تأخير الزواج

من طرف فرح مصر الأربعاء يونيو 03, 2009 1:33 pm

تأخير الزواج

إنجي سويدان

أصبحت ظاهرة تأخر سن الزواج في المجتمع
المصري واقعاً ملموساً لا يثير الاستنكار أو التعجب وذلك بالنسبة للجنسين
علي حد سواء ويرجع علماء علم الاجتماع هذا في الغالب الي الظروف
الاقتصادية الصعبة وسيطرة المفاهيم المادية واختلال الطبقات الاجتماعية.
ولكن للشباب سواء الرجال أو الفتيات رأي آخر يتماشي جنبا إلي جنب مع هذه
الأسباب الجوهرية السابقة. وقد بعثت لي فتاة "رسالة الكترونية" بامضاء
"آمال" ولا أدري ان كان هذا اسمها الحقيقي ام انه تعبير عن روحها وما يجول
في نفسها وعن أحلام بنات جيلها. وفي الرسالة أوضحت "آمال" التي اتمت
الثلاثين منذ أيام قليلة في تحليلها الواقعي من وجهة نظر بنات جيلها
للأسباب الحقيقية الخفية لتأخر سن الزواج في مصر حاليا ليصبح بين الثلاثين
والخامسة والثلاثين للفتيات ويمتد بالرجال حتي الأربعين بعد ان كان سن
الخطر قديما يبدأ بمرور الفتاة حاجز الخامسة والعشرين.

تقول "آمال" للأسف ولدنا في زمان مختلف فوجدنا "الحيطة" فيه أفضل من
ظل الكثير من الرجال فالنساء في الماضي كن يتمنين ظل الرجل لأنه في ذلك
الزمان كان حبا وتقديرا واحتراما وواحة آمان تستظل بها المرأة. يتمني هو
نجاحها وسعادتها وتتمني هي هناءه ورضاه كان الرجل رمزا لمعاني المسئولية
الحقيقية والحماية من غدر الأيام أما الآن فنحن في زمن وجدت فيه المرأة
نفسها بلا ظل تستظل به برغم وجود الرجل في حياتها فتنازلت عن رقتها وخلعت
رداء الأنوثة مجبرة واتقنت أدوار الرجل بجدارة في الحياة بجانب أدوارها.
ربما هذا لا ينطبق علي الجميع ولكنه أصبح واقعا عاما ينتشر بضراوة كوباء
هدام فالمرأة أصبحت تعمل خارج البيت ليست فقط لخدمة مجتمعها وتطوير ذاتها
ولكن لكي تساعد زوجها. كما تعمل لوحدها داخل البيت بينما لا يتحمل هو
واجباته معها. وتقوم أحيانا بتحمل مصاريف الأبناء ومتاعب الدراسة وينسي هو
مسئولياته تجاههم. وغالبا تتكفل باحتياجات المنزل والمشاكل اليومية ولا
تجده بجانبها يدعمها ويشاركها الحياة وينسي حتي حاجتها اليه في حين انه مع
كل هذه الضغوط تزداد حاجة المرأة إلي "الحيطة" تستند عليها من عناء العمل
وتعب الأطفال وأعباء الحياة ولكنها تجد الحائط يتداعي عليها فلا يسندها بل
يزيد من حملها.. فتتسع الفجوة وتغلب هموم الحياة ومرها علي حلوها.

ففي تحليل لظاهرة تأخر سن الزواج لدي الشباب في مصر انه يرجع بشكل
أساسي للثقافة التي أصبحت تسيطر علي كل من الجنسين.. فالرجل يحلم بالفتاة
الرقيقة الناعمة الهادئة المطيعة والماهرة في أطباق الأكل وأعمال المطبخ
وأعمال المنازل. بالإضافة إلي مظهر جيد يشرفه وشخصية تجذبه ووعي وإدراك
يسانده وذكاء لا يرهقه وبشرط الا تزيد مميزاتها حدود المتوسط حتي لا
تتجاوز امكانياته فتتعبه شخصيتها وثقافتها ويضعفه ذكاؤها ونجاحها وفي
الوقت ذاته تحلم الفتاة بالتطور والارتقاء مع شريك حياتها وليس الخوف من
نجاح الطرف الآخر مما يعكس ضعف وقصور في الشخصية. فتتمني ذلك الشاب الذي
يحتويها عاطفيا وفكريا حيث تجد فيه معاني الرجولة الفعلية بمعناها الأسمي
من تحمل المسئولية وأداء أدواره كزوج وحبيب وصديق وتوفير الحماية المادية
والاجتماعية والاكتفاء والتكافؤ الفكري والعاطفي. بجانب القدرة علي النجاح
وتحقق الذات والتعاون والمشاركة في الآراء والأفعال. وهنا تظهر المشكلة
وتتسع الفجوة بين فكر وطموح الجنسين. مما يقلل من فرص التوافق بينهما. حيث
تتميز فتيات الجيل الحالي بدراية أكبر لحقوقهن. وخبرة بأمور الحياة.