المناخ الفاسد بقلم: محسن محمد

كل يوم تشغلنا قضية جديدة..


بالأمس كانت قضية أنفلونزا الخنازير والمكسيك مسئولة عنها وأمريكا لا
تزال تحاول اكتشاف دواء لها ومصر رأت أن تتخلص من الخنازير أولاً. فلسنا
قادرين علي مقاومة هذا الوباء. وأنفلونزا الطيور مازالت قائمة ومقيمة
عندنا.

الآن ظهرت قضية القمح الفاسد. ومن حسن الحظ أن القضية أحيلت إلي
عبدالمجيد محمود النائب العام ليحقق فيها ويتولي إثبات أن القمح فيه حشرات
ميتة وأنه فاسد وأن أساتذة كلية الزراعة هم الذين يقررون فساد القمح أو
نظافته.

وفي كل الأحوال فإن عبدالمجيد محمود أثبت في جميع القضايا التي أحيلت
إليه أنه رجل مع الحق والحقيقة. ولذلك فإن قضية القمح في أيدي أمينة نظيفة
عادلة.

وعلي هذا الأساس فلابد من انتظار قرار النيابة ثم القضاء حول صفقة القمح الروسي الأخيرة وهل يشوبها الفساد أم لا؟.


وإذا كان القمح سليماً فلابد أن نتساءل:


لم كل هذه الضجة؟.


ولكن لها ما يبررها. فالمناخ القائم يسمح بوصول شحنة قمح فاسدة ومن هنا تتناثر الاتهامات.


والاتهامات كثيرة تحيط بالقمح.


الحرص علي أن ترسو السفينة أو السفن التي تنقل القمح في ميناء بالذات
علي البحر الأحمر مما يقطع بأن الاستعدادات في هذا الميناء لقبول قمح فاسد
كاملة ومستعدة.

ويلي ذلك توزيع القمح بسرعة في "شون" كثيرة هنا وهناك وكأنها أشبه بالعملة المزيفة التي يريد أصحابها توزيعها بسرعة علي أوسع نطاق.


وجاءت الأنباء بعد ذلك بوصول شحنة قمح أخري أثيرت حولها الاتهامات أيضاً.


وكنا نعرف منذ بدأت عمليات التقييم الواسعة أن السلع التموينية تتولي
استيرادها الحكومة وهيئات تابعة للحكومة. ولا نعرف لماذا أصبح مسئولون
كبار هم الذين يستوردون القمح وغيره من غذاء الشعب؟.

يقول الذين يبررون كل شيء:


إنها الخصخصة وتشجيع القطاع الخاص.


ومرة أخري "ولكن"


لماذا مستوردون كبار بالذات هم الذين يستوردون السلع التموينية؟.


ومرة أخري يقول الذين يبررون كل شيء:


الصفقة ثمنها كبير ولا يستطيع القيام بها إلا الأثرياء.


ومادامت الصفقة كبيرة ويمكن تمريرها بسهولة في ميناء علي البحر الأحمر
وشون حكومية وأهلية تستقبلها. والأرباح تزيد إذا كان القمح فاسداً. وفي
روسيا هذه الأيام أصحاب ملايين يمكن أن يتفقوا مع أصحاب الملايين المصريين
في كل شيء.

ومرة أخري:


السبب الوحيد لعقد مثل هذه الصفقات الفاسدة في قوت الشعب ورغيف العيش هو أن المناخ يسمح بذلك هذه الأيام.


والحكومة قدمت قضايا كثيرة للقضاء المتهمون فيها مليونيرات هذا الزمان
مثل أكياس الدم والعبَّارة ورؤساء البنوك. ومع ذلك فإن الشعب لا يزال يري
أن المناخ فاسد وأنه يسمح بالكثير.

آخر دليل علي ذلك توزيع أو بيع أراضي الحكومة "برخص التراب".


وقد أعلن ذلك ضابط كبير يتولي الآن منصباً مدنياً في وزارة الزراعة.


ولم نسمع أو نقرأ عن تحقيق يجري في قضايا توزيع أو بيع أراضي الحكومة حتي الآن.


ومن هنا فالحكومة التي قدمت متهمين كباراًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًً
إلي القضاء لا يزال أمامها الكثير لا بتقديم متهمين جدد للقضاء ومحاكمتهم.
بل بتطهير المناخ الفاسد أولاً حتي يطمئن الناس.

* * *


فضائح النواب


في انجلترا نشروا أسماء مائة عضو في مجلس العموم "البرلمان" يخدعون الحكومة ويغالطونها.


السبب في ذلك أن القانون يعفي عضو البرلمان من سداد الضرائب عن البيت الذي يقيم فيه.


ويسمح القانون للنائب أن يتقاضي أجر البيت الذي يستأجره أو يشتريه في لندن ليقيم فيه أثناء جلسات مجلس العموم.


ومن هنا فإن المائة نائب ثبت أنهم يبالغون في المصروفات التي يتحملونها للبقاء في لندن لحضور الجلسات.


وتبين أن أحد النواب سجل في مصروفاته المبلغ الذي دفعه لإحدي شركات
التليفزيون لمشاهدة فيلمين إباحيين. ونائب آخر حصل علي ألوف الجنيهات
بدعوي تأثيث بيته الثاني في لندن. والصحف البريطانية تنشر كل يوم تفاصيل
عن المصروفات المبالغ فيها التي يحصل عليها النواب طبقاً لحقوقهم
البرلمانية.

ولا يقول أحد:


النواب فوق النقد.


أو يقول للصحف:


لا تشوهوا صورة البرلمان.


فالنائب إن أخطأ يجب أن يحاسب أو علي الأقل يشهر به في لندن أقدم الديمقراطيات.


ومن هنا فالصحف تطلب إلي قرائها وإلي الناخبين في الدوائر أن يبعثوا إليها بالمصروفات السرية التي يحصل عليها النواب بهذه الطريقة.


وما يقوله القراء قد يكون صحيحاً أم لا. ولكنهم ينشرونه دون أن يتهموا بالتشهير والقذف والسب أو الإحالة لمحكمة الجنايات!


* * *


الأرز السوبر


استطاعت الصين إنتاج نوع جديد من الأرز غني بالفيتامينات والحديد مثل
الحبوب التي يأكلها الناس وبالذات الأثرياء في طعام الإفطار "كورن فليكس".

وقال خبراء الصين في مؤتمر عقد في بكين إنهم كانوا يتكلمون عن هذا الأرز منذ عشرين عاماً حتي استطاعوا تحقيق هذا الحلم.


أضافوا أن أي مبلغ إضافي ينفق علي إنتاج هذا الأرز يوفر 17 ضعفاً
ويؤدي إلي خفض الاعتمادات الصحية التي ينفقونها علي الدواء والعلاج
وبالذات للأطفال.

وقد استطاعت شركة في هولندا زيادة الإنفاق علي إنتاج هذا الأرز بنسبة
خمسة في المائة وأن تضمن ألا يفقد الفيتامينات والحديد أثناء غسله أو
طهوه.

وقالت مؤسسة التغذية والزراعة العالمية إن نقص المواد المعدنية في
الأرز يؤثر في بليوني نسمة في العالم. ووفاة مليون طفل أعمارهم أقل من
الخامسة في العالم.

المهم أن هولندا والنرويج تتابعان إنتاج هذا "الأرز الصيني السوبر" لإدخال تحسينات عليه أو الإفادة من التوسع في زراعته.


وفي مصر كانت وزارة الزراعة هي التي تبتكر كل عام أصنافاً جديدة من القطن وألواناً مختلفة من المحاصيل.


ولا أعرف لماذا لا توفد الوزارة باحثيها إلي الصين لدراسة هذا النوع الجديد من الأرز وزراعته في مصر؟.


* * *


الأزمة المالية مستمرة


أبدي محافظ البنك المركزي في لندن تشاؤمه من المستقبل.


قال:


الأزمة المالية العالمية ستستمر طويلاً. والانكماش الاقتصادي سيسود.
ولابد أن نستعد لذلك بالنسبة لأعداد العاطلين وارتفاع الأسعار.. إلخ.

وأعرف مقدماً أن بعض الناس هنا سيقولون:


إنها بريطانيا وأنتم تعرفون أحوالها المتردية باستمرار.. أما نحن في
مصر فالتنمية تزداد نسبتها وسنعين عشرات الآلاف من العاطلين وأخبار كثيرة
غاية في التفاؤل عن مصر.

ومن هنا عندما تقع أزمة لا نستطيع مواجهتها بالتصريحات شديدة التفاؤل عن أن كل شيء تمام في مصر المحروسة.


* * *


الثورة لم تغير شيئاً


عندما قامت ثورة 23 يوليو عام 52 في مصر وضعت شعار الإصلاح الزراعي وتحديد الملكية الزراعية.


وقال ثوار ثورة يوليو مستنكرين علي الحكم الملكي:


إن نصف في المائة من المصريين يمتلكون أغلب الأراضي الزراعية. أو كلها تقريباً.


الآن..


بعد نصف قرن علي الثورة أعلن أساتذة علم الاجتماع في مصر أن عشرة في المائة فقط من المصريين يملكون نصف أراضي مصر.


ومن هنا نستطيع أن نتساءل:


هل حققت ثورة يوليو أهدافها خلال أكثر من نصف قرن؟. وكيف تحول أغلبية الشعب إلي ملاك للأراضي والأسهم والسندات؟.


إن شعار الخصخصة في كل الدول يهدف إلي توزيع أسهم الشركات الحكومية
علي أكبر عدد من الناس. وهنا كانت نتيجة الخصخصة. أن تم بيع الشركات
الحكومية لمستثمر واحد في أغلب الأحوال. كما حدث مع قنبيط الذي اشتري "عمر
أفندي" وشرد عماله.

والمطلوب الآن إعادة بحث كل تصرفات الثورة منذ عام 52. ومراجعة أعمالها وتصحيح الأخطاء بدلاً من أن يقال: "أحسن من كده مفيش"!


* * *


تاريخ يتكرر


عن كتاب صدر أخيراً عنوانه "القلب الأسود لإيطاليا" روي المؤلف توبياس جونز هذه القصة:


حدث منذ سنوات. قبل أن يلقي سيلفيو بيرلسكوني رئيس وزراء إيطاليا
خطاباً أمام البرلمان أن كتب بخط يده مذكرة إلي نائبتين في الوزارة
"جابري" و"نوزيا"..

قالت المذكرة:


أشكركما علي بقائكما هنا. فهذا ليس ضرورياً. إذا كان لديكما موعد عاطفي وقت الغداء فإني أعطيكما الإذن بالذهاب إليه.


قبلاتي الكثيرة لكما..


ولكن المرأتين أجابتا في مذكرة قائلتين:


"نحن نقبل المواعيد الغرامية منك وحدك".


المهم التقطت كاميرات التليفزيون هذه الرسائل التي تثبت إلي أي مدي
وصلت غراميات رئيس وزراء إيطاليا الذي طلبت زوجته الطلاق لأنه حضر عيد
ميلاد عارضة أزياء عمرها 18 سنة وعمره 72 ولم يحضر أعياد ميلاد أولاده.
وفي الوقت نفسه رشح نساء جميلات ليمثلن إيطاليا في البرلمان.

الزوجة تطالب بنصف ثروة بيرلسكوني وقدرها 9 مليارات دولار.


وقالت الصحف الإيطالية:


بيرلسكوني وزوجته ينشران غسيلهما القذر أمام الشعب.


حدث منذ عامين أن نشرت مجلة إيطالية صورة لبيرلسكوني وهو يمسك أيدي 5 نساء جميلات. وعندما احتجت زوجته قال:


إنهن 4 نساء فقط.


والتاريخ يقول إن موسوليني الزعيم الإيطالي وديكتاتورها السابق كان أيضاً زير نساء.. فتاريخ إيطاليا يتكرر دواماً!


* * *


من المسئول عن ظهور القاعدة؟


قال مدير المخابرات البريطانية السابق:


كل أجهزة المخابرات البريطانية ضد الاشتراك في غزو العراق. ولكن جورج بوش الرئيس الأمريكي جر بريطانيا جراً لتشترك في هذا الغزو.


وبمناسبة قرار بريطانيا الانسحاب من العراق بدأ الشعب البريطاني يظهر سعادته بهذا القرار.


وقال أكثر من مسئول بريطاني:


ما لم يصدقه بوش أو الانجليز أن غزو العراق وأفغانستان هو الذي أدي إلي ظهور القاعدة وانتشارها وتهديد أوروبا وأمريكا.


وهذه هي الحقيقة التي لابد من مواجهتها وهي أن احتلال الدول العربية والإسلامية خلق القاعدة!