قمة والسلام!بقلم:محمد علي إبراهيم

مصر المستقبل
بقلم:محمد علي إبراهيم
قمة والسلام!

لم تنجح الدول العربية علي مدار 64 عاماً
هي عمر الجامعة العربية أن تعقد قمة واحدة عليها اتفاق.. حتي القمة
الواحدة التي اتفقوا فيها علي محاربة إسرائيل عام 1948 والتي عقدت برئاسة
الملك فاروق اختلفوا حول لمن تكون القيادة ونوعية التسليح.

في قمة الإسكندرية عام 1963 ظهرت خلافات في الصف الفلسطيني شبيهة بما
يتم الآن بين فتح وحماس. لكن جميع الدول العربية اتفقت علي تحرير فلسطين
بشرط أن تكون مصر هي التي تحارب..! في قمة 1964 التي خصصت للتصدي لمحاولة
إسرائيل تحويل روافد نهر الأردن كان العرب فريقين.. أو بالتحديد خمسة
فرق.. وصفوا القمة بأنها قمة المتخاصمين.. الأردنيون لا يكلمون السوريين..
وأهل دمشق يضربون أهل العراق.. وتونس ضد القاهرة.. والقاهرة ضد الرياض.

في كل القمم العربية كان العرب يحيون الروح القبلية أكثر وأكثر..
الوفود تجلس إلي جوار بعضها البعض فلا يتكلمون أو يتبادلون التحية.. كانوا
يتندرون علي القمم العربية في الصحافة الأجنبية قائلين إنها قمم يعطي فيها
الحضور ظهرهم لظهر بعض!

في آخر قمة 1970 يحضرها الرئيس عبدالناصر وتوفي بسببها جاء الملك
حسين بمسدسه وعرفات كذلك.. اثنان من القادة تمنطقا بأسلحتهما بدلاً من أن
يحملا معهما خطابات القمة.. بذل عبدالناصر جهداً ليخرج قرار وقف إطلاق
النار في سبتمبر 1970 وخرجت معه حياته.

في كل القمم العربية كانت توجد خناقة أو اثنتان.. لا يسأل أحد من علي
حق ومن علي باطل!.. في إحدي المرات في قمة الدار البيضاء عام 1988 خاطب
صدام حسين الرئيس الراحل حافظ الأسد بأسلوب كله جفاء واستعلاء وعنجهية.
فرد الرئيس الراحل عليه بأسلوب أسوأ من أسلوبه.. وفي إحدي المرات تعدي حرس
رئيس دولة من شمال إفريقية علي حرس رئيس آخر واضطر الرئيس الذي اعتدي
حراسه إلي الذهاب إلي طائرة الرئيس الآخر والاعتذار إليه علنا.

القمة الوحيدة التي كان عليها إجماع هي تلك التي انعقدت في القاهرة
عام 1996 برئاسة الرئيس حسني مبارك وفيها تم الاتفاق علي أن يكون السلام
هو الخيار الاستراتيجي للعرب. وذلك قبل وقت طويل من طرح المبادرة العربية
للسلام في قمة بيروت عام .2002

منذ وقت طويل ونحن نشعر باليأس في كل قمة.. نتوقع الخلافات عادة..
وأحيانا ما هو أكثر من الخلافات وأعني الاتهامات.. يدخل العرب القمم وهم
مختلفون ويغادرونها والصراع علي أشده بينهم!

إن أسوأ ما في القمم العربية حاليا هو هؤلاء القادة ومسئولوهم
ومعاونوهم الذين يحولونها إلي سيرك في محاولة للتخريب أو لمناصرة وجهة نظر
معينة وتسفيه ما عداها.

كنت أتوقع من قمة الدوحة وهي تمر بهذا الظرف العربي الحرج أن تتنبه
إلي ما يراد بالعرب وتبادر إلي أن تكون علي مستوي القادة والشعوب.. لكن
للأسف مازالت هناك دولة عربية تنفق من أموالها علي عملاء مزدوجي الجنسية
ليسيئوا إلي دولهم وذلك تحت مسمي دعم الديمقراطية!

إننا مازلنا نجد قمماً عربية علي استعداد لتحويل الخليج العربي إلي
فارسي وتدعو رئيس إيران للمشاركة في قمة عربية تحت زعم المشاركة في الأمن
الإقليمي والمصير الواحد.. هذه المواقف العربية المشبوهة والتي أصبحت تدعو
لتأييد إيران علنا حولت القضية الفلسطينية من صراع عربي إسرائيلي إلي صراع
عربي ضد عدو فلسطيني.. ويا لها من مهزلة.

الفلسطينيون كانوا شهداء برصاص اليهود وأصبحوا قتلي برصاص مواطنيهم..
المخيمات كانت للاجئين طردتهم إسرائيل والآن للاجئين طردتهم حماس أو فتح.

العرب لو استمروا علي هذا الحال فلا داعي لعقد قمة لأنها قمة والسلام
وهذا أخطر ما يقابلها من تحديات.. المصالحة العربية عليها ان تنجح من الآن
فصاعدا. لكن إذا استمر بعض العرب يعتمدون علي إيران كمرجعية ويصرون علي
تفضيل حماس علي فتح. فإن القمم ستكون مجرد اجتماع والسلام!