قرآن وسنة د. عبدالله النجار

قرآن وسنة
د. عبدالله النجار

سبعون عاماً مرت علي قيام ما يسمي
"التقريب" بين أهل السنة والشيعة. ولم يتم ذلك التقارب. ولن يتم. لأن
الغاية منه ليست هي التقريب. بل التمهيد للمد الإيراني في العالم
الإسلامي. وتحديداً في المنطقة العربية. في البداية استدرج أهل السنة له
بدافع من حسن نيتهم الذي يتحلون به. والذي يدفعهم إلي إحسان الظن
بالآخرين. لا سيما إذا كانوا ممن ينتسبون للإسلام ويشهدون أن لا إله إلا
الله وأن محمداً رسول الله. ويطلبون التقريب من منطلق الوحدة التي يدعو
إليها الإسلام يقول الله - تعالي -: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا
تفرقوا" وقد بدأ أهل السنة خطوات ذلك التقريب بقلب صادق ونية صادقة. ورغبة
أكيدة في رأب الصدع وتوحيد الصف واتحاد الكلمة. وابدي الشيعة لهم كلاماً
معسولاً وكلمات منمقة وعبارات تشبه الغزل الرقيق. ثم يجتمع المتقاربون
وينفض اجتماعهم دون نتيجة ملموسة. أو أثر يدرك. ولا تكاد تمر فرصة. أو
تسنح سانحة. حتي يكشر الغول الشيعي عن أنيابه. ويبدي من الكره لأهل السنة
والتطاول علي رموزهم من خلفاء رسول الله - صلي الله عليه وسلم - وصحابته
الأخيار الأطهار. بكلام وقح. يتنزه أسافل الناس عن التلفظ به في حق أحقر
الناس. لكنهم فعلوا ومازالوا يفعلون ما يدل علي أن فكرة التقريب هذه ما هي
إلا خدعة. أو ستار لتمرير تلك الأطماع وتخدير العقل السني بما يلهيه عن
استفحال الخطر الذي يتم التدبير له بليل. حتي بدأنا نسمع عن أموال تدفع
وإغراءات تبدي ووعود تقطع لمن يغير ميوله للمذهب الشيعي وجاءت تلك
الحكايات مواكبة للشروع في التوسع الإقليمي بالأرض العربية. بل والاستيلاء
علي جزء من أراضي دولة الإمارات العربية المتحدة بالفعل ودون سابق إنذار.
مع ما يصاحب ذلك من النشاط السياسي الكاسح في المنطقة العربية. والذي يسخر
ما يصلح من قوي تلك المنطقة لتحقيق المأرب الإيراني.

لقد استفاد الإيرانيون كثيراً بالتقريب. ويكفي أنه حسن صورتهم
وساعدهم علي أن يكونوا من المستأنسين في عقول أهل السنة. وفي الفكر
العربي. لكن أهل السنة لم يحصلوا من التقريب علي خردلة. لا من الناحية
الأدبية. ولا من ناحية كسب مودة الأمة الفارسية. وظل ما في قلوب ابنائها
قائما لم يغيره التقريب. ولم يحول الصلة بيننا إلي علاقة حبيب بحبيب. ومن
الأدهي والأمر أن نسمع من بعض القائمين علي شئون التقريب في مصر من يجاري
بعض السفهاء في التطاول علي صحابة رسول الله - صلي الله عليه وسلم - فيصف
أحد صحابة رسول الله بأنه أول من ارتكب جريمة الخيانة العظمي في التاريخ.
نعم وصف أحد شيوخ التقريب في مصر بذلك الوصف عمرو بن العاص - رضي الله عنه
- جريا وراء تقولات الشيعة فيه واتهامهم له بالتآمر ضد علي رضي الله عنه
حين خلعه أبو موسي الأشعري نائبه في التحكيم وثبت عمرو بن العاص معاوية بن
أبي سفيان. وإذا كان الشيعة بالتقريب قد نجحوا في إفساد فكر أحد الشيوخ
وتجنيده ليردد كالببغاء ما يقولونه سفهاً في حق صحابة رسول الله - صلي
الله عليه وسلم - فما بالنا بمن هم دونه علماً وعقلاً.

اللهم الطف بنا يا رب العالمين