كل يوم بقلم : مـرسي عطـا الـلـه

من طرف **احمد** الثلاثاء مارس 31, 2009 9:40 am

كل يوم
بقلم : مـرسي عطـا الـلـه

لست
أتجاوز الحقيقة إذا قلت إنه لم يكن بإمكاننا أن نعيش هذه اللحظات
التاريخية من نوع ما شهدناه أمس الأول عندما كان الرئيس مبارك يعيد دفء
الحياة من جديد إلي منطقة شرق العوينات في صحراء مصر الغربية لولا مناخ
السلام والاستقرار الذي تنعم به مصر والذي وفر لها القدرة علي استعادة
دورها وتوسيع شبكة ارتباطاتها علي امتداد الكرة الأرضية بأسرها‏!‏

إن
السلام الذي حققناه من أرضية نصر أكتوبر المجيد هو الدعامة الرئيسية التي
مكنتنا من الأخذ بالنهج الديمقراطي والتحول نحو اقتصاديات السوق ولكن
بانضباط لايسمح بالجور علي البعد الاجتماعي مما ساعد علي تفجير الطاقات
وإطلاق ملكات الإبداع والانتقال بمصر إلي مصاف الدول الجاذبة للاستثمار
الآمن والمجزي‏...‏ وتلك كلها كانت مقدمات ضرورية لابد من توافرها قبل
الإقدام علي مغامرة الاقتحام الجسور نحو إقامة خريطة عمرانية جديدة تمتد
من شرق بورسعيد وسيناء وخليج السويس شرقا إلي توشكي وشرق العوينات ودرب
الأربعين جنوبا وغربا‏!‏

ولم يكن بإمكان مصر أن تبدأ الخطوة الأولي
نحو خريطة عمرانية جديدة تنتقل بها من حيز الـ‏5%‏ من مساحة مصر الكلية
إلي مايقرب من‏25%‏ من أرض مصر بغير أن تتوافر معارف جديدة وثقافات جديدة
تهيأت بفضل عقلية حكم جديدة تدير دفة الحكم بقناعات راسخة جديدة ووسائل
وآليات جديدة‏..‏ وربما يدفعني ذلك إلي إعادة الإلحاح علي موضوع قديم لم
نكن يوما بحاجة إلي تجديد التركيز عليه بمثل ما نحن محتاجون اليوم وأعني
به قضية ترشيد المياه في مصر لكي نلبي احتياجات هذه الخريطة العمرانية
الجديدة‏.‏

أريد أن أقول بوضوح إن الخريطة العمرانية الجديدة تحتاج
إلي إجراءات وضوابط بشأن ترشيد استخدام المياه‏,‏ ولا أظن أننا بصدد خيار
واحد وإنما يتحتم من الآن أن نأخذ وقتا كافيا في دراسة خيارات وبدائل
متعددة في ضوء ماهو معروف عن مواردنا المائية المقننة واحتياجاتنا المائية
علي امتداد هذه الخريطة العمرانية الجديدة‏.‏

ويحسب للرئيس مبارك
أنه كان مدركا وواعيا الحقيقة التي تقول إن الزراعة تعتبر بالنسبة لمصر هي
أهم منابع الحياة واستقرارها‏,‏ وأنه إلي جانب ما تحتمه علينا ضرورات
العصر من مجاراة وملاحقة التقدم الصناعي في العالم إلا أن الزراعة بالنسبة
لنا تظل لها أولوية متقدمة‏,‏ بل أن أهميتها تزداد وتتضاعف باعتبارها
المصدر الرئيسي للغذاء في مجتمع يتضاعف عدد سكانه كل‏30‏ عاما تقريبا‏.‏

وفي
هذا الإطار وتحت ظلال هذه الفلسفة جاء الاهتمام بالزراعة بدءا من إجراءات
حماية الرقعة الزراعية في الأرض القديمة لحمايتها من التبوير والتجريف
ووصولا إلي دفع عجلة الاستصلاح والاستزراع في الأراضي الصحراوية الملاصقة
للوادي القديم‏,‏ ووصولا في النهاية إلي المشروعات القومية العملاقة في
سيناء وتوشكي وشرق العوينات‏.‏

كان الحساب دقيقا‏,‏ وكان القياس
منطقيا‏,‏ وكان الاستقرار ضروريا‏,‏ لكي تمتد ذراع التنمية المصرية حتي
تبلغ هذا المدي وتصل إلي شرق العوينات في شكل رسالة تؤكد جوهر فلسفة الحكم
التي يتضمن أهم بنودها نظرة متميزة لقطاع الزراعة علي أساس أن الزراعة ـ
كانت ومازالت وستظل ـ هي الدعامة الأساسية للبنيان الاقتصادي الاجتماعي
بما توفره من إسهام كبير في منظومة التنمية الشاملة‏.‏

وربما لهذه
الأسباب تصبح التنمية الزراعية واجبا والتزاما أساسيا في أجندة الحكم الذي
لايمكن أن يغفل أهمية العمل بكل الطرق والوسائل نحو النهوض بالإنتاج
الزراعي ونموه بمعدلات مرتفعة تؤدي في النهاية إلي تحقيق هدفين مزدوجين
أولهما الإسهام في صنع التقدم المنشود للدولة من ناحية‏,‏ وثانيهما ما
ستوفره الزراعة من الحاجات والمتطلبات الأساسية للمواطنين لرفع مستواهم
المعيشي وتحقيق عوامل الاستقرار الاجتماعي والسياسي للمجتمع من ناحية
أخري‏.‏

attalla@ahram.org.eg