نقطة نور بقلم : مكرم محمد أحمد

من طرف جواهر الإثنين مارس 30, 2009 1:11 pm

نقطة نور
بقلم : مكرم محمد أحمد

معضلة الشقيقة الكبري

هل
أصبح أمرا محتما أن تعبر الشقيقة الكبري علي أذي أشقائها لمجرد أن ذلك
قدرها ومسئوليتها‏,‏ أم أن صبر الشقيقة الكبري يمكن أن ينفد من كثرة ما
تحملت من أعباء تفوق طاقتها‏,‏ تلزمها أن تعيد صياغة علاقاتها مع أشقائها
بما يكفل احترام إرادتها ومراعاة حقوقها‏...‏ هذا هو السؤال الصعب الذي
يواجه الدبلوماسية المصرية منذ أن تعرضت مصر لافتئات واسع علي حقوقها من
بعض أشقائها العرب إثر العدوان الإسرائيلي الأخير علي غزة‏,‏ وأظن أن ذلك
هو فحوي الجدل الدائر الآن بين‏120‏ ألف مصري يعملون في قطر‏,‏ كانوا
يرجون لو أن الرئيس مبارك شارك في قمة الدوحة كي تهدأ بعض هواجس القلق
التي تنتابهم خوفا من أن يؤثر الخلاف السياسي بين قطر ومصر علي أوضاعهم
هناك‏,‏ وإن كان ذلك أمرا مستبعدا‏,‏ لأنهم لايزالون يلقون الترحيب
والمعاملة الحسنة من كل أطياف الشعب القطري باستثناء تجميد إجراءات تجديد
كفالات بعض منهم‏...‏ ومع ذلك من يستطيع أن يحول دون أن يكون للسياسة
تأثيرها علي المصالح في العالم العربي؟

وبرغم أن مصر تشارك في قمة
قطر علي مستوي دبلوماسي محدود‏,‏ فإن معظم العرب كانوا يرون في حضور
الرئيس مبارك إلي الدوحة دلالة علي نجاح المصالحة العربية‏,‏ أما وقد غاب
الرئيس عن الحضور فثمة ما يشير إلي أن المصالحة العربية لاتزال هدفا
صعبا‏,‏ وأن الخلافات العربية العربية لاتزال مؤثرة وعميقة‏,‏ وإن كانت قد
خفت حدتها بعض الشيء‏.‏

صحيح أن قمة الدوحة ترفع شعار المصالحة‏,‏
لكن واقع الحال يقول إن المسافات لم تزل بعيدة بين المغرب والجزائر‏,‏
وبين ليبيا والسعودية‏,‏ وبين مصر وقطر‏,‏ كما أن المصالحة السعودية
السورية المصرية قبل عدة أسابيع لاتزال علي أول الطريق لم تنجز بعد أثرها
المأمول‏,‏ لأن بعض العرب لايزالون يؤثرون المجاملة علي المصارحة‏,‏ لا
يحبون أن يناقشوا أسباب الخلاف إلي العمق كي يقطعوا دابره ويمنعوا
تكراره‏,‏ ولأن بعضهم الآخر يري أن الخلاف قائم‏,‏ وسوف يستمر‏,‏ ووجه
المشكلة أن العرب لا يعرفون كيف يديرون خلافاتهم دون صدام أو خصام‏!‏

ووجه
التحدي الآخر في قمة الدوحة‏,‏ أن العرب يواجهون تحديات أساسية خطيرة‏,‏
ابتداء من المصالحة العربية إلي العلاقات العربية الإيرانية إلي قضية
توحيد الصف الفلسطيني إلي ردود الفعل العربية المتوقعة علي تشكيل حكومة
إسرائيلية يمينية متطرفة وجميعها يتطلب الحد الادني من التوافق العربي
الذي يضمن الوصول إلي تفاهمات أساسية حول هذه القضايا تساندها خطط وبرامج
ورؤي عملية‏,‏ وثمة أفكار مهمة حول هذه القضايا تتضمنها ورقة عمل صاغها
الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسي كي تكون بمثابة جدول أعمال
للرؤساء العرب في جلستهم المغلقة التي يناقشون فيها مستقبل العمل العربي
المشترك‏...‏ فهل ينجح القادة العرب في عبور هذه الحواجز وصولا إلي حد
أدني من التوافق يحفظ وحدة موقفهم‏,‏ أم أن عليهم أن ينتظروا القمة
المقبلة وبعد المقبلة لعلهم يصبحون أحسن حالا؟‏!‏

mmahasabo@yahoo.com