كل يوم بقلم : مـرسي عطـا الـلـه

من طرف مجرد انثى الخميس مايو 14, 2009 10:14 am

كل يوم
بقلم : مـرسي عطـا الـلـه

كلما
تصدمني بعض المحاولات الصبيانية من جانب بعض الدول العربية الصغيرة
للتطاول علي مصر والتشكيك في أهمية دورها العربي والإقليمي أستعيد من
الذاكرة تلك النصيحة الغالية التي أوصي بها الملك عبدالعزيز مؤسس المملكة
العربية السعودية أبناءه قبل الرحيل أوصيكم خيرا بمصر‏.‏

كانت هذه
الوصية نابعة من حكمة ثاقبة في زمن لم يكن بعض مراهقي السياسة والحكم
الجدد في العالم العربي قد شبوا عن الطوق ولم يكن لدولهم المستحدثة مكان
علي الخريطة ولا كان البترول أو الغاز قد ظهر عندهم وأصابهم بغرور الثروة
وهيأ لهم أوهام التمدد من خلال الفضائيات‏.‏

إن من حق أجيال جديدة
في العالم العربي أن تعرف حقيقة ومعادن الرجال الذين أدركوا منذ زمن بعيد
أن قوتهم في قوة مصر وأن أمنهم من أمن مصر ومن ثم ينبغي أن نتعرف علي فكر
ومنهج هذا الرجل البدوي الفطري الذي حقق لبلاده المترامية الأطراف حلم
التأسيس والتوحيد ووضعها علي أعتاب النهضة والرخاء‏.‏

كانت لدي
الرجل مؤهلات قيادية عظيمة تزاوجت مع الظروف الداخلية والخارجية التي
أحاطت بسيرته وأهمها أنه كان رجلا متدينا بمعني الكلمة فقد كان سلوكه
الشخصي يمثل نموذجا وقدوة للإنسان المسلم المحافظ علي أداء الواجبات
الدينية دون غلو ودون تطرف حيث كان يؤمن ـ وعن قناعة ـ بأن الإلتزام
بالدين يمثل عامل قوة للفرد يكسبه صفات جليلة في طليعتها الثقة بالله
والتوكل عليه والقدرة علي مجابهة المخاطر والصبر علي الشدائد‏.‏

وإذا
كان من أهم صفات القيادة‏:‏ الشجاعة‏,‏ فقد كانت شجاعته هي شجاعة المتزن
الحذر لا شجاعة المتهور غير المبالي فلم يغامر دون حساب ولم يتخلف عن
معركة ضرورية ولعل ما امتلأ به جسده من جراح خير شاهد علي شجاعة محسوبة
وعاقلة‏.‏

لقد أدرك الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ وهو يخطو أولي
خطواته نحو بناء المملكة وتوحيد أرض الحجاز مع أرض نجد أنه لا يخطط لمعركة
واحدة تنتهي بنهايتها مسيرته سلبا أو إيجابا‏,‏ ولهذا سعي ـ ما أمكنه
السعي ـ لتفادي الحرب وكان يفضل دائما أن يكسب الآخرين دون قتال بدلا من
أن يحاربهم لينتصر عليهم ليس فقط بدافع الرغبة في حماية مناصريه وإنما
بصدق الأمل في تفادي ازهاق أرواح من كانوا ـ لظروف خاصة ـ يقفون ضد أحلامه
ومساعيه لبناء دولة حديثة‏.‏

وأيضا فلقد كان أبرز الشواهد علي
رجاحة عقله أنه كان دائم المشورة أخذا بمبدأ الشوري من ناحية وفي ظل
اعتقاد صحيح بأن استشارة ذوي المشورة تجلب مودتهم له وتعمق ثقتهم
بزعامته‏.‏ من ناحية أخري‏!‏

وغدا نواصل الحديث‏..‏