من الواقع محمد فوده

من الواقع
محمد فوده

أعتقد جازماً أنه لن يتحقق سلام دائم بين
العرب وإسرائيل لا في المستقبل القريب ولا في المستقبل البعيد. وأن العداء
المغلف بالحقد والكراهية بين العرب ويهود إسرائيل سيبقي أبد الآبدين حتي
يتحقق النصر لمن يعد نفسه أكثر لمواجهة حاسمة بين الطرفين تنهي هذا الصراع
بهزيمة ساحقة للأضعف.

نشرت إحدي الصحف الحزبية تفاصيل ما دار في محاضرة جرت وقائعها في
جامعة "بار إيلان" الإسرائيلية بتل أبيب ضمن يوم دراسي نظمته إدارة
الجامعة تحت عنوان "التربية للديمقراطية" وشارك فيه مجموعة من المحاضرين
الصهيونيين المتعصبين العنصريين.

وأثناء إلقاء الصحفي الإسرائيلي اليساري جدعون ليفي الذي يعمل في
صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية محاضرته جاء ذكر الكاتب الصحفي الكبير الأستاذ
محمد حسنين هيكل باعتباره كان مستشاراً للرئيس الراحل جمال عبدالناصر.

وما أن نطق ليفي باسم "هيكل" حتي هاجت جموع الطلبة الذين امتلأت بهم
القاعة ووجهوا وابلاً من السباب والشتائم المبتذلة لهيكل وعبدالناصر
باعتبارهما يمثلان سياسة مصر في تلك الفترة من الزمن التي شهدت حربي 56
و..67 حتي وقعت حرب 73 في عهد الرئيس الراحل أنور السادات.

وما يهمني في هذا الصدد ليس الهجوم علي عبدالناصر أو هيكل من طلاب
هذه الجامعة. بقدر ما ظهر من حقد فاق الحدود وتعصب أعمي لدي الجيل الجديد
من الإسرائيليين الذين سيكون منهم زعماء تلك الدولة في المستقبل. وهم لا
يقلون عنصرية وكرها للعرب عن أسلافهم الذين أقاموا الدولة ابتداء من بني
جوريون وأشكول ومروراً بموشي ديان واسحق رابين وشارون وانتهاء إلي بنيامين
نتنياهو.

كنا نظن وبعض الظن اثم ان الأجيال الجديدة في إسرائيل ستكون أخف وطأة
من الأجيال المؤسسة للدولة الصهيونية فإذا بهذه المحاضرة تكشف لنا أن
المستقبل سيكون أسوأ كثيراً من الماضي والحاضر.

وسوف أسرد بعد العبارات التي ساقتها الصحيفة الحزبية والتي جاءت علي ألسنة طلبة الجامعة لنعرف إلي أي مستقبل نتجه مع إسرائيل:


صرخ أحد الطلبة مخاطبا حكومة نتنياهو وليبرمان بأن ينتقموا من قتلة
الجنود الإسرائيليين الذين قتلوا علي يد الإرهابيين في لبنان وغزة!!
"طبعاً تجاهل هذا الطالب ما فعلته إسرائيل بلبنان عام 2006 وغزة قبل ثلاثة
أشهر".

ووقف طالب يدعي "إيتاي ديان" يقول متمما لكلام زميله: لقد كان
عبدالناصر يظن نفسه وجيشه بأنهم قادرون علي إبادة دولتنا القوية الرائعة
التي ستظل رابضة علي صدور من يتمنون غارف الحركة اليهودية في البحر.. ثم
أضاف:

* لقد بات لزاماً علينا نحن شعب إسرائيل أن نحاسب كل القتلة في لبنان
وغزة والضفة ومصر حيث أيتام القاتل عبدالناصر والحاقد هيكل وكل الذين
يحاولون حتي هذه اللحظة الفتك بإسرائيل وبوجودنا علي أرض الميعاد!!

* هيا حيوا معي جميعكم رئيس حكومتنا السابق الرائع إريل شارون الذي
تولي مهام قيادة العمليات البرية وطوق الفيلق الثالث من جيش الدولة
المصرية حين عبر المصريون خط بارليف في سيناء عام 73 وتمكنت إسرائيل من
توجيه ضربة مدوية للجيش المصري ولكل الحاقدين من الشعب العربي!

* حيوا معي ال سي.آي.إيه "المخابرات المركزية الأمريكية" التي تمكنت
بالتنسيق الكامل مع جيشنا وحكومتنا آنذاك وأصدقاء إسرائيل من إنجاح الخطط
التكتيكية التي أوقعت أعداءنا في سيناء بقبضة جيشنا بقيادة الرائع شارون.
كما أوقعت أعداءنا السوريين في الشمال.

ثم وقفت الطالبة رابو بورت وطالبت زملاءها بالوقوف علي أقدامهم وأن يرددوا وراءها:


* ليحم الله لنا حائط المبكي حيث نفخ في بوق الحاخام الأكبر لجيش
الدفاع الإسرائيلي معلناً انتصار دولة إسرائيل علي القتلة في عام .67

* رددوا معي: الشعب الإسرائيلي مع الجولان.. لن نتنازل عن جبل الشيخ والهضبة اللذين استرددناهما بدماء جيشنا.


* للشعب الإسرائيلي أرض جميلة أرادها الله له.. وليذهب الآخرون إلي الجحيم!!


ثم ختمت مداخلتها بإنشاد النشيد الإسرائيلي "هتكفاه" مع زملائها الحاضرين.


إذن.. علي أجيالنا العربية القادمة أن تستعد لجولات من الكراهية
والعداء.. فها هم زعماء المستقبل في الدولة الصهيونية يكشفون دون مواربة
عن عمق حقدهم علي العرب.. وتجاهلوا أنهم هم القتلة وأن دولتهم قامت علي
الإرهاب.

نرجو أن نعتبر.. فالنظرية تقول: "البقاء للأقوي" وليس للعدد الأكبر.