الخيط الرفيع

مازال هناك خيط رفيع بين تضحية الزوجة من أجل بيتها وزوجها والتنازل عن
أحلامها والاستغناء عن حياتها المهنية التي تعطيها الاستقلالية وبين اثبات
وجودها.. وهذا الخيط هو "الزوج" الذي قد يقابلها بالعرفان بالجميل والوفاء
ودفعها لاظهار قدراتها الشخصية أو قد يظهر لها الأنانية وحب التملك
ويحصرها في وظيفة واحدة هي "ربة منزل" فقط.

ولدينا كثير من القصص من واقعنا تبرز لنا حصاد بعض الزوجات لثمار
تضحيتهم من أزواجهم التي تدفعنا دائماً ان نحثها علي تحقيق المعادلة
الصعبة فتتمسك ببيتها وعملها في آن واحد حتي تصبح قبطانا ناجحا.

* تروي لنا "ز.م.أ" 58 عاماً انها تزوجت من رجل لم يمتلك ما يستطيعوا
العيش به في مصر وقرروا السفر للخارج وتكوين أنفسهم وتحسين معيشتهم
وساعدته وتحملت نتائج الغربة وفراق الأهل وتنقل في الخارج بين كثير من
الوظائف حتي احتل منصباً كبيراً في احدي الشركات وكان عليها تربية الأبناء
والمحافظة عليهم وعندما وصلوا لمرحلة الجامعة قررت العودة لمصر ليكملوا
دراستهم وبدأ يرسل لها المال وكان عليها تحقيق الحلم الذي اتفق عليه
فاستطاعت أن تبني فيلا خاصة بهم وشركة خاصة لكي يرجع زوجها ويكمل حياته
معهم لكنه للأسف تزوج عليها في الغربة معللاً ذلك بأن الوحدة دفعته لذلك
ولم ينظر لحجم التضحية التي قدمتها زوجته علي حساب نفسها وانكار طموحاتها.

* وقد يظهر عنصر الأنانية من قبل الزوج مثل قصة "و.ح.م" 35 عاما انها
منذ أن تزوجت تفرغت لبيتها وزوجها لانهم بحاجة اليها فأولادها صغار وزوجها
كان يحضر لرسالة الدكتوراة ولكن عندما أرادت النزول لمجال العمل وان تجعل
حياتها أكثر مشاركة رفض زوجها مبررا اننا تعودنا علي المعيشة كده وانه لا
يقبل أن يأتي يوم وانتظرك حتي تعودي من عملك فنحن ليس في حاجة لمرتبك.

* وعلي النقيض لا تفكر "ع.أ.خ" مشاركة زوجها منذ بداية زواجهما في
تربية الأبناء ومتابعتهم علي الرغم من انشغاله وانه دائما يدفعها لاثبات
نفسها في عملها ويسمح لها دائما بتبادل الزيارات مع أصدقائها وأهلها حتي
ساعدها أكثر من مرة لتنمية هوايتها حتي لو كان نسبة نجاحها قليل فهو
يقدرها ولا ينظر لنفسه وأولاده فقط.

- وتؤكد "ف.ك.م" 57 عاما أكثر ما يؤلم المرأة ويجعلها تشعر ان
تضحيتها لا يقابلها شيء ان تجد في زوجها الرفض التام لأقل حقوقها وهو
"العمل" واثبات كيانها كفرد في المجتمع له أحلامه بالاضافة كرسالتها
الأساسية في بيتها وايمانه وايمانه بأن العمل لم يضف عليها النفع المادي
فقط بل المعنوي والثقافي وبالتالي تعطي أكثر في بيتها وقبله زوجها فتصبح
ايجابية.

ويدعم موقف المرأة وتمسكها بحقها الدكتور عبدالرءوف الضبع أستاذ
ورئيس قسم علم الاجتماع كلية آداب جامعة سوهاج فيقول: إن نظرة الرجل تجاه
عمل زوجته نابع من ثقافة المجتمع الشرقي الذي ينظر إلي ان الرجل قوام أقوي
وقادر علي إدارة بيته بنظرة مادية فقط وليس نظرة انسانية يراعي فيها نفسية
المرأة وخاصة اننا في عصر لا تطلب الزوجة من زوجها المال لشراء لوازمها
وتبادل الهدايا مع أسرتها وأصدقائها ولابد علي الرجل أن يعلم أن لا أحد
يملك الآخر ولكن كلا منهما يملك حريته في اطار حدود الآخر وان عصر "سي
السيد الله يرحمه" والدليل علي ذلك ان آخر احصائية توضح تغيير فكر الفتاة
في التعليم والعمل أن نسبة الاناث بكلية الاداب بسوهاج 79% وتتقارب
الجامعات الأخري من نفس النسبة.

ويوضح لنا الدكتور عبدالرءوف ان العمل يشبع لكل انسان وخاصة المرأة ثلاثة أبعاد وهي:


- اشباع الجانب النفسي للإنسان مثل "تقدير الذات - الابداع - الابتكار - الرضا المهني" وهو يعد أهم الجوانب للمرأة.


- واشباع اجتماعي وثقافي "كحاجة الإنسان للصداقة والزمالة والشعور بأنه منتم لجماعة معينة وذلك لا يتحقق إلا في العمل.


- والبعد الاقتصادي وهو انه مورد للرزق وتحسين المعيشة.


- والبعد البيولوجي والذي يتعلق بالصحة حيث ان المرأة التي تعمل أفضل نفسيا وصحيا.


وينصح الدكتور. عبدالرءوف ان كل شاب مقبل علي الزواج يعطي لشريكة
حياته حقها في أن تختار تعمل أم لا ويكون هناك شيء من الوضوح والشفافية في
فترة الخطوبة ليعبر كل منهما عما يرغب فيه وما يأمله ولا يحدث مقايضة من
قبل الرجل لان ذلك يترك اسوأ الأثر في نفس الزوجة.