علي هامش القمة العربية بالدوحة بقلم : أمين هويدي

من طرف **بهاء** الثلاثاء أبريل 28, 2009 7:40 pm

علي هامش القمة العربية بالدوحة
بقلم : أمين هويدي

هي
القمة الـ‏21‏ التي استقر الرأي أخيرا وبعد جهود شاقة وخلافات حادة علي أن
تعقد في الدوحة ناقصة العدد‏,‏ وكأن عقد اجتماع القمة بأي صورة أصبح الغرض
عند بعض الأعضاء وليس الوسيلة‏,‏

والملاحظ أنه مع اختلاف زمان
ومكان عقد الاجتماع‏,‏ فإن القضايا المعروضة بقيت علي حالها دون تغيير‏,‏
ومعني ذلك أنها مازالت تريد حلا‏!!!‏

تصعيد القضايا الي أعلي
المستويات ـ مستوي القمة العربية ـ أو نقل مكان عقد الاجتماع من عاصمة الي
أخري ليس هو الدواء الشافي لعلاج الأمراض العربية المزمنة المتمثلة في
قضايا تزداد تعقيدا بمرور الزمن‏,‏

وهذا أمر خطير يوحي بأن القضايا
أصبحت غير قابلة للحل وعلي الجميع معايشتها كأمر واقع‏,‏ فقد أصبحت
مستعصية وفوق قدرة وطاقة المسئولين عنها فأصبحوا عازفين عن حلها‏...‏ وهذه
أمور تتعلق بالقدرة وهي متوافرة ولكنها معطلة‏,‏ والرغبة وهذه تتعلق
بالنيات والنيات علمها عند الله‏..‏

والأمر الذي يثير الدهشة هو أن
الغرض من عقد هذه المؤتمرات تغير‏,‏ فبعد أن كان الغرض هو أن يتفق الأعضاء
علي ما هو في صالح الدول العربية الأعضاء وحشد الجهود لتنفيذه‏,‏ أصبح
الغرض مجرد مؤتمرات صلح بين الأعضاء المتنافرين والمتخاصمين دائما‏,‏
الأمر الذي جعلهم يركزون الجهد لتحقيق المصالحة وليس تحقيق المصلحة حتي لو
تم ذلك بمجرد المصافحة دون المكاشفة أو المصارحة‏..‏

ولا غرو بعد
ذلك أن تبقي التهديدات كما هي‏,‏ وربما تزداد وتتعقد رغما عن خطورة ذلك
علي الأمن القومي العربي الذي أصبح مستباحا‏...‏ العدو يحقق أغراضه خطوة
خطوة‏,‏ ونحن نفقد حقوقنا قطعة قطعة‏!!‏ العدو يقفز الي الأمام بخطوات
النمور ونحن نتراجع الي الخلف بخطوات الأرانب‏!!‏

ومن ينظر الي
الخريطة يشعر بالجزع والقلق‏,‏ إذ يجد أن الكل من حولنا ـ إسرائيل وتركيا
وإيران ـ له استراتيجيته ومشاريعه وخطته تتساندها قوة رادعة فعالة‏,‏ أما
عن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا الاتحادية فحدث عنها ولا
حرج‏,‏ ونحن لا نواجه ذلك إلا بالاعتراض عليها ومقاطعة أصحابها دون أن
نفعل شيئا حقيقيا لمواجهته‏,‏ علما بأننا في عصر المشروع والمشروع المضاد
ـ والمشروع بناء وعمل‏..‏

نحن العرب نسير في هذه الغابة دون
استراتيجية تحدد أهدافنا اليوم والغد أو بعد الغد‏!!!‏ وياللهول‏!!!‏ فإذا
أضفنا الي ذلك أننا نقتحم هذه الغابة دون حراسة قوة رادعة فهو أمر يجعلنا
نكرر ياللهول مرات ومرات‏!!!‏ إذ لايمكن أن نتخيل أن مجموعة من الدول تسير
وسط هذه الأخطار دون خطة توضح مقاصدها‏,‏ ودون حراسة تؤمنها من الوحوش
المتربصة في كل دروب الغابة وأركانها‏!!‏

ونحن نطرح الأسئلة التالية علي مؤتمرات القمة في أي وقت وأي مكان تعقد فيه‏..:‏
‏*‏ ما هي خطتنا الحالية ونحن نسعي لتحقيق السلام ولتفعيل مبادرة بيروت التي أصبحت بمرور الزمن غير فعالة؟
‏
*‏
هل لدينا خطة لمواجهة تراجع العدو عن مباحثات السلام والاتفاقيات التي تم
بحثها شهرا بعد شهر‏,‏ وقيامه بوضع العراقيل لكسب الوقت لتنفيذ مشاريعه في
الاستيطان وتهويد القدس؟
‏
*‏ هل لدينا القوة الرادعة التي تتصدي
لعبث إسرائيل وتحدياتها المستمرة أو لمنعها من تنفيذ أغراضها قطعة قطعة
تحت أنظارنا دون تدخل حاسم يحافظ علي حقوقنا التي ورثناها عن الآباء
والأجداد؟
‏
*‏ ما موقفنا لو أن العدو كرر مذبحة غزة أو استمر في
حصار القطاع والضفة والإصرار علي تنفيذه لخطة الترانسفير ليستولي علي كل
فلسطين خالية دون شعبها؟

هل لدينا اجابة عن هذه الأسئلة المهمة؟
أشك في هذا‏,‏ إذ كيف يمكن أن يتم تحقيق ذلك وسط الخلافات المستمرة
والخصومات المتتالية بين الأعضاء علي هذا المستوي الرفيع من العمل السياسي
والذي أصبح الرأي العام العربي يعده تهربا من المسئولية التي يجب
تحقيقها‏..‏

وقد يلاحظ القارئ‏,‏ ونحن نوشك علي نهاية المقال‏,‏
أننا لم نتحدث عن نتائج هذا المؤتمر‏,‏ وأؤكد أنه لم يتم عن تجاهل لما
انتهت إليه الأمور ولكني لاحظت أن المؤتمر انتهي وغادر أعضاؤه الدوحة دون
قرارات واضحة ودون حلول للمشكلات القائمة‏,‏ فقد تمخض الجبل وولد فأرا‏!!‏

ولكن
لماذا يحدث هذا؟ في تقديري أن فاقد الشيء لا يعطيه‏,‏ فنحن في عصر الذين
يعرفون والذين لا يعرفون‏,‏ فهل نحن نعرف؟‏!‏ هذا هو السؤال‏..‏ سؤال آخر
يقلقني ويثير دهشتي وهو‏:‏ هل هناك اختلاف فيما تحققه مؤتمرات القمة هذه
سواء في حالات اتفاق أعضائها أو في حالة خصامهم ومقاطعتهم؟ الإجابة واضحة
ولا تحتاج الي تعليق‏..‏

فالوفاق ليس هو سبب سلبية النتائج وكذلك
الخصام ليس هو السبب‏..‏ السبب هو أننا لم نحدد مشروعنا واستراتيجيتنا‏,‏
ولا حددنا كيف نبني هذه الاستراتيجية وهذه السياسة بوسائلنا المتاحة وهي
كثيرة ومتوافرة في انتظار الإرادة السياسية القادرة علي البناء
والتصدي‏..‏ البناء يحتاج الي ارادة قبل توافر الامكانات اللازمة‏,‏
والتصدي أيضا يحتاج الي ارادة لتفعيل البناء اذا تم واكتمل‏,‏ لان الصراع
هو صراع ارادات تحرك القدرات المتاحة في الاتجاه السليم والوقت المضبوط‏.‏

ودون
تحديد الاستراتيجية العربية ودون بناء القوة الرادعة‏,‏ التي تحميها
وتفرضها وتنفذها‏,‏ سيتكرر عقد المؤتمرات في أوقات متغيرة وعواصم مختلفة
دون جدوي‏,‏ وهذا يجعل أمننا القومي مستباحا‏,‏ الأمر الذي لا يجوز‏,‏ وهو
قطعا مسئولية تقع علي كاهل مؤتمرات القمة‏..‏ والشعوب العربية تردد هذا في
كل مكان وتنادي وتأمل في تحقيقه‏,‏ فهل هناك من يلبي النداء ويحقق
الآمال؟‏!!!‏ ويستمع الي رنين الأجراس التي تدق في كل مكان؟‏!!..‏