تكريم الله تعالي لنبيه محمد صلي الله عليه وسلم‏4‏ بقلم‏:‏د‏.‏ محمد سيد طنطاوي

من طرف koko الإثنين أبريل 06, 2009 7:47 pm

هذا هو الإسلام
تكريم الله تعالي لنبيه محمد صلي الله عليه وسلم‏4‏
بقلم‏:‏د‏.‏ محمد سيد طنطاوي
شيخ الأزهــر الشريف

تكريم الله تعالي لنبيه محمد صلي الله عليه وسلم‏4‏ بقلم‏:‏د‏.‏ محمد سيد طنطاوي 44681_11m

‏...‏كذلك
من وجوه تكريم الله ـ عز وجل ـ لنبيه محمد ـ صلي الله عليه وسلم أنه
سبحانه أوجب علي كل مسلم طاعة هذا النبي الكريم في كل ما أمر به‏,‏ وفي كل
ما نهي عنه‏.‏

ومن الآيات القرآنية التي أكدت ذلك قوله تعالي‏‏
ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم‏,‏ فإن
تنازعتم في شيء فردوه إلي الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم
الآخر‏,‏ ذلك خير وأحسن تأويلا‏),[‏ سورة النساء‏:‏ الآية‏59]‏

وطاعة الله وطاعة رسوله متلازمتان‏,‏ قال تعالي‏‏ من يطع الرسول فقد أطاع الله‏).‏
ومعني طاعتهما‏:‏ التزام أوامرهما‏,‏ واجتناب نواهيهما‏.‏

والمراد
بأولي الأمر ـ علي الراجح ـ الحكام‏,‏ وطاعتهم إنما تكون في غير معصية
الله‏,‏ فإذا أمروا بما يتنافي مع تعاليم الدين فلا سمع لهم علي الأمة ولا
طاعة‏.‏

وقوله ـ سبحانه ـ‏‏ فإن تنازعتم في شيء فردوه إلي الله
والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر‏),‏ بيان لما يجب علي المؤمنين
أن يفعلوه إذا ماحدث بينهم اختلاف في أمر من الأمور الدينية‏.‏

والمعني‏:‏
فإن تنازعتم واختلفتم أيها المؤمنون أنتم وأولو الأمر منكم في أمر من أمور
الدين‏‏ فردوه إلي الله والرسول‏),‏ أي فردوا ذلك الحكم أو الأمر الذي
اختلفتم فيه إلي كتاب الله وإلي رسوله ـ صلي الله عليه وسلم ـ بأن تسألوه
عنه في حياته‏,‏ وترجعوا إلي سنته بعد مماته‏.‏

وفي قوله تعالي‏‏
فردوه إلي الله والرسول‏)‏ دليل علي أن سنته ـ صلي الله عليه وسلم ـ يعمل
بها ويمتثل مافيها‏,‏ ففي الحديث الصحيح قال ـ صلي الله عليه وسلم ـ
مانهيتكم عنه فاجتنبوه‏,‏ وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم فإنما
أهلك من كان قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم علي أنبيائهم‏.‏

وروي
أبوداود عن أبي رافع عن النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ لا ألفين
أحدكم متكئا علي أريكته‏,‏ يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه
فيقول‏:‏ لاندري ما وجدناه في كتاب الله اتبعناه‏.‏

وعن العرباض بن
سارية أنه حضر رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ يخطب الناس وهو يقول
أيحسب أحدكم متكئا علي أريكته قد يظن أن الله لم يحرم شيئا إلا ما في هذا
القرآن ألا وإني والله قد أمرت ووعظت ونهيت عن أشياء إنها لمثل القرآن‏.‏

واسم
الإشارة في قوله‏‏ ذلك خير وأحسن تأويلا‏)‏ يعود إلي الرد إلي الكتاب
والسنة وقوله‏(‏ تأويلا‏)‏ من آل هذا الأمر الي كذا أرجع إليه‏,‏ فيكون
المعني‏:‏ ذلك الذي أمرتكم به من رد ما اختلفتم فيه إلي الكتاب والسنة خير
لكم وأحمد مغبة‏,‏ وأجمل عاقبة‏.‏

وقد بين ـ سبحانه ـ في آية أخري
أن طاعة رسوله ـ صلي الله عليه وسلم ـ إنما هي طاعة له فقال‏‏ من يطع
الرسول فقد أطاع الله‏,‏ ومن تولي فما أرسلناك عليهم حفظيا‏)(‏ سورة
النساء‏:‏ الآية‏80]‏

أي‏:‏ من أطاعك يامحمد فقد أطاع الله‏,‏ ومن
أعرض عن طاعتك وعصي أمرك‏,‏ فعلي نفسه يكون جانيا‏,‏ لأننا ما أرسلناك علي
الناس حافظا ورقيبا لأعمالهم‏,‏ وإنما أرسلناك مبلغا ومنذرا‏.‏

هذا والذي يتدبر القرآن الكريم يجد عشرات الآيات القرآنية‏,‏ تأمربطاعة الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ وتنهي عن معصيته‏.‏

ومن هذه الآيات قوله ـ تعالي‏‏ قل أطيعوا الله والرسول‏,‏ فإن تولوا فإن الله لايحب الكافرين‏)[‏ آل عمران‏:‏ الآية‏32]‏

وقوله
ـ سبحانه ـ‏‏ وما آتاكم الرسول فخذوه‏,‏ وما نهاكم عنه فانتهوا‏,‏
واتقوا الله إن الله شديد العقاب‏)[‏ سورة الحشر‏:‏ الآية‏7].‏

وقوله
ـ عز وجل ـ‏‏ إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلي الله ورسوله ليحكم
بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون‏)[‏ سورة النور‏:‏
الآية‏51].‏

وقوله ـ تعالي ـ‏(‏ وما كان لمؤمن ولامؤمنة إذا قضي
الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل
ضلالا مبينا‏)[‏ سورة الأحزاب‏:‏ الآية‏36]‏

أما الأحاديث النبوية
الشريفة التي وردت في وجوب طاعته ـ صلي الله عليه وسلم ـ فهي كثيرة‏,‏
وحسبك منها ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه
ـ أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ كل أمتي يدخلون الجنة إلا
من أبي‏,‏ قالوا يارسول الله ومن يأبي؟ قال‏:‏ من أطاعني دخل الجنة‏,‏ ومن
عصاني فقد أبي‏.‏