للعقل فقط بقلم : سـيد عبدالمجيـد

من طرف ادهم الإثنين أبريل 06, 2009 3:35 pm

للعقل فقط
بقلم : سـيد عبدالمجيـد

الكمالية جاءت لتبقي

بدا
وكأن هناك ثأرا تاريخيا من أتاتورك‏,‏ لكن المعضلة كانت في كيفية الانتقام
من هذا الرجل ولأنهم يعلمون كم هو في أفئدة الملايين من أبناء الأناضول
رغم رحيله قبل سبعة عقود خلت‏,‏ هنا كان لابد من الصبر والتريث حتي تأتي
الطعنات في قلب الكمالية ومحاولات طمس الصورة المطبوعة لمؤسس الجمهورية
التركية الحديثة في الذهن الجمعي محبوكة ومتقنة‏.‏

سنوات وحلم
الانقضاض علي الغازي يداعب مخيلة الخلفاء الجدد في المجتمع التركي إلي أن
جاءت اللحظة الحاسمة‏,‏ فالوقت حان كي يتم تغيير العملة المحلية‏,‏ وبعد
ازالة الأصفار الستة الشهيرة‏,‏ ومرور مرحلة المليارات والتريليونات قامت
وزارة المالية بانتهاز الفرصة التي لن يجود بها الزمان لتعطي إشارة
التبديل‏,‏ كي لاتنفرد صورة المؤسس بالعملات كما هو سائد منذ تدشين
الجمهورية عام‏1923.‏

وفي إيحاء لربط الماضي بالحاضر‏,‏ اختاروا
يونس أمرا‏(1238‏ ـ‏1321)‏ الأسطورة في التراث الطوراني الثقافي التي
لاتجد سوي الاجماع ليكون في الجانب الثاني لورقة البنكنوت ذات المائتي
ليرة‏,‏ ولم يكن هذا مبتغاه وجه الله‏,‏ ففي خطوة مباغتة اتسمت بالخبث
وضعوا صورة فاطمة عليا‏(1882‏ ـ‏1938)‏ علي فئة الخمسين ليرة الأكثر
تداولا بين عموم المواطنين‏,‏ والمعني الظاهر الذي أريد تسويقه هو أن
العدالة الحاكم يقدر مسيرة النساء في الحياة التركية‏,‏ لكن السيدة التي
وصفت من قبل أصحاب المصباح‏,‏ شعار الحزب الحاكم‏,‏ بأنها ذات باع طويل في
التعليم كانت واحدة من أشد المناوئين لطموحات مصطفي كمال أتاتورك وهذا هو
الهدف‏!‏

لكن فات عليهم أن الناس في الجمهورية التي صارت نموذجا
غير مسبوق في العالم الإسلامي بفضل نسقها العلماني الذي لم يكن ليري النور
بدون أتاتورك قد بلغوا سن الرشد‏.‏

مواطنو هذا المكان الأثير الذي
يشكل جسرا بين الشرق والغرب هم مع التنوع وتخليد كل من ساهم في بناء وطنهم
لكن أن يسعي حكامهم الجدد وتحت مزاعم واهية إلي الالتفاف علي مبدأ فصل
الدين عن الدولة فهذا هو الإشكال الذي يجب أن يواجه بكل حسم‏.‏ وعندما
انتبه أولو الأمر إلي فداحة ما اقترفوه‏,‏ عادوا قبل ساعات من بدء
الانتخابات المحلية يتمسحون في مقولات أتاتورك‏,‏ فظهر نفاقهم علي
الملأ‏,‏ وجاء رد الفعل مختلفا وصادما‏,‏ وعاد العدالة إلي الحجم الذي
يستحقه‏.‏

إن ماحدث في تلك الانتخابات ماهو إلا بداية لتراجع سيكون
مذهلا والزمن لن يطول كثيرا‏,‏ لقد حاولوا إخراج البلاد عن مسارها لكن خاب
مسعاهم فتركيا الكمالية جاءت لتبقي‏.‏