قرآن وسنة د. عبد الله النجار

قرآن وسنة
د. عبد الله النجار

غلبت مهنة الوزير مصيلحي علي أسلوبه في
اختيار الأمهات المثاليات. فبدا الاحتفاء بهن وكما لو كان مساعدة لمجموعة
من ذوي الحاجات والعاهات الذين يعيشون من فضل وزارته وإحسانها. وليس من
ذوي القدرة علي العطاء الكبير الذي يمتد إلي الأم الكبيرة مصر. فنقدم لها
عالماً فذاً أو بطلاً مغواراً أو عاملاً ترك بصمة علي أرض الكنانة. أو
مسئولا استطاع ان يخفف من آلام أمته وهمومها أو سياسياً قدم لبلاده عملا
يدفعها إلي التقدم. ولا يركلها إلي الخلف. اين أمهات الأبطال الذين نراهم
في مختلف المجالات؟ اين أم الدكتور زويل والدكتور فاروق الباز. والدكتور
أحمد فتحي سرور الذي يرأس الحياة النيابية في مصر قرابة ربع قرن من
الزمان. واين أم الاستاذ كمال الشاذلي الذي لم يحصل علي ماجستير أو
دكتوراه. ووصل بفضل دعائها إلي مكانة مرموقة في صنع الحياة السياسية حتي
أنه كان يحرك المجلس التشريعي في اصدار قوانينه بغمزة عين. ومازال مرموقاً
حتي الآن. واين أمي. وأمهات عظماء مصر في العلوم السياسية والقانونية
والدينية. وفي المجالات الزراعية والصناعية. اين أمهات الوزيرات الناجحات
والقاضيات المحترمات؟ وهل لابد ان تكون الأم علي قيد الحياة ويذكر في
حيثيات استحقاقها للتكريم والفوز بلقب الأم المثالية. ان تكون قد علمت
مكفوفاً في الأزهر أو ساعدت اشل في التعليم. أو حملت ابناءها المقعدين إلي
مدارسهم حتي حصلوا علي شهادات جامعية في كليات التجارة أو الآداب أو حتي
الطب والصيدلة؟. أم ان التكريم رمز لا يجوز ان يحول دونه انتقال أولئك
الأمهات البواسل إلي جوار الله؟ ولماذا لا يتم تكريم أمهات هؤلاء النوابغ
في مختلف العلوم والفنون والآداب حتي يستمر عطاء الأمهات لصالح الأم
الكبيرة مصر. وليس إلي هذا المدي القصير الذي لا يتجاوز بيوت اولئك الذين
قدموا للتكريم في صورة يلفها البؤس والشقاء وتحفها التعاسة من كل جانب؟ ان
بمقدور الدكتور مصيلحي ان يجمع المعذبين في القطر المصري من النساء
والرجال والأبناء ويغدق عليهم من فضله وإحسانه ما هو أهله. فمن حق تلك
الفئات وفقا للدستور والقانون ان يتوافر لهم القدر الذي يحفظ ماء وجوههم
من الاراقة علي صفحات الجرائد كل عام. ويحقق لهم الحد الأدني من الكرامة
والعون الذي يقدرون به علي تعليم ابنائهم وعلاجهم من غير تلك الضجة الذي
يثيرها حولهم كل عام. فذلك من أهم واجبات وزارته.

ان من حق المحتاجين ان يجدوا العون من وزير العون والتضامن. أما ان
يتركوا للشقاء وحدهم حتي يصلوا إلي الحد الأدني للأمان علي مستقبل ابنائهم
أو صحتهم أو حياتهم. ثم يحتفي بهم بسبب تلك المكابدة. فذلك ان صح ان يكون
تعويضاً لهم عن حق حرموا منه. فإنه لا يصح ان يكون تكريماً ولا يصلح من
وزير اسمه المصيلحي - تأمل عناوين الصحف التي وصفت بها المكرمين والمكرمات
في عيد الأم تجد ما يغم النفس ويكدر الخاطر ويسيء إلي سمعتنا ويظهرنا وكما
لو كنا فئة من المتسولين. فواحدة ترملت وعمرها عشرون سنة وأدخلت وحيدها
المشلول كلية الآداب وفرحت بزواجه. وأخري باعت الخضار لتربية ابنها
وابنتها الكفيفين. وثالثة كرست حياتها لاولادها وعاشت مع حماتها. ورابع
حمل ابناءه المشلولين لمدارسهم وجامعاتهم. إلا ليتهم لم يكرموا. ولم تظهر
صورتهم علي صفحات الجرائد بتلك الصورة المسيئة ان التكريم للقدوة وهذه
الحالات القدرية لا تصلح للاقتداء.