"يوم ما اتقابلنا" يصلح لجمهور التليفزيون أكثر من السينما

من طرف تامر الأحد مايو 17, 2009 8:58 pm

"يوم ما اتقابلنا" يصلح لجمهور التليفزيون أكثر من السينما
جاد.. جاف.. خال من الإبداع
لبلبة وحميدة حضور مقبول
نجاتي وأحمد عزمي سنة أولي تمثيل
خادمة "أم نصيف" عنصر تلطيف

تقدمها : خيرية البشلاوي

فيلم "يوم ما اتقابلنا" يتحدث عن مشاعر
الوحدة والذكريات والتواصل الإنساني وأشياء أخري.. وكلمة الوحدة خير من
الجلوس أمام الشاشة للفرجة عليه.. إنه عمل فاتر ليس باردا ولا ساخنا وإنما
يثير النسيان مع أن القصة تفور بالمشاعر قبل أن يغتالها المخرج ويتركها
بلا ذرة إثارة ولا لحظة ترفيه ولا شيء يعوض ثمن التذكرة.

السيناريو الذي كتبته زينب عزيز عن قصة لتغريد العصفوري كنت قد قرأته
منذ فترة ورأيته صالحا للانتاج إذ كان يعد بشريط أكثر حيوية ورقة ورحمة
بنا من النتيجة الأخيرة التي ظهر بها الفيلم فيلم يصلح أكثر للعرض
التليفزيوني تشاهده وأنت تؤدي نشاطات أخري يحتاجها المنزل.

يوجد لا شك لحظات أداء تمثيلي معقول فقط بفضل تمرس الممثلين وخبرتهم
في هذا المجال.. تحديدا محمود حميدة في دور الممثل المشهور "يوسف" ولبلبة
في دور "زينب" ست البيت التي أفنت سنوات طويلة من عمرها في خدمة الأسرة
ناسية نفسها واحتياجاتها ككيان بشري رقيق بقلب كبير ومشاعر تتسع للجميع
بما فيهم شقيقة زوجها التي تعيش معهم "غادة إبراهيم" وأبناء زوجها من زواج
سابق فهي امرأة طيبة أرادت من خلالها المؤلفة أن تقدم نموذجا إيجابيا
لسيدة مصرية عادية تعطي دون أن تنتظر مقابل وتكدح من أجل الجميع بدافع
الحب والإحساس التلقائي بالمسئولية ولكن لغة السرد الضعيفة أو بالأحري
الخاملة أفقدت "زينب" ثقلها الموضوعي وتأثيرها المعنوي ومن ثم أضعفت
الرسالة التي يفترض أن تحملها إلينا نحن المشاهدين.

يوسف وزينب

محمود حميدة يلعب هنا دور "يوسف" الممثل المشهور الذي لم يقتله الغرور
بعد.. والذي يعود إلي الحي القديم الذي تربي فيه لتصوير أجزاء من فيلمه
فيهتز الحي كله احتفالا بالجار الذي صار نجما ويهرول بعضهم إليه لالتقاط
صور معه هو وأفراد أسرته وتهرع مراهقات لرؤيته في مشاهد فكاهية لزجة
وشخصيات تعبر عن بلاهة وبعضها يجسد صورًا نمطية لشخصيات من نوع بائع الصحف
"عبدالله مشرف".

هذه الزيارة غير المدبرة للحي تحرك أعماق "زينب" وتعيد إليها ذكري
ماض جميل حين كان يسكن "يوسف" في الشقة المقابلة وكانت في ذلك الحين حبيبة
تحلم بالحب وترتبط بانجذاب خاص إلي يوسف.. في هذا الجزء الذي يمثل "عصب"
البنية الدرامية وعمودها الفقري تفتعل المؤلفة حيلة تجعل زينب تترك شقتها
بسرعة لالتقاط قميص حمادة "محمد نجاتي" ابن زوجها الذي سقط منها عنوة
أثناء نشره علي حبل الغسيل وبسبب الاستعجال تأخذ المفتاح الخطأ فلا تستطيع
دخول الشقة وعليها أن تنتظر عودة الزوج أو أحد أفراد الأسرة فتتجه إلي شقة
الجارة العجوز "أم نصيف" "إنعام سالوسة" التي تعيش وحيدة مع خادمة صغيرة..
وفي هذه الأثناء يأتي "يوسف" حاملا صندوقًا من الحلوي لزيارة "أم نصيف"
وفاءً لماض قديم وجيرة طويلة وصداقة جمعته مع واحد من أبنائها وهكذا تلتقي
"زينب" و"يوسف" في صدفة خير من ألف ميعاد ويصبح "يوم ما اتقابلنا" مناسبة
لهذا العمل المحروم من الجاذبية الخالي من أي إبداع فقير الخيال رغم
الإمكانيات التي كانت يمكن أن تمنحه شيئا أفضل من ذلك الذي رأيناه.

الزهايمر

أثناء الزيارة تصر "أم نصيف" المصابة بمرض الشيخوخة علي زيارة شقيقتها
"رئيفة" في بيت المسنين ويضطر يوسف وزينب نظرا لسوء حالتها الصحية أن
يصحباها وهناك يكتشف الجميع أن "رئيفة" توفيت منذ فترة وأن "الاسورة
الذهبية" التي تؤرق منام "أم نصيف" حدوته قديمة انتهت بوفاة رئيفة.. ولكن
يوم اللقاء الذي جمع الثلاثة سكان الحي الواحد كان بمثابة الوسيط المحفز
في معادلة الحياة فقد استردت "أم نصيف" أثناء الرحلة "التي اكلت فيها
الايس كريم" وزارت الكنيسة وشاهدت كوبري 6 اكتوبر وخرجت إلي نور شوارع
القاهرة إنسانيتها واكتشف "يوسف" الإنسان أن الوحدة قاتلة بالفعل وعليه أن
يستعيد حياته الأسرية مع طليقته "علا غانم" الممثلة المحبطة وابنته "أمنية
محمود حميدة" فالحياة في إطار العائلة مع المشاكل أفضل من الوحدة المطلقة
وكذلك استعادت "زينب" حيويتها وإحساسها بأنها "جوهرة" الاسرة فالجميع
كانوا في لهفة وخوف عليها أثناء غيابها وأن جهدها لم يكن بلا مقابل.. وكل
هذه الأمور وغيرها "رسائل" تضمنها الفيلم ولكنها بكل أسف ردت إلي صناعه
بالبريد العاجل لأنها محرومة من لمعان الفن وحيويته ومذاقه الترفيقي
وقدرته علي الإمتاع.. فالخمول في السينما آفة تحرم الفيلم من تأثيره.

البدائية وخشونة التنفيذ

في بداية الفيلم تظهر زينب "لبلبة" بينما تقلب في البوم الصور القديمة
تسبح مع ذكريات الماضي وتضيع بفكرها وهي لا تكاد تشعر بمن حولها الجميع
ينادون عليها بالصوت العالي "الزوج وشقيقته وابنها الصغير" وهي تكاد لا
تسمعهم.. الأداء الزاعق مع الصوت مع إدارة المشهد يكسر حالة الاندماج فلا
يفسح المجال لتأمل المشاعر المتزاحمة التي هاجمت وجدان هذه المرأة المنعمة
بمشاعر الحنين إلي الماضي.

وفي استحضاره للماضي عبر مشاهد العودة للوراء "فلاش باك" يقدم المخرج
مشهدا لزينب الصغيرة ويوسف جارها وهما في حالة انسجام صبياني.. المشهد
يتسم بالسذاجة والسطحية ويؤديه ممثلان صغيران مبتدئان لا يشبهان من قريب
أو بعيد زينب أو يوسف "لبلبة ومحمود حميدة بعد أن كبرا" وكأنه جزء من
تمثيلية في مدرسة ابتدائية.. وبنفس الدرجة من البدائية الحرفية يقدم مشهدا
لصندوق الدنيا والرجل الذي كان يأسر خيال الصبية وقتئذ و"صندوق الدنيا"
كما ظهر في الفيلم أقرب إلي صندوق ماسح الأحذية فالتفاصيل تكشف عن خشونة
التنفيذ وفقر الانتاج وضحالة الإحساس الفني بالصورة رغم وجود رمسيس مرزوق
مدير التصوير فلم تكن "أم نصيف" السيدة القبطية التي هاجر والدها وانقطعت
أخبارها وكذلك رحل الزوج ولم يبق إلي جوارها سوي الخادمة الصغيرة التي
تشبع طفولتها بإدمان الفرجة علي التليفزيون لم تكن رغم نية المخرج مثيرة
للشفقة أو التعاطف وإنما صورة سخيفة تتسم بالنمطية والتسطيح وبكثير من
المبالغة.. والمفارقة أن الطفلة التي لعبت دور الخادمة الصغيرة تعتبر من
أفضل عناصر الفيلم.. والمفارقة الأكبر أن نري ممثلين محمد نجاتي وأحمد
عزمي أديا قبل هذا الفيلم ادوارا جيدة والأخير قدم دورا مدهشا يستحق جائزة
في فيلم "الوعد" أن نراهما في "يوم ما اتقابلنا" في سنة أولي تمثيل لا
يشكلان إضافة ولا حتي بعدا ترفيهيا رغم المرحلة المفتعلة إلي "وادي
الريان" وبمناسبة الافتعال اشير إلي قصة "سلمي" "راندا البحيري" الفتاة
الشابة التي تحب "يوسف" وتسعي للزواج منه ويوسف بدافع المسئولية يحاول أن
يثنيها عن التفكير في مغامرة الزواج لأنه يكبرها بسنوات عديدة.

والفيلم يحتوي علي عدد لا بأس به من صور المراهقين والمراهقات ويقدم
نماذج سريعة لهم نسجها بخيال تقليدي رتيب في ذهن صورة المراهقة "مني"
و"المصاصة" التي لم تفارقها حين كانت تترقب وصول "يوسف"ومعها صديقتها وأضف
أيضا صديقه ابن يوسف الفتاة "المتحررة" وابن يوسف نفسه الذي قرر الهجرة..
أذكر هنا أن "هجرة" الأبناء وجحودهم من الموضوعات الثانوية التي عالجها
الفيلم أولا من خلال "أم نصيف" من خلال "يوسف" ولكن في كيفية التعامل مع
هذه الخيوط كلها تكمن المشكلة.. مشكلة الطرح الخالي من الروح الابداعية.

حاول المخرج أن يتبع "التقاليد" التي صارت مستقرة بالنسبة لاستخدام
شريط الصوت فاستعان بالاغنية كعنصر رئيسي للتعبير عن الحالات الشعورية
المختلفة وايضا لإضافة عنصر ترفيهي واستخدم في الفيلم صوتًا جميلاً "كوثر
مصطفي" يصلح لعمل شريط غنائي ومن المؤكد أنه سينجح أكثر لو تلقيناه بعيدا
عن شريط الصور المصاحبة له في الفيلم.

علي أي حال يحسب للمخرج فعلا أنه اختار بمحض إرادته عملا جادا يعالج
العديد من المشكلات الحياتية لأفراد عاديين فهو ينتمي للأفلام "الأسرية"
التي تدور في محيط الأسرة ويقدمها من دون ابتذال أو استهان بأهمية ما
تنطوي عليها وما تكشف عنه من تغيير بين ما كان وما صارت إليه الأمور في
الأسرة الواحدة وفي علاقات الجيران وفي صور العلاقات.

** إسماعيل مراد في حاجة إلي تكثيف مشاهداته للأفلام الجيدة وللسينما
العالمية لإثراء خياله وتقوية ملكة الابداع عنده إن كان مصرا علي
الاستمرار في صناعة الافلام وأن يتخلي عن حالة النرجسية التي تجعله مصرا
أن يظهر بنفسه في فيلم داخل الفيلم.

من طرف فرح مصر الإثنين مايو 18, 2009 1:17 pm

"يوم ما اتقابلنا" يصلح لجمهور التليفزيون أكثر من السينما

"يوم ما اتقابلنا" يصلح لجمهور التليفزيون أكثر من السينما

رد: "يوم ما اتقابلنا" يصلح لجمهور التليفزيون أكثر من السينما