كل يوم بقلم : مـرسي عطـا الـلـه

من طرف حلفاوى الأحد أبريل 12, 2009 12:07 pm

كل يوم
بقلم : مـرسي عطـا الـلـه

‏2‏
لكي
يدلل المفكر والسياسي الأمريكي بول فندلي علي صحة مخاوفه من تبخر الوعود
الأمريكية لإنجاز حلم السلام في الشرق الأوسط يشير في كتابه الخداع المدبر
إلي أنه رغم أن حبر التوقيع علي اتفاق السلام بين الفلسطينيين
والإسرائيليين لم يكن قد جف بعد المصافحة التاريخية في البيت الأبيض بين
عرفات ورابين تحت رعاية كلينتون في خريف عام‏1995,‏

فإن إسرائيل ـ
اعتمادا علي الصمت الأمريكي الذي يقترب من درجة التواطؤ ـ بدأت في تطبيق
إجراءات قاسية جعلت الفلسطينيين يعيشون في عزلة تامة كما لو كانوا طاعونا
ـ وأنه علي حد تشبيه أحد الصحفيين الأمريكيين فإن الفلسطينيين أصبحوا
يعيشون في غزة وأريحا المرحلة الأولي لاتفاقية أوسلو في أوضاع أسوأ من
جنوب إفريقيا قبل إزالة التفرقة العنصرية‏.‏

ويقارن بول فندلي في
كتابه موقف أمريكا النزيه عام‏1956‏ خلال أزمة العدوان الثلاثي ضد مصر
عندما أجبرت إسرائيل علي الإنسحاب من سيناء وبين مواقفها المتهالكة
والمنحازة منذ مطلع الستينيات وحتي اليوم ويقدم تفنيدا لما زعمه هنري
كيسنجر في كتابه سنوات البيت الأبيض من أن موقف أمريكا خلال أزمة السويس
عام‏1956‏ كان مدعاة للأسف ويقول إنه علي العكس مما يدعيه كيسنجر فإن
الولايات المتحدة الأمريكية حققت عام‏1956‏ بموقفها العادل مكانة كبيرة
وسمعة أخلاقية مدوية تجاوزت حدود الشرق الأوسط‏.‏

ويشير فندلي
بأصبع الاتهام نحو منظمة الأيباك اليهودية التي تجسد أكبر لوبي أمريكي
مساند لإسرائيل تحت لافتة مخادعة اسمها لجنة الشئون العامة الإسرائيلية ـ
الأمريكية ويقول إن نفوذ هذه المنظمة يفوق كل ما يمكن تصوره وأنها لم تكتف
فقط بتوفير الدعم والتأييد السياسي والعسكري والاقتصادي الإسرائيلي وإنما
عملت ـ ونجحت ـ في تعكير صفو العلاقات الأمريكية العربية وتعطيل نموها‏.‏

ويتساءل
المؤلف عن سر هذا الصمت الأمريكي تجاه الانتهاكات الإسرائيلية الفجة وكيف
أن هذا الصمت يتناقض مع إدعاء الرغبة في انجاز حل سياسي عادل وشامل‏,‏
ويشير إلي أن المستوطنات التي اقامتها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية
المحتلة والتي تشكل أكبر عقبة في طريق السلام لم يصدر عن أمريكا أي موقف
حازم بشأنها رغم اعتراف أمريكا بأن هذه المستوطنات تخالف ميثاق الأمم
المتحدة وبنود اتفاقيات جنيف الرابعة‏.‏

ولست أريد أن أستطرد في
عرض كتاب صدر قبل‏14‏ عاما وأكاد أحس بأنه يتعامل مع ما نشهده اليوم من
انحياز أمريكي وصلف إسرائيلي لايشجعان علي الثقة بأن السلام قادم‏..‏
ولكنني فقط أريد أن أخلع جلباب التشاؤم استنادا إلي أن وجود أصوات داخل
أمريكا تملك قدرا من الحيادية في التعامل مع قضية الشرق الأوسط بعد مجيء
باراك أوباما ربما يشجع علي الأمل في أن ننتظر بعضا من التغيير الإيجابي
في السياسة الأمريكية علي يد أوباما في ظل حماسه الراهن لانجاز حل تاريخي
تستعيد به أمريكا قدرا من مصداقيتها التي تناثرت علي الأرض العربية خلال
السنوات الأخيرة‏.‏

وإذا كانت المسألة مسألة قدرة فإن أمريكا
قادرة‏,‏ ولكن تنقصها جدية الرغبة وشجاعة التصدي لجماعات الضغط الصهيوني
سواء في منظمة إيباك أو داخل سراديب الإدارة الأمريكية ذاتها‏!‏

attalla@ahram.org.eg