حكايـة سياسية بقلم : محمد عيسي الشرقاوي

من طرف سوسو السبت مارس 28, 2009 10:38 am

حكايـة سياسية
بقلم : محمد عيسي الشرقاوي

احتفي
به عتاة الارهابيين الصهاينة‏,‏ فور وصوله إلي فلسطين في أغسطس‏1942‏
قادما من بولندا‏..‏ ونصبوه زعيما لمنظمة أرجون الإرهابية السرية‏..‏
وبادر مناحم بيجين بخوض غمار معارك شرسة ضد الفلسطينيين‏,‏ وإثارة المتاعب
لقوات الانتداب البريطاني حتي يرغمها علي التعجيل بالانسحاب من البلاد‏,‏
بحيث يتسني للمنظمات الارهابية الصهيونية السيطرة علي ربوعها‏.‏

ودبر
بيجين عمليات عنف وقتل مروعة ضد الفلسطينيين‏,‏ بلغت أوجها في مذبحة قرية
دير ياسين في ابريل‏1948..‏ ولقي فيها نحو ثلاثمائة فلسطيني مصرعهم‏,‏
بدون أي مبرر عسكري‏,‏ علي حد شهادة جاك دي رينيه كبير مندوبي الصليب
الأحمر‏..‏ ولم يراوغ بيجين‏,‏ ولم يستطع كبح جماح زهوه الارهابي عندما
قال عام‏1950‏ لولا مذبحة دير ياسين لما قامت دولة اسرائيل‏..‏ واعترف بأن
المذبحة تمت بالاتفاق مع ديفيد بن جوريون زعيم منظمة الهاجاناه
الارهابية‏..‏

ويكشف الاتفاق بين بيجين وبن جوريون عن التنسيق
والتعاون بين العصابات الصهيونية في تنفيذ أكبر عملية تطهير عرقي لاقتلاع
الشعب الفلسطيني من وطنه‏..‏ وقد تمكن المؤرخ الاسرائيلي ايلان بابيه من
رصد تفاصيل وأسرار خطة التطهير العرقي في فلسطين‏..‏ وأسلوب تنفيذها بقسوة
وغلظة مما أفضي إلي فرار المئات من أهل فلسطين من ديارهم خوفا من عمليات
الابادة المنظمة‏..‏

وبرغم الدور الإرهابي الذي اضطلع به بيجين في
التمهيد لاعلان قيام اسرائيل في مايو‏1948..‏ إلا أن بن جوريون تمكن من أن
يصبح أول رئيس لوزراء اسرائيل‏,‏ وأن يدفع ببيجين إلي مقاعد المعارضة‏..‏
واستطاع حزب العمل الذي أسسه بن جوريون من الهيمنة علي سياسات اسرائيل حتي
عام‏1978..‏ ففي ذاك العام خرجت جحافل القوي الدينية والقومية المتطرفة من
حالة السبات الشتوي الطويل‏,‏ وانتزعت فوزا ساحقا لحزب الليكود
اليميني‏..‏ وتولي مناحم بيجين زعيم الحزب رئاسة الوزراء‏..‏

وكان
هذا التطور بمثابة انقلاب سياسي عبر صناديق الاقتراع‏..‏ ومؤشر علي صعود
اليمين الصهيوني المتطرف إلي السلطة‏..‏ ولم يكن فوز قوي اليمين الديني
والقومي المتطرفة في الانتخابات الأخيرة سوي مرحلة أخري في هذا الصعود
السياسي‏..‏ ولم تشفع حرب الإبادة الاسرائيلية ضد الفلسطينيين في غزة في
إنقاذ تسيبي ليفني زعيمة حزب كاديما‏(‏ المنشق من الليكود‏)‏ وايهود باراك
زعيم حزب العمل من تقدم نيتانياهو عليهما‏..‏ ذلك أن غزة لم يبتلعها البحر
كما كان يتمني إسحق رابين رئيس الوزراء ابان الانتفاضة الفلسطينية
الأولي‏.‏

واللافت للانتباه أن محرقة غزة تبوح الآن بجرائم الحرب
التي ارتكبتها إسرائيل‏..‏ وهي جرائم تمرست العصابات الارهابية الصهيونية
علي ارتكابها‏,‏ وليس أدل علي ذلك من مذبحة دير ياسين‏..‏ وقد يمكن تفسير
جرائم الحرب هذه إذا تأملنا بروية قول هيربرت موريسون زعيم مجلس العموم
البريطاني أثناء مناقشة مشكلة فلسطين عام‏1946..‏ لقد جلب اليهود النازية
الهتلرية معهم من أوروبا إلي فلسطين‏..‏