لاحب.. ولا ترحيب بالإسرائيليين ماذا فعلوا لكي يكون السلام "عاطفياً"؟ ارتكبوا كل شيء.. يجعلنا نكرههم خالد إمام

..وماذا بعد؟!
لاحب.. ولا ترحيب بالإسرائيليين
ماذا فعلوا لكي يكون السلام "عاطفياً"؟
ارتكبوا كل شيء.. يجعلنا نكرههم
خالد إمام
E-mail:khaled@almessa.net.eg

بعد مرور ثلاثين عاماً علي توقيع مصر
معاهدة كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل وما أعقبها من توقيع الأردن لمعاهدة
مثيلة قبل 15 عاماً ومن جولات تفاوضية للفلسطينيين والإسرائيليين في أوسلو
وغيرها.. وما جري علي الأرض من حربين في لبنان ومثلهما في الخليج ومن
انتفاضتين فلسطينيتين وحرب علي غزة وغزو واحتلال للعراق.. فإن هناك ثلاث
حقائق يجب أن يعيها جيداً كل القادة المتعاقبين علي كراسي الحكم في الكيان
الصهيوني.. أمس. واليوم.

وهذه الحقائق تتلخص في: إن مبادلة الأرض بالسلام أمر جيد وناجح. وإن
الهرولة تجاه إسرائيل لا تكفي وتضر أكثر مما تنفع. وأنه بدون حل للقضية
الفلسطينية فإن أي سلام سيظل جزئياً وبارداً وهشاً وبدرجة خطيرة.. وخطيرة
جداً.

هذه الحقائق المرة كانت صحيحة منذ ثلاثة عقود.. وصحيحة اليوم أيضاً.. وغداً.. وبلا أي فرق.



***



الإسرائيليون يصفون سلام المصريين مع إسرائيل بأنه غير قائم
علي الحب بل علي الشعارات. وأنه سلام مصالح بين دول لا بين شعوب. وأن
النقابات المصرية تحظر علي أعضائها زيارة تل أبيب. وأن هناك زهداً يصل إلي
حد امتناع المصدرين والمستوردين من التعامل مع نظرائهم الإسرائيليين..
وغيرها.

إذا كان الإسرائيليون يعتبرون هذه الصفات اتهامات أو ذنوباً لنا فإننا لا نتبرأ أو حتي نخجل منها.. فهي بمثابة لائحة شرف لكل مصري.


لكن.. بعيداً عن كونها صفات أو اتهامات أو أي تعبير آخر مهما كان..
نود أن نسأل هؤلاء الإسرائيليين: وماذا قدمت حكوماتكم المتعاقبة لكي تجعل
السلام قائماً علي الحب لا الشعارات. ولكي تحوله من سلام استراتيجي بين
دول إلي سلام عاطفي بين شعوب. ولكي تجعل النقابات المهنية والعمالية تؤمن
بخطأ المقاطعة فتبدأ في التطبيع. ولكي يتجرأ المصدرون والمستوردون في مصر
للإقدام علي عقد الصفقات مع نظرائهم في الجانب الآخر؟

ماذا فعلت إسرائيل؟.


لم تفعل شيئاً لتغيير نظرة المصريين تجاه إسرائيل من بلد احتلال وقمع وطمع إلي بلد سلام يمكن التعامل مع شعبه.



***



للأسف.. إسرائيل لم تفعل شيئاً إيجابياً.. بل فعلت كل ما يجعل المصريين يزدادون كراهية لكل ما هو إسرائيلي.. بشراً وحجراً.


كيف نحبهم وهم يضمرون الشر لنا حتي أن مرشحهم لحقيبة الخارجية أفيجدور
ليبرمان البلطجي القذر تطاول منذ عام علي الرئيس مبارك وطالب بلاده بضرب
السد العالي لإغراق المصريين ودعا إلي قصف غزة بالقنابل النووية ووصف
العرب والمسلمين بالحشرات؟.

.. وكيف نرحب بهم في بلادنا أو نزور بلادهم.. ونلتقي سوياً علي
الشواطئ وفي المولات والملاهي والحدائق أو في المنتديات المختلفة..
وأياديهم ملطخة بدماء 1400 شهيد و6 آلاف جريح في غزة؟

.. وكيف نأمن لهم ليدخلوا ديارنا وهم يتجسسون علي "أمريكا" ولية
نعمتهم.. فما بالكم معنا؟.. أو كيف نطمئن إلي أن ما يرسلونه لنا من صفقات
غذائية أو طبية سليم ولا يحتوي علي أمراض فتاكة؟

.. وكيف ندعم اقتصادهم عن طريق السياحة وهم يستخدمون هذه الموارد في قتل وتشريد أشقائنا الفلسطينيين؟


.. وأخيراً.. كيف يكون بين الشعبين تطبيع وحكوماتهم المتعاقبة تسوف وتعرقل وفي النهاية ترفض إقامة الدولة الفلسطينية للشعب الشقيق؟.



***



إنها بجاحة ووقاحة أن يسرقوا أرضاً ليست ملكاً لهم ويقيموا
عليها دولتهم ويرفضوا منح أصحاب الأرض جزءاً يسيراً لإقامة دولتهم.. بل
ويثخنون فيهم قتلاً.

إن أمام بنيامين نتنياهو المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة فرصة ذهبية
لتكرار انجاز مناحم بيجن.. بأن يعطي الأرض لأصحابها ويؤمنهم.. ليأمن هو
وشعبه أيضاً.

الفرصة ليست بالأقوال ولكن بالأفعال.. وبداية الطريق أن يتخلي عن تشدده غير المبرر.. ويجعل بلطجي البارات يعتذر لمن أساء إليهم.


وإلا.. فستظل صورة السلام كما هي.. إن لم تنحدر للأسوأ.. وليكيلوا لنا الاتهامات كيفما شاءوا.


لدينا مثل يقول: يا جبل ما يهزك ريح.. ليتهم يفهمونه جيداً.