التوجيه التشريعي لتعدد الزوجات بقلم المستشار‏:‏البيومي محمد البيومي

من طرف لميس الإثنين أبريل 06, 2009 8:01 pm

حوارات معاصرة
التوجيه التشريعي لتعدد الزوجات
بقلم المستشار‏:‏البيومي محمد البيومي
نائب رئيس مجلس الدولة واستاذ السياسة الشرعية

التوجيه التشريعي لتعدد الزوجات بقلم المستشار‏:‏البيومي محمد البيومي 44681_9m

تعدد
الزوجات موضوع قديم ولكنه متجدد دائما وما صادف موضوع من معارضة وتأويلات
مثله‏.‏ وأخيرا باغتته حملة شديدة من كل الجوانب ما بين معارض لحق الرجل
المسلم القادر العادل بأن يجمع في عصمته عند الضرورة أكثر من زوجة بحد
أقصي أربع زوجات‏,‏ بحجة أن ذلك ليس حقا مزاجيا‏.‏

وما بين مؤيد
لذلك حتي من النساء فيقلن إن الله سبحانه أباح التعدد وما أباحه الله جل
وعلا وحلله فيه خير للبشرية لقوله تعالي‏(‏ قل أحل لكم الطيبات‏.....‏
الآيات‏),‏ وما دام الحق قد أباح ذلك فإن فيه الخير علمناه أم لم نعلمه
أقررنا به أم لم نقره‏,‏ لأن إنكار ذلك والسعي إلي تأويله أو دحضه هو عين
الإعراض ورفض لمنهجه سبحانه وتعالي‏,‏ وهناك حجج أخري كثيرة لا يتسع
المجال لذكرها‏.‏ هذا فقط في داخل الأمة الإسلامية أما عن خارجها فكلنا
يعلم مدي مهاجمة الغير له وتأويلهم إياه بما يساء به إلينا‏.‏

وحتي
لا يساء إلي ديننا الحنيف في الداخل والخارج وخاصة في هذا المنعطف الخطير
الذي يمر به المسلمون فلابد من تحديد التشريع الإسلامي الحنيف حين أقر
التعدد واجازه للرجل إنما كان ذلك إذا دعت الدواعي وتوافرت الشروط وأهمها
أن تدعو إليه حاجة معتبرة شرعا لدي الفرد أو المجتمع وأساس ذلك هو وجوب
العدل بين الزوجات إذا تعددن لأن الأصل في الزواج الواحدة لا أكثر من ذلك
لقوله تعالي‏(‏ وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامي فانكحوا ما طاب لكم من
النساء مثني وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة‏....)‏ سورة النساء
آية‏3.‏

حتي إن أحد علماء الأزهر الآن وهو الدكتور حامد السايح ذهب
إلي رأي فريد في فهمه لهذه الآية الكريمة فهي في اجتهاده تدل علي عدم
التعدد قط إلا للأرامل أمهات اليتامي فقط دون غيرهن حفاظا علي مصلحة
اليتيم‏..‏ إلخ وقد أحيل هذا الرأي إلي مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر
الشريف لدراسته ومدي اعتباره‏.‏

ويذهب جمهور الفقهاء والباحثين إلي
أن التعدد من الأمور الجائزة شرعا في ضوء الضوابط والمقاصد الشرعية‏..‏
وذلك في قوله تعالي‏(‏ ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا
تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا
رحيما‏)‏ سورة النساء آية‏129.‏

وكما نعلم فإن الهدف من الزواج
الشرعي هو إعفاف النفس وانجاب الذرية وتبادل المودة والرحمة والقرار
النفسي كما قال الحق جل وعلا‏(‏ والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم
من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم
يكفرون‏...)‏ سورة النحل آية‏72‏ وقوله تعالي في موضع آخر‏(‏ ومن آياته أن
خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك
لآيات لقوم يتفكرون‏....)‏ سورة الروم آية‏21.‏

بعد الزواج قد تجد
مفاجآت تفقد الحياة الزوجية ثمارها لعيوب بالمرأة قد لا تحتمل ـ في هذه
الحالة يجد المسلم مخرجا بالزواج بأخري مع بقاء الأولي أو عدم بقائها حسب
رغبتها وقد يتعرض المجتمع لظاهرة تزايد الإناث علي الذكور تزايدا فاحشا
كما يحدث عقب الحروب مثلا أو قد يزيد الإناث بزيادة مطردة عن الذكور كما
في مصر الآن مثلا أو يحتاج بلد للإنجاب لتوفير الأيدي العاملة والكوادر
لتنفيذ خطط التنمية كما يحدث الآن في دول الخليج وغيرها بدلا من العمالة
الأجنبية التي تريد القفز علي هذه المجتمعات‏.‏

وأي فرد أو مجتمع يلجأ إلي هذا التوجيه التشريعي العظيم يقي نفسه من عدة آفات منها‏:‏
ـ مكافأة الحرمان وذلك إذا أكثر عدد الإناث وقل عدد الذكور‏.‏

ـ
محاربة الانحراف والرذيلة فاليأس من الزواج لأسباب كثيرة أهمها الظروف
الاقتصادية قد يؤدي بالشباب إلي الانحراف وينجم عن ذلك أخطار شتي‏.‏

ـ كما أن في ذلك صيانة للأخلاق‏.‏
أما
عن مقولة إن في التعدد إهانة للمرأة المسلمة فالعكس غير ذلك لأن فيه تكريم
للمرأة إذا دعت الضرورة لذلك كما أن التعدد يحصل من جنسها فهب أن مجتمعا
تزيد إناثه علي ذكوره بنسبة‏40%‏ مثلا فالاقتصار علي واحدة يعرضهن للحرمان
واليأس والانحراف المزري‏.‏

وهب أن بلدا كمصرنا الآن مثلا بلغت فيه
نسبة العنوسة بين الشابات نسبة مخيفة تعد بالملايين فأري أن التعدد خاصة
من الشابات العانسات إذا رغبن في ذلك من أنجح الحلول لخفض نسبة العنوسة
وذلك مع الضوابط التي أشرنا إليها آنفا هذا فضلا عن عدم المغالاة في
المهور وتكاليف الزواج وضرورة تيسيرها‏,‏ كما أنه ليس في مبدأ التعدد
إسراف في المتعة بل هو تسام بها وتنسيق علي وجه يدفع الفساد خاصة أن
التعدد كما ذكرنا لم يبح بغير ضوابط وضمانات خلقية ومادية‏(‏ كالحاجة إليه
ووجوب العدل‏)‏ ومع ذلك فإن التعدد وحتي الآن في المجتمع المسلم لا يتجاوز
نسبة الـ‏3%‏ أو يزيد قليلا خاصة في الدول الإسلامية الفقيرة‏,‏ كما أن
التعدد ليست فيه أنانية بل يستفيد منه النساء أكثر من الرجال‏.‏

وينبغي
أن نعلم أن الخروج عن‏(‏ التوجيه التشريعي العظيم‏)‏ والذي قننه العليم
الخبير بأحوال العباد وما يصلحهم إلي يوم الدين وهو الله عز وجل ـ خطأ‏,‏
وظلم عظيم كبير وأن الله سبحانه لم ينزل شريعته لتخضع لواقع الناس بل
ليخضع لها واقع الناس لأن الشريعة الغراء هي الميزان‏(‏ والحكم‏)‏ العدل
وأن الخروج عن ذلك كما يحدث في المجتمعات غير المسلمة هو الفساد بعينه من
علاقات جنسية لم تخضع لضوابط أو معايير خلقية‏,‏ بل إن هذه مسألة لها أوثق
الصلة بالحرية الشخصية التي أدت إلي المخادنة وزواج المثليات إذ يكفي في
وقوع ذلك توافق رغبتين آثمتين وما ذلك إلا لاشباع الرغبات فالرجل يخادن من
يشاء من النساء والمرأة تخادن من تشاء من الرجال حتي ولو كانوا متزوجين أو
كن متزوجات بل إننا نسمع الآن عن تبادل الزوجات ـ قمة الفسق والافساد في
الأرض ـ وللأسف فقد انتقلت العدوي إلي مجتمعاتنا الإسلامية باسم التحرر
وعدم القدرة علي الزواج وإن كانت مازالت في نطاق ضيق إلا أن في ذلك هدما
للمجتمعات‏.‏

والمهم أن كل ذلك يحدث نتيجة الخروج عن‏(‏ التوجيه
التشريعي السليم‏)‏ في تطبيقه الحكيم وفي نصوصه ومفهومه والذي ترتب عليه
الكثير من الآفات مثل‏:‏

ـ تفكك الأسرة‏.‏
ـ كثرة المواليد غير الشرعيين‏.‏
ـ تفشي الأمراض الخطيرة ـ والعياذ بالله‏....‏ إلخ إلخ‏.‏

اقرأ
معي أخي في الانسانية قول الحق جل وعلا‏(‏ والمحصنات من النساء إلا ما
ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم
محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح
عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما‏)..‏ إلي
أن قال عز من قائل‏‏ والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن
أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فإذا
أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما علي المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي
العنت منكم وأن تصبروا خير لكم والله غفور رحيم‏)‏ صدق الله العظيم سورة
النساء الآيات‏25,24.‏