..وماذا بعد؟! ياشيخ حمد..المصالحات ليست تركة أو غنيمة دفن الخلافات.. يسبقه غُسل وتكفين وصلاة أبوابنا مفتوحة لمن يريد الصلح وفق الشروط الواجبة خالد إمام

من طرف **محمد** الثلاثاء مارس 31, 2009 9:52 pm

..وماذا بعد؟!
ياشيخ حمد..المصالحات ليست تركة أو غنيمة
دفن الخلافات.. يسبقه غُسل وتكفين وصلاة
أبوابنا مفتوحة لمن يريد الصلح وفق الشروط الواجبة
خالد إمام
E-mail:khaled@almessa.net.eg

الشيخ حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر تناول
"المصالحة العربية" في ثلاثة مواضع خلال مؤتمره الصحفي المشترك أمس مع
عمرو موسي أمين عام الجامعة العربية.

الموضع الأول حينما قال للصحفيين: لا تعطوا همًا كبيرًا للخلاف مع
مصر.. لأن هذا الخلاف سيحل بالأسس السليمة التي ستزيد العلاقات العربية
قوة.

الموضع الثاني قال فيه: بالنسبة لباقي المصالحات- بعد مصالحة
السعودية وليبيا- فنحن طبعًا لا نريد أن نأخذ كل المصالحات.. وسنوزع هذه
المصالحات حتي لا يزعل منا أحد في العالم العربي وكل واحد يأخذ له
مصالحة!!

الموضع الثالث عندما قال عن مبادرة المصالحة التي أطلقها خادم
الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في قمة الكويت الاقتصادية:
إن خادم الحرمين رغب بهذه المبادرة في فتح صفحة جديدة في العلاقات
العربية- العربية و"دفن" الخلافات بين الأشقاء العرب!!

* * *

بالنسبة للخلاف بين مصر وقطر.. فإن المنطق يقول إنه لن يحل
فعلاً سوي بالأسس السليمة.. وهذه الأسس لخصها الرئيس حسني مبارك في كلمته
أمس أمام قمة الدوحة في خمس نقاط:

* المصارحة والمكاشفة والوضوح دون مواربة أو إخفاء للحقائق أو إنكارها أو تجاهلها.

* عدم استعداء مصر علي أي من الأشقاء أو التقول عليها بالتصريح أو
التلميح أو الغمز أو اللمز.. وألا يكون دور مصر مسوغًا للهجوم عليها أو
للتجاوز في حقها.

* الاحترام المتبادل يفرض الامتناع عن التدخل في الشئون الداخلية لأي دولة.

* أن يكون الاعلام- أيًا كانت طبيعته- علي مستوي المسئولية وأن يلتزم
في مادته الإعلامية بالحقائق وينأي بنفسه عن تأجيج الخلافات بين الدول
والشعوب العربية.

* تفعيل آلية عقد القمم المصغرة علي مدار العام للتشاور والتنسيق
وللحيلولة دون أن يتحول أي خلاف عارض إلي خلاف فخصومة تستعصي علي المعالجة
الموضوعية السريعة والسليمة.

إن هذه الركائز الخمس لابد أن تستند إليها أي مصالحة عربية.. وبدونها لن تكون هناك مصالحة.. علي الأقل إذا كانت مصر طرفًا فيها.

* * *

أما عن "توزيع المصالحات".. فإنني أود أن اسأل الشيخ حمد بن
جاسم: من يوزع هذه المصالحات؟ قطر مثلاً؟ ومن أعطاكم تفويضًا بذلك؟ وبأي
حق؟ وهل تلك المصالحات "تركة" أو "غنيمة" يتم توزيعها علي الدول وكل دولة
تتولي مصالحة منها؟

إننا مع أي جهد عربي يستهدف رأب الصدع وتحقيق الخير للشعوب.. ولكن
أعتقد أن هذا التعبير الذي أطلقه حمد من أوله إلي آخره لا يليق أبدًا أن
يصدر عن مسئول تتولي بلاده القمة العربية وفي مؤتمر صحفي يتابعه كل من
يهمه الأمر.

* * *

وبالنسبة لما قاله عن مبادرة خادم الحرمين الشريفين.. فقد أعجبني تعبير "دفن" الخلافات بين الأشقاء العرب.. وليته يقصد معناه بالفعل.

إن "دفن" الخلافات يا سمو الشيخ يعني ضرورة أن تسبقه ثلاث مراحل:

* الأولي: "الغسل".. أي التطهر الكامل.. وهذا يأتي- هنا- بالمصارحة والمكاشفة والاعتراف بالذنوب والخطايا والالتزام بعدم تكرارها.

* الثانية: "التكفين".. بلف جثمان الخلافات بعدة أدراج من الشروط
والالتزامات والتعهدات تدعم الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شئون
الآخرين والإنحياز للهوية العربية وعدم السماح بتدخل اطراف غير عربية سواء
كانت أيران أو غيرها ووقف الاستعداء أو التجاوز في حق الدول وزعمائها أو
الهجوم علي مواقفها.. خاصة إذا كانت هذه الدول كبيرة.. بحجم مصر.

* الثالثة: "صلاة الجنازة".. بالتكبير علي هذه الخلافات أربعًا.. بحيث لا تعود إلي الحياة الدنيا مرة أخري.

هنا.. وهنا فقط.. يمكن "دفن" جثمان الخلافات غير مأسوف عليه.

وبغير ذلك.. ستظل الخلافات تنبض فيها الحياة ويستحيل بالتالي "دفنها".

* * *

علي كل.. فإن مصر أبوابها مفتوحة دائمًا.. ترحب بالكبير
والصغير.. ولا يمكنها أن تصد أحدًا يرغب في المصالحة وفق الشروط الواجبة
ورأب الصدع خصوصًا إذا كان ذلك ينهي خلافًا عربيًا أو يحقق مصالحة بين
الأشقاء.

وصدق رب العزة حين قال: "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل علي الله".

والله الموفق.