فاقد السيادة لا تغطيه قمة بقلم : محمد علي إبراهيم

مصر المستقبل
بقلم : محمد علي إبراهيم
فاقد السيادة لا تغطيه قمة

ليس سراً أن الخلاف بين مصر وقطر كبير..
وهو ليس خلافاً بين دول فنحن نظلم قطر لو قلنا إنها دولة.. كلنا نعرف أنها
قاعدة أمريكية وقرارها السيادي "ملعوب" فيه.. فحينا تملكه إيران وحينا
يميل لصالح إسرائيل وفي كل الأحوال لا تعصي لأمريكا أمراً.

كلنا نعرف أن قطر تعاني من مشكلة أو عقدة نفسية فهي دولة كل ما فيها
أجنبي حتي جيشها ورجال شرطتها يقوم علي تدريبهم خبراء.. قطر تصدر البترول
والغاز لإسرائيل وبترولها هو الذي يحرك الطائرات والدبابات الإسرائيلية
..وهي حصان طروادة الغربي في الوطن العربي.. أكبر قاعدتين أمريكيتين علي
أراضيها.. بل إن إحداهما وهي قاعدة العيديد هي أكبر قاعدة عسكرية خارج
الأراضي الأمريكية بل وأضخم من القواعد الأمريكية داخل حلف الأطلنطي نفسه.

كل هذا لا يعني مصر في شيء.. قطر اختارت أن يحميها غيرها.. واختارت
علاقات مع إسرائيل من تحت المائدة ومن فوقها.. الدوحة تفضل أن تحتضن
إسرائيليين وراء الأبواب لتعاير الذين لهم علاقات معلنة وفي وضح النهار.

تخطيء قطر إذا تصورت أن كل ما تفعله سيخفي سوءتها الكبري.. الإنفاق
علي "حماس" شيء جيد لأنها حركة مقاومة ضد العدو.. لكن المباديء لا تتجزأ..
لا يصح أن تدعم المقاومة وتساعد الاحتلال بالبترول.. دعوة نجاد إلي قمة
عربية يؤكد أن الدوحة لا تدرك معني أن يكون القرار العربي مستقلاً.. إذا
كان حكام قطر يقبلون أن يكون الخليج فارسياً أو أن يكون لطهران دور في
حمايته فهذا رأيهم .. لا نحاسبهم عليه.. ولكن ليس بالضرورة أن يكون هذا
رأي بقية أشقائهم في مجلس التعاون الخليجي.

حتي عندما تهكم رئيس الوزراء القطري في المؤتمر الصحفي وقال تبنا عن
دعوة نجاد وحماس للقمة. فإن هذا لا يعني أنه غير سياسته.. فرق كبير بين
أنه يريد للقمة النجاح أو أنه يرغب في أن يكون جزءاً من منظومة عربية تعرف
المخاطر التي تواجهها.. من ثم فإن الحملات الإعلامية التي تشنها قطر علي
مصر تدخل في باب "العقد النفسية" فهي دولة محتلة عسكرياً.. من علي أراضيها
تم ضرب وغزو العراق عام ..2003 انها مثل الثوب المهلهل المليء بالثقوب
وتحتاج دائما إلي من يسد ثقوبها.. بقناة "الجزيرة" أو بشراء الصحف أو
باعتماد أموال لنشر الديمقراطية في الوطن العربي مثل المؤسسة التي انشأها
الأمير وزوجته في مايو 2007 ويستفيد منها مغامرون وأفاقون في أمريكا وبعض
الدول العربية.

احساس قطر بالدونية عال جدا من ثم فهي تشعل الدنيا ضجيجا من حولها
بمحاولة لعب أدوار قومية أو الإدعاء بأنها تناصر المقاومة لأنها لم توقع
معاهدة سلام مع إسرائيل مع أن الجميع يعرفون أن ما بينها وبين الدولة
العبرية أقوي من المعاهدات.. أنه أشبه بالزواج الكاثوليكي.

إن قطر عندما تؤيد فصيلا علي آخر من الفصائل الفلسطينية فإنها تساهم في الانقسام بينهم وهو أخطر من العدوان الإسرائيلي.


التقافز القطري في المصالحة الفلسطينية أدي إلي إفسادها بدلا من رأب
الصدع ثم الدخول علي الملف السوداني ثم اللبناني.. أن مصر لا تعترض علي
جهود مخلصة تبذل لإزالة المشاكل أو الأزمات.. ومصر لا تقول إن رأيها فقط
هو الصواب ورأي غيرها خطأ.. بالعكس مصر تحترم الرأي الآخر وتستفيد منه.

لكن مصر تقدس استقلال قرارها وسيادتها وأمنها القومي.. ثلاث نقاط لا ينفع فيها مساومات أو اجتهادات أو اختلاف وجهات نظر.


إن مصر لا تقبل أن يكون قرارها عرضة للتعارضات العربية العامة
السياسية والمصلحية.. مصر مشكلتها أنها تقدس حقيقة ثابتة وهي أنها دولة
مستقلة.

الدولة المستقلة ليس لها عملاء ولا تؤجر سياسيين.. الدولة المستقلة
تسمح بمعارضة وطنية ومجالس نيابية وصحف فيها حرية رأي وتعبير وأحيانا
تجاوز.. الدولة المستقلة ذات السيادة علي أراضيها ينظر إليها علي أنها
دولة لا تحمل عيوب وسوءات الآخرين وبالتالي يؤجرون عليها مرتزقة من مزدوجي
الجنسية أو من هواة ارتداء أثواب المناضلين.

ان الرئيس حسني مبارك رغم عدم مشاركته الفعلية في قمة الدوحة إلا انه
كان حريصاً علي أن يكون له كلمة أمامها يلقيها د. مفيد شهاب ممثل مصر
ووزير الشئون القانونية والمجالس النيابية..

مصر أكبر من أن تناقش شأناً من شئون سيادتها.. ومن ثم فإنه كان
مستحيلاً علي مصر أن يشارك رئيسها في قمة الدوحة لأن المصارحة العربية لم
تتحقق وبالتالي فإن المصالحة ستكون "موسمية".. مصر ترفض هذا.. لا يعقل أن
تتم مصالحة لنعقد اجتماعاً في ساعتين ثم نعود لخلافاتنا بعد ذلك.. قمة
الدوحة ستكون مثل قمة الرياض التي عقدت عام 2007 وجرت فيها مصالحة ثلاثية
ثم كان ماكان من انهيار اتفاق مكة وانقلاب حماس علي فتح والاستئثار بغزة
وانقلاب بيروت في 7 مايو والذي قاده حزب الله وغير ذلك الكثير..

المدخل الفعلي للمصالحة العربية هو الاعتراف العلني والفعلي بسيادة
كل دولة عربية والامتناع عن اعتبار أي أزمة في هذا البلد أو ذاك هي
المناسبة للتدخل وتوسيع دائرة النفوذ.. ان مصر أكبر من أن تتدخل في شئون
دولة أخري وما أيسر ذلك لأن القاهرة تدرك أن كل تدخل من أي طرف يستتبع
بالضرورة تدخلاً من طرف آخر وبهذا تتحول أي أزمة داخلية قابلة للحل وفق
آليات دستورية وقانونية إلي مسرح لاشتباك الأطراف الخارجية المتدخلة.. مصر
لا توافق علي ذلك أبداً ولا تسعي إليه لأنها تعرف تبعاته.. وغداً نكمل
مابدأناه لأنه يستحق وقفة!