بعد سنوات من العنف الجزائريون يحصلون على فرصة للاستمتاع بوقتهم

بعد سنوات من العنف الجزائريون يحصلون على فرصة للاستمتاع بوقتهم












الجزائر (رويترز) - انها ليلة يوم الاحد في وسط
البلدة بالجزائر العاصمة والاف الشبان الجزائريين يملاون الشوارع وهم
يتصايحون ويرقصون على الايقاع المنبعث من مسرح مؤقت.وتندر رؤية هذا
المشهد في المدينة التي عانت من سنوات من الصراع بين الحكومة والمتشددين
الاسلاميين. وكانت شوارع الجزائر العاصمة في معظم الليالي شبه خالية الا
من رجال الشرطة المسلحين الذين كانوا يتولون نقاط التفتيش.وبعد نحو عقدين من التفجيرات والاكمنة هدأت أعمال العنف بدرجة تسمح للجزائريين بتبني مفهوم غير مألوف هو الاستمتاع بوقتهم.وقد
استضافت هذه المدينة لاسبوعين مهرجانا افريقيا للرقص والمسرح والموسيقى
والفن الهدف منه هو ان يعرف العالم أن الحياة بدأت تعود ببطء للجزائر
والسماح للناس بأن يتمتعوا بمزيد من الحرية والمرح.ويقول زواوي بن
حمادي مسؤول الاتصال بالمهرجان الثقافي الافريقي لرويترز "الجزائريون
بحاجة الى بعض المرح بعد عقود من الدم والدموع... الان باتت الحروب
والصراعات وراءنا. دعنا نركز على المستقبل."غير أنه بالنسبة لبعض
الناس في الجزائر المحافظة التي يغلب على سكانها المسلمون فان المتعة قد
تمادت كثيرا. وقالت احدى الصحف ان العرض الذي قدمته راقصات شبه عاريات من
افريقيا جنوب الصحراء كان فاضحا وتساءلت لماذا لم يتدخل الرقباء.وعلى
مدار التسعينات كانت الجزائر ساحة معركة لصراع بين المتمردين الاسلاميين
والقوات الحكومية تقول تقديرات من منظمات غير حكومية انه أودى بحياة 200
الف شخص.وألقى كثير من المتشددين السلاح لكن مجموعة متشددة تمارس
نشاطها الان تحت لواء تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي ما زالت تشن
هجمات متفرقة على أهداف حكومية.وشن المتشددون اكبر هجوم لهم من حيث
عدد القتلى خلال نحو عام الشهر الماضي حين نصبوا كمينا لقافلة تابعة
للشرطة مما أسفر عن مقتل 18 ضابطا من الشرطة شبه العسكرية ومدني واحد
حسبما ذكر مسؤولون.وتم نشر قوات اضافية من الشرطة يبلغ عددها نحو 22 الف فرد لاحباط الهجمات اثناء المهرجان.ومجرد اقامة المهرجان تظهر التحسن في الاوضاع الامنية في العاصمة حتى لو استمرت اعمال العنف في اماكن أخرى.ولم تعان الجزائر من هجوم خطير منذ تفجير مكاتب للامم المتحدة قتل خلاله اكثر من 40 شخصا في ديسمبر كانون الاول 2007.وقال
منظمو المهرجان انهم جمعوا نحو ثمانية الاف فنان من 48 دولة منهم الموسيقي
السنغالي المعروف يوسف ندور ومغني موسيقى الريجي الفا بلوندي والمغنية
سيزاريا ايفورا الحاصلة على جائزة جرامي وهي من الرأس الاخضر.وكانت المرة الوحيدة السابقة التي أقيم فيها المهرجان الافريقي في الجزائر العاصمة منذ 40 عاما.ويقول كثير من الجزائريين انه كان من الافضل توجيه الاموال التي أنفقت على المهرجان هذه المرة الى محاربة البطالة.ويقول
محمد عمراوي (25 عاما) وهو واحد من 70 في المئة من الجزائريين ممن هم دون
الثلاثين من العمر الذين يعانون من البطالة وفقا لتقديرات غير رسمية "هذا
اهدار للمال."وتقول غنية بساي الصحفية التلفزيونية ان المهرجان يستحق الاموال التي أنفقت عليه.وأضافت "حضور الحفلات الموسيقية التي يقدم فيها (كل هؤلاء الفنانين) عروضا يمكن أن يحدث مرة في عمر المرء. انه مهرجان رائع."وللجزائر هدف سياسي أيضا من اقامة المهرجان وهو استخدام قوة الدبلوماسية الثقافية في تعزيز نفوذها في افريقيا.الجزائر
التي هي ثاني اكبر دولة افريقية من حيث المساحة واحدى اكثر دول القارة
السوداء ثراء كثيرا ما تتوحد مع اوروبا والشرق الاوسط اكثر من توحدها مع
افريقيا.وقد رسخ خصمها الاقليمي المغرب أقدامه كمركز للثقافة
الافريقية حيث يقيم مهرجانات موسيقية كل عام تستقطب عشرات الالاف من
الشبان وكثيرا ما تتصدر الدعاية لها اسماء موسيقيين افارقة.والان تريد الجزائر أن تعيد التواصل مع تراثها الافريقي.وقال
مسؤول بارز من وزارة الخارجية الجزائرية لرويترز "لا تنسوا أن نيلسون
مانديلا تدرب في جبال الجزائر في الخمسينات... ان كنتم لا تصدقونني اذهبوا
لزيارة متحف الجيش. هناك صورة لمانديلا مع مدربيه الجزائريين."ويقول عبد القادر مساحل الوزير المنتدب المكلف بالشؤون الافريقية ان بلاده تريد لعب دور محوري في مشاريع التنمية بالقارة.ومن
بين هذا خط انابيب عبر الصحراء وهو مشروع يمد اوروبا بالغاز من نيجيريا عن
طريق النيجر والجزائر بتكلفة تقدر باكثر من عشرة مليارات دولار.وقال مساهل لرويترز "افريقيا للافارقة كان دوما شعارنا."غير أنه اتضح أن تبني الثقافة الافريقية خلال المهرجان ينطوي على تحد لبعض الجزائريين.وتعزل
الصحراء الكبرى شمال افريقيا الذي يغلب على سكانه المسلمون ويتحدثون
العربية عن بقية انحاء القارة وحدت على مدار قرون من الامتزاج يبن الشعوب
والثقافات.وثارت موجة غضب من قبل وسائل الاعلام بعد أن قدمت راقصات افريقيات عرضا بالزي التقليدي وكانت احداهن ترقص وثدياها عاريان.ونشرت
احدى الصحف رسما كاريكاتيريا يجسد مجموعة من النساء العجائز يقلن
"ليسامحنا الله" بينما كن ينظرن الى راقصة افريقية عارية الصدر.وتساءلت
صحيفة الشروق احدى اكثر الصحف الجزائرية مبيعا في افتتاحية عن السبب في أن
الرقابة لم تلعب دورها في منع مثل هذه المشاهد الفاضحة كما تساءلت عن
السبب في اهدار المال على استيراد راقصات عاريات الصدر وقالت هل نقول
مرحبا ام اذهبن الى الجحيم...