السلام.. البارد جداً لا احتفالات.. والأسباب معروفة الدولة الفلسطينية.. الطريق الوحيد لعودة الثقة خالد إمام

..وماذا بعد؟!
السلام.. البارد جداً
لا احتفالات.. والأسباب معروفة
الدولة الفلسطينية.. الطريق الوحيد لعودة الثقة
خالد إمام
E-mail:khaled@almessa.net.eg

اليوم.. يمر ثلاثون عاماً علي توقيع
معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل.. ورغم أهمية الحدث الذي غير من خريطة
المنطقة.. فإن الاحتفاء به شهد مواقف متباينة في كل من القاهرة وتل أبيب.

مصر لن تقيم أي احتفالات بذكري توقيع المعاهدة الذي تم في 26 مارس
..1979 في حين تقيم إسرائيل احتفالات صاخبة دعت إليها العديد من الشخصيات
العالمية ويحضرها السفراء المعتمدون لديها.

وبالطبع.. فإن الموقف في مصر.. له أسبابه المنطقية ودواعيه الضرورية والتي لا تخطئها عين رغم عدم الإعلان عنها.



***



إن الوصول إلي السلام بين البلدين بما سبقه من حرب احتار
فيها العالم كله وما تبعها من تفاوض ثم تحكيم كان حلماً تحقق بالدم
والدموع والفكر والمثابرة.. وكانت وراء كل ذلك قيادات مؤمنة بربها. مخلصة
لوطنها. راعية لشعبها.. هدفها الوحيد هو تحرير الأرض وتحقيق الأمن
والاستقرار والتنمية للمواطنين ولكافة شعوب المنطقة.

من هنا.. فرح الجميع بهذا السلام لأنه الطريق الوحيد لحاضر أفضل ومستقبل واعد.


لكن.. لأن السلام مع مصر هو جزء لا يتجزأ من السلام مع العرب جميعاً
بصفة عامة ومع الفلسطينيين بصفة خاصة.. فإن كل ما يحدث لاشقائنا في الأرض
المحتلة وفي لبنان حتماً يقض مضاجع أبناء النيل الذين حملوا القضية
الفلسطينية منذ مولدها وضحوا من أجلها بالأنفس والمال والاستقرار.

الارتباط الوجداني بين الشعبين المصري والفلسطيني جعلنا في البداية
نرتاب في نوايا الإسرائيليين.. ثم دفعنا إلي رفضهم حتي أصبحنا لا نطيق
التعامل معهم.

بالتالي.. تمر علينا ذكري معاهدة السلام عادية جداً.. باعتبار السلام
أمراً واقعاً إلا أن جزءاً من نتائجه في مرارة العلقم.. وهو ما يجعلنا لا
نحتفي به.


***



كيف نحتفي بالذكري والكثيرون من أبناء الشعب يطالبون بإعادة النظر في الاتفاقية ككل؟.


.. وبأي منطق نحتفي والسلام لم يتحقق أصلاً مع الفلسطينيين.. بل هناك
مجازر ترتكبها قوات الاحتلال ضد إخواننا أبناء شعب فلسطين العزل آخرها في
غزة.. إضافة إلي التضييق علي أرزاقهم ومطاردة عناصرهم أينما حلوا
والانتهاكات اللاإنسانية التي يتعرض لها المعتقلون منهم في السجون
الإسرائيلية والضباب الداكن الذي يغلف مشروع الدولة الفلسطينية؟.

.. ولماذا نحتفي.. واليمين المتطرف قد صعد إلي سدة الحكم هناك والبند
الأول في برنامجه أنه لا سلام مع الفلسطينيين ولا دولة لهم.. بل إنه زيادة
في التحدي والاستفزاز يختار الإرهابي والبلطجي القذر أفيجدور ليبرمان زعيم
حزب "إسرائيل بيتنا" لحمل حقيبة الخارجية بالذات مع ما يترتب علي ذلك من
قطع أي اتصال بيننا وبينهم؟

باختصار.. كيف نحتفي.. وهذا السلام أصبح الآن بارداً جداً.. لأن
حرارة العلاقات بين البلدين ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأوضاع في المنطقة
عامة وبالنزاع العربي الإسرائيلي خاصة؟.

نعلم جميعاً.. أنه عقب توقيع اتفاقية السلام.. كان هذا السلام
جيداً.. ولكن بدأت البرودة تسري في أوصاله بسبب حرب لبنان الأولي عام 82
ثم اقتحام المسجد الأقصي والذي تسبب في الانتفاضة وأعقب ذلك الحرب علي
جنين ثم حرب لبنان الثانية وأخيراً الحرب علي غزة.. وتخلل كل ذلك ما يسمي
عناقيد الغضب علي قانا ومذابح صبرا وشاتيلا وغيرها.


***



بالله عليكم.. أي سلام هذا تحتفي به مصر؟


هل كانت شاني كوبر زوبيدا المتحدثة باسم السفارة الإسرائيلية بالقاهرة
تنتظر أن تتلقي الدعوة لحضور أي احتفال بالذكري وهناك أكثر من 1400 أسرة
فلسطينية مكلومة مازالت ترتدي السواد وتتلقي العزاء في أولادها الذين
استشهدوا في غزة بالفوسفور الأبيض والصواريخ المشعة والقنابل الارتجاجية
وكل الأسلحة المحرمة دولياً في واحدة من أبشع جرائم الحرب؟

.. وهل كانت تنتظر الدعوة لتشرب الانخاب احتفالاً بإصابة 6 آلاف جريح
وتدمير 20 ألف منزل ومسجد وتشريد 51 ألف فلسطيني وتخريب البنية التحتية
لقطاع غزة بالكامل؟

ماذا تظننا الست شاني؟ هل تريد أن تفصلنا عن عروبتنا؟ ألا نهتز أو نتحرك لما حدث لأبناء غزة أم ننسي جرائم الحرب التي ارتكبت ضدهم؟


قبل أن ينتقدونا لعدم الاحتفال بذكري معاهدة السلام.. يجب عليهم أولاً
أن يراعوا هذا السلام ويعملوا علي تثبيته ويحققوا الأجزاء الأخري منه وفي
مقدمتها إقامة الدولة الفلسطينية وأن يتوقفوا تماماً عن استفزازنا.

ساعتها.. وساعتها فقط.. سوف نحتفل جميعاً بالسلام الحقيقي.. وليس السلام الذي علي الورق فقط أو في بروتوكولات صهيون.


السلام الحقيقي وعودة الثقة فيهم.. لابد أن يمرا من خلال الدولة الفلسطينية وليس من أي طريق آخر.