داروينية صحفية‏!‏بقلم : عبدالله عبدالسلام

من طرف tofeee السبت أبريل 11, 2009 6:39 pm

أفق جديد
بقلم : عبدالله عبدالسلام

داروينية صحفية‏!‏

غياب
منبر صحفي ـ أيا كان حجمه أو تأثيره ـ خسارة كبري للقراء وللصحفيين ولحرية
الصحافة والتعبير‏.‏ وقد كانت الخسارة مضاعفة في يوم واحد هو الثلاثاء
الماضي الذي شهد إلغاء ترخيص مجلة ثقافية وأدبية متميزة هي إبداع‏,‏ وتوقف
صحيفة شابة وجرئية هي البديل عن الصدور اليومي لتصبح أسبوعية‏.‏

قرار
إلغاء إبداع أصدره القضاء الإداري لنشر المجلة قصيدة اعتبرتها المحكمة
مسيئة للذات الإلهية‏.‏ ومع احترامنا للقضاء وعدم تعليقنا علي الحكم إلا
أن إعلان موت مجلة بسبب مادة نشرتها كارثة علي الحياة الأدبية
والثقافية‏,‏ ويدعونا إلي نقاش موسع عاجل للوصول إلي حسم تشريعي لمسألة من
هم المنوط بهم تقييم الأعمال الأدبية‏..‏ هل النقاد أم رجال الدين وأهل
القانون؟

أما توقف البديل‏,‏ والذي أرجعته إدارة الصحيفة إلي
الظروف المالية الضاغطة‏,‏ فإنه يثير قضية مسكوتا عنها بين الجماعة
الصحفية وكذلك المجتمع السياسي والاقتصادي وهي مدي قدرة معظم الصحف
والمجلات المصرية علي الاستمرار برغم الأزمات المالية التي تواجهها؟‏!‏

وقد
كانت البديل‏,‏ التي أغنت الصحافة المصرية بالانفرادات والتغطيات المتعمقة
برغم حداثة سنها‏,‏ ضحية لما يمكن تسميته بالداروينية الصحفية‏,‏ أي
البقاء للاقدر في سوق الصحافة‏.‏ فمع نقص الموارد وتراجع التوزيع وتلاشي
الاعلانات لم تستطع الجريدة الصمود في سوق الاصدار اليومي‏.‏

هذه
الداروينية قضت علي مئات الصحف في العالم خلال الشهور القليلة الماضية‏,‏
لكنها لاتنطبق علي الجميع في مصر‏,‏ فهناك صحف ومجلات تعاني نفس معاناة
البديل وأكثر لكنها مستمرة في الصدور وليس هناك تفكير في مواجهة حقيقية
لمشاكلها‏..‏ لماذا؟ لأن النظرة إلي هذه الصحف نظرة سياسية بحتة وليست
صحفية فالمطلوب أن تستمر حتي لو كانت تخسر ماليا ولا توزع صحفيا ولا تكسب
اعلانيا‏.‏

ولمواجهة شبح الداروينية أي وفاة الصحف يقوم بعض
المالكين في الغرب بضخ مبالغ كبيرة للصحف الخاسرة لإجراء تطوير شامل‏,‏
بما يعني اعادة اطلاق للصحيفة أو المجلة‏,‏ وتلتزم إدارة التحرير بتحقيق
أهداف محددة في زمن محدد كزيادة التوزيع إلي رقم معين‏,‏ وإذا فشلت قدمت
استقالتها أوراحت ضحية مع الصحيفة نفسها‏.‏

أما عندنا‏,‏ فإن مالك
هذه الصحف‏,‏ التي تتحدي نظرية البقاء للأقدر‏,‏ لايضخ أموالا ولا يطلب
تطويرا بل يكتفي بالحد الأدني وهو أن تبقي علي قيد الحياة‏.‏

غياب
البديل أمر محزن لأبعد الحدود‏,‏ لكنه قد يكون مناسبة لأن ينظر الآخرون
إلي أنفسهم في المرآة ويسألوها لماذا نحن مستمرون؟ وماهي المقومات التي
تجعلنا نتحدي كل القوانين الطبيعية وغير الطبيعية في هذا العالم؟

aabdelsalam65@gmail.com