اعترافات مؤلمة!!

اعترافات مؤلمة!!

قديماً.. رأي أحد سادات العرب. امرأة
فاتنة الجمال. في عصمة رجل دميم الخلقة. فقال لها متعجباً: كيف ترضين وأنت
بهذا الحسن البديع. ان تكوني زوجة لهذا الرجل القميء؟!

فاجابته منتهرة: صه.. لا تقل هذا. فلعلي قد اسأت إلي ربي. فعاقبني بهذا الزوج. ولعله قد أحسن إلي ربي. فكافأه بي.


كان هذا زمان.. أما الآن فزوجة "سليم" تتعمد أن تهينه وتصفه بأن عيونه
"دعشة" وشعره "أكرت" وبـ "كرش" مع أنه رجل "عادي". "زي بقية البشر"!!

أما لماذا اعتمدت زوجته اسلوب الهجوم عليه. بدون مبرر. فوراء ذلك قصة في غاية الاثارة.


"سليم" يدلي باعترافاته "المؤلمة".. يقول: نشأت في
أسرة بسيطة. شأن ملايين العائلات التي تعيش في وادي النيل. كنت أعرف أن
والدي لن يورثني أطياناً زراعية أو عقارات. فاجتهدت في دراستي. وحفرت
بأظافري في الصخر. حتي أصنع مستقبلي بمشيئة الله. فليس أمامي من سبيل غير
التمسك بالأمل والاجتهاد في الدراسة.

ولأن الله رحيماً بعباده. ويجزل العطاء علي قدر العمل. فقد تخرجت في
كلية مرموقة. وكان الحظ حليفي فصادفت وظيفة محترمة وبدأت الترقي في
المجتمع.

حياة صعبة


لكن شبح الفقر والحياة الصعبة التي عشتها في صدر شبابي. كانت تطاردني
باستمرار. وتتقافز صور المعاناة امام عيني. فتحرمني الاستمتاع بالحياة
الرغدة. وتدفعني إلي المزيد من الحرص والتدبير والتوفير. خشية العودة إلي
المربع صفر. الذي عشت فيه أياماً صعبة.

مرت عليّ أيام وليالي طويلة. وأنا متقوقع داخل ذاتي. وعلي غير صلة
جيدة بالمحيط من حولي. فالاندماج في المجتمع سيتطلب الإنفاق في الأفراح
والأتراح من باب المجاملات. والانفاق في غير ضرورة ملِّحة هو اعدي
اعدائي.. لذلك كان من اللازم أن أتحاشاه.

قالوا عني: "بخيل جلدة".


وقالوا: رجل غريب الأطوار.


لكنني لم أهتم.. فمن لسعته "الشوربة" يخاف من الماء البارد.. ثم هذا طبع مجبول عليه وليس بيدي تغييره بسهولة.


ولأن الله يرزق من يشاء بغير حساب. فقد أسبغ عليّ من النعم. ورزقني عقد عمل مجزياً جداً.


سافرت إلي الدولة الخليجية وهناك قضيت عدة أعوام ربطت خلالها "الحزام"
علي بطني. حتي "أودع الفقر" إلي غير رجعة. وكان أملي بعدها أن استمتع
بالحياة. التي لم أعرف فيها غير السهر علي استذكار دروسي. والعمل الأساسي
والاضافي.. وليس في "الجدول" خانة للفسح أو العلاقات الاجتماعية.

المظهر والجوهر


عدت إلي القاهرة بعد أن تجاوزت الأربعين من عمري.. رجل ناضج لا يدل
مظهره علي جوهره حتي ان من لا يعرفني. ربما رأف بحالي واخرج من جيبه صدقة
واعطاها لي. فبالرغم من رصيدي الكبير في البنك. فإنني لم أكن أهتم بالمظهر
حتي لا يحسدني الناس.. هكذا كنت أقول لنفسي.. لكن الحقيقة أنه كان بيني
وبين الانفاق "تار بايت".

المهم.. بدأت أنظر حولي بحثاً عن "بنت الحلال".. كنت أريدها ليست
جميلة فقط. بل فاتنة أيضاً.. ولم لا.. ألست صاحب ثروة كبيرة تعبت في
جمعها. ومن حقي أن اضيف لها جوهرة ثمينة. باعتباري من هواة جمع المال..
والتحف؟!!

وضعت نصب عيني هذه المواصفات. وأنا أبحث عن شريكة حياتي.. لم تكن
المهمة صعبة ولا مستحيلة. فالجميلات كثيرات.. والباحثات عن زوج ثري "أكثر
من الهمّ علي القلب".

تلقيت عشرات الترشيحات لفتيات في عمر الزهور. وبدأت أختار وأنا "واضع
رجل علي رجل".. لكنني اكتشفت ــ بعد فوات الأوان ــ أن الرجل لا يجب أن
يدخل السوق ليشتري شريكة حياته بالمال. كما يشتري فاكهة أو تحفة ثمينة!!!

اخترت فتاة صورتها لم تفارق خيالي.. وبعدما جلست معها لأول مرة شعرت
أنها أصبحت "سي السيد" وأنا بالنسبة لها "الست أمينة".. وكانت هذه هي
"نقطة الضعف اللي فيّ".

واسطة الخير


كانت بالفعل فتاة "تحل من علي حبل المشنقة".. كان "واسطة الخير" قد
أحسن تقديمي لها. وشرح لأسرتها ــ فيما يبدو ــ انني "شايل علي قلبي فلوس
كتير" فاستقبلوني بترحاب وفرشوا الأرض تحت قدمي "رمل أحمر".

خلال جلسة التعارف.. لم أبالغ كثيرا في الحديث عن ثروتي. لأنني ــ
بصراحة ــ لم أحصل علي المال من مغارة "علي بابا" لأنفقه بسهولة.. وكنت
أيضا أخشي الإسراف في الوعود. حتي لا تسرف العروس في الأماني.

وكأنها كانت تقرأ أفكاري. فقد كشفت عن المعلومات التي وصلتها عني.. قالت انها تعرف عني كل شيء. وأنها سوف "تفك عقدتي"!!!


فاجأتني بهذه الكلمات.. قلت لها باستغراب: "عقدة إيه"؟!!


قالت: مظهرك لا يعجبني.. و"كمان" بخيل.. لكن كل "عقدة ولها ألف حلال".


الزمن أشطر


ضحكت لكي يمر الموقف.. وقلت في نفسي: "كان الزمن أشطر"!!


لكنني كنت واهماً.. فقد كانت تخفي خلف الحسن والجمال روحاً قتالية
شديدة البأس. حتي أنني كنت بالنسبة لها في حجم الفأر بالنسبة للفيل.

بعد الزواج الذي تم بسرعة.. حاولت زوجتي أن تستدرجني لشراء هدايا لها
وكماليات للبيت. كانت قد تساهلت في طلبها أثناء تجهيز "عش الزوجية" حتي لا
تفسد "الطبخة" من أجل "بقرش ملح" ــ كما يقولون ــ.

لكن "الطبع يغلب التطبع" فبرغم خشيتي من الاصطدام بها. حتي لا
أغضبها. فلم استطع أن أجاريها في مطالبها.. لم اجرؤ أن "أفك الكيس" لأشبع
نهمها للتمتع بملذات الحياة!!!

كنا ــ أنا وهي ــ علي النقيض برغم النشأة الفقيرة لكلينا.. هي شابة
ومنفتحة علي الدنيا بمباهجها. تريد أن "تغوص" فيها حتي أذنيها.. وإلا
لماذا تزوجتني وتغاضت عن فارق السن الكبير بيننا.. وأنا لا أعرف عن مباهج
الدنيا سوي جمع المال وقراءة رصيدي في البنك كل يوم عدة مرات!!!

وجاء الصدام الرهيب..


في أول مشاجرة زوجية.. فاجأتني بكلمات مسمومة تقتل ببطء ولا تترك
أثراً.. كاشفتني ــ في أمسية هادئة ــ عن ماضيها الذي لم اطلب منها
الافصاح عنه.. قالت إنها كانت ترتبط بعلاقة غرامية بأحد زملائها في
الجامعة.. لكنني "خطفتها" منه.. في آخر لحظة!!

قلت لها: ولماذا تزوجتني؟!


قالت: غلطة.. كنت اعتقد أنني سأنتقل معك إلي "فوق".. لكنني لم أجن غير الحسرة والندامة.. فمثلك لم يكن أبداً فارس أحلامي.


ثم أضافت بحدة: هل تعتقد أن "فاتنة" مثلي ممكن أن تقع في غرام "واحد مبهدل زيك"؟!


لم تكن هذه هي المرة الأخيرة التي توجه لي الإهانات.. أدركت أنها كانت
تتعمد السخرية مني لأشعر بالنقص تجاهها. ولكي استسلم لها. فالمثل الشعبي
يقول "ابنك علي ما تربيه وزوجك علي ما تعوديه".

كرباج


كانت اهاناتها تسلخ جسدي كالكرباج. بينما خيالي يصور مشاهد الغرام
التي تجمعها بزميلها.. كانت تريد أن "تهزمني بالقاضية".. إما التسليم
وتسليمها "مفتاح الكرار".. واما ان تخرج من حياتي بأي غنيمة ممكنة.. وقد
كان.. كنت استطيع ان اتحمل أي شيء.. إلا حديثها المتكرر و"المُعاد" عن
ذكرياتها مع حبيب القلب. الذي ضاع من بين يديها.. فطلقتها عملاً بمبدأ
"الخسارة القريبة أفضل من المكسب البعيد".