كتفه ويرحل.

الأسبوع الماضي هاجم الأستاذ هيكل العائلة الملكية في الأردن وقال في
الملك الراحل حسين ما قاله مالك في الخمر.. لا أعلم السبب الذي دفعه لذلك
ربما تكون أوامر من قطر أو توجيهاً بالنبش في تاريخ الهاشميين.. وأنا هنا
لست في موقف الدفاع عن الأردن فلها كتابها ومؤرخوها الذين تكفلوا بالأستاذ
نقداً ولوماً وسلخاً وأيضا بحثاً وتنقيباً في دفاتره القديمة.

لكني أقول هنا إن هيكل عرف كيف يستفيد من التليفزيون في عصره وفضائه
الفسيح كما استفاد من الصحافة عندما كانت هي الوحيدة علي عرش القارئ
العربي.. القارئ تحول إلي مشاهد وهيكل بذكاء تحول من صحفي إلي حكاّء!!

أدواته في الصحافة هي التي امتلكها في التليفزيون.. الوثائق.. جمعها
من خزانة الحقبة الناصرية.. لا جدال في صحتها.. لكن الجدال في طريقة
العرض.. فهو يستخدم أسلوب الحاوي الماهر الذي يلفت نظرك إلي شيء ليقوم
بإخفاء شيء آخر.. خفة يد هيكل يستخدمها في تعليقه علي الوثائق والذي يغلفه
بهواه الشخصي وغرضه السياسي وهدف الدولة التي تستأجره.

وثائق هيكل في جيب الحاوي يبهر بها الأجيال الجديدة التي تريد أن
تعرف التاريخ ولا تسأل عن مصادره ولا تدقق في محتواه.. وأيضا الأجيال التي
عاشت الحلم الناصري وتريد استعادة جزء من بريقه حتي لو كان الصدأ اعتراه
وضاع منه التركيز والتسلسل المنطقي في السرد.. وهكذا فغر الجميع أفواههم
أمام شاشة قناة الجزيرة أو قناة "العيديد" نسبة للقاعدة الأمريكية التي
تجاورها وتطل استوديوهاتها عليها..
المشاهدون لا يسألون عن حقيقة التاريخ الذي يقذفه الأستاذ لهم ويتلقفونه شاكرين.


هيكل - ولأنه الأستاذ - أقنع المسئولين عن الجزيرة بأن يتركوه وحيدا
في الاستوديو.. انفراد.. ليس علي طريقة انفراداته في الأهرام التي كان
يحصل عليها لقربه من عبدالناصر.. ولكنه انفراد إنساني.. فالأستاذ لا يطيق
أن يجلس إليه أحد يحاوره ويتدخل ويعلق عليه ويختلف معه.. ساعتها سيكون مثل
أهل التليفزيون العاديين وهذا لا يليق.. فهو الأستاذ.. لو قاطعه أحد
سيتوه.. لن يسعفه سنه ولا ذهنه.. الأستاذ أتي من زمان الصوت الواحد والرأي
الأوحد والأمر المطاع.. لا يصح أن تجادله ولا يليق مناقشته.. وقد نجح في
جعل كل تلاميذه يشربون هذا منه.. من ثم فالذي يناقشه أرعن.. والمختلف معه
أحمق.. ومن يملك تفسيرا آخر لوثائقه غبي.

واهو ده اللي صار - كما يقول عمنا سيد درويش - أصبح الأستاذ قانعا
برأي الأحادي وصار دراويشه مؤمنين بأنه لا ينطق عن الهوي.. وقنع المشاهدون
بما يقوله إما علي أنه تسلية لا تخلو من حقيقة أو تاريخ يشوبه بعض التزوير
في وقت لم يعد فيه التزييف جريمة.

غير أنني أحب أن أطرح علي الأستاذ شيئا جديدا هو أن يحكي للأجيال
الجديدة عن دوره في ثورة التصحيح المعروفة باسم ثورة 15 مايو خصوصا وأنه
كان صاحب التسمية وأنه تنازل عن وفائه ليوليو وأطلق التسمية الجديدة علي
إطاحة السادات بخصومه المعروفين برجال عبدالناصر ومنهم فوزي وشعراوي وشرف
وعلي صبري وفائق وغيرهم.

هيكل كان صاحب تعبير قميص عبدالناصر وثورة التصحيح ووقفة مع الصديق
"الاتحاد السوفيتي" وأشياء كثيرة من التي استخدمها السادات في خطبه منذ
1970 وحتي مارس .1974

احك يا أستاذ عن دورك في القبض علي زملائك الناصريين.. احك يا أستاذ
واعرض وثائقك عن هذه الفترة.. تخل عن قلمك الذي تلعب به علي الشاشة واعرض
لنا مؤامرتك علي زملائك ولن يجادلك أحد.. لأننا نريد أن نعرف - خصوصا
الذين عاشوا هذه الفترة - لماذا أسقطتها من كل وثائقك ولم تستدل عليها.
رغم أنك كنت بطلها الوحيد.. احك يا أستاذ عن مؤامرتك الكبري!.




القاهرة أولاً!!



وصل الرئيس السوداني عمر البشير إلي القاهرة في ثاني زيارة
خارجية له بعد صدور مذكرة اعتقاله من قبل المحكمة الجنائية الدولية في 4
مارس الحالي بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وأخري ضد الإنسانية في إقليم
دارفور بغرب السودان!

زيارة البشير الأولي كانت لإريتريا.. لكن القاهرة لها وضع مختلف..
السودان يعرف قدر مصر وما تبذله لتأجيل قرار المحكمة الدولية.. ربما تفهم
زيارات البشير الخارجية وسفره المتكرر إلي إقليم دارفور علي أنه نوع من
التحدي لقرار المحكمة الجنائية وأنه كرئيس عربي له سيادة وقرار وسلطة من
حقه أن يثور لكرامته ولما يقال عنه في الصحف الغربية.

لكن حضور البشير للقاهرة أمس يؤكد أن مصر مهتمة بإنقاذ البشير..
تستخدم في ذلك قوتها الناعمة المعروفة بالدبلوماسية.. تلجأ لشبكة علاقاتها
الدولية وتوازناتها وساحتها التي تجيد اللعب فيها وأعني بها الأمم
المتحدة.. مصر تقود تحركاً عربياً لإقناع البشير بالتوقف عن مغامرة حضور
قمة الدوحة.. ولعل هذا يفسر زيارة الشيخ حمد بن جاسم رئيس الوزراء القطري
ووزير خارجيتها المفاجئة إلي الخرطوم. فقطر ستشعر بحرج إذا ما حضر البشير
للقمة.. صحيح أنها أعلنت عدم استجابتها لمطالب المحكمة بتسليم البشير
..لكن لا أحد يضمن المغامرات.

قطر لا تريد أيضا الدخول في مواجهة مع أمريكا والغرب لذلك تبذل جهداً لإقناع البشير بعدم حضور القمة العربية.


موقف القاهرة منذ بداية أزمة دارفور واحد وهو مساندة السودان وتحصينه
سياسياً! منذ البداية حاولت مصر أن تلفت نظر الخرطوم أن قرار المحكمة
الجنائية الدولية ليس نهاية المطاف فهو قرار قابل للتأجيل في مجلس الأمن
وربما الإلغاء لاحقاً.

القاهرة لازالت علي موقفها المؤيد للخرطوم وهي تؤكد للرئيس البشير
علي ضرورة الاهتمام بالحفاظ علي وحدة السودان الداخلية فهي أهم أسلحته
حالياً.. زيارة البشير للقاهرة خدمت غرضين الأول انه أظهر للعالم انه لا
يبالي بقرار المحكمة الجنائية الدولية.. والثاني لمعرفة ما دار في زيارة
الوزير عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية لأمريكا هذا الشهر وهي الزيارة
التي تضمنت أيضاً محاولة تجنيب السودان المواجهة مع المجتمع الدولي.. صحيح
أن لويس أوكامبو المدعي العام للمحكمة الجنائية يزور أمريكا حالياً بدعوة
من تحالف مدني هو "انقذوا دارفور" وهو تحالف يقوده لوبي صهيوني. إلا أن
هذا التحرك لا يمس البشير في شيء لأنه بعيد عن الحكومة.

وأخيراً أقول كلمه محددة واضحة في هذه المعضلة.. البشير سيسمع رأي
مصر ويعمل به حول مشاركته في القمة العربية القادمة بالدوحة.. ورأي مصر
كما يعرف الرئيس السوداني ليس فتوي أو مجاملة لآخرين أو استعراضاً لعضلات
أو.. أو ولكنه رأي نافذ البصيرة ومن مصلحة العرب الإنصات إليه.