جورجيا تشن حربًا ضد أوسيتيا الجنوبية و تدمر عاصمتها .. و روسيا تهدد بـ «رد انتقامى»

هاجم الجيش الجورجي أمس مدينة تسيخنفالي عاصمة أوسيتيا الجنوبية الانفصالية الموالية لروسيا وخاض معارك مع القوات الأوسيتية سقط خلالها العديد من القتلي من الجانبين بالإضافة إلي عدد من القتلي من قوات حفظ السلام الروسية.
وفي الوقت نفسه، أعلنت تبليسي أنها تتعرض لـ«عملية عسكرية واسعة» من قبل موسكو التي هددت باتخاذ «إجراءات انتقامية» ضدها رداً علي هجومها علي تسيخنفالي، فيما فشل مجلس الأمن في الاتفاق علي بيان يدعو جورجيا وأسيتيا الجنوبية إلي «الكف عن استخدام القوة».
وذكرت وكالات الأنباء الروسية أن الجيش الجورجي دخل تسيخنفالي بعد أن حاصرها وقصفها بالمدفعية.وقال رئيس أوسيتيا الجنوبية إدوارد كوكويتي إن معارك عنيفة تدور في جنوب العاصمة مع القوات الجورجية، غير أنه أكد أن قواته تسيطر علي الوضع.
وأعلنت مصادر أوسيتية وروسية عن سقوط العديد من القتلي والجرحي في تسخينفالي، فيما قالت وكالة الأنباء الروسية «إنترفاكس» إن قذائف مدفعية أصابت «بشكل مباشر» قوات حفظ السلام الروسية المنتشرة في تسخينفالي، وأن عددا منهم سقطوا قتلي، فيما قال الانفصاليون الموالون لموسكو إن ١٥ مدنيا قتلوا في الهجمات الجورجية.
وقال قائد قوات حفظ السلام الروسية الجنرال مارات كوباحمدوف إن عاصمة أوسيتيا الجنوبية «دمرت بالكامل تقريباً» جراء القصف الجورجي.
وبرر رئيس الوزراء الجورجي لادو جورجينيدز الهجوم علي أوسيتيا الجنوبية بأن السلطات الجورجية تتخذ إجراءات «لمنع تسلل المرتزقة» من روسيا إلي أوسيتيا، و«لشل حركة» مواقع الانفصاليين التي يقصفون منها القري الجورجية. وأكد أن بلاده لن توقف العملية العسكرية لحين التوصل إلي «سلام دائم». ووصف قائد عسكري جورجي العملية العسكرية بأنها تهدف إلي «استعادة الوضع الدستوري في أوسيتيا الجنوبية».
وبدوره، أعلن الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي أن الجزء الأكبر من أراضي أوسيتيا الجنوبية أصبح «محررا» ويخضع لسلطة جورجيا. من جهة أخري، أعلن ساكاشفيلي في كلمة بثها التليفزيون «التعبئة العامة» في جورجيا أضاف أن بلاده تتعرض «لتدخل عسكري واسع النطاق» متهما روسيا بقصف مدن وقري جورجية. وقالت وزارة الداخلية الجورجية في وقت سابق أمس إن مقاتلات روسية دخلت الأجواء الجورجية وأسقطت قنابل علي قري جورجية.
وأعلن ساكاشفيلي في وقت لاحق أن قواته أسقطت طائرتين روسيتين، مشيراً إلي دخول ١٥٠ دبابة وعربة ومدرعة روسية إلي أوسيتيا الجنوبية.
وفيما نفت الخارجية الروسية اتهامات جورجيا بقصف أراضيها، هدد فلاديمير بوتين رئيس وزراء روسيا، جورجيا بـ«رد انتقامي» علي ما وصفه بـ«الأعمال العدوانية» التي تقوم بها جورجيا في أوسيتيا الجنوبية.
وقال في تصريحات أدلي بها في العاصمة الصينية بكين لحضور افتتاح الأولمبياد إن «القيادة الجورجية لجأت لأعمال عدوانية للغاية في أوسيتيا الجنوبية. في الواقع هي بدأت الحرب مستخدمة أسلحة ثقيلة ومدفعية». وأضاف «هناك إصابات حتي بين قوات حفظ السلام الروسية. هذا محزن جدا وسيتطلب ردا انتقاميا».
يأتي ذلك فيما دعا الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف مجلس الأمن الروسي لعقد اجتماع عاجل لمناقشة الوضع في إقليم أوسيتيا الجنوبية. وهدد الكرملين «باتخاذ إجراءات طارئة لإعادة الوضع في أوسيتيا الجنوبية إلي حالة السلم السابقة» علي اندلاع المعارك، حسب ما نقلت وكالة إيتار تاس الروسية عن متحدث حكومي روسي.
وأفادت تقارير صحفية روسية بأن مئات المقاتلين من روسيا ومن إقليم أبخازيا يتوجهون إلي أوسيتيا الجنوبية لدعم الانفصاليين.
ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية عن زعيم إقليم أبخازيا الانفصالي سيرجي باجابش قوله «إن نحو ألف متطوع أبخازي مسلح في طريقهم إلي أوسيتيا»، كما أفادت إنترفاكس بأن زعيم إقليم أوسيتيا الشمالي تيموراز ممسوروف قال إن «مئات المتطوعين توجهوا إلي أوسيتيا الجنوبية ولا يمكن منعهم».
وعبر مجلس الأمن الدولي فجر أمس عن قلقه بشأن تدهور الوضع في أوسيتيا الجنوبية لكنه فشل في الاتفاق علي البيان الذي طرحته موسكو ويدعو الطرفين إلي «التخلي عن استخدام القوة». وقال السفير الروسي في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين إن نقطة الخلاف في الاجتماع كانت «تردد» بعض الدول الأعضاء في الموافقة علي بند التخلي عن استخدام القوة. وقال دبلوماسيون إن جورجيا التي تدعمها القوي الأوروبية وأمريكا لم توافق علي هذه الجملة.
ودعا بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة جميع الأطراف إلي «ضبط النفس»، فيما طالب البيت الأبيض بـ«الوقف الفوري للمعارك في أوسيتيا وبدء محادثات مباشرة بين المتحاربين».
وجاءت المعارك بين جورجيا وأوسيتيا الجنوبية بعد يوم من المواجهات بينهما إثر انهيار وقف إطلاق النار الذي لم يصمد سوي لساعات قليلة. وانهار الاتفاق بعد اتهام جورجيا للانفصاليين بمهاجمة قريتي «بريسي»، و«تاماراشيني» في جورجيا مما أدي لمقتل ١٠ مدنيين. ويتهم المسؤولون الجورجيون انفصاليي أوسيتيا الجنوبية بمحاولة جر البلاد إلي حرب جديدة، ويحملون روسيا مسؤولية تسليحهم، وهي تهمة تنفيها موسكو.