من الواقع محمد فوده

من الواقع
محمد فوده

حسنا فعل الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس
مجلس الشعب "المجلس التشريعي" عندما حسم موضوع نقل الأعضاء من المحكوم
عليهم بالإعدام.. وأعلن رفضه تماماً لهذا الإجراء.

وكان قد دار جدل واسع حول هذا الموضوع بين مؤيد ومعارض. وانحاز فضيلة
الإمام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر إلي جانب المؤيدين
عندما أفتي بجواز نقل الأعضاء من العشرة المحكوم عليهم بالإعدام في جريمة
الاغتصاب بكفر الشيخ دون موافقتهم باعتبارهم ارتكبوا عملاً إجرامياً
وحشياً اهتز له المجتمع.

وقلت في هذا المكان منذ أسبوعين تقريباً إن الإنسان مهما كان جرمه لا
يعاقب بعقابين علي ارتكابه هذا الجرم خاصة إذا كان هذا العقاب محدداً
بالشرع وبالقانون.

وطلبت من فضيلة الإمام الأكبر أن يزيدنا من علمه بما يؤيد رأيه بأدلة
شرعية تقنعنا بأن هذا أمر جائز.. لكن فضيلته لم يفعل سواء برد خاص أو برد
عام تنشره الصحف.

إن جثمان الميت له حرمته نفس حرمته إذا كان حياً ولا يصح العبث به
دون إذن مسبق منه حتي ولو كان للصالح العام أو تحت حجة "الحي أبقي من
الميت".

والأمر يختلف عن تشريح جثة الميت بأمر النيابة العامة لمعرفة سبب
الوفاة.. فتشريح الجثة يكشف السبب المباشر للوفاة .. وبالتالي يمكن أن
يؤدي إلي معرفة الجاني وتأكيد ارتكابه جريمة القتل. فيقدم للقضاء ليقتص
منه بالشرع والقانون.. والتشريح في هذه الحالة يقتصر علي فتح الجثمان
وفحصه دون أخذ أي عضو منه.

ثم من هو صاحب الحق في إصدار قرار نقل عضو من المحكوم بإعدامه في
حالة الأخذ بتلك الفتوي؟!.. هل هو رئيس الحكومة. أو وزير الصحة أو
المحافظ؟ أو من بالضبط؟!

أعتقد أنه في حالة تنفيذ الفتوي المؤيدة لنقل العضو دون موافقة صاحبه
مقدماً أو أهله لاحقاً. وقام الأهل برفع قضية ضد المسئول عن إصدار القرار
فإن القضاء سيحكم لهم بمبالغ طائلة تعويضاً عن انتهاك حرمة جسد الميت.

علي كل حال.. لقد حسم الدكتور أحمد فتحي سرور القضية وانتهي الأمر.. ولا مجال للحديث فيه بعد الآن.