أخطر كتاب عن لبنان‏..‏ يصدر في فرنسا بقلم‏:‏ محمد سلماوي

من طرف هايدى الأربعاء أبريل 29, 2009 10:04 am

أخطر كتاب عن لبنان‏..‏ يصدر في فرنسا
بقلم‏:‏ محمد سلماوي

إن
صدور بعض الكتب التي تكشف معلومات خفية حول أحداث مضت قد تؤثر علي أوضاع
راهنة فتقلبها رأسا علي عقب‏,‏ وهذا هو الحال مع كتاب جديد يصدر قريبا في
فرنسا يؤكد بالأدلة الدامغة أن مقتل النائب اللبناني توني فرنجية نجل
الرئيس السابق سليمان فرنجية عام‏1978‏ تم بتخطيط من المخابرات
الإسرائيلية‏(‏ الموساد‏),‏ وأن أداة الموساد في هذه المجزرة كان القائد
الكتائبي سمير جعجع الذي أصبح يشكل الآن أحد القيادات المهمة لتحالف‏14‏
آذار في لبنان جنبا الي جنب مع وليد جنبلاط وأمين جميل وسعد الحريري‏.‏

ولقد
اطلعت أثناء وجودي في باريس في الأسبوع الماضي علي مسودات من هذا الكتاب
الذي وصفه لي أحد الناشرين بأنه أخطر كتاب يصدر هذا العام عن لبنان‏,‏
فأدركت سبب الضغوط الهائلة التي يتعرض لها مؤلفه ريشار لابفيير لعدم اصدار
الكتاب أو علي الأقل لإخفاء أسماء شخصياته الرئيسية‏.‏

وتنبع أهمية
هذا الكتاب من أن مؤلفه كاتب صحفي كبير تربطه علاقات وثيقة بمصادر وزارة
الدفاع الفرنسية وله علاقات قوية مع جهات مماثلة خارج فرنسا أيضا‏,‏ وهو
رئيس تحرير واحدة من أهم مجلات الدراسات الدفاعية وهي مجلة معهد الدراسات
العليا للدفاع الوطني‏,‏ كما أنه من المتابعين عن قرب للأوضاع السياسية في
لبنان‏,‏ وقد سبق أن نشر كتابا آخر عام‏2006‏ عن خفايا المفاوضات التي جرت
في الأمم المتحدة حول الوضع في لبنان‏,‏ وكان يحمل اسم العودة الكبري‏,‏
كما أصدر أيضا واحدا من أوائل الكتب التي رصدت دور الولايات المتحدة في
صناعة تنظيم بن لادن وكان اسمه دولارات الإرهاب‏.‏

أما الكتاب
الجديد فيحمل اسم مذبحة إهدن‏:‏ لعنة المسيحيين العرب‏,‏ وسيصدر في منتصف
شهر مايو في فرنسا عن دار فايار وفي نهاية الشهر نفسه بالعربية في بيروت‏.‏

ويشرح
لابفيير في أحد أجزاء الكتاب التي اطلعت عليها أن إسرائيل كانت تهدف من
خلال اغتيال توني فرنجية وهي المحاولة التي جرت يوم‏13‏ يونيو‏1978‏ الي
تحقيق أربعة أهداف محددة‏:‏

أولا‏:‏ الخلاص من أحد أشد أعدائها المسيحيين في لبنان‏.‏

ثانيا‏:‏ التدخل عسكريا في شمال لبنان والذي كانت تتحكم فيه بالفعل أمنيا‏.‏

ثالثا‏:‏ إيجاد الاضطرابات في المعسكر المسيحي والتي من شأنها تسهيل عملية العثور علي حلفاء لها‏.‏

رابعا‏:‏ إضعاف المعسكر المسيحي الموالي لسوريا‏.‏

ويكشف
لابفيير أن المخابرات الإسرائيلية استقر رأيها علي أن تعهد بهذه المهمة
للقائد الكتائبي الراحل بشير الجميل‏,‏ لكن الدراسة السيكولوجية التي
أجرتها أجهزتها علي بعض الشخصيات اللبنانية أشارت الي أن سمير جعجع هو
الرجل الأنسب للقيام بهذه المهمة‏.‏

وفي الفصل الـ‏11‏ يسرد المؤلف
تفاصيل السيناريو الذي وقع يوم مقتل فرنجية هو وزوجته وطفلهما البالغ من
العمر‏3‏ سنوات وبعض أعوانه وأفراد الحراسة التابعة له‏,‏ والتي يقول
المؤلف إن الخطة الأصلية كانت تقوم علي اختطاف أحد أعوان فرنجية المسئول
عن مقتل أحد كبار قادة الكتائب‏,‏ وكان المتصور ألا يكون فرنجية في قصره
بمنطقة إهدن في ذلك الوقت‏,‏ لكن تعطل سيارة فرنجية حالت دون خروجه في ذلك
اليوم‏,‏ وحين وصل سمير جعجع لإتمام مهمته كان توني في انتظاره مع كامل
طاقم حراسته‏,‏ حيث رفض رفضا قاطعا تسليم معاونه المطلوب لسمير جعجع‏.‏

ولقد
شهد قصر فرنجية بإهدن في ذلك اليوم مذبحة عنيفة بين الجانبين جرح فيها من
جرح وقتل من قتل‏,‏ وكان من نتائجها اصابة سمير جعجع في يده وفي ذراعه
ومقتل أسرة توني فرنجية‏,‏ بالاضافة لجميع من كانوا في القصر في ذلك
اليوم‏,‏ وبلغ عدد القتلي‏35‏ شخصا‏.‏

ويقول ريشار لابفيير إنه لم
يشأ أن ينشر هذه التفاصيل قبل أن يستمع الي رواية سمير جعجع نفسه والتي
يفرد لها الفصل الـ‏14‏ بالكامل‏,‏ حيث يعترف القائد الكتائبي بالأحداث
الدامية التي شهدتها تلك السنوات المضطربة من تاريخ لبنان‏,‏ لكنه ينكر
تماما أنه اغتال توني فرنجية بنفسه مدللا علي ذلك بأنه كان قد أصيب بالفعل
في يده وفي ذراعه ولم يكن يستطيع اغتيال أحد‏.‏

علي أن أخطر مافي
الكتاب هو ماورد به من أسماء جميع المشاركين في هذه العملية سواء من
الجانب اللبناني أو من المخابرات الإسرائيلية‏,‏ ومن بين هؤلاء ثلاثة من
أعوان سمير جعجع السابقين والذين يعيشون حياة أخري الآن في منفاهم
الاختياري بأستراليا‏.‏

والحقيقة أن دموية القائد الكتائبي سمير
جعجع لم تكن محل شك قبل هذا الكتاب‏,‏ حيث لم تكن تلك هي جريمة القتل
الأولي التي ارتكبها‏,‏ فليس سرا أنه قبل مقتل توني فرنجية بأقل من
أسبوعين كان جعجع قد اغتال بنفسه رئيس الوزراء رشيد كرامي يوم‏1‏
يونيو‏1978,‏ إلا أن العلاقة التي جمعته بالموساد الإسرائيلي لم يكن قد
كشف عنها النقاب من قبل بهذا الشكل الفاضح الذي جاء بالكتاب‏.‏

والسؤال
المطروح الآن هو‏:‏ هل ستنجح الضغوط المبذولة الآن في وقف صدور هذا الكتاب
الذي بلا شك سيوجد مشكلات كبيرة ليس فقط داخل جهاز المخابرات
الإسرائيلية‏,‏ حيث مازال بعض من خططوا لهذه العملية أحياء يرزقون يباشرون
أعمالهم داخل الموساد‏,‏ ولكن أيضا في لبنان حيث تتصدر بعض الأسماء
الواردة في الكتاب الحياة السياسية اللبنانية في الوقت الحالي‏,‏ والخطورة
هنا لا تأتي فقط من مثل هذه الضغوط وانما فيما يمكن أن تتطور إليه من
عمليات اغتيال ليست ببعيدة عمن شملهم الكتاب من شخصيات‏,‏ وهو ماقد يعرض
حياة المؤلف نفسه للخطر‏.‏

وجدير بالذكر أنه حدث منذ بضعة أشهر أن
أحد أعوان النائب الراحل توني فرنجية ظهر علي قناة أورانج التليفزيونية
اللبنانية باسم جوزيف‏,‏ حيث أدلي بشهادته في هذه الواقعة‏,‏ وقال إنه
شارك في الدفاع عن قصر فرنجية واعترف بأنه هو الذي أصاب سمير جعجع‏,‏ وبعد
اذاعة البرنامج ببضعة أيام تم اغتيال الرجل برغم انه كان كهلا في العقد
الثامن من عمره‏.‏

كما أن ريشار لابفيير نفسه علي قائمة الأشخاص
غير المرغوب فيهم من جانب دوائر الضغط الإسرائيلية والتي تسببت في أغسطس
الماضي في تنحيته عن عمله بالاذاعة الفرنسية بسبب آرائه السياسية‏,‏ بعد
ان كان قد اعترض علي تسخير الإعلام الفرنسي لخدمة المصالح الإسرائيلية‏.‏

إن
كتاب ريشار لابفيير الجديد والذي هو حديث أوساط النشر في فرنسا هذه
الأيام‏,‏ سيكون له دوي كبير عند صدوره ـ إذا صدر كما هو ودون مراقبة ـ
لما سيكون له من تأثير علي الأوضاع السياسية الحالية في لبنان بتحالفاتها
الجديدة‏.‏