بحـث
المواضيع الأخيرة
الجزء الثالث المنتظر من فيلم الكوميديا والرومانسية "عمر وسلمى 3 " للنجم تامر حسني ومي عزالدين بحجم 466 ميجا
الإثنين فبراير 13, 2012 8:50 pm من طرف smsm
[size=21]فيلم[/size]
عمر و سلمى 3
SCR
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
كالعادة وزي ما عودناكم وبعد عرضه مباشرة
باعلى صوت وصورة
[size=12]الجزء ده كوميدي جدا وحلو اوووي
انصح الجميع بمشاهدته
[/size]
ملحوظة : الفيلم كامل من اول دقيقة لحد اخر دقيقة ومدته
1 ساعة و 36 دقيقة
قصة …
عمر و سلمى 3
SCR
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
كالعادة وزي ما عودناكم وبعد عرضه مباشرة
باعلى صوت وصورة
[size=12]الجزء ده كوميدي جدا وحلو اوووي
انصح الجميع بمشاهدته
[/size]
ملحوظة : الفيلم كامل من اول دقيقة لحد اخر دقيقة ومدته
1 ساعة و 36 دقيقة
قصة …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
فيلم الكوميديا " بنات العم " بطولة ثلاثي الضحك ابطال فيلم "سمير وشهير وبهير" بحجم 437 ميجا على اكثر من سيرفر
الإثنين فبراير 13, 2012 8:26 pm من طرف كامل
[size=21]فيلم[/size]
بنات العم
DVDSCR
في الوقت الي كل الناس لسة بترفع فيه اعلان الفيلم
جبنالكم الفيلم كامل من اول ثانية لاخر تتر
( الفيلم ده بجد ضحك للركب )
EnJoy
قصة الفيلم
الحديث عن اللعنات
التي تصيب الإنسان كثيرة وغريبة واغربها ما حدث بفيلم (بنات العم) حيث
ثلاث صديقات تصبهن لعنة غريبة فيتحولن إلى رجال....وبين الصدمة والوعي
يحاولن طوال احداث الفيلم فك …
بنات العم
DVDSCR
في الوقت الي كل الناس لسة بترفع فيه اعلان الفيلم
جبنالكم الفيلم كامل من اول ثانية لاخر تتر
( الفيلم ده بجد ضحك للركب )
EnJoy
قصة الفيلم
الحديث عن اللعنات
التي تصيب الإنسان كثيرة وغريبة واغربها ما حدث بفيلم (بنات العم) حيث
ثلاث صديقات تصبهن لعنة غريبة فيتحولن إلى رجال....وبين الصدمة والوعي
يحاولن طوال احداث الفيلم فك …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
بإنفراد تام أسطورة الكوميديا عادل إمام فى فيلم العيد وقبل العيد زهايمير بجودة خرافية وتحميل مباشر على أكثر من سيرفر
الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 11:40 am من طرف ashraf
فيلم العيد
بجودة روووعـــة
ولن تجدها الا هنا وفقطـــ
عادل امام
فى
زهايمــــــــــر
NEAR DVD
الفيلم كامل من البداية للنهايــة ...
والصورة ثابتة وكاملة طوال الفيلم ,,,
والصوت واضح وكويس ..
فيما عدا اول دقيقة فقط لخلل الصوت داخل السينما نفسها
PosTer
بجودة روووعـــة
ولن تجدها الا هنا وفقطـــ
عادل امام
فى
زهايمــــــــــر
NEAR DVD
الفيلم كامل من البداية للنهايــة ...
والصورة ثابتة وكاملة طوال الفيلم ,,,
والصوت واضح وكويس ..
فيما عدا اول دقيقة فقط لخلل الصوت داخل السينما نفسها
PosTer
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 1
الفيلم الكوميدى الديكتاتور - نسخة فيديو سي دي فقط 236ميجا - على عدة سيرفرات
الجمعة أكتوبر 22, 2010 5:16 pm من طرف العنتيل
قصه الفيلم
تدور أحداث فيلم الديكتاتور في إطار سياسي ساخر, حول حاكم يبطش بمن يرفض أو يعترض على أوامره, يخشاه الجميع بسبب دكتاتوريته الشديدة .
تدور بينه و بين أبنائه التوأم العديد من المواقف و الأحداث التي تتناول أزمات المواطن العادي إلى أن تحدث مفاجأة عنيفة تقلب الأمور رأسا على عقب
بطوله
خالد سرحان - حسن حسنى
مايا نصرى - عزت ابو عوف
ادوارد - …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 1
مجموعة من اقوي افلام نجم الكوميديا الرائع محمد هنيدي ( 12 فيلم ) نسخ DvDRip على اكثر من سيرفر ..
الأربعاء أكتوبر 20, 2010 11:06 am من طرف tete
مجموعة من اقوي افلام نجم الكوميديا الرائع محمد هنيدي 12 فيلم
- - - - - - - -
اسماعيلية رايح جاي
RapidShare
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
________________________
sendspace
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
…
- - - - - - - -
اسماعيلية رايح جاي
RapidShare
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
________________________
sendspace
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
…
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 1
فيلم العيد :: الرجل الغامض بسلامته :: CaM H.Q :: جودة عالية Rmvb :: نسختين 300 ميجا + 700 ميجا :: تحميل مباشر وعلى أكثر من سيرفر
الأربعاء سبتمبر 29, 2010 3:42 pm من طرف tete
فيلم العيد
# الرجل الغامض بسلامته #
القصة
شاب ( هاني رمزي) لا يجد مجال للوصول إلى النجاح إلا عن طريق ممارسة الكذب ، حيث يعتبر أن الكذب هو خير وسيلة للنجاح.
ورغم عمله كموظف في القطاع الخاص إلا أنه يراسل عدداً من الجهات الحكومية يطالبها بحل عدد من الأزمات العامة - مثل الرغيف والبطالة وأزمة الإسكان - وعندما تحدث المفاجأة و يصبح مشهوراً …
# الرجل الغامض بسلامته #
القصة
شاب ( هاني رمزي) لا يجد مجال للوصول إلى النجاح إلا عن طريق ممارسة الكذب ، حيث يعتبر أن الكذب هو خير وسيلة للنجاح.
ورغم عمله كموظف في القطاع الخاص إلا أنه يراسل عدداً من الجهات الحكومية يطالبها بحل عدد من الأزمات العامة - مثل الرغيف والبطالة وأزمة الإسكان - وعندما تحدث المفاجأة و يصبح مشهوراً …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 1
فيلم الرعب المصرى ايناب بجوده dvdrip 200 ميجا برابط واحد على اكثر من سيرفر
الخميس مايو 13, 2010 7:47 pm من طرف احساس غريب
انياب
تتعطل سيارة بشاب وشابة فى ليلة ممطرة عند أحد البيوت فيدخلانه طلباً
للنجدة
ويكتشفان أنه منزل دراكولا ويعرض الفيلم أساساً الشخصيات المستغلة
مثل السباك والجزار أما شخصية دراكولا ليست إلا رمز لهذه الشخصيات المستغلة
على الحجار
منى جبر
احمد عدوية ـ دراكولا
طلعت زين
عهدى صادق ـ شلف
حسن الإمام
rapidshare
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
…
تتعطل سيارة بشاب وشابة فى ليلة ممطرة عند أحد البيوت فيدخلانه طلباً
للنجدة
ويكتشفان أنه منزل دراكولا ويعرض الفيلم أساساً الشخصيات المستغلة
مثل السباك والجزار أما شخصية دراكولا ليست إلا رمز لهذه الشخصيات المستغلة
على الحجار
منى جبر
احمد عدوية ـ دراكولا
طلعت زين
عهدى صادق ـ شلف
حسن الإمام
rapidshare
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
…
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 2
اقوى مسلسلات رمضان - الكبير - احمد مكى - الحلقة 15 الاخيرة - على اكثر من سيرفر
الخميس سبتمبر 02, 2010 9:38 pm من طرف tete
تدور الاحداث فى احدى
قرى الصعيد ،عمدة القرية والملقب بالكبير قوى فى واخر ايامه يصارع الموت
ويحكى لابنه (الكبير) وهو وريثه الشرعى وشخص مفترى يستغل مكانة والده وهو
ينتظر اليوم الذى يحكم فيه البلد كعمدة بعدموت والده
يفاجئه الاب قبل موته بان له أخ توأم يعيش فى USA وان له 50% من الورث
الذى سوف يتركه له وفى العمودية كمان ،كما يحكى له كيف تعرف على والدته فى
احدى البارات وكيف انجبته هو وأخوه …
قرى الصعيد ،عمدة القرية والملقب بالكبير قوى فى واخر ايامه يصارع الموت
ويحكى لابنه (الكبير) وهو وريثه الشرعى وشخص مفترى يستغل مكانة والده وهو
ينتظر اليوم الذى يحكم فيه البلد كعمدة بعدموت والده
يفاجئه الاب قبل موته بان له أخ توأم يعيش فى USA وان له 50% من الورث
الذى سوف يتركه له وفى العمودية كمان ،كما يحكى له كيف تعرف على والدته فى
احدى البارات وكيف انجبته هو وأخوه …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 1
حصريآ : فيلم صفر - واحد نسخه vcd ونسخه DVD بأعلى جوده على اكثر من سيرفر
الأحد مايو 30, 2010 2:19 pm من طرف tooooot
Film
One - Zero
VCD &
DVD
--------
DVD
-------------
VCD
---------------------
معلومات اكتر عن
الفيلم
سيدة تبحث
عن حياتها من جديد من خلال طلاق معلق في المحاكم ..فهل تفوز السيدة
بحياتها
كما
يتناول الفيلم قصة حياة عدة أشخاص وتتزامن تلك القصص مع بطولة الأمم
الأفريقية الكروية
أثار
الفيلم …
One - Zero
VCD &
DVD
--------
DVD
-------------
VCD
---------------------
معلومات اكتر عن
الفيلم
سيدة تبحث
عن حياتها من جديد من خلال طلاق معلق في المحاكم ..فهل تفوز السيدة
بحياتها
كما
يتناول الفيلم قصة حياة عدة أشخاص وتتزامن تلك القصص مع بطولة الأمم
الأفريقية الكروية
أثار
الفيلم …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 3
المسجد النبوي
5 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
المسجد النبوي
المسجد النبوي:
مقدمة:
انطلقت الأصوات من الأعماق، الفرحة تتلألأ
على الوجوه، القلوب تنبض بالحب، الأرض والشجر تعيد الصدى: طلع البدر
علينا، والموكب الجليل يتهادى، والأيدي تلوح مستبشرةبهذا اليوم المبارك
والرسول صلى الله على صاحبه وسلم يقول: {خلوا سبيلها فإنها مأمورة}،
وتنزاح الجموع المتلهفة عن طريق الناقة لتدعها تسير إلى حيث أمرت، إلى أن
وصلت الناقة إلى دار بني مالك بن النجار بركت، ثم سارت، ثم بركت وأناخت في
مكانها الأول، وكان مربداً( ) لغلامين يتيمين من بني النجار هما: سهل
وسهيل بن عمرو، وكانا تحت رعاية معاذ بن عفراء.
كانت لحظات نورانية،
ساد فيها البشر قلوب الأنصار، وهم يرون رسول الله صلى الله عليه وسلم يحط
بين ظهرانيهم في هجرة مباركة،( ) لتبدأ أعظم مسيرة في تاريخ البشرية، منذ
اللحظة التي وطأت قدماه المباركتان عليه الصلاة والسلام أرض طيبة الطيبة،
لينطلق الشعاع قبل أربعة عشر قرنا ونيف دار الهجرة، وعاصمة الدولة
الإسلامية الأولى.
المنزل المبارك:
ولما بركت راحلته صلى الله
عليه وسلم في المربد قال عليه الصلاة والسلام: {هذا إن شاء الله المنزل}،
ثم دعا الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجداً، فقالا: بل نهبه لك يا
رسول الله، فأبى أن يقبله منهما هبة، فاشتراه منهما بعشرة دنانير ذهباً
دفعها أبو بكر الصديق من ماله.
وأصبحت المساحة بعد إعدادها حوالي
30×35 متراً (60×70) ذراعاً، بمساحة إجمالية (1050) متراً مربعاً، وقد عمل
الرسول صلى الله عليه وسلم على رأس المهاجرين والأنصار في بناء المسجد
ومنزلين لزوجتيه عليه الصلاة والسلام، عائشة وسودة رضي الله عنهما، وقد
أقام
جدرانه من اللبن، وأعمدته من جذوع النخيل، وسقفه من الجريد،
ووجه قبلته ناحية بيت المقدس، وكان له ثلاثة أبواب، وتتوسط المسجد رحبة.
وجاء في وصف( ) بناء المسجد النبوي أن طريقة الإنشاء كانت عمل أساس بالحجر
بعمق ثلاثة أذرع (حوالي 1.50) متراً تعلوه حوائط من اللبن، عرض الحائط 75
سم وقد ظلل المسجد، فعملت له أعمدة (سواري) من جذوع النخيل، ثم وضعت عليها
الجسور الخشبية (العوارض) وغطي بالجريد والخسف، وكان للمسجد جهة القبلة
(بيت المقدس، الحائط الشمالي) ثلاثة أروقة، بكل رواق ستة أعمدة (اسطوانات)
وكان بمؤخرة المسجد (الجهة الجنوبية) صفة (ظلة) يأوي إليها المهاجرون
الذين لا دار لهم ولا مأوى، وكان ارتفاع سقف المسجد بارتفاع قامة الإنسان،
أي حوالي 3.5 ذراع (حوالي 1.75م).
أما صفة بيوت النبي صلى الله عليه
وسلم، فقد كان كل بيت عبارة عن مربع طول ضلعه 8-9 أذرع (4-4.50)، سقفه
يمكن ملامسته من الداخل، - لعله كان بارتفاع أروقة المسجد - وبه من الداخل
حجرة طول ضلعها 6-7 أذرع (3-3.5م) صنعت حوائطها من أكسية من الشعر مربوط
في خشب عرعر (السرو) أي أن كل بيت له صالة مدخل صغيرة قبل الحجرة، وكانت
أبواب البيوت بحائطها الغربي شارعة في المسجد( ).
توسعة الرسول (صلى الله عليه وسلم):
لم تمر سبع سنوات على هجرته صلى الله عليه وسلم حتى احتاج المسجد النبوي
إلى زيادة نظراً لتكاثر عدد المسلمين، فزاد فيه عليه الصلاة والسلام بعد
فتحه خيبر (محرم عام7هـ - يونيه 628م) لتكون مساحة المسجد (100×100ذراع)
(50×50ذراع)( )، وأصبح للمسجد ثلاثة أروقة لجهة القبلة، بكل صف منها تسعة
أعمدة (اسطوانات)، وقد حصب المسجد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن
كان البعض يرجع ذلك إلى عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولم يشتمل المسجد
النبوي على مئذنة، فقد كان بلال رضي الله عنه يصعد إلى سطح منزل لأسرة من
بني النجار، ولا محراب مجوف، ولا منبر وكان يخطب صلى الله عليه وسلم على
جذع نخلة استند فاتكأ عليه، فصنع له منبر، وفي صحيح مسلم ما يدل على أنه
من ثلاث درجات غير الدرجة التي تسمى المستراح، وهناك اختلاف على من صنع
هذا المنبر.
توسعة عمر بن الخطاب:
لم يضف خليفة رسول الله صلى
الله عليه وسلم على مساحة المسجد شيئاً، فقد انشغل أبو بكر الصديق رضي
الله عنه بالأحداث التي نتجت عن وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، غير أنه
جدد الأعمدة النخيلية التي نخرت، وبعد وفاة أبي بكر الصديق وبويع أمير
المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالخلافة، أجرى عمارة كبيرة في
المسجد النبوي الشريف عام (17هـ-638م)، فقد قام بتوسعته فأصبح عرضه حوالي
109 تجاوزاً (110) أذرعاً (حوالي 54.30م) من الشرق إلى الغرب، وأصبح طوله
من الشمال إلى الجنوب (140) ذراعاً (حوالي 69.70م)( )، وذلك بزيادة حوالي
(9) أذرعاً (حوالي 4.48م) جهة القبلة (رواق واحد) وحوالي (31) ذراعاً
(حوالي 15.23م) في رحبة المسجد، والزيادة من جهة الغرب كانت رواقين، وقد
استعمل في الإنشاء الجديد أعمدة الملقي: [جذوع النخيل، والطوب اللبن
للأسوار، وعملت لياسة طينية فوق الأروقة الأربعة، وبلغ ارتفاع المسجد (11)
ذراعاً (5.48م) وعملت سترة (دروة) للسطح بارتفاع ثلاثة أذرع، أي أن
ارتفاعها فوق منسوب السطح بذراع واحد (0.498 من المتر)، وبني أساسه
بالحجارة بارتفاع (1.75م)، وتم تحصيب أرضية المسجد بحصباء من وادي العقيق،
كما أدخل أمير المؤمنين القناديل الكبيرة، وكذلك بدأ في إجمار المسجد أيام
الجمع، وعملت في حوائط المسجد ستة أبواب، أي أنه أضاف ثلاثة أبواب( )، وقد
بلغت مساحة المسجد النبوي (3475) متراً.
توسعة عثمان بن عفان:
زاد أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه في المسجد النبوي (496)
متراً، وزاد فيه من جهة القبلة قدر اسطوانة، ومن جهة الغرب قدر اسطوانة
أيضاً، ومن جهة الشمال عشرة أذرع( )، وأصبح للمسجد خمسة أروقة موازية
لحائط القبلة، كما أن أعمدته جعلها من الحديد وصب فيها الرصاص، وكانت نسبة
الزيادة 23%.
أما طريقة الإنشاء فقد اختلفت عن السابق، وحل الحجر
محل الطوب اللبن، فبني المسجد بالحجارة المنحوتة (المنقوشة) والجص (القصة)
وبنيت أعمدته من الحجر النحيت أيضاً، وضع بها قطع من الحديد مغطاة بالرصاص
المصهور، وذلك لتثبيت حجارة الأعمدة مع بعضها( )، وهي طريقة وجدت في
العمارة البيزنطية، وفي قبة الصخرة، وقد وضعت الأعمدة الحجرية في نفس
أماكن الأعمدة الخشبية، أما السقف فقد عمل من خشب الساج (التيك) محمولاً
على جسور خشبية ترتكز على الأعمدة، وكذلك عملت ورقة (بياض) على الحائط من
الجص، وعمل بالحائط الشرقي فتحات (طيقان) يغلب الظن أنها كانت في الجزء
العلوي من الحائط، كما أقيمت مصورة حول منطقة المحراب من الطوب اللبن،
وعمل بها فتحات (كوى) ينظر منها الناس للإمام، وكان ذلك بهدف حمايته عند
الصلاة، وخاصة بعد مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه( ).
وقد بدأ
العمل في ربيع الأول عام 29هـ، نوفمبر - ديسمبر عام 649م، واستغرق العمل
عشرة أشهر، حيث انتهى في محرم عام 30هـ- سبتمبر 650م، وأصبحت مساحة المسجد
الكلية بعد هذه التوسعة (4071م).
توسعة الوليد بن عبد الملك:
لم تضف إلى المسجد النبوي أية مساحة طوال ثمانية وخمسين عاماً، حتى رأى
الوليد بن عبد الملك بن مروان أحداث زيادة أخرى، مع إعادة بناء المسجد
النبوي وإدخال حجرات أمهات المؤمنين ضمن مسطح المسجد، وتولى عملية البناء
عامل الخليفة في المدينة المنورة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وقد
أحدث في هذه العمارة المنابر والمحراب والشرفات.
ويبدو أن هذه
التوسعة باعتبارها الأكبر منذ بنى الرسول صلى الله عليه وسلم مسجده، وقد
أخذت اهتمام الخليفة الأموي وعامله عمر بن عبد العزيز، فحرصا على أن تتوفر
لهما الإمكانات، وأحدث ما وصلت إليه تقنية العمارة في ذلك العصر، فاستعان
الوليد بملك الروم لكي يبعث له حرفيين وفنيين وفسيفساء لتنفيذ عمارة
المسجد النبوي، فقد عمل الأساس من الحجارة، والجدار من الحجارة المنحوتة
(المطابقة) واستعملت النورة (الجير - الكلس) والقصة(جص - الجفصين) كمونة
في البناء، وعملت الأعمدة من قطع الحجارة المنحوتة وربطت مع بعضها بالحديد
المغطى بالرصاص المصهور، تحمل أعلاها جسوراً خشبية ترتكز مباشرة على تيجان
الأعمدة، وتحمل الجسور سقفاً خشبياً من خشب الساج (التيك) وكان للأعمدة
قواعد مربعة، وتيجان مذهبة، وكسي بدن الأعمدة بطبقة (ورقة-بياض) تصقل
وتلمع حتى تظهر وكأنها رخام أبيض( ).
وقد ظهر في المسجد النبوي
عنصران جديدان، المئذنة والمحراب المجوف، فقد أنشئت أربع مآذن، في كل ركن
مئذنة، مسقطها مربع 8×8 أذرع (حوالي 4×4م) وارتفاعها 55 ذراعاً (27متراً)
أو 60ذراعاً (30متراً)، أما بالنسبة للمحراب فهو الأول من نوعه( )، فيه
دارات (حنيات) حسب وصف ابن عبد ربه، بعضها مذهب وبعضها خمري وأسود.
ويضيف ابن عبد ربه: حيطان المسجد كلها من داخله مرخمة بالرخام والذهب
والفسيفساء أولها وآخرها، وقاع المسجد (الصحن) مفروش بالحصى، ووجه سور
المسجد كله من الخارج منقش بالكدان، وهو حجر التوف، وكذلك الشرفات.
وكان حجم هذه التوسعة (2369) متراً، لتصبح مساحة المسجد النبوي الكلية
بعدها (6440) متراً، وقد جرت هذه التوسعة ما بين (88هـ- 707م)
و(91هـ-710م).
مقدمة:
انطلقت الأصوات من الأعماق، الفرحة تتلألأ
على الوجوه، القلوب تنبض بالحب، الأرض والشجر تعيد الصدى: طلع البدر
علينا، والموكب الجليل يتهادى، والأيدي تلوح مستبشرةبهذا اليوم المبارك
والرسول صلى الله على صاحبه وسلم يقول: {خلوا سبيلها فإنها مأمورة}،
وتنزاح الجموع المتلهفة عن طريق الناقة لتدعها تسير إلى حيث أمرت، إلى أن
وصلت الناقة إلى دار بني مالك بن النجار بركت، ثم سارت، ثم بركت وأناخت في
مكانها الأول، وكان مربداً( ) لغلامين يتيمين من بني النجار هما: سهل
وسهيل بن عمرو، وكانا تحت رعاية معاذ بن عفراء.
كانت لحظات نورانية،
ساد فيها البشر قلوب الأنصار، وهم يرون رسول الله صلى الله عليه وسلم يحط
بين ظهرانيهم في هجرة مباركة،( ) لتبدأ أعظم مسيرة في تاريخ البشرية، منذ
اللحظة التي وطأت قدماه المباركتان عليه الصلاة والسلام أرض طيبة الطيبة،
لينطلق الشعاع قبل أربعة عشر قرنا ونيف دار الهجرة، وعاصمة الدولة
الإسلامية الأولى.
المنزل المبارك:
ولما بركت راحلته صلى الله
عليه وسلم في المربد قال عليه الصلاة والسلام: {هذا إن شاء الله المنزل}،
ثم دعا الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجداً، فقالا: بل نهبه لك يا
رسول الله، فأبى أن يقبله منهما هبة، فاشتراه منهما بعشرة دنانير ذهباً
دفعها أبو بكر الصديق من ماله.
وأصبحت المساحة بعد إعدادها حوالي
30×35 متراً (60×70) ذراعاً، بمساحة إجمالية (1050) متراً مربعاً، وقد عمل
الرسول صلى الله عليه وسلم على رأس المهاجرين والأنصار في بناء المسجد
ومنزلين لزوجتيه عليه الصلاة والسلام، عائشة وسودة رضي الله عنهما، وقد
أقام
جدرانه من اللبن، وأعمدته من جذوع النخيل، وسقفه من الجريد،
ووجه قبلته ناحية بيت المقدس، وكان له ثلاثة أبواب، وتتوسط المسجد رحبة.
وجاء في وصف( ) بناء المسجد النبوي أن طريقة الإنشاء كانت عمل أساس بالحجر
بعمق ثلاثة أذرع (حوالي 1.50) متراً تعلوه حوائط من اللبن، عرض الحائط 75
سم وقد ظلل المسجد، فعملت له أعمدة (سواري) من جذوع النخيل، ثم وضعت عليها
الجسور الخشبية (العوارض) وغطي بالجريد والخسف، وكان للمسجد جهة القبلة
(بيت المقدس، الحائط الشمالي) ثلاثة أروقة، بكل رواق ستة أعمدة (اسطوانات)
وكان بمؤخرة المسجد (الجهة الجنوبية) صفة (ظلة) يأوي إليها المهاجرون
الذين لا دار لهم ولا مأوى، وكان ارتفاع سقف المسجد بارتفاع قامة الإنسان،
أي حوالي 3.5 ذراع (حوالي 1.75م).
أما صفة بيوت النبي صلى الله عليه
وسلم، فقد كان كل بيت عبارة عن مربع طول ضلعه 8-9 أذرع (4-4.50)، سقفه
يمكن ملامسته من الداخل، - لعله كان بارتفاع أروقة المسجد - وبه من الداخل
حجرة طول ضلعها 6-7 أذرع (3-3.5م) صنعت حوائطها من أكسية من الشعر مربوط
في خشب عرعر (السرو) أي أن كل بيت له صالة مدخل صغيرة قبل الحجرة، وكانت
أبواب البيوت بحائطها الغربي شارعة في المسجد( ).
توسعة الرسول (صلى الله عليه وسلم):
لم تمر سبع سنوات على هجرته صلى الله عليه وسلم حتى احتاج المسجد النبوي
إلى زيادة نظراً لتكاثر عدد المسلمين، فزاد فيه عليه الصلاة والسلام بعد
فتحه خيبر (محرم عام7هـ - يونيه 628م) لتكون مساحة المسجد (100×100ذراع)
(50×50ذراع)( )، وأصبح للمسجد ثلاثة أروقة لجهة القبلة، بكل صف منها تسعة
أعمدة (اسطوانات)، وقد حصب المسجد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن
كان البعض يرجع ذلك إلى عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولم يشتمل المسجد
النبوي على مئذنة، فقد كان بلال رضي الله عنه يصعد إلى سطح منزل لأسرة من
بني النجار، ولا محراب مجوف، ولا منبر وكان يخطب صلى الله عليه وسلم على
جذع نخلة استند فاتكأ عليه، فصنع له منبر، وفي صحيح مسلم ما يدل على أنه
من ثلاث درجات غير الدرجة التي تسمى المستراح، وهناك اختلاف على من صنع
هذا المنبر.
توسعة عمر بن الخطاب:
لم يضف خليفة رسول الله صلى
الله عليه وسلم على مساحة المسجد شيئاً، فقد انشغل أبو بكر الصديق رضي
الله عنه بالأحداث التي نتجت عن وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، غير أنه
جدد الأعمدة النخيلية التي نخرت، وبعد وفاة أبي بكر الصديق وبويع أمير
المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالخلافة، أجرى عمارة كبيرة في
المسجد النبوي الشريف عام (17هـ-638م)، فقد قام بتوسعته فأصبح عرضه حوالي
109 تجاوزاً (110) أذرعاً (حوالي 54.30م) من الشرق إلى الغرب، وأصبح طوله
من الشمال إلى الجنوب (140) ذراعاً (حوالي 69.70م)( )، وذلك بزيادة حوالي
(9) أذرعاً (حوالي 4.48م) جهة القبلة (رواق واحد) وحوالي (31) ذراعاً
(حوالي 15.23م) في رحبة المسجد، والزيادة من جهة الغرب كانت رواقين، وقد
استعمل في الإنشاء الجديد أعمدة الملقي: [جذوع النخيل، والطوب اللبن
للأسوار، وعملت لياسة طينية فوق الأروقة الأربعة، وبلغ ارتفاع المسجد (11)
ذراعاً (5.48م) وعملت سترة (دروة) للسطح بارتفاع ثلاثة أذرع، أي أن
ارتفاعها فوق منسوب السطح بذراع واحد (0.498 من المتر)، وبني أساسه
بالحجارة بارتفاع (1.75م)، وتم تحصيب أرضية المسجد بحصباء من وادي العقيق،
كما أدخل أمير المؤمنين القناديل الكبيرة، وكذلك بدأ في إجمار المسجد أيام
الجمع، وعملت في حوائط المسجد ستة أبواب، أي أنه أضاف ثلاثة أبواب( )، وقد
بلغت مساحة المسجد النبوي (3475) متراً.
توسعة عثمان بن عفان:
زاد أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه في المسجد النبوي (496)
متراً، وزاد فيه من جهة القبلة قدر اسطوانة، ومن جهة الغرب قدر اسطوانة
أيضاً، ومن جهة الشمال عشرة أذرع( )، وأصبح للمسجد خمسة أروقة موازية
لحائط القبلة، كما أن أعمدته جعلها من الحديد وصب فيها الرصاص، وكانت نسبة
الزيادة 23%.
أما طريقة الإنشاء فقد اختلفت عن السابق، وحل الحجر
محل الطوب اللبن، فبني المسجد بالحجارة المنحوتة (المنقوشة) والجص (القصة)
وبنيت أعمدته من الحجر النحيت أيضاً، وضع بها قطع من الحديد مغطاة بالرصاص
المصهور، وذلك لتثبيت حجارة الأعمدة مع بعضها( )، وهي طريقة وجدت في
العمارة البيزنطية، وفي قبة الصخرة، وقد وضعت الأعمدة الحجرية في نفس
أماكن الأعمدة الخشبية، أما السقف فقد عمل من خشب الساج (التيك) محمولاً
على جسور خشبية ترتكز على الأعمدة، وكذلك عملت ورقة (بياض) على الحائط من
الجص، وعمل بالحائط الشرقي فتحات (طيقان) يغلب الظن أنها كانت في الجزء
العلوي من الحائط، كما أقيمت مصورة حول منطقة المحراب من الطوب اللبن،
وعمل بها فتحات (كوى) ينظر منها الناس للإمام، وكان ذلك بهدف حمايته عند
الصلاة، وخاصة بعد مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه( ).
وقد بدأ
العمل في ربيع الأول عام 29هـ، نوفمبر - ديسمبر عام 649م، واستغرق العمل
عشرة أشهر، حيث انتهى في محرم عام 30هـ- سبتمبر 650م، وأصبحت مساحة المسجد
الكلية بعد هذه التوسعة (4071م).
توسعة الوليد بن عبد الملك:
لم تضف إلى المسجد النبوي أية مساحة طوال ثمانية وخمسين عاماً، حتى رأى
الوليد بن عبد الملك بن مروان أحداث زيادة أخرى، مع إعادة بناء المسجد
النبوي وإدخال حجرات أمهات المؤمنين ضمن مسطح المسجد، وتولى عملية البناء
عامل الخليفة في المدينة المنورة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وقد
أحدث في هذه العمارة المنابر والمحراب والشرفات.
ويبدو أن هذه
التوسعة باعتبارها الأكبر منذ بنى الرسول صلى الله عليه وسلم مسجده، وقد
أخذت اهتمام الخليفة الأموي وعامله عمر بن عبد العزيز، فحرصا على أن تتوفر
لهما الإمكانات، وأحدث ما وصلت إليه تقنية العمارة في ذلك العصر، فاستعان
الوليد بملك الروم لكي يبعث له حرفيين وفنيين وفسيفساء لتنفيذ عمارة
المسجد النبوي، فقد عمل الأساس من الحجارة، والجدار من الحجارة المنحوتة
(المطابقة) واستعملت النورة (الجير - الكلس) والقصة(جص - الجفصين) كمونة
في البناء، وعملت الأعمدة من قطع الحجارة المنحوتة وربطت مع بعضها بالحديد
المغطى بالرصاص المصهور، تحمل أعلاها جسوراً خشبية ترتكز مباشرة على تيجان
الأعمدة، وتحمل الجسور سقفاً خشبياً من خشب الساج (التيك) وكان للأعمدة
قواعد مربعة، وتيجان مذهبة، وكسي بدن الأعمدة بطبقة (ورقة-بياض) تصقل
وتلمع حتى تظهر وكأنها رخام أبيض( ).
وقد ظهر في المسجد النبوي
عنصران جديدان، المئذنة والمحراب المجوف، فقد أنشئت أربع مآذن، في كل ركن
مئذنة، مسقطها مربع 8×8 أذرع (حوالي 4×4م) وارتفاعها 55 ذراعاً (27متراً)
أو 60ذراعاً (30متراً)، أما بالنسبة للمحراب فهو الأول من نوعه( )، فيه
دارات (حنيات) حسب وصف ابن عبد ربه، بعضها مذهب وبعضها خمري وأسود.
ويضيف ابن عبد ربه: حيطان المسجد كلها من داخله مرخمة بالرخام والذهب
والفسيفساء أولها وآخرها، وقاع المسجد (الصحن) مفروش بالحصى، ووجه سور
المسجد كله من الخارج منقش بالكدان، وهو حجر التوف، وكذلك الشرفات.
وكان حجم هذه التوسعة (2369) متراً، لتصبح مساحة المسجد النبوي الكلية
بعدها (6440) متراً، وقد جرت هذه التوسعة ما بين (88هـ- 707م)
و(91هـ-710م).
سهر الليالى- المدير العام
- عدد الرسائل : 2727
نقاط : 2028
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
المسجد النبوي
توسعة المهدي العباسي:
زيادة المهدي كانت الأكبر (2450) متراً إلى ما
قبل التوسعة السعودية الأولى، وأصبحت مساحة المسجد النبوي بعدها (8890)
متراً، وقد بدأت عمارة المهدي في عام (162هـ-778م) واستمرت حتى عام
(165هـ- 781م).
وقد احتوى المسجد النبوي بعد هذه العمارة على سبعة
عشر عموداً في الاتجاه الموازي لخط القبلة، وثمانية وعشرين عموداً في
الاتجاه الموازي للحائط الشرقي والغربي، وكان بالمسجد خمسة أروقة بالجناح
الجنوبي (جناح القبلة) وخمسة أروقة بالجناح الشمالي، وثلاثة أروقة بالجهة
الشرقية، وأربعة أروقة بالجهة الغربية، أما الواجهات على الصحن فكان
بالواجهة الجنوبية والشمالية (11) عقداً، وبكل من الواجهة الشرقية والأخرى
الغربية (19) عقداً، وقد وضع في الجزء العلوي من فتحات العقود حواجز
خشبية، يغلب الظن أنها للحماية من الشمس، وعمل في حوائط المسجد (24)
باباً، وزخرف المسجد بالفسيفساء( ).
وحدثت في العصر العباسي مجموعة
من الترميمات والإصلاحات مثل تجديد بعض الأرضيات وتوسعتها، وإصلاح السقف
من جهة القبر النبوي الشريف، وعمل وزرة رخام بارتفاع (1.75م)، وتبليط
الأرض بالرخام الأبيض، وتكسية بالفسيفساء لبعض حوائط المسجد مع ترميم هذه
الحوائط، وتكسية الحوائط الخارجية للقبر النبوي بالرخام.
عمارة المسجد النبوي:
شب حريق في المسجد النبوي الشريف عام (654هـ - 1256م) ووصف السمهودي هذا
الحريق بأنه أتى على سقف المسجد ولم يعد في سقفه خشبة واحدة، وتلف المنبر
والأبواب والخزائن والشبابيك والمقاصير وكسوة الحجرة والكتب، وسلمت القبة
في وسط الصحن المخصصة لحفظ الذخائر وبقيت السواري (الأعمدة) قائمة كأنها
جذوع النخل، إذا هبت الرياح تتمايل، وذاب الرصاص من بعض الأساطين
(الأعمدة) فسقطت، ووقع السقف الذي في أعلى الحجرة على سقف بيت النبي صلى
الله عليه وسلم فوقع جميعاً داخل الحجرة الشريفة، وقد ساهم عدد من الملوك
والرؤساء المسلمين في عمارة المسجد وهم صاحب مصر المنصور نور الدين علي بن
المعز أيبك الصالحي، وصاحب اليمن المظفر شمس الدين يوسف: والسلطان سيف
الدين قطز، والظاهر بيبرس، والناصر محمد بن قلاوون، والأشرف برسباسي،
والظاهر جقمق والسلطان قايتباي( ). وقد اشترك الجميع في إكمال ما عمله كل
واحد منهم، مع تجديد الأجزاء أو جوانب من المسجد الشريف( ).
توسعة عمارة قايتباي:
في عام (886هـ - نوفمبر 1481م) اندلع حريق ثان في المسجد النبوي إثر صاعقة
ضربت المئذنة الجنوبية الشرقية (الرئيسة)، وأدى هذا إلى احتراق المسجد،
كلياً، ولم يسلم من الحريق إلا القبة الداخلية على القبر النبوي والتي
عملت في عمارة قايتباي السابقة، واحترق المنبر والمقصورة، وسقطت عقود
المسجد وأعمدته، وما بقي منها فهو آيل للسقوط، وكذلك ثمَّ هدم ثلث المئذنة
الرئيسة العلوي خوفاً من سقوطه.
ولما علم السلطان الأشرف قايتباي
بأخبار الحريق، أرسل سنقر الجمالي، ومعه عدد من العمال، ثم أرسل الأشرف
قايتباي الشمس بن الزمان( )، وأعادوا بناء المسجد الشريف، وأقاموا العقود
فوق الأساطين لتحمل سقف المسجد، وأقيمت قبة على المحراب العثماني، وقبة
على الحجرة الشريفة، وقبة أخرى في الجهة الشمالية وبجوارها ثلاث قباب،
وأنشئت قبتان أمام باب السلام من الداخل، وبني باب السلام بالرخام الأبيض
والأسود، وزخرف المسجد، وأعيد ترخيم الحجرة الشريفة، كذلك كسي المحراب
بالرخام، وأقيمت منارة تلي باب الرحمة( ).
ووصفت هذه العمارة في
(نزهة الناظرين) قبل هدمها: المسجد النبوي كان أكثره سقوفاً على عبارات
خشب، وعقود من الآجر وأساطين من الحجر الأسود المنحوت قطعاً ململمة موضوعة
أنثى في ذكر بأعمدة الحديد مفرغاً بينها الرصاص مضخمة بتلبيس الجص والنورة
متقاربة بعضها من بعض( ).
أما الوصف العام لهذه العمارة، فقد كان
بالمسجد سبعة أروقة من الشرق إلى الغرب، وبالجانب الشامي أربعة أروقة
وكانت خمس، زيد الخامس في صحن المسجد، وبالجهة الشرقية ثلاثة أروقة من
الجنوب إلى الشمال، وبالجهة الغربية أربعة أروقة، وبلغ عدد الأعمدة في هذه
العمارة (296) عموداً، وأصبح عرض المسجد (761) ذراعاً (حوالي 83.5م)،
وطوله من القبلة إلى الشام (253) ذراعاً (حوالي 126.5م)، وعرضه من المؤخرة
(135) ذراعاً (67.5م)( ).
وقد قدرت هذه التوسعة بأنها (120) متراً
(حوالي 240) ذراعاً، وأصبحت المساحة الإجمالية للمسجد النبوي الشريف
(9010) أمتار، وتمت العمارة سنة (890هـ-1484م).
توسعة وعمارة السلطان عبد المجيد:
استمرت عمارة قايتباي 387 سنة، أجرى العثمانيون خلالها مجموعة من
الترميمات والإصلاحات بدأت بالسلطان سليمان القانوني، ابنه سليم، ومراد
الثالث، والسلطان أحمد الأول، والسلطان مصطفى الثاني، والسلطان أحمد
الثالث، والسلطان محمود الأول، والسلطان عثمان الثالث، وأجريت عمارة كبيرة
في عهد السلطان عبد الحميد الأول، وحظيت قبة القبر النبوي على اهتمام
محمود الثاني، فعملت قبة جديدة وغطيت بالرصاص ودهنت باللون الأخضر( ).
أما زيادة وعمارة السلطان عبد المجيد فقد بدأت سنة (1265هـ- 1848م)،
وانتهت سنة (1277هـ-1861م)، وهي فترة تدل على العناية بالتعمير، وكان
الصرف على بنائه بكل سخاء، وقد قال السيد البرزنجي أنه أنفق على العمارة
(140) كيساً ذهباً كل كيس كان كناية عن خمس ذهبات مجيدية (700 ذهبية) وكل
ذهبية (130) قرشاً (91000) قرشاً رائجاً في ذلك الزمن( ).
واستخدمت
في هذه العمارة الحجارة من جبل في غرب الجماوات بذي الحليفة، وهي من أضخم
العمارات التي أجريت للمسجد النبوي مذ بناه الرسول صلى الله عليه وسلم،
وإلى ما قبل التوسعة السعودية، وقد استخدمت القباب فيه عوضاً عن السقف
الخشبي، وزخرفت القباب بصور طبيعية، وكتب في الجدران الجنوبية آيات من
القرآن الكريم، وأقيمت الأعمدة الرخامية تحمل عقوداً مزينة بالزخارف
الجصية، وتحمل العقود قباب المسجد، وفوق الأعمدة وفي منتصف العقود كتب لفظ
الجلالة، كما كتب اسم الرسول عليه الصلاة والسلام، وكتب كذلك أسماء
الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، وبنيت العمارة العثمانية بطريقة ممتازة،
وقد بقي منها بعد العمارة السعودية الجزء القبلي، ويبدو هذا الجزء حتى
الآن قوياً متماسكاً، وكانت الأبواب في العمارة العثمانية غاية في الإبداع
الفني، وقد بقي منها باب جبريل عليه السلام، وباب الرحمة، وباب السلام،
وباب النساء( ).
وفي عمارة السلطان عبد المجيد توسط المسجد صحن يحيط
به من جهة القبلة اثنا عشر رواقاً، وبالجهة الغربية ثلاثة أروقة، وفي كل
من الجهة الشرقية والجهة الشمالية رواقان، ويختلف عدد الأعمدة على واجهة
الصحن الجنوبية والشمالية نظراً لارتباط جناح القبلة بموضع الأعمدة التي
كانت بالمسجد منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والزيادات اللاحقة.
وعملت الأعمدة من الحجر الأحمر، وغطيت بطبقة من الرخام المزخرف المزين
بماء الذهب، وحافظ المسجد على أبوابه الأربعة الأصلية، ولكن عمل باب في
الزيادة الشمالية للمسجد هو باب المجيدي، وأقيمت المئذنة المجيدية في مكان
المئذنة الخشبية، أما عن طريقة البناء فقد هدم وأقيم المسجد النبوي على
مراحل حتى لا يتعطل الناس عن الصلاة فيه( ).
وحجم التوسعة التي أضافها السلطان عبد المجيد تقدر بـ (1293) متراً، لتصبح مساحة المسجد الإجمالية (10303) أمتار.
الحجرة النبوية الشريفة:
هي كناية عن البيت الذي كان يسكنه النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه الآن
قبره الطاهر، وإلى جواره صاحبيه أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله
عنهما، ومساحته حسبما ذكرنا مربع طول ضلعه (4-4.50م)، وحدود الحجرة
الشريفة، من الشمال يتصل بعضه بدار السيدة فاطمة الزهراء بنت النبي صلى
الله عليه وسلم، ومن قبلة الجنوب طريق يفصل بيت حفصة بنت عمر ابن الخطاب
رضي الله عنهما ، وتقع دار السيدة حفصة في موقف زائر النبي صلى الله عليه
وسلم، والآن داخل مقصورة الحجرة وخارجها، من الشرق الموضع المعروف بمحل
مصلى الجنائز الذي كان صلى الله عليه وسلم يصلي على الجنائز فيه، ويقع
الآن داخل الشباك الشرقي بالنسبة للحجرة المطهرة، ومن الغرب المسجد
النبوي، وقد كان صلى الله عليه وسلم يكشف سجف باب البيت وينظر للمسجد
النبوي، وترجل عائشة شعره، وهو معتكف في المسجد وهي في بيتها( ).
قبر النبي صلى الله عليه وسلم:
وقد دفن النبي صلى الله عليه وسلم بعدما انتقل إلى الرفيق الأعلى في حجرة
بيته المتواضع، وقد جعل الرأس الشريف إلى المغرب، ورجلاه إلى المشرق ووجهه
الكريم إلى القبلة، وكان بينه وبين جدار البيت القبلي قدر شبر وقيل بمقدار
سوط، وبينه وبين الجدار الغربي قدر ذراعين.
قبر أبي بكر الصديق:
وفي الحجرة الشريفة، وبالقرب منه صلى الله عليه وسلم دفن صاحبه وصديقه
ورفيقه في الغار وخليفته أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وقد جعل رأسه إلى
المغرب خلف منكب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجلاه للمشرق، ووجه
للقبلة، وكان دفنه فيها بوصيته رضي الله عنه وموافقة السيدة عائشة.
قبر عمر بن الخطاب:
أرسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسأل السيدة عائشة أن يدفن مع صاحبيه
فقالت: كنت أريده لنفسي فلأوثرنه اليوم، فلما توفي دفن في الحجرة النبوية.
وقال القاسم بن محمد بن أبي بكر، أنه دخل على السيدة عائشة رضي الله
عنها وقال لها: اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم فكشفت له عن
الثلاثة قبور فرأى:
1- رسول الله مقدماً.
2- وأبا بكر رأسه بين كتفي رسول الله.
3- وعمر رأسه عند رجلي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إحداث المقصورة:
كان المسلمون عندما يزورون النبي صلى الله عليه وسلم يستطيعون أن يقفوا
ليس بينهم وبين الوجه الشريف إلا ثلاثة أذرع تقريباً (1.50م)، وكانوا
يقفون عند جدار حظار عمر بن عبد العزيز مباشرة، وفي سنة (668هـ-1269م)
أحدث الظاهر بيبرس صاحب مصر مقصورة بدرابزين من خشب نصبه بين الأساطين
التي تلي الحجرة من جهة الشمال، وقد زاد فيه متهجد النبي صلى الله عليه
وسلم، حيث أدخل في المقصورة الدرابزين نحو قامتين، وقد أخذ مساحة المقصورة
ثلاثة أبواب، باباً في القبلة، وباباً في الشرق. وباباً في الغرب، وجعل
ارتفاع الدرابزين نحو قامتين، وقد أخذ مساحة المقصورة بنفسه وقاس ما حولها
بيده وبحبال في عام (667هـ-1268م).
أول من أحدث القبة:
أول من
أحدث القبة على الحجرة الشرفة هو السلطان قلاوون الصالحي سنة (678هـ1279م)
وجددت في زمن الناصر حسن بن محمد قلاوون سنة (765هـ-1365م) وأصلحت زمن
السلطان قايتباي سنة (881هـ-1476م) وعمرت بعد الحريق الثاني، وأسست لها
دعائم عظيمة في أرض المسجد النبوي، ولما لم يجد الترميم فيها أمر السلطان
قايتباي بهدم أعاليها وأعيدت محكمة البناء بالجبس الأبيض سنة
(892هـ-1487م) وجددت مرة أخرى في زمن السلطان محمود بن عبد الحميد الثاني
عام (1233هـ-1817م) ولا تزال على تلك الحالة حتى الآن.
أما أول من صبغ القبة الخضراء باللون الأخضر فهو السلطان عبد الحميد العثماني، وتم ذلك سنة (1253هـ- 1837م)( ).
الروضة الشريفة:
قال صلى الله عليه وسلم، ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، وهي
البقعة الواقعة بين بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وهو بيت السيدة عائشة
أم المؤمنين عليها رضوان الله، وبين المنبر الشريف.
والروضة المطهرة
تبلغ في الطول حوالي (22) متراً، ونحو (15) متراً في العرض، وهي معروفة
واضحة الآن، وتقع ضمن العمارة المجيدية، وميزت بأعمدة خاصة( ).
منبر المسجد النبوي:
جاء في صحيح البخاري عن حديث جابر، أن امرأة قالت: {يا رسول الله ألا أجعل
شيئاً تقعد عليه، فإن لي غلاماً نجاراً، قال عليه الصلاة والسلام: إن شئت
فعلت المنبر}، وكان هذا المنبر الأول في الإسلام، وقد صنع من ثلاث درجات:
القاعدة ودرجتين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك يخطب يوم الجمعة
مستنداً إلى جذع نخلة، وظل هذا المنبر في عهد الخلفاء الراشدين عليهم
رضوان الله، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقف على الدرجة الثالثة، فلما
ولي أبو بكر رضي الله عنه كان يقف في خطبته على الدرجة الثانية، وكان عمر
بن الخطاب رضي الله عنه يقف على الدرجة السفلى، وهكذا فعل عثمان بن عفان
رضي الله عنه، ولما آلت الخلافة إلى معاوية بن أبي سفيان أصبح المنبر تسع
درجات.
ولما شب الحريق بالمسجد النبوي الشريف عام (654هـ) أرسل المظفر
صاحب اليمن منبراً، له رمانتان من الصندل، فنصب في موضع منبر رسول الله
صلى الله عليه وسلم، وظل عشر سنوات، وفي سنة (664هـ) أرسل الظاهر بيبرس
سلطان مصر منبراً، وكان من الخشب، وعدد درجاته سبع درجات، وجعل له باباً
بمصراعين، ثم أرسل الظاهر برقوق منبراً في سنة (797هـ)، وأرسل الملك
المؤيد شيخ منبراً في سنة (822هـ) احترق في الحريق الثاني سنة (886هـ)
ووضع أهل المدينة منبراً ظل بالمسجد النبوي حتى أرسل السلطان قايتباي
منبراً في سنة (888هـ) وكان من الرخام وظل في موقعه حتى عام (999هـ) عندما
أرسل السلطان العثماني مراد منبراً من الرخام والمرمر، وكان دقيق الصنع،
وغاية في الإبداع الفني، ونقل منبر قايتباي إلى مسجد قباء، وما زال منبر
السلطان مراد بالمسجد النبوي حتى الآن، شف عن دقة العمارة الإسلامية
وروعتها.
منارات المسجد النبوي:
في بنائه صلى الله عليه وسلم،
لم تكن هناك منارات، وهكذا كان حال المسجد النبوي في عهد الخلفاء الراشدين
عليهم رضوان الله، وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أول من أقام المنارات
للمسجد النبوي عندما كان والياً على المدينة المنورة، فشيد أربع منارات في
العمارة التي أشرف عليها في سنة (91هـ)، وظلت المآذن الأربع في العمارة
التي قام بها الخليفة العباسي المهدي، أيضاً كان للمسجد مثل هذا في عمارة
قايتباي.
وفي العمارة العثمانية التي أجراها السلطان عبد المجيد كان
للمسجد النبوي منارة في شماله الغربي، ومنارة في شماله الشرقي، ومنارة في
جنوب شرقي المسجد، وتسمى المنارة الرئيسة وهذا اسمها حتى الآن، وهي تجاور
القبة الخضراء، عمرها الأشرف قايتباي ثلاث مرات، ونزل بأساسها حتى الماء،
وطولها نحو ستين متراً، وهي الآن على عمارة قايتباي، ومنارة باب السلام
وهي من عمارة الناصر محمد قلاوون( ).
وفي مكان منبر الروضة الشريفة
كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس، ولم يكن في عهده صلى الله عليه
وسلم محراب، وأول من أحدث المحراب المجوف هو الخليفة عمر بن عبد العزيز
رضي الله عنه عندما كان أميراً للمدينة المنورة، وأشرف على توسعة وعمارة
الوليد بن عبد الملك للمسجد النبوي الشريف.
أما هذا المحراب فقد صنع
في العهد العثماني، وتم في العهد السعودي ترميمه، وتغيير الفسيفساء
والرخام، وإعادة كتابة الآيات على الرخام وطلائها بماء الذهب الخالص.
وقد استغرق العمل فيه أكثر من سنة، إذ بدأ العمل فيه في شهر صفر عام
1401هـ-ديسمبر 1980م، وانتهى في ربيع الأول عام 1402هـ- يناير 1981م.
زيادة المهدي كانت الأكبر (2450) متراً إلى ما
قبل التوسعة السعودية الأولى، وأصبحت مساحة المسجد النبوي بعدها (8890)
متراً، وقد بدأت عمارة المهدي في عام (162هـ-778م) واستمرت حتى عام
(165هـ- 781م).
وقد احتوى المسجد النبوي بعد هذه العمارة على سبعة
عشر عموداً في الاتجاه الموازي لخط القبلة، وثمانية وعشرين عموداً في
الاتجاه الموازي للحائط الشرقي والغربي، وكان بالمسجد خمسة أروقة بالجناح
الجنوبي (جناح القبلة) وخمسة أروقة بالجناح الشمالي، وثلاثة أروقة بالجهة
الشرقية، وأربعة أروقة بالجهة الغربية، أما الواجهات على الصحن فكان
بالواجهة الجنوبية والشمالية (11) عقداً، وبكل من الواجهة الشرقية والأخرى
الغربية (19) عقداً، وقد وضع في الجزء العلوي من فتحات العقود حواجز
خشبية، يغلب الظن أنها للحماية من الشمس، وعمل في حوائط المسجد (24)
باباً، وزخرف المسجد بالفسيفساء( ).
وحدثت في العصر العباسي مجموعة
من الترميمات والإصلاحات مثل تجديد بعض الأرضيات وتوسعتها، وإصلاح السقف
من جهة القبر النبوي الشريف، وعمل وزرة رخام بارتفاع (1.75م)، وتبليط
الأرض بالرخام الأبيض، وتكسية بالفسيفساء لبعض حوائط المسجد مع ترميم هذه
الحوائط، وتكسية الحوائط الخارجية للقبر النبوي بالرخام.
عمارة المسجد النبوي:
شب حريق في المسجد النبوي الشريف عام (654هـ - 1256م) ووصف السمهودي هذا
الحريق بأنه أتى على سقف المسجد ولم يعد في سقفه خشبة واحدة، وتلف المنبر
والأبواب والخزائن والشبابيك والمقاصير وكسوة الحجرة والكتب، وسلمت القبة
في وسط الصحن المخصصة لحفظ الذخائر وبقيت السواري (الأعمدة) قائمة كأنها
جذوع النخل، إذا هبت الرياح تتمايل، وذاب الرصاص من بعض الأساطين
(الأعمدة) فسقطت، ووقع السقف الذي في أعلى الحجرة على سقف بيت النبي صلى
الله عليه وسلم فوقع جميعاً داخل الحجرة الشريفة، وقد ساهم عدد من الملوك
والرؤساء المسلمين في عمارة المسجد وهم صاحب مصر المنصور نور الدين علي بن
المعز أيبك الصالحي، وصاحب اليمن المظفر شمس الدين يوسف: والسلطان سيف
الدين قطز، والظاهر بيبرس، والناصر محمد بن قلاوون، والأشرف برسباسي،
والظاهر جقمق والسلطان قايتباي( ). وقد اشترك الجميع في إكمال ما عمله كل
واحد منهم، مع تجديد الأجزاء أو جوانب من المسجد الشريف( ).
توسعة عمارة قايتباي:
في عام (886هـ - نوفمبر 1481م) اندلع حريق ثان في المسجد النبوي إثر صاعقة
ضربت المئذنة الجنوبية الشرقية (الرئيسة)، وأدى هذا إلى احتراق المسجد،
كلياً، ولم يسلم من الحريق إلا القبة الداخلية على القبر النبوي والتي
عملت في عمارة قايتباي السابقة، واحترق المنبر والمقصورة، وسقطت عقود
المسجد وأعمدته، وما بقي منها فهو آيل للسقوط، وكذلك ثمَّ هدم ثلث المئذنة
الرئيسة العلوي خوفاً من سقوطه.
ولما علم السلطان الأشرف قايتباي
بأخبار الحريق، أرسل سنقر الجمالي، ومعه عدد من العمال، ثم أرسل الأشرف
قايتباي الشمس بن الزمان( )، وأعادوا بناء المسجد الشريف، وأقاموا العقود
فوق الأساطين لتحمل سقف المسجد، وأقيمت قبة على المحراب العثماني، وقبة
على الحجرة الشريفة، وقبة أخرى في الجهة الشمالية وبجوارها ثلاث قباب،
وأنشئت قبتان أمام باب السلام من الداخل، وبني باب السلام بالرخام الأبيض
والأسود، وزخرف المسجد، وأعيد ترخيم الحجرة الشريفة، كذلك كسي المحراب
بالرخام، وأقيمت منارة تلي باب الرحمة( ).
ووصفت هذه العمارة في
(نزهة الناظرين) قبل هدمها: المسجد النبوي كان أكثره سقوفاً على عبارات
خشب، وعقود من الآجر وأساطين من الحجر الأسود المنحوت قطعاً ململمة موضوعة
أنثى في ذكر بأعمدة الحديد مفرغاً بينها الرصاص مضخمة بتلبيس الجص والنورة
متقاربة بعضها من بعض( ).
أما الوصف العام لهذه العمارة، فقد كان
بالمسجد سبعة أروقة من الشرق إلى الغرب، وبالجانب الشامي أربعة أروقة
وكانت خمس، زيد الخامس في صحن المسجد، وبالجهة الشرقية ثلاثة أروقة من
الجنوب إلى الشمال، وبالجهة الغربية أربعة أروقة، وبلغ عدد الأعمدة في هذه
العمارة (296) عموداً، وأصبح عرض المسجد (761) ذراعاً (حوالي 83.5م)،
وطوله من القبلة إلى الشام (253) ذراعاً (حوالي 126.5م)، وعرضه من المؤخرة
(135) ذراعاً (67.5م)( ).
وقد قدرت هذه التوسعة بأنها (120) متراً
(حوالي 240) ذراعاً، وأصبحت المساحة الإجمالية للمسجد النبوي الشريف
(9010) أمتار، وتمت العمارة سنة (890هـ-1484م).
توسعة وعمارة السلطان عبد المجيد:
استمرت عمارة قايتباي 387 سنة، أجرى العثمانيون خلالها مجموعة من
الترميمات والإصلاحات بدأت بالسلطان سليمان القانوني، ابنه سليم، ومراد
الثالث، والسلطان أحمد الأول، والسلطان مصطفى الثاني، والسلطان أحمد
الثالث، والسلطان محمود الأول، والسلطان عثمان الثالث، وأجريت عمارة كبيرة
في عهد السلطان عبد الحميد الأول، وحظيت قبة القبر النبوي على اهتمام
محمود الثاني، فعملت قبة جديدة وغطيت بالرصاص ودهنت باللون الأخضر( ).
أما زيادة وعمارة السلطان عبد المجيد فقد بدأت سنة (1265هـ- 1848م)،
وانتهت سنة (1277هـ-1861م)، وهي فترة تدل على العناية بالتعمير، وكان
الصرف على بنائه بكل سخاء، وقد قال السيد البرزنجي أنه أنفق على العمارة
(140) كيساً ذهباً كل كيس كان كناية عن خمس ذهبات مجيدية (700 ذهبية) وكل
ذهبية (130) قرشاً (91000) قرشاً رائجاً في ذلك الزمن( ).
واستخدمت
في هذه العمارة الحجارة من جبل في غرب الجماوات بذي الحليفة، وهي من أضخم
العمارات التي أجريت للمسجد النبوي مذ بناه الرسول صلى الله عليه وسلم،
وإلى ما قبل التوسعة السعودية، وقد استخدمت القباب فيه عوضاً عن السقف
الخشبي، وزخرفت القباب بصور طبيعية، وكتب في الجدران الجنوبية آيات من
القرآن الكريم، وأقيمت الأعمدة الرخامية تحمل عقوداً مزينة بالزخارف
الجصية، وتحمل العقود قباب المسجد، وفوق الأعمدة وفي منتصف العقود كتب لفظ
الجلالة، كما كتب اسم الرسول عليه الصلاة والسلام، وكتب كذلك أسماء
الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، وبنيت العمارة العثمانية بطريقة ممتازة،
وقد بقي منها بعد العمارة السعودية الجزء القبلي، ويبدو هذا الجزء حتى
الآن قوياً متماسكاً، وكانت الأبواب في العمارة العثمانية غاية في الإبداع
الفني، وقد بقي منها باب جبريل عليه السلام، وباب الرحمة، وباب السلام،
وباب النساء( ).
وفي عمارة السلطان عبد المجيد توسط المسجد صحن يحيط
به من جهة القبلة اثنا عشر رواقاً، وبالجهة الغربية ثلاثة أروقة، وفي كل
من الجهة الشرقية والجهة الشمالية رواقان، ويختلف عدد الأعمدة على واجهة
الصحن الجنوبية والشمالية نظراً لارتباط جناح القبلة بموضع الأعمدة التي
كانت بالمسجد منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والزيادات اللاحقة.
وعملت الأعمدة من الحجر الأحمر، وغطيت بطبقة من الرخام المزخرف المزين
بماء الذهب، وحافظ المسجد على أبوابه الأربعة الأصلية، ولكن عمل باب في
الزيادة الشمالية للمسجد هو باب المجيدي، وأقيمت المئذنة المجيدية في مكان
المئذنة الخشبية، أما عن طريقة البناء فقد هدم وأقيم المسجد النبوي على
مراحل حتى لا يتعطل الناس عن الصلاة فيه( ).
وحجم التوسعة التي أضافها السلطان عبد المجيد تقدر بـ (1293) متراً، لتصبح مساحة المسجد الإجمالية (10303) أمتار.
الحجرة النبوية الشريفة:
هي كناية عن البيت الذي كان يسكنه النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه الآن
قبره الطاهر، وإلى جواره صاحبيه أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله
عنهما، ومساحته حسبما ذكرنا مربع طول ضلعه (4-4.50م)، وحدود الحجرة
الشريفة، من الشمال يتصل بعضه بدار السيدة فاطمة الزهراء بنت النبي صلى
الله عليه وسلم، ومن قبلة الجنوب طريق يفصل بيت حفصة بنت عمر ابن الخطاب
رضي الله عنهما ، وتقع دار السيدة حفصة في موقف زائر النبي صلى الله عليه
وسلم، والآن داخل مقصورة الحجرة وخارجها، من الشرق الموضع المعروف بمحل
مصلى الجنائز الذي كان صلى الله عليه وسلم يصلي على الجنائز فيه، ويقع
الآن داخل الشباك الشرقي بالنسبة للحجرة المطهرة، ومن الغرب المسجد
النبوي، وقد كان صلى الله عليه وسلم يكشف سجف باب البيت وينظر للمسجد
النبوي، وترجل عائشة شعره، وهو معتكف في المسجد وهي في بيتها( ).
قبر النبي صلى الله عليه وسلم:
وقد دفن النبي صلى الله عليه وسلم بعدما انتقل إلى الرفيق الأعلى في حجرة
بيته المتواضع، وقد جعل الرأس الشريف إلى المغرب، ورجلاه إلى المشرق ووجهه
الكريم إلى القبلة، وكان بينه وبين جدار البيت القبلي قدر شبر وقيل بمقدار
سوط، وبينه وبين الجدار الغربي قدر ذراعين.
قبر أبي بكر الصديق:
وفي الحجرة الشريفة، وبالقرب منه صلى الله عليه وسلم دفن صاحبه وصديقه
ورفيقه في الغار وخليفته أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وقد جعل رأسه إلى
المغرب خلف منكب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجلاه للمشرق، ووجه
للقبلة، وكان دفنه فيها بوصيته رضي الله عنه وموافقة السيدة عائشة.
قبر عمر بن الخطاب:
أرسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسأل السيدة عائشة أن يدفن مع صاحبيه
فقالت: كنت أريده لنفسي فلأوثرنه اليوم، فلما توفي دفن في الحجرة النبوية.
وقال القاسم بن محمد بن أبي بكر، أنه دخل على السيدة عائشة رضي الله
عنها وقال لها: اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم فكشفت له عن
الثلاثة قبور فرأى:
1- رسول الله مقدماً.
2- وأبا بكر رأسه بين كتفي رسول الله.
3- وعمر رأسه عند رجلي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إحداث المقصورة:
كان المسلمون عندما يزورون النبي صلى الله عليه وسلم يستطيعون أن يقفوا
ليس بينهم وبين الوجه الشريف إلا ثلاثة أذرع تقريباً (1.50م)، وكانوا
يقفون عند جدار حظار عمر بن عبد العزيز مباشرة، وفي سنة (668هـ-1269م)
أحدث الظاهر بيبرس صاحب مصر مقصورة بدرابزين من خشب نصبه بين الأساطين
التي تلي الحجرة من جهة الشمال، وقد زاد فيه متهجد النبي صلى الله عليه
وسلم، حيث أدخل في المقصورة الدرابزين نحو قامتين، وقد أخذ مساحة المقصورة
ثلاثة أبواب، باباً في القبلة، وباباً في الشرق. وباباً في الغرب، وجعل
ارتفاع الدرابزين نحو قامتين، وقد أخذ مساحة المقصورة بنفسه وقاس ما حولها
بيده وبحبال في عام (667هـ-1268م).
أول من أحدث القبة:
أول من
أحدث القبة على الحجرة الشرفة هو السلطان قلاوون الصالحي سنة (678هـ1279م)
وجددت في زمن الناصر حسن بن محمد قلاوون سنة (765هـ-1365م) وأصلحت زمن
السلطان قايتباي سنة (881هـ-1476م) وعمرت بعد الحريق الثاني، وأسست لها
دعائم عظيمة في أرض المسجد النبوي، ولما لم يجد الترميم فيها أمر السلطان
قايتباي بهدم أعاليها وأعيدت محكمة البناء بالجبس الأبيض سنة
(892هـ-1487م) وجددت مرة أخرى في زمن السلطان محمود بن عبد الحميد الثاني
عام (1233هـ-1817م) ولا تزال على تلك الحالة حتى الآن.
أما أول من صبغ القبة الخضراء باللون الأخضر فهو السلطان عبد الحميد العثماني، وتم ذلك سنة (1253هـ- 1837م)( ).
الروضة الشريفة:
قال صلى الله عليه وسلم، ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، وهي
البقعة الواقعة بين بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وهو بيت السيدة عائشة
أم المؤمنين عليها رضوان الله، وبين المنبر الشريف.
والروضة المطهرة
تبلغ في الطول حوالي (22) متراً، ونحو (15) متراً في العرض، وهي معروفة
واضحة الآن، وتقع ضمن العمارة المجيدية، وميزت بأعمدة خاصة( ).
منبر المسجد النبوي:
جاء في صحيح البخاري عن حديث جابر، أن امرأة قالت: {يا رسول الله ألا أجعل
شيئاً تقعد عليه، فإن لي غلاماً نجاراً، قال عليه الصلاة والسلام: إن شئت
فعلت المنبر}، وكان هذا المنبر الأول في الإسلام، وقد صنع من ثلاث درجات:
القاعدة ودرجتين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك يخطب يوم الجمعة
مستنداً إلى جذع نخلة، وظل هذا المنبر في عهد الخلفاء الراشدين عليهم
رضوان الله، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقف على الدرجة الثالثة، فلما
ولي أبو بكر رضي الله عنه كان يقف في خطبته على الدرجة الثانية، وكان عمر
بن الخطاب رضي الله عنه يقف على الدرجة السفلى، وهكذا فعل عثمان بن عفان
رضي الله عنه، ولما آلت الخلافة إلى معاوية بن أبي سفيان أصبح المنبر تسع
درجات.
ولما شب الحريق بالمسجد النبوي الشريف عام (654هـ) أرسل المظفر
صاحب اليمن منبراً، له رمانتان من الصندل، فنصب في موضع منبر رسول الله
صلى الله عليه وسلم، وظل عشر سنوات، وفي سنة (664هـ) أرسل الظاهر بيبرس
سلطان مصر منبراً، وكان من الخشب، وعدد درجاته سبع درجات، وجعل له باباً
بمصراعين، ثم أرسل الظاهر برقوق منبراً في سنة (797هـ)، وأرسل الملك
المؤيد شيخ منبراً في سنة (822هـ) احترق في الحريق الثاني سنة (886هـ)
ووضع أهل المدينة منبراً ظل بالمسجد النبوي حتى أرسل السلطان قايتباي
منبراً في سنة (888هـ) وكان من الرخام وظل في موقعه حتى عام (999هـ) عندما
أرسل السلطان العثماني مراد منبراً من الرخام والمرمر، وكان دقيق الصنع،
وغاية في الإبداع الفني، ونقل منبر قايتباي إلى مسجد قباء، وما زال منبر
السلطان مراد بالمسجد النبوي حتى الآن، شف عن دقة العمارة الإسلامية
وروعتها.
منارات المسجد النبوي:
في بنائه صلى الله عليه وسلم،
لم تكن هناك منارات، وهكذا كان حال المسجد النبوي في عهد الخلفاء الراشدين
عليهم رضوان الله، وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أول من أقام المنارات
للمسجد النبوي عندما كان والياً على المدينة المنورة، فشيد أربع منارات في
العمارة التي أشرف عليها في سنة (91هـ)، وظلت المآذن الأربع في العمارة
التي قام بها الخليفة العباسي المهدي، أيضاً كان للمسجد مثل هذا في عمارة
قايتباي.
وفي العمارة العثمانية التي أجراها السلطان عبد المجيد كان
للمسجد النبوي منارة في شماله الغربي، ومنارة في شماله الشرقي، ومنارة في
جنوب شرقي المسجد، وتسمى المنارة الرئيسة وهذا اسمها حتى الآن، وهي تجاور
القبة الخضراء، عمرها الأشرف قايتباي ثلاث مرات، ونزل بأساسها حتى الماء،
وطولها نحو ستين متراً، وهي الآن على عمارة قايتباي، ومنارة باب السلام
وهي من عمارة الناصر محمد قلاوون( ).
وفي مكان منبر الروضة الشريفة
كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس، ولم يكن في عهده صلى الله عليه
وسلم محراب، وأول من أحدث المحراب المجوف هو الخليفة عمر بن عبد العزيز
رضي الله عنه عندما كان أميراً للمدينة المنورة، وأشرف على توسعة وعمارة
الوليد بن عبد الملك للمسجد النبوي الشريف.
أما هذا المحراب فقد صنع
في العهد العثماني، وتم في العهد السعودي ترميمه، وتغيير الفسيفساء
والرخام، وإعادة كتابة الآيات على الرخام وطلائها بماء الذهب الخالص.
وقد استغرق العمل فيه أكثر من سنة، إذ بدأ العمل فيه في شهر صفر عام
1401هـ-ديسمبر 1980م، وانتهى في ربيع الأول عام 1402هـ- يناير 1981م.
سهر الليالى- المدير العام
- عدد الرسائل : 2727
نقاط : 2028
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
المسجد النبوي
الفصل الثاني
التوسعة السعودية الأولى
نظرة الملك عبد العزيز:
ما كان يمكن أن يكون اهتمام المملكة العربية السعودية بالحرمين الشريفين
والمشاعر المقدسة على هذه الدرجة الفائقة لولا نظرة الملك عبد العزيز بن
عبد الرحمن آل سعود رحمه الله الثاقبة إلى المستقبل وبوعي كامل مبني على
فهم واضح للحقائق السياسية والاقتصادية والاجتماعية السائدة في تلك
الفترة، مع وجود قاعدة إيمانية راسخة، إذ كانت تجربة الإمام محمد بن سعود
والشيخ محمد بن عبد الوهاب في أعماقه، باعتبارها تجربة ثرية ناجحة استطاعت
أن تصحح الكثير من الفهوم، وتعيد المسلمين إلى طريق الإسلام الصحيح، وتقضي
على البدع والخرافات، وتفرز مزيجاً حيوياً بين الدين والسياسة على أسس
سليمة.
(ولم يكتف الملك عبد العزيز ببناء هذه الوحدة السياسية
والحفاظ عليها فقط، بل سعى إلى تطويرها وإصلاحها في كافة المجالات، حتى
استطاع بفضل الله عز وجل أن يضع الأساس لنظام إسلامي شديد الثبات
والاستقرار يعالج نظام الحكم والإدارة في الدولة( ).
وليس سراً أن
الملك عبد العزيز عندما دخل مكة المكرمة معتمراً، لم يكن مخططاً لهذه
المرحلة بالشكل الذي وصلت إليه( )وإنما كان هدفه فتح الطريق لحج مواطنيه
الذين حرموا من أداء هذا الركن لأسباب غير موضوعية( ) لكن إرادة الله
سبحانه وتعالى كانت أرحم بسكان شبه الجزيرة العربية ليسخر لهم هذا الفارس
يجمع شتاتها، ويرمم بنيانها، ويعظم شأنها ويبني مع أفرادها أعظم وحدة
عرفها العصر الحديث، فكانت المملكة العربية السعودية التي يقع في قلبها
بيت الله العتيق، ومسجد خاتم الأنبياء والمرسلين، ومن أرضها انبثق شعاع
النور فكانت البعثة النبوية المحمدية هدياً للبشرية كلها.
هذه
الرسالة الواضحة استوعبها الملك عبد العزيز منذ اللحظة الأولى، وبنى أساسه
عليها، وتعلق بها، وربى أبناءه على هديها، وأصبحت الرسالة وكيان الدولة
الوليد يومذاك لحمة واحدة لا تنفصم عراها، ولا يبلى جسمها ولا تتفتت
وحدتها.
حتى أنه عام 1343هـ- عام دخوله مكة المكرمة - وقد أقبل
الحج، والعالم الإسلامي قلق على أوضاع ظن أنها غير مستقرة، وجه الملك عبد
العزيز رحمة الله نداء العالم الإسلامي، تعهد فيه حماية الحجاج، وتحمل
مسؤولية أمنهم أمام الرأي العام العالمي، وأكد أن من جل مقاصدنا خدمة
الإسلام والعالم الإسلامي، وبعد أن شرح لهم الأوضاع أكد من جديد، أننا
نرحب ونبتهج بقدوم وفود حجاج بيت الله الحرام من المسلمين كافة في موسم
هذه السنة، ونتكفل بحلول الله بتأمين راحتهم والمحافظة على جميع حقوقهم
وتسهيل أمر سفرهم إلى مكة المكرمة( ).
ووجد المسلمون عند قدومهم
أمناً مستتباً، وراحة ما عهدوها في حجهم منذ عشرات السنين وسعي من الوهلة
الأولى إلى تقديم: أفضل الخدمات لضيوف الرحمن والأماكن المقدسة، إذ بادر
إلى وضع نظام للحجاج أشرف بنفسه على تنفيذه ليضمن لهم أكبر قدر من الراحة
والأمن والطمأنينة وحفظ أرواحهم وأموالهم، كما اتخذ من التدابير ما يمنع
استغلالهم، وفرض تعريفات بأجور عادية لنقلهم بين الأماكن المقدسة، وعمل
على توفير الأغذية ومياه الشرب النظيفة، وكل مستلزمات الحياة ووسائل
الراحة( ).
المنهج الواضح:
وفي خطب وأقوال الملك عبد العزيز
منهاج محدد مبني على العقيدة الإسلامية ويرتكز على وضوح الفكرة والأهداف:
إن هذا الوطن المقدس، يوجب علينا الاجتهاد فيما يصلح أحواله وإننا جادون
في هذا السبيل قد الطاقة، حتى تتم مقاصدنا في هذه الديار، ويكمل للمسلمين
جميعاً أمنهم وراحتهم، وتتم لجميع الوافدين لمنازل الوحي المساواة في
الحقوق والعد( ).
إن للدول الأجنبية المحترمة علينا حقوقاً ولنا
عليهم حقوق، لهم علينا أن نفي لهم بجميع ما يكون بيننا وبينهم من العهود
((إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا)) [الإسراء:34]، وإن المسلم العربي
ليشين بدينه وشرفه أن يخفر عهداً، أو ينقض وعداً، وإن الصدق أهم ما نحافظ
عليه، إن علينا أن نحافظ على مصالح الأجانب، ومصالح رعاياهم المشروعة،
محافظتنا على أنفسنا ورعايانا، بشرط أن لا تكون المصالح ماسة باستقلال
البلاد الديني والدنيوي، تلك حقوق يجب علينا مراعاتها واحترامها، وسنحافظ
عليها ما حيينا إن شاء الله تعالى.
وأما حقوقنا على الدول وفي
العبارات التالية يحدد الملك عبد العزيز أساس منهجه، وانحيازه التام
والحاسم ليس لمصالح المملكة فحسب، ولكن لما فيه صالح المسلمين، وما
يساعدهم على أدائهم لشعائرهم، فيقول: ففيما يتعلق بهذه الديار، نطلب منهم
أن يسهلوا السبل إلى هذه الديار المقدسة، للحجاج، والزوار والتجار
والوافدين، ثم إن لنا عليهم حقاً فوق هذا كله، وهو أهم شيء يهمنا مراعاته،
فذلك أن لنا في الديار النائية والقصية إخواننا من المسلمين ومن العرب
نطلب مراعاتهم وحفظ حقوقهم، فإن المسلم أخو المسلم، يحنو عليه كما يحنو
على نفسه في أي مكان كان، وإني أؤكد لكم بأن المسلمين عموماً، والعرب
خصوصاً كالأرض الطيبة كلما نزل عليها المطر نبتت نباتاً حسناً، وأن المطر
الذي نطلبه هو الأفعال الجميلة من الحكومات التي لها علاقة بالبلاد التي
يسكنها إخواننا من العرب والمسلمين وإن الأرض الطيبة، هم المسلمون عامة
والعرب خاصة، ولي الأمل الوطيد في أن الحكومات المحترمة ذات العلاقة
بالبلاد الإسلامية والعربية لا تدخر وسعاً في أداء ما للعرب والمسلمين من
الحقوق المشروعة( ) في بلادهم، أسأل الله أن يجعل أفعالنا أصدق من أقوالنا
وأن يوفقنا وإياكم لما فيه الخير والصلاح( ).
وقال رحمه الله في مناسبة أخرى: أنا وأسرتي وشعبي، جند من جنود الله، نسعى لخير المسلمين( ).
وهذا هو القاسم الأعظم في حديثه وخطبه ومقابلاته، الاهتمام بشؤون الإسلام
والمسلمين من منطلق استيعابه لدور بلاده باعتبارها قبلة المسلمين، ومهوى
أفئدتهم، ومن هنا كان اهتمامه عظيماً بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة.
إنجازات أولية:
ومن عظيم اهتمامه رحمه الله بالمسلمين وتسهيل
حججهم وعمراتهم وزياراتهم، عمل في أكثر من اتجاه في وقت واحد منذ البداية،
وهدفه الأساس التخفيف عن ضيوف الرحمن قدر المستطاع، فقام بعمارة في الحرم
المكي الشريف والحرم النبوي وأنشأ مدينة للحجاج في جدة لاستقبالهم
وتوديعهم، وحسن الطرق ووسائل المواصلات وطور الرعاية الصحية، وأنشأ مديرية
عامة للحج لإدارة شؤون الحج، واتخذ القرار المؤثر، فقد ألغى رسوم الحج
اعتباراً من عام 1371هـ (1952م)، وكانت رسوماً باهضة ورثها الملك عبد
العزيز ضمن ما ورث من مشاكل، وكان يقول: أمنيتي في حياتي أن أسقط عن
المسلمين رسوم الحج وعندما حان الوقت طلب من يوسف ياسين أن يبرق إلى وزير
المالية عبد الله السليمان بإعفاء الحجاج من الرسوم، وجاء عبد الله
السليمان إلى الملك عبد العزيز قائلاً يا طويل العمر: ثلاثون ريال( )من
أين أعوضها للميزانية؟ فأجابه: دبر نفسك( ).
وكان صدى الإعلان عنها في جميع بلدان العالم الإسلامي بالغ الأثر، وعلقت كبريات الصحف وجميع محطات الإذاعة مشيدة بهذا القرار( ).
كما اتخذ الملك عبد العزيز رحمه الله خطوة أخرى هامة تتمثل في وصول
البرقيات والرسائل التي تصل باسم الملك عبد العزيز إليه شخصياً، والغرض
الأساسي من هذه الخطوة أن يكون الرجل العادي من الحجاج أقرب إلى المسؤول
الأول من أي شخص آخر وقد يبدو هذا العمل بسيطاً في شكله العادي خصوصاً لمن
لم يعرف الحجاز بعد، ولكن له أهمية كبرى في تدعيم وسائل الإصلاح، وضماناً
لوصول الحاج إلى تحقيق مطالبه( ).
المحور الرئيس:
بهذا الفهم
البين سار الملك عبد العزيز في سياسته، يعطي الأماكن المقدسة كل عنايته
ورعايته وجهده، ويضع المسلمين وأحوالهم في مختلف الأنحاء في قائمة أولياته
ليتكامل الدور الهام الذي قامت وتقوم به المملكة العربية السعودية طوال
السنوات الماضية حتى أصبحت محوراً رئيساً هاماً يدور حوله العالم
الإسلامي، كما يتجه المسلمون في نفس الوقت إلى الكعبة المشرفة في صلواتهم
ودعائهم وحافظت المملكة من خلال أدائها لهذا الدور المزدوج على توازن فاعل
بين اهتمامها الفريد بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وبين رعايتها
للمسلمين في كل مكان، واستطاعت بهذه السياسة اليقينية أن تحقق نجاحاً
باهراً على الصعيدين في الداخل والخارج.
الإرث الإيجابي:
وترك
الملك عبد العزيز لأبنائه من بعده إرثاً إيجابياً ضخماً، رباهم على الحفاظ
عليه، والعناية به، ودربهم على تحمل الأمانة، وعلى السير بها قدماً،
فكانوا خير خلف لخير سلف.
وتعاقب الأبناء من بعده في حمل هذه
الأمانة، فقام كل بدوره كما تعلم من والده، حتى وصل الدور إلى خادم
الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز فكان الابن البار، والأمين على
الإرث، فاكتملت للوطن أسباب قوته ومنعته وازدهاره، جيش قوي، واقتصاد متين،
وعمران شامخ، ونهضة تعليمية واسعة، وإنجازات علمية رائعة، وتقدم طبي هائل،
وصحراء غدت مزروعة بالثمار والأشجار، وبحر محلى ينساب كالأنهار، ويقود
خادم الحرمين الشريفين أكبر حركة بناء وتعمير تشهدها أمة من الأمم في عالم
اليوم من أهمها وأبرزها مشروع الملك فهد لإعمار وتوسعة الحرمين الشريفين
بكم وكيف ليس لهما مثيل عبر التاريخ( ).
وفي عهد خادم الحرمين
الشريفين تضاعف عدد الحجاج عشرات المرات، فعلى مر السنين كان عدد الحجاج
لا يتجاوز بضع عشرات من الألوف، وفي العهد السعودي تضاعف عددهم إلى بضع
مئات من الألوف، وفي أول سنة تولى فيها خادم الحرمين الشريفين مقاليد
الحكم قفز الرقم إلى مليون حاج من خارج المملك وضعفهم من الداخل( ).
الخلاصة:
ومن خلالها هذا الاستعراض السريع نتبين:
أولاً: أن الملك عبد العزيز رحمه الله قد وضع أساساً راسخاً لدولة متماسكة عقيدتها وهويتها ونظامها الإسلام.
ثانياً: جعل أولية أهدافها الاهتمام بالأماكن المقدسة وقضايا المسلمين في كل مكان.
ثالثاً: درب أبناؤه، وأعدهم إعداداً عالياً لحمل الأمانة والمحافظة عليها،
وهكذا اكتملت عناصر البناء المتين، لتكون المملكة العربية السعودية
وولاتها في خدمة الحرمين الشريفين، منذ عهد مؤسسها رحمه الله، وإلى أن
يشاء الله.
وكخلاصة نهائية فإن ما توصلت إليه من رأي نتيجة تجربة
ودراسة لمدة أربعة عقود، هي أن الأمن والسلام في الداخل والخارج، وتوفير
الأسباب التي تؤمن هذا الأمن وهذا السلام للمواطنين ولحجاج بيت الله
الحرام هو الهدف الأسمى للدولة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك
فهد ابن عبد العزيز في الآونة الراهنة، وقد تولى الملك فهد من قبل وزارة
الداخلية، وكان النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وهو مركز يولي الأمن
والسلام رعاية خاصة، ثم أصبح ولياً للعهد ونائباً أول لرئيس مجلس الوزراء
مما زاد في مسؤوليته نحو الأمن والسلام، ليس نحو وطنه فحسب وإنما حيال
المنطقة برمتها وقبال المجتمع الدولي بأجمعه، ومع توليه كامل المسؤولية
كملك على البلاد منذ أكثر من عشر سنوات بدت اتجاهات قوية على الصعيدين
الإقليمي والعالمي، اتجاهات كان لابد من اتخاذ مواقف حازمة وشجاعة
تجاههما، فكان خادم الحرمين الشريفين ابن نجدتها ومن جملة ذلك الموقف
الحاسم المصيري الذي تطوع له تحدياً لغزو الكويت مع الاضطلاع بكامل
المسئولية( ).
التوسعة السعودية الأولى
نظرة الملك عبد العزيز:
ما كان يمكن أن يكون اهتمام المملكة العربية السعودية بالحرمين الشريفين
والمشاعر المقدسة على هذه الدرجة الفائقة لولا نظرة الملك عبد العزيز بن
عبد الرحمن آل سعود رحمه الله الثاقبة إلى المستقبل وبوعي كامل مبني على
فهم واضح للحقائق السياسية والاقتصادية والاجتماعية السائدة في تلك
الفترة، مع وجود قاعدة إيمانية راسخة، إذ كانت تجربة الإمام محمد بن سعود
والشيخ محمد بن عبد الوهاب في أعماقه، باعتبارها تجربة ثرية ناجحة استطاعت
أن تصحح الكثير من الفهوم، وتعيد المسلمين إلى طريق الإسلام الصحيح، وتقضي
على البدع والخرافات، وتفرز مزيجاً حيوياً بين الدين والسياسة على أسس
سليمة.
(ولم يكتف الملك عبد العزيز ببناء هذه الوحدة السياسية
والحفاظ عليها فقط، بل سعى إلى تطويرها وإصلاحها في كافة المجالات، حتى
استطاع بفضل الله عز وجل أن يضع الأساس لنظام إسلامي شديد الثبات
والاستقرار يعالج نظام الحكم والإدارة في الدولة( ).
وليس سراً أن
الملك عبد العزيز عندما دخل مكة المكرمة معتمراً، لم يكن مخططاً لهذه
المرحلة بالشكل الذي وصلت إليه( )وإنما كان هدفه فتح الطريق لحج مواطنيه
الذين حرموا من أداء هذا الركن لأسباب غير موضوعية( ) لكن إرادة الله
سبحانه وتعالى كانت أرحم بسكان شبه الجزيرة العربية ليسخر لهم هذا الفارس
يجمع شتاتها، ويرمم بنيانها، ويعظم شأنها ويبني مع أفرادها أعظم وحدة
عرفها العصر الحديث، فكانت المملكة العربية السعودية التي يقع في قلبها
بيت الله العتيق، ومسجد خاتم الأنبياء والمرسلين، ومن أرضها انبثق شعاع
النور فكانت البعثة النبوية المحمدية هدياً للبشرية كلها.
هذه
الرسالة الواضحة استوعبها الملك عبد العزيز منذ اللحظة الأولى، وبنى أساسه
عليها، وتعلق بها، وربى أبناءه على هديها، وأصبحت الرسالة وكيان الدولة
الوليد يومذاك لحمة واحدة لا تنفصم عراها، ولا يبلى جسمها ولا تتفتت
وحدتها.
حتى أنه عام 1343هـ- عام دخوله مكة المكرمة - وقد أقبل
الحج، والعالم الإسلامي قلق على أوضاع ظن أنها غير مستقرة، وجه الملك عبد
العزيز رحمة الله نداء العالم الإسلامي، تعهد فيه حماية الحجاج، وتحمل
مسؤولية أمنهم أمام الرأي العام العالمي، وأكد أن من جل مقاصدنا خدمة
الإسلام والعالم الإسلامي، وبعد أن شرح لهم الأوضاع أكد من جديد، أننا
نرحب ونبتهج بقدوم وفود حجاج بيت الله الحرام من المسلمين كافة في موسم
هذه السنة، ونتكفل بحلول الله بتأمين راحتهم والمحافظة على جميع حقوقهم
وتسهيل أمر سفرهم إلى مكة المكرمة( ).
ووجد المسلمون عند قدومهم
أمناً مستتباً، وراحة ما عهدوها في حجهم منذ عشرات السنين وسعي من الوهلة
الأولى إلى تقديم: أفضل الخدمات لضيوف الرحمن والأماكن المقدسة، إذ بادر
إلى وضع نظام للحجاج أشرف بنفسه على تنفيذه ليضمن لهم أكبر قدر من الراحة
والأمن والطمأنينة وحفظ أرواحهم وأموالهم، كما اتخذ من التدابير ما يمنع
استغلالهم، وفرض تعريفات بأجور عادية لنقلهم بين الأماكن المقدسة، وعمل
على توفير الأغذية ومياه الشرب النظيفة، وكل مستلزمات الحياة ووسائل
الراحة( ).
المنهج الواضح:
وفي خطب وأقوال الملك عبد العزيز
منهاج محدد مبني على العقيدة الإسلامية ويرتكز على وضوح الفكرة والأهداف:
إن هذا الوطن المقدس، يوجب علينا الاجتهاد فيما يصلح أحواله وإننا جادون
في هذا السبيل قد الطاقة، حتى تتم مقاصدنا في هذه الديار، ويكمل للمسلمين
جميعاً أمنهم وراحتهم، وتتم لجميع الوافدين لمنازل الوحي المساواة في
الحقوق والعد( ).
إن للدول الأجنبية المحترمة علينا حقوقاً ولنا
عليهم حقوق، لهم علينا أن نفي لهم بجميع ما يكون بيننا وبينهم من العهود
((إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا)) [الإسراء:34]، وإن المسلم العربي
ليشين بدينه وشرفه أن يخفر عهداً، أو ينقض وعداً، وإن الصدق أهم ما نحافظ
عليه، إن علينا أن نحافظ على مصالح الأجانب، ومصالح رعاياهم المشروعة،
محافظتنا على أنفسنا ورعايانا، بشرط أن لا تكون المصالح ماسة باستقلال
البلاد الديني والدنيوي، تلك حقوق يجب علينا مراعاتها واحترامها، وسنحافظ
عليها ما حيينا إن شاء الله تعالى.
وأما حقوقنا على الدول وفي
العبارات التالية يحدد الملك عبد العزيز أساس منهجه، وانحيازه التام
والحاسم ليس لمصالح المملكة فحسب، ولكن لما فيه صالح المسلمين، وما
يساعدهم على أدائهم لشعائرهم، فيقول: ففيما يتعلق بهذه الديار، نطلب منهم
أن يسهلوا السبل إلى هذه الديار المقدسة، للحجاج، والزوار والتجار
والوافدين، ثم إن لنا عليهم حقاً فوق هذا كله، وهو أهم شيء يهمنا مراعاته،
فذلك أن لنا في الديار النائية والقصية إخواننا من المسلمين ومن العرب
نطلب مراعاتهم وحفظ حقوقهم، فإن المسلم أخو المسلم، يحنو عليه كما يحنو
على نفسه في أي مكان كان، وإني أؤكد لكم بأن المسلمين عموماً، والعرب
خصوصاً كالأرض الطيبة كلما نزل عليها المطر نبتت نباتاً حسناً، وأن المطر
الذي نطلبه هو الأفعال الجميلة من الحكومات التي لها علاقة بالبلاد التي
يسكنها إخواننا من العرب والمسلمين وإن الأرض الطيبة، هم المسلمون عامة
والعرب خاصة، ولي الأمل الوطيد في أن الحكومات المحترمة ذات العلاقة
بالبلاد الإسلامية والعربية لا تدخر وسعاً في أداء ما للعرب والمسلمين من
الحقوق المشروعة( ) في بلادهم، أسأل الله أن يجعل أفعالنا أصدق من أقوالنا
وأن يوفقنا وإياكم لما فيه الخير والصلاح( ).
وقال رحمه الله في مناسبة أخرى: أنا وأسرتي وشعبي، جند من جنود الله، نسعى لخير المسلمين( ).
وهذا هو القاسم الأعظم في حديثه وخطبه ومقابلاته، الاهتمام بشؤون الإسلام
والمسلمين من منطلق استيعابه لدور بلاده باعتبارها قبلة المسلمين، ومهوى
أفئدتهم، ومن هنا كان اهتمامه عظيماً بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة.
إنجازات أولية:
ومن عظيم اهتمامه رحمه الله بالمسلمين وتسهيل
حججهم وعمراتهم وزياراتهم، عمل في أكثر من اتجاه في وقت واحد منذ البداية،
وهدفه الأساس التخفيف عن ضيوف الرحمن قدر المستطاع، فقام بعمارة في الحرم
المكي الشريف والحرم النبوي وأنشأ مدينة للحجاج في جدة لاستقبالهم
وتوديعهم، وحسن الطرق ووسائل المواصلات وطور الرعاية الصحية، وأنشأ مديرية
عامة للحج لإدارة شؤون الحج، واتخذ القرار المؤثر، فقد ألغى رسوم الحج
اعتباراً من عام 1371هـ (1952م)، وكانت رسوماً باهضة ورثها الملك عبد
العزيز ضمن ما ورث من مشاكل، وكان يقول: أمنيتي في حياتي أن أسقط عن
المسلمين رسوم الحج وعندما حان الوقت طلب من يوسف ياسين أن يبرق إلى وزير
المالية عبد الله السليمان بإعفاء الحجاج من الرسوم، وجاء عبد الله
السليمان إلى الملك عبد العزيز قائلاً يا طويل العمر: ثلاثون ريال( )من
أين أعوضها للميزانية؟ فأجابه: دبر نفسك( ).
وكان صدى الإعلان عنها في جميع بلدان العالم الإسلامي بالغ الأثر، وعلقت كبريات الصحف وجميع محطات الإذاعة مشيدة بهذا القرار( ).
كما اتخذ الملك عبد العزيز رحمه الله خطوة أخرى هامة تتمثل في وصول
البرقيات والرسائل التي تصل باسم الملك عبد العزيز إليه شخصياً، والغرض
الأساسي من هذه الخطوة أن يكون الرجل العادي من الحجاج أقرب إلى المسؤول
الأول من أي شخص آخر وقد يبدو هذا العمل بسيطاً في شكله العادي خصوصاً لمن
لم يعرف الحجاز بعد، ولكن له أهمية كبرى في تدعيم وسائل الإصلاح، وضماناً
لوصول الحاج إلى تحقيق مطالبه( ).
المحور الرئيس:
بهذا الفهم
البين سار الملك عبد العزيز في سياسته، يعطي الأماكن المقدسة كل عنايته
ورعايته وجهده، ويضع المسلمين وأحوالهم في مختلف الأنحاء في قائمة أولياته
ليتكامل الدور الهام الذي قامت وتقوم به المملكة العربية السعودية طوال
السنوات الماضية حتى أصبحت محوراً رئيساً هاماً يدور حوله العالم
الإسلامي، كما يتجه المسلمون في نفس الوقت إلى الكعبة المشرفة في صلواتهم
ودعائهم وحافظت المملكة من خلال أدائها لهذا الدور المزدوج على توازن فاعل
بين اهتمامها الفريد بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وبين رعايتها
للمسلمين في كل مكان، واستطاعت بهذه السياسة اليقينية أن تحقق نجاحاً
باهراً على الصعيدين في الداخل والخارج.
الإرث الإيجابي:
وترك
الملك عبد العزيز لأبنائه من بعده إرثاً إيجابياً ضخماً، رباهم على الحفاظ
عليه، والعناية به، ودربهم على تحمل الأمانة، وعلى السير بها قدماً،
فكانوا خير خلف لخير سلف.
وتعاقب الأبناء من بعده في حمل هذه
الأمانة، فقام كل بدوره كما تعلم من والده، حتى وصل الدور إلى خادم
الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز فكان الابن البار، والأمين على
الإرث، فاكتملت للوطن أسباب قوته ومنعته وازدهاره، جيش قوي، واقتصاد متين،
وعمران شامخ، ونهضة تعليمية واسعة، وإنجازات علمية رائعة، وتقدم طبي هائل،
وصحراء غدت مزروعة بالثمار والأشجار، وبحر محلى ينساب كالأنهار، ويقود
خادم الحرمين الشريفين أكبر حركة بناء وتعمير تشهدها أمة من الأمم في عالم
اليوم من أهمها وأبرزها مشروع الملك فهد لإعمار وتوسعة الحرمين الشريفين
بكم وكيف ليس لهما مثيل عبر التاريخ( ).
وفي عهد خادم الحرمين
الشريفين تضاعف عدد الحجاج عشرات المرات، فعلى مر السنين كان عدد الحجاج
لا يتجاوز بضع عشرات من الألوف، وفي العهد السعودي تضاعف عددهم إلى بضع
مئات من الألوف، وفي أول سنة تولى فيها خادم الحرمين الشريفين مقاليد
الحكم قفز الرقم إلى مليون حاج من خارج المملك وضعفهم من الداخل( ).
الخلاصة:
ومن خلالها هذا الاستعراض السريع نتبين:
أولاً: أن الملك عبد العزيز رحمه الله قد وضع أساساً راسخاً لدولة متماسكة عقيدتها وهويتها ونظامها الإسلام.
ثانياً: جعل أولية أهدافها الاهتمام بالأماكن المقدسة وقضايا المسلمين في كل مكان.
ثالثاً: درب أبناؤه، وأعدهم إعداداً عالياً لحمل الأمانة والمحافظة عليها،
وهكذا اكتملت عناصر البناء المتين، لتكون المملكة العربية السعودية
وولاتها في خدمة الحرمين الشريفين، منذ عهد مؤسسها رحمه الله، وإلى أن
يشاء الله.
وكخلاصة نهائية فإن ما توصلت إليه من رأي نتيجة تجربة
ودراسة لمدة أربعة عقود، هي أن الأمن والسلام في الداخل والخارج، وتوفير
الأسباب التي تؤمن هذا الأمن وهذا السلام للمواطنين ولحجاج بيت الله
الحرام هو الهدف الأسمى للدولة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك
فهد ابن عبد العزيز في الآونة الراهنة، وقد تولى الملك فهد من قبل وزارة
الداخلية، وكان النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وهو مركز يولي الأمن
والسلام رعاية خاصة، ثم أصبح ولياً للعهد ونائباً أول لرئيس مجلس الوزراء
مما زاد في مسؤوليته نحو الأمن والسلام، ليس نحو وطنه فحسب وإنما حيال
المنطقة برمتها وقبال المجتمع الدولي بأجمعه، ومع توليه كامل المسؤولية
كملك على البلاد منذ أكثر من عشر سنوات بدت اتجاهات قوية على الصعيدين
الإقليمي والعالمي، اتجاهات كان لابد من اتخاذ مواقف حازمة وشجاعة
تجاههما، فكان خادم الحرمين الشريفين ابن نجدتها ومن جملة ذلك الموقف
الحاسم المصيري الذي تطوع له تحدياً لغزو الكويت مع الاضطلاع بكامل
المسئولية( ).
سهر الليالى- المدير العام
- عدد الرسائل : 2727
نقاط : 2028
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
المسجد النبوي
كانت نعمة من الله سبحانه وتعالى أن أصبح الملك عبد العزيز رحمه الله
خادما للحرم النبوي عام (1344م) بعد مضي شهور قليلة من تشرفه بخدمة الحرم
المكي الشريف، وهو شرف لا يدانيه شرف، ونعمة من الله لا تسمو إليها نعمة،
ولهذا كان اغتباط الملك عبد العزيز عظيماً على هذا الشرف الذي خصه الله
به، فكان شاكراً ذاكراً، حامداً الله، ومصلياً على رسوله وخاتم أنبيائه
صلى الله عليه وسلم، ولهذا كان دخوله إلى المسجد النبوي، وتشرفه بالسلام
على رسول الله صلى الله عليه وسلم مبعث سعادة غامرة فقد (ساروا جميعاً حتى
أقبلوا على مسجد أفضل الرسل وخاتمهم صلى الله عليه وسلم، فدخلوا وقد ظهر
على وجوههم الحب الصادق والتعظيم والتوقير لخير الرسل صلى الله عليه وسلم،
وصلوا ركعتين تحية للمسجد وحمدوا الله على بلوغ المرام، ثم قدم جلالة
الملك أيده الله ومن معه إلى الحجرة الشريفة ووقفوا على ضريحه صلى الله
عليه وسلم ودعوا بالدعاء المأثور..( ).
ولم يفت الملك عبد العزيز
رحمه الله أن يلحظ حاجة المسجد النبوي إلى بعض الترميمات، وإلى حاجة
المسجد لتوسعة تلبي ازدياد إقبال الزوار على الحرم النبوي الشريف، فبدأ
بالترميمات بعد دراسة وإعداد جيدين، فأجريت إصلاحات في أرضية الأروقة
المحيطة بالصحن عام (1348هـ - 1929-30م) ثم أصلحت بعض الأعمدة بالأروقة
الشرقية والغربية عام (1350هـ-1931-2م)( ).
فكرة التوسعة السعودية:
ولم يكن التفكير في مشروع توسعة المسجد النبوي طارئاً لدى المغفور له
جلالة الملك عبد العزيز ابن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود، بل كان يجول في
نفسه هذا المشروع منذ أمد ليس بالقصر حتى أذن الله سبحانه وتعالى لتحقيق
هذه الخاطرة بالظهور إلى حيز الوجود فبرز إلى العالم الإسلام بالفخر
المجيد( ) (فقد لاحظ الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - ضيق المسجد
بالمصلين الذين تتزايد أعدادهم عاماً بعد عام، إضافة إلى ما رفع إليه عن
حدوث بعض التشققات في بعض الجدر بالجهة الشمالية للبناء وخيف على بعض
أساطين المسجد، وعلى بعض المآذن من تسرب الخلل إليها( )) فكان ذلك حافزاً
للملك عبد العزيز أن يعلن بدء خططه لتوسعة وعمارة المسجد النبوي الشريف.
(ففي الثاني عشر من شهر شعبان سنة 1368هـ (9/6/1949م) تفضل جلالة الملك
عبد العزيز بن عبد الرحمن فأصدر كتاباً مفتوحاً موجهاً إلى المسلمين في
مشارق الأرض ومغاربها يبشر فيه العلم الإسلامي بعزمه على توسعة المسجد
النبوي الشريف).
وقد نشر ذلك الخطاب في جريدة المدينة المنورة برقم 27/4/378، وتاريخ 12/8/1368هـ، في عددها رقم (301) الصادر في 5/9/1368هـ( ).
وقد بدأت الدراسات، واستغرقت حوالي سنتين، بما في ذلك إعداد المعدات
والآليات واستقدام المهندسين والفنيين والحرفيين العمال اللازمين لمشروع
ضخم كهذا، وقد حرص الملك عبد العزيز آل سعود على تحقيق أعلى مستويات
الجودة والإتقان في تنفيذ مشروع التوسعة السعودية الأولى( ).
وأصدر
الملك عبد العزيز أمره إلى الشيخ محمد عوض بن لادن لتنفيذ التوسعة، وصرف
ما يحتاجه المشروع من نفقات دون قيد أو شرط، مع توسيع الطرق التي حول
المسجد( ).
وأمر رحمه الله بالإبقاء على قسم من العمارة المجيدية
للمسجد النبوي الشريف، وأن يبقى أفضل وأروع ما في البناء القديم للمسجد
على ما هو عليه دون تغيير أو تبديل، ألا وهو الرواق القبلي بما في ذلك
الروضة المطهرة الوارد فيها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم {ما بين
بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة}،( ).
وأول ما بدئ به من تنفيذ
المشروع المعماري في اليوم الخامس من شهر شوال (1370هـ) هو هدم الدور
المحيطة بالمسجد التي انتزعت ملكيتها مقابل تعويضات سخية، وقد روعي في
تقدير التعويضات مصالح أرباب الأملاك، وقدرت لهم بأثمان غالية حسب
التوصيات الملكية الكريمة بأن يعوض أصحاب الدور والدكاكين فوق أثمانها( ).
واستجابة للرغبة الملكية السامية، فقد روعي عند تنفيذ المشروع تحقيق
عنصر الانسجام المعماري ما بين التوسعة السعودية الأولى، وما تقرر الإبقاء
عليه من عمارة السلطان عبد المجيد الثاني المعروفة باسم العمارة المجيدية،
فأزيل من العمارة المجيدية ما مساحته (6247) متراً مربعاً، فكانت أوسع
توسعة تتم في المسجد النبوي الشريف منذ إنشائه وحتى ذلك التاريخ( ).
وضع حجر الأساس:
واستمر الهدم ونقل الأنقاض وإزالتها حتى أول عام 1372هـ، وبدئ في حفر
الأساسات في الرابع والعشرين من شهر رمضان سنة 1372هـ، وزار الملك سعود
رحمه الله المشروع في 13/3/1372هـ، وكان ولياً للعهد ووضع حجر الأساس،
وبنى بيده أربعة أحجار في إحدى زوايا الجدار الغربي مما يلي باب الرحمة،
وقال: (فإنني أحمد الله تعالى الذي وفق مولاي صاحب الجلالة ملك المملكة
العربية السعودية وخادم الحرمين الشريفين لإصلاح وعمارة المسجد النبوي
الكريم وتوسعته، إذ أمر وزير المالية عبد الله السليمان بتنفيذه على نفقة
جلالته الخاصة، وتولاه محمد بن لادن المدير العام للإنشاءات الحكومية،
وإنه لمن حسن توفيق الله لي أن شرفني مولاي والدي صاحب الجلالة بالنيابة
عنه في وضع الحجر الأساس لهذا العمل الجليل، وها أني باسم الله وعلى بركته
أضح الحجر الأساس بالنيابة عن جلالته وبالأصالة عن نفسي في هذا اليوم
المبارك (الاثنين) الثالث عشر من شهر ربيع الأول من سنة ألف وثلاثمائة
واثنين وسبعين هجرية داعياً الله أن يوفق لإتمامه على خير ما نتمناه
والسلام..( ).
وصف العمارة السعودية:
أصبحت هذه التوسعة
السعودية الأولى مضرب الأمثال في القوة والمتانة وحسن الشكل، وتناولت هدم
الأروقة الثلاثة القديمة: الشرقي والغربي والشمالي، وأعيد بناؤها، وتوسعة
الحرم وتكبيره بحيث زادت مساحته عند الانتهاء من التوسعة السعودية الأولى-
بمقدار ثلاثة أخماس المساحة القديمة، وشراء جميع الأبنية المحيطة آنذاك
بالمسجد النبوي الشريف.
وأصبحت الجوانب الثلاثة للحرم مبنية على
طراز حديث بارتفاع سبعة عشر متراً، وتم الحرص على أن يكون ارتفاع رؤوس
الأعمدة الجديدة مساوياً لارتفاع رؤوس الأعمدة التي لم تهدم بالرواق
القبلي، أساسها وبناؤها جميعاً من الأسمنت المسلح، وجميع أعمدتها من
المسلح كذلك، فقواعد الأعمدة المسلحة غطيت بالرخام الأسود المبرقش، وطليت
الأعمدة المسلحة بلون بني هذا التيجان وضعت مصابيح أربعة في كل جانب مصباح
صنع من النحاس الأصفر، والزجاج المتين في شكل فخم متناسق، وقد ركبت هذه
المصابيح فوق الأعمدة وتحت منحنيات الأقواس، والمنحنى قوس مسلح غطي بالحجر
الصناعي، وتنتهي هذه الأقواس إلى السقف..
وقد كان صحن المسجد واحداً
تحيط به الجوانب الأربعة، فأصبح بعد التوسعة السعودية الأولى قسمين
يفصلهما جزء مسقوف من العمارة الحديثة حتى يقي المصلين والوزراء حرارة
الشمس، وكل أقسام المسجد مسقوفة، غطيت بالرخام الجيد، أما الصحن فإنه فرش
بالرمل الخشن (الحصى) المائل لونه إلى الحمرة( ).
وقد أقيمت التوسعة
كمبنى هيكلي من الخرسانة المسلحة، عبارة عن أعمدة تحمل عقوداً مدببة برجل،
وقسم السقف إلى مسطحات مربعة شكلت على نمط الأسقف الخشبية، زخرفت بأشكال
نباتية وعملت للأعمدة المستديرة تيجان من البرونز زخرفت أيضاً بزخارف
نباتية، وكسيت الأعمدة بالورق (البياض) المزايكو، وغطيت قواعد الأعمدة
بالرخام( ).
أما المئذنتان بالجهة الشمالية فتتكون كل واحدة من
أربعة طوابق: السفلى مربع يستمر أعلى سطح المسجد، وينتهي بمقرنصات تحمل
أعلاها شرفة مربعة، أما الطابق الثاني فهو مثمن زين بعقود تنتهي بشكل
مثلثات، وينتهي في أعلاه بمقرنصات تعلوها شرفة والطابق الثالث مستدير بنفس
ارتفاع الطابق الثاني تقريباً، حلي بدالات ملونة، وينتهي بمقرنصات تحمل
أعلها شرفة دائرية، أما الطابق الرابع (الجوسق) فقد ارتفع عن الوضع
المألوف وينتهي بمقرنصات من أعلى أيضاً تعلوها شرفة( ).
التوسعة والعمارة:
كانت مساحة المسجد النبوي قبل التوسعة السعودية (10303) أمتار مربعة، أضيف
إليها (6024)م2 في التوسعة السعودية التي أمر بها الملك عبد العزيز رحمه
الله، ليصبح المجموع (16327)م2.
وقد هدم من العمارة المجيدية (6247)م، أعيد بناؤها على نفس نسق العمارة السعودية، فتكون الزيادة السعودية الأولى 6024م2
الجزء الذي هدم من العمارة المجيدية 6247
مجموع العمارة السعودية الأولى 12271م2 بما فيها الجزء المهدوم من العمارة المجيدية.
إحصائيات عن التوسعة:
لنعطي لمحة رقمية واضحة للتوسعة السعودية الأولى، نقدم إحصائية موجزة عن عناصر العمارة التي تمت خلالها، وهذه العناصر هي:
عدد الأعمدة المحيطة بالجدار 474عموداً مربعاً
عدد الأعمدة المستديرة في العمارة الجديد 232 عموداً مستديراً
الجدار الشرقي 128متراً طولياً
الجدار الغربي 128 متراً طولياً
الجدار الشمالي 091 متراً طولياً
البواكي الشمالية 005 أروقة شمالية
البواكي الشرقية 003 أروقة شرقية
البواكي الغربية 003 أروقة غربية
الأبواب الجديدة 009 أبواب
الحصاوي 002 رحبتان مفروشتان بالحصباء
العقود 689 عقداً
النوافذ 044 نافذة
عدد المآذن 002 مئذنتان( ).
وبهذا يكون عدد الأروقة في التوسعة السعودية خمسة عشر رواقاً، وسبعمائة
وستة أعمدة مربعة مستديرة، وستمائة وتسعة وثمانين عقداً، إضافة إلى
الأبواب والنوافذ.
أما عمق الأساسات، فبنسبة للمآذن، فقد كان سبعة
عشر متراً، وارتفاع كل واحدة سبعون متراً في السماء، وعمق أساس الجدران
والأعمدة كان خمسة أمتار.
شوارع وميادين:
وفي هذه التوسعة و
للمرة الأولى شقت شوارع، وخططت ميادين لتكون منطقة توصيل وتوزيع وخدمة
للمسجد النبوي الشريف، وعددها ستة شوارع رئيسة، إضافة إلى ثلاثة شوارع تمت
توسعتها، وثلاثة ميادين، وهي:
1- الشارع الرئيس الذي يبدأ من باب الملك عبد العزيز الذي أنشئ في التوسعة، في اتجاه ميدان البقيع.
2- الشارع الرئيس الممتد من الجنوب، من شارع درب الجنايز متجهاً إلى المسجد النبوي الشريف، وينتهي عند باب السلام.
3- الشارع الرئيس الممتد من ميدان البقيع حتى طريق المطار عند باب الصدقة.
4- الشارع الغربي، الذي يقع في الجانب الغربي من المسجد النبوي، وقد أنشئت
على ضفته بنايات على الطراز الحديث، وصارت أوقافاً لصالح الحرم النبوي.
5- الشارع الشرقي، وقد هدمت الدور الواقعة في المنطقة، وفتح شارع رئيس يمتد من الجنوب إلى الشمال.
6- الشارع الجنوبي من الشرق إلى الغرب.
وقد تمت توسعة ثلاثة شوارع هي: شارع الباب المجيدي، وشارع الرومية رقم (1)، وشارع الرومية رقم (2).
أما الميادين التي أنشئت حول المسجد النبوي الشريف فهي:
1- ميدان باب السلام، ويقع غرب المسجد النبوي الشريف على مساحة تبلغ
(3000) متراً مسطحاً، وقد كانت المنطقة مكتظة بالبيوت والدكاكين، فتم نزع
ملكيتها لصالح الميدان، وتطل على هذا الميدان الأبواب الثلاثة: باب
السلام، باب الصديق، باب الرحمة.
2- ميدان الباب المجيدي، ويقع
شمالي المسجد، وتبلغ مساحته (5000) متراً مسطحاً، وكان كسابقه مليئاً
بالبيوت والدكاكين، فانتزعت لصالح الميدان فصار ميداناً فسيحاً أمام
العمارة الحديثة للمسجد.
3- ميدان باب جبريل في الناحية الشرقية، وتبلغ مساحته (1500) متراً مسطحاً( ).
أبواب المسجد النبوي:
أما أبواب المسجد النبوي الشريف، فقد كان عددها قبل التوسعة السعودية الأولى خمسة أبواب هي:
1- باب السلام.
2- باب الرحمة ويسمى أيضاً باب عاتكة.
3- باب جبريل، ويسمى أيضاً باب النبي أو باب آل عثمان.
4- باب النساء.
5- باب الصديق.
وقد تمت زيادة خمسة أبواب في التوسعة السعودية الأولى، وهي باب الملك عبد
العزيز، وهو مؤلف من ثلاثة أبواب متجاورة تطل على شارع الملك عبد العزيز
2- باب عثمان بن عفان.
3- باب المجيدي.
4- باب عمر بن الخطاب.
5- باب الملك.
وهو عبارة عن ثلاثة أبواب متجاورة تواجه باب الملك عبد العزيز من الجهة الغربية.
إضاءة المسجد النبوي:
وقد أنشئت محطة لتوليد الكهرباء خاصة بالمسجد النبوي، وأقيمت في آبار علي
(ذو الحليفة ميقات أهل المدينة) وقد تم الحرص على أن تكون الإضاءة منسجمة
مع طراز العمارة، وقد زود المسجد النبوي بـ(1011) مصباحاً في أعلى
الأعمدة، و(1400) مصباح دائري، و(16) مصباحاً في زوايا العقود.
مصاريف العمارة:
وقد صرف على التوسعة بما يشمل نزع ملكيات الدور والدكاكين وتعويضها حوالي
سبعين مليون ريال، منها (40) مليون ريال لصالح التعويضات و(30) مليون ريال
للعمارة( ).
تجهيزات العمارة:
عندما أوكل الملك عبد العزيز طيب
الله ثراه توسعة وعمارة المسجد النبوي للشيخ محمد بن لادن رحمه الله، كان
لابد من التجهيز، وإعداد مجموعة من المواقع التي تساعد على إنجاز هذه
التوسعة على أعلى مستوى من الجودة فتم تأسيس مكتب توسعة المسجد النبوي،
وعين الشيخ محمد صالح قزاز رحمه الله مدير عاماً، وتشكلت أقسام إدارية
رئيسة وفروع وهيئة فنية على مستوى عال من كبار المهندسين، وصناع مهرة،
إضافة إلى الآليات والمعدات الحديثة، واستغرق الإعداد سنتين تقريباً.
وقد تم إنشاء مصنع خاص لعمل الأحجار الصناعية (المزايكو) وزود بكافة
الأدوات والمعدات الميكانيكية، كما أنشئت ورشة ميكانيكية لصيانة المعدات
والآلات، وعمل في المشروع أكثر من ألف وخمسمائة عامل، غير الإداريين
المهدنسين والفنيين والصناع المهرة ويصل عددهم حوالي ثلاثمائة شخص، وأكثر
من أربعين قطعة من الرافعات والسيارات الضخمة وآلات العامرة الحديثة، وقد
وصلت إلى ميناء ينبع القريب من المدينة المنورة ثلاثين سفينة أفرغت في
الميناء ما يزيد على ثلاثين ألف طن من الحديد والأسمنت والأخشاب ومواد
البناء المختلفة.
افتتاح التوسعة السعودية:
وقد احتفل يوم
السبت 5/3/1375هـ الموافق 22/10/1955م بانتهاء أعمال التوسعة السعودية
الأولى التي استغرق العمل فيها أكثر من سبع سنوات (1368هـ-1375هـ)، وقد
أقيم الحفل تحت رعاية الملك سعود بن عبد العزيز رحمه الله وحضرته وفود
إسلامية من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، ونم داخل المملكة، وألقيت كلمات
وقصائد بهذه المناسبة.
ومن ضمن الكلمات التي ألقيت في الحفل كلمة
للدكتور عبد الوهاب عزام سفير مصر في المملكة قال في جزء منها (فلما أشيع
في العالم الإسلامي أن المسجد النبوي في حاجة إلى الترميم والتعمير،
وتنادى المسلمون للتعاون في هذا العمل الجليل، أبى المغفور له الملك عبد
العزيز إلا أن يحمل وحده هذا العبء، وينفرد بهذا الشرف، ويحظى عند الله
سبحانه وتعالى بهذه المثوبة( ).
وهكذا كانت كلمة الحق دلالة قاطعة
على حرص الملك عبد العزيز، وحرص أبنائه من بعده أن يكون الحرم المكي
الشريف، والحرم النبوي الشريف مسؤوليتهم الكاملة، ترتكز على هذا الشرف
العظيم الذي من الله به على هذه البلاد وأهلها وولاة أمرها أن يكونوا
مجاورين للحرمين الشريفين والأماكن المقدسة، وخداماً أمناء لها.
خادما للحرم النبوي عام (1344م) بعد مضي شهور قليلة من تشرفه بخدمة الحرم
المكي الشريف، وهو شرف لا يدانيه شرف، ونعمة من الله لا تسمو إليها نعمة،
ولهذا كان اغتباط الملك عبد العزيز عظيماً على هذا الشرف الذي خصه الله
به، فكان شاكراً ذاكراً، حامداً الله، ومصلياً على رسوله وخاتم أنبيائه
صلى الله عليه وسلم، ولهذا كان دخوله إلى المسجد النبوي، وتشرفه بالسلام
على رسول الله صلى الله عليه وسلم مبعث سعادة غامرة فقد (ساروا جميعاً حتى
أقبلوا على مسجد أفضل الرسل وخاتمهم صلى الله عليه وسلم، فدخلوا وقد ظهر
على وجوههم الحب الصادق والتعظيم والتوقير لخير الرسل صلى الله عليه وسلم،
وصلوا ركعتين تحية للمسجد وحمدوا الله على بلوغ المرام، ثم قدم جلالة
الملك أيده الله ومن معه إلى الحجرة الشريفة ووقفوا على ضريحه صلى الله
عليه وسلم ودعوا بالدعاء المأثور..( ).
ولم يفت الملك عبد العزيز
رحمه الله أن يلحظ حاجة المسجد النبوي إلى بعض الترميمات، وإلى حاجة
المسجد لتوسعة تلبي ازدياد إقبال الزوار على الحرم النبوي الشريف، فبدأ
بالترميمات بعد دراسة وإعداد جيدين، فأجريت إصلاحات في أرضية الأروقة
المحيطة بالصحن عام (1348هـ - 1929-30م) ثم أصلحت بعض الأعمدة بالأروقة
الشرقية والغربية عام (1350هـ-1931-2م)( ).
فكرة التوسعة السعودية:
ولم يكن التفكير في مشروع توسعة المسجد النبوي طارئاً لدى المغفور له
جلالة الملك عبد العزيز ابن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود، بل كان يجول في
نفسه هذا المشروع منذ أمد ليس بالقصر حتى أذن الله سبحانه وتعالى لتحقيق
هذه الخاطرة بالظهور إلى حيز الوجود فبرز إلى العالم الإسلام بالفخر
المجيد( ) (فقد لاحظ الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - ضيق المسجد
بالمصلين الذين تتزايد أعدادهم عاماً بعد عام، إضافة إلى ما رفع إليه عن
حدوث بعض التشققات في بعض الجدر بالجهة الشمالية للبناء وخيف على بعض
أساطين المسجد، وعلى بعض المآذن من تسرب الخلل إليها( )) فكان ذلك حافزاً
للملك عبد العزيز أن يعلن بدء خططه لتوسعة وعمارة المسجد النبوي الشريف.
(ففي الثاني عشر من شهر شعبان سنة 1368هـ (9/6/1949م) تفضل جلالة الملك
عبد العزيز بن عبد الرحمن فأصدر كتاباً مفتوحاً موجهاً إلى المسلمين في
مشارق الأرض ومغاربها يبشر فيه العلم الإسلامي بعزمه على توسعة المسجد
النبوي الشريف).
وقد نشر ذلك الخطاب في جريدة المدينة المنورة برقم 27/4/378، وتاريخ 12/8/1368هـ، في عددها رقم (301) الصادر في 5/9/1368هـ( ).
وقد بدأت الدراسات، واستغرقت حوالي سنتين، بما في ذلك إعداد المعدات
والآليات واستقدام المهندسين والفنيين والحرفيين العمال اللازمين لمشروع
ضخم كهذا، وقد حرص الملك عبد العزيز آل سعود على تحقيق أعلى مستويات
الجودة والإتقان في تنفيذ مشروع التوسعة السعودية الأولى( ).
وأصدر
الملك عبد العزيز أمره إلى الشيخ محمد عوض بن لادن لتنفيذ التوسعة، وصرف
ما يحتاجه المشروع من نفقات دون قيد أو شرط، مع توسيع الطرق التي حول
المسجد( ).
وأمر رحمه الله بالإبقاء على قسم من العمارة المجيدية
للمسجد النبوي الشريف، وأن يبقى أفضل وأروع ما في البناء القديم للمسجد
على ما هو عليه دون تغيير أو تبديل، ألا وهو الرواق القبلي بما في ذلك
الروضة المطهرة الوارد فيها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم {ما بين
بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة}،( ).
وأول ما بدئ به من تنفيذ
المشروع المعماري في اليوم الخامس من شهر شوال (1370هـ) هو هدم الدور
المحيطة بالمسجد التي انتزعت ملكيتها مقابل تعويضات سخية، وقد روعي في
تقدير التعويضات مصالح أرباب الأملاك، وقدرت لهم بأثمان غالية حسب
التوصيات الملكية الكريمة بأن يعوض أصحاب الدور والدكاكين فوق أثمانها( ).
واستجابة للرغبة الملكية السامية، فقد روعي عند تنفيذ المشروع تحقيق
عنصر الانسجام المعماري ما بين التوسعة السعودية الأولى، وما تقرر الإبقاء
عليه من عمارة السلطان عبد المجيد الثاني المعروفة باسم العمارة المجيدية،
فأزيل من العمارة المجيدية ما مساحته (6247) متراً مربعاً، فكانت أوسع
توسعة تتم في المسجد النبوي الشريف منذ إنشائه وحتى ذلك التاريخ( ).
وضع حجر الأساس:
واستمر الهدم ونقل الأنقاض وإزالتها حتى أول عام 1372هـ، وبدئ في حفر
الأساسات في الرابع والعشرين من شهر رمضان سنة 1372هـ، وزار الملك سعود
رحمه الله المشروع في 13/3/1372هـ، وكان ولياً للعهد ووضع حجر الأساس،
وبنى بيده أربعة أحجار في إحدى زوايا الجدار الغربي مما يلي باب الرحمة،
وقال: (فإنني أحمد الله تعالى الذي وفق مولاي صاحب الجلالة ملك المملكة
العربية السعودية وخادم الحرمين الشريفين لإصلاح وعمارة المسجد النبوي
الكريم وتوسعته، إذ أمر وزير المالية عبد الله السليمان بتنفيذه على نفقة
جلالته الخاصة، وتولاه محمد بن لادن المدير العام للإنشاءات الحكومية،
وإنه لمن حسن توفيق الله لي أن شرفني مولاي والدي صاحب الجلالة بالنيابة
عنه في وضع الحجر الأساس لهذا العمل الجليل، وها أني باسم الله وعلى بركته
أضح الحجر الأساس بالنيابة عن جلالته وبالأصالة عن نفسي في هذا اليوم
المبارك (الاثنين) الثالث عشر من شهر ربيع الأول من سنة ألف وثلاثمائة
واثنين وسبعين هجرية داعياً الله أن يوفق لإتمامه على خير ما نتمناه
والسلام..( ).
وصف العمارة السعودية:
أصبحت هذه التوسعة
السعودية الأولى مضرب الأمثال في القوة والمتانة وحسن الشكل، وتناولت هدم
الأروقة الثلاثة القديمة: الشرقي والغربي والشمالي، وأعيد بناؤها، وتوسعة
الحرم وتكبيره بحيث زادت مساحته عند الانتهاء من التوسعة السعودية الأولى-
بمقدار ثلاثة أخماس المساحة القديمة، وشراء جميع الأبنية المحيطة آنذاك
بالمسجد النبوي الشريف.
وأصبحت الجوانب الثلاثة للحرم مبنية على
طراز حديث بارتفاع سبعة عشر متراً، وتم الحرص على أن يكون ارتفاع رؤوس
الأعمدة الجديدة مساوياً لارتفاع رؤوس الأعمدة التي لم تهدم بالرواق
القبلي، أساسها وبناؤها جميعاً من الأسمنت المسلح، وجميع أعمدتها من
المسلح كذلك، فقواعد الأعمدة المسلحة غطيت بالرخام الأسود المبرقش، وطليت
الأعمدة المسلحة بلون بني هذا التيجان وضعت مصابيح أربعة في كل جانب مصباح
صنع من النحاس الأصفر، والزجاج المتين في شكل فخم متناسق، وقد ركبت هذه
المصابيح فوق الأعمدة وتحت منحنيات الأقواس، والمنحنى قوس مسلح غطي بالحجر
الصناعي، وتنتهي هذه الأقواس إلى السقف..
وقد كان صحن المسجد واحداً
تحيط به الجوانب الأربعة، فأصبح بعد التوسعة السعودية الأولى قسمين
يفصلهما جزء مسقوف من العمارة الحديثة حتى يقي المصلين والوزراء حرارة
الشمس، وكل أقسام المسجد مسقوفة، غطيت بالرخام الجيد، أما الصحن فإنه فرش
بالرمل الخشن (الحصى) المائل لونه إلى الحمرة( ).
وقد أقيمت التوسعة
كمبنى هيكلي من الخرسانة المسلحة، عبارة عن أعمدة تحمل عقوداً مدببة برجل،
وقسم السقف إلى مسطحات مربعة شكلت على نمط الأسقف الخشبية، زخرفت بأشكال
نباتية وعملت للأعمدة المستديرة تيجان من البرونز زخرفت أيضاً بزخارف
نباتية، وكسيت الأعمدة بالورق (البياض) المزايكو، وغطيت قواعد الأعمدة
بالرخام( ).
أما المئذنتان بالجهة الشمالية فتتكون كل واحدة من
أربعة طوابق: السفلى مربع يستمر أعلى سطح المسجد، وينتهي بمقرنصات تحمل
أعلاها شرفة مربعة، أما الطابق الثاني فهو مثمن زين بعقود تنتهي بشكل
مثلثات، وينتهي في أعلاه بمقرنصات تعلوها شرفة والطابق الثالث مستدير بنفس
ارتفاع الطابق الثاني تقريباً، حلي بدالات ملونة، وينتهي بمقرنصات تحمل
أعلها شرفة دائرية، أما الطابق الرابع (الجوسق) فقد ارتفع عن الوضع
المألوف وينتهي بمقرنصات من أعلى أيضاً تعلوها شرفة( ).
التوسعة والعمارة:
كانت مساحة المسجد النبوي قبل التوسعة السعودية (10303) أمتار مربعة، أضيف
إليها (6024)م2 في التوسعة السعودية التي أمر بها الملك عبد العزيز رحمه
الله، ليصبح المجموع (16327)م2.
وقد هدم من العمارة المجيدية (6247)م، أعيد بناؤها على نفس نسق العمارة السعودية، فتكون الزيادة السعودية الأولى 6024م2
الجزء الذي هدم من العمارة المجيدية 6247
مجموع العمارة السعودية الأولى 12271م2 بما فيها الجزء المهدوم من العمارة المجيدية.
إحصائيات عن التوسعة:
لنعطي لمحة رقمية واضحة للتوسعة السعودية الأولى، نقدم إحصائية موجزة عن عناصر العمارة التي تمت خلالها، وهذه العناصر هي:
عدد الأعمدة المحيطة بالجدار 474عموداً مربعاً
عدد الأعمدة المستديرة في العمارة الجديد 232 عموداً مستديراً
الجدار الشرقي 128متراً طولياً
الجدار الغربي 128 متراً طولياً
الجدار الشمالي 091 متراً طولياً
البواكي الشمالية 005 أروقة شمالية
البواكي الشرقية 003 أروقة شرقية
البواكي الغربية 003 أروقة غربية
الأبواب الجديدة 009 أبواب
الحصاوي 002 رحبتان مفروشتان بالحصباء
العقود 689 عقداً
النوافذ 044 نافذة
عدد المآذن 002 مئذنتان( ).
وبهذا يكون عدد الأروقة في التوسعة السعودية خمسة عشر رواقاً، وسبعمائة
وستة أعمدة مربعة مستديرة، وستمائة وتسعة وثمانين عقداً، إضافة إلى
الأبواب والنوافذ.
أما عمق الأساسات، فبنسبة للمآذن، فقد كان سبعة
عشر متراً، وارتفاع كل واحدة سبعون متراً في السماء، وعمق أساس الجدران
والأعمدة كان خمسة أمتار.
شوارع وميادين:
وفي هذه التوسعة و
للمرة الأولى شقت شوارع، وخططت ميادين لتكون منطقة توصيل وتوزيع وخدمة
للمسجد النبوي الشريف، وعددها ستة شوارع رئيسة، إضافة إلى ثلاثة شوارع تمت
توسعتها، وثلاثة ميادين، وهي:
1- الشارع الرئيس الذي يبدأ من باب الملك عبد العزيز الذي أنشئ في التوسعة، في اتجاه ميدان البقيع.
2- الشارع الرئيس الممتد من الجنوب، من شارع درب الجنايز متجهاً إلى المسجد النبوي الشريف، وينتهي عند باب السلام.
3- الشارع الرئيس الممتد من ميدان البقيع حتى طريق المطار عند باب الصدقة.
4- الشارع الغربي، الذي يقع في الجانب الغربي من المسجد النبوي، وقد أنشئت
على ضفته بنايات على الطراز الحديث، وصارت أوقافاً لصالح الحرم النبوي.
5- الشارع الشرقي، وقد هدمت الدور الواقعة في المنطقة، وفتح شارع رئيس يمتد من الجنوب إلى الشمال.
6- الشارع الجنوبي من الشرق إلى الغرب.
وقد تمت توسعة ثلاثة شوارع هي: شارع الباب المجيدي، وشارع الرومية رقم (1)، وشارع الرومية رقم (2).
أما الميادين التي أنشئت حول المسجد النبوي الشريف فهي:
1- ميدان باب السلام، ويقع غرب المسجد النبوي الشريف على مساحة تبلغ
(3000) متراً مسطحاً، وقد كانت المنطقة مكتظة بالبيوت والدكاكين، فتم نزع
ملكيتها لصالح الميدان، وتطل على هذا الميدان الأبواب الثلاثة: باب
السلام، باب الصديق، باب الرحمة.
2- ميدان الباب المجيدي، ويقع
شمالي المسجد، وتبلغ مساحته (5000) متراً مسطحاً، وكان كسابقه مليئاً
بالبيوت والدكاكين، فانتزعت لصالح الميدان فصار ميداناً فسيحاً أمام
العمارة الحديثة للمسجد.
3- ميدان باب جبريل في الناحية الشرقية، وتبلغ مساحته (1500) متراً مسطحاً( ).
أبواب المسجد النبوي:
أما أبواب المسجد النبوي الشريف، فقد كان عددها قبل التوسعة السعودية الأولى خمسة أبواب هي:
1- باب السلام.
2- باب الرحمة ويسمى أيضاً باب عاتكة.
3- باب جبريل، ويسمى أيضاً باب النبي أو باب آل عثمان.
4- باب النساء.
5- باب الصديق.
وقد تمت زيادة خمسة أبواب في التوسعة السعودية الأولى، وهي باب الملك عبد
العزيز، وهو مؤلف من ثلاثة أبواب متجاورة تطل على شارع الملك عبد العزيز
2- باب عثمان بن عفان.
3- باب المجيدي.
4- باب عمر بن الخطاب.
5- باب الملك.
وهو عبارة عن ثلاثة أبواب متجاورة تواجه باب الملك عبد العزيز من الجهة الغربية.
إضاءة المسجد النبوي:
وقد أنشئت محطة لتوليد الكهرباء خاصة بالمسجد النبوي، وأقيمت في آبار علي
(ذو الحليفة ميقات أهل المدينة) وقد تم الحرص على أن تكون الإضاءة منسجمة
مع طراز العمارة، وقد زود المسجد النبوي بـ(1011) مصباحاً في أعلى
الأعمدة، و(1400) مصباح دائري، و(16) مصباحاً في زوايا العقود.
مصاريف العمارة:
وقد صرف على التوسعة بما يشمل نزع ملكيات الدور والدكاكين وتعويضها حوالي
سبعين مليون ريال، منها (40) مليون ريال لصالح التعويضات و(30) مليون ريال
للعمارة( ).
تجهيزات العمارة:
عندما أوكل الملك عبد العزيز طيب
الله ثراه توسعة وعمارة المسجد النبوي للشيخ محمد بن لادن رحمه الله، كان
لابد من التجهيز، وإعداد مجموعة من المواقع التي تساعد على إنجاز هذه
التوسعة على أعلى مستوى من الجودة فتم تأسيس مكتب توسعة المسجد النبوي،
وعين الشيخ محمد صالح قزاز رحمه الله مدير عاماً، وتشكلت أقسام إدارية
رئيسة وفروع وهيئة فنية على مستوى عال من كبار المهندسين، وصناع مهرة،
إضافة إلى الآليات والمعدات الحديثة، واستغرق الإعداد سنتين تقريباً.
وقد تم إنشاء مصنع خاص لعمل الأحجار الصناعية (المزايكو) وزود بكافة
الأدوات والمعدات الميكانيكية، كما أنشئت ورشة ميكانيكية لصيانة المعدات
والآلات، وعمل في المشروع أكثر من ألف وخمسمائة عامل، غير الإداريين
المهدنسين والفنيين والصناع المهرة ويصل عددهم حوالي ثلاثمائة شخص، وأكثر
من أربعين قطعة من الرافعات والسيارات الضخمة وآلات العامرة الحديثة، وقد
وصلت إلى ميناء ينبع القريب من المدينة المنورة ثلاثين سفينة أفرغت في
الميناء ما يزيد على ثلاثين ألف طن من الحديد والأسمنت والأخشاب ومواد
البناء المختلفة.
افتتاح التوسعة السعودية:
وقد احتفل يوم
السبت 5/3/1375هـ الموافق 22/10/1955م بانتهاء أعمال التوسعة السعودية
الأولى التي استغرق العمل فيها أكثر من سبع سنوات (1368هـ-1375هـ)، وقد
أقيم الحفل تحت رعاية الملك سعود بن عبد العزيز رحمه الله وحضرته وفود
إسلامية من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، ونم داخل المملكة، وألقيت كلمات
وقصائد بهذه المناسبة.
ومن ضمن الكلمات التي ألقيت في الحفل كلمة
للدكتور عبد الوهاب عزام سفير مصر في المملكة قال في جزء منها (فلما أشيع
في العالم الإسلامي أن المسجد النبوي في حاجة إلى الترميم والتعمير،
وتنادى المسلمون للتعاون في هذا العمل الجليل، أبى المغفور له الملك عبد
العزيز إلا أن يحمل وحده هذا العبء، وينفرد بهذا الشرف، ويحظى عند الله
سبحانه وتعالى بهذه المثوبة( ).
وهكذا كانت كلمة الحق دلالة قاطعة
على حرص الملك عبد العزيز، وحرص أبنائه من بعده أن يكون الحرم المكي
الشريف، والحرم النبوي الشريف مسؤوليتهم الكاملة، ترتكز على هذا الشرف
العظيم الذي من الله به على هذه البلاد وأهلها وولاة أمرها أن يكونوا
مجاورين للحرمين الشريفين والأماكن المقدسة، وخداماً أمناء لها.
سهر الليالى- المدير العام
- عدد الرسائل : 2727
نقاط : 2028
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
اداب واحكام زيارة المدينة المنورة
لمقدمة
"إن الحمد لله نحمده ونستعينه،
ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل
الله فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن
محمداً عبده ورسوله، أما بعد":
فإن الإسلام لم يرزأ بأعظم مما أبتدعه
المنتسبون إليه، وما أحدثه الغلاة من المفتريات عليه؛ فذلك مما جلب الفساد
على عقول المسلمين وأساء ظنون غيرهم فيما بني عليه دين الإسلام -ولعمر
الحق- ما بني دين الإسلام إلا على أصلين:
الأصل الأول: أن لا يعبد إلا
الله وحده لا شريك له. الأصل الثاني: أن لا يعبد الله إلا بما شرع؛ قال
تعالى: ((فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا
صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)) [الكهف:110] وقال
تعال: ((وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ
الدِّينَ حُنَفَاءَ)) [البينة:5].
ولا مرية في أن الشريعة الإسلامية
السمحة قد جاءت لمصالح العباد في عاجلتهم وآجلتهم فما خرج عن هذين الأصلين
فهو البدعة؛ ولله در الإمام مالك رحمه الله فكثيراً ما كان ينشد:
وخير الأمور ما كان سنة وشر الأمور المحدثات البدائع
وكلما طال العهد بالمسلمين تجلت غربة الإسلام، والتبس الحق بالباطل
واختلطت الأمور واستحكمت البدع والخرافات وحار الناس في أمر دينهم؛ فإذا
البدعة سنة وإذا السنة بدعة، وكادت الرؤيا تنعدم في ذلك الجو الغريب عن
شريعة الإسلام ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
"وقد عرفنا من تاريخ الأديان والشرائع أن التحريف الابتداعي قد أصاب الأمة من جهات ثلاث:
1- من جهة العقيدة: ومنها دخل الشرك، وعبادة غير الله، من دعاء واستعانة
واستغاثة ولجوء إلى غيره فيما لا يجوز صرفه إلا إلى الله تعالى.
2- ومن جهة العبادة: ومنها دخل التغيير بالزيادة أو النقص والتغيير في الكيفية.
3- ومن وجهة الحلال والحرام: ومنها حرم الحلال واحتيل فحلل الحرام.
وإذا أحصينا أسباب ذلك وجدنا أن أسباب البدع كثيرة يصعب حصرها أو تعدادها ومن أهم هذه الأسباب:
1- القول في الدين بغير علم.
2- ممارسة الجاهل لأمور التعليم والفتوى.
3- الجهل بالسنة ومكانتها في التشريع وعدم التمييز بين الأحاديث الصحيحة وغيرها، الضعيفة والموضوعة.
4- اتباع الهوى والشهوات والتسليم لغير المعصوم صلى الله عليه وسلم.
5- اتباع المتشابه ابتغاء الفتنة من المبتدعين وابتغاء تأويله من الجهلة
المتعالمين( ) ويتساءل المسلم الحريص الغيور على دينه كيف الطريق إلى
الله؟ وكيف الطريق إلى السنة؟
ولا أجد إجابة أشفى مما أجاب به أبو علي
الحسن بن علي الجوزجاني حيث قال: "الطرق إلى الله كثيرة، وأوضح الطرق
وأبعدها عن الشبهة: اتباع السنة قولاً وفعلاً وعزماً وعقداً ونية؛ لأن
الله تعالى يقول: ((وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا)) [النور:54] فقيل له
وكيف الطريق إلى السنة؟ فقال: مجانبة البدع واتباع ما أجمع عليه الصدر
الأول من علماء الإسلام ولزوم طريق الاقتداء .
إذا تقرر هذا:
كان التنبيه على المنكر ودفع الناس إلى اتباع الحق أمر واجب على المسلمين عامة وعلى العلماء بخاصة.
نعم: يجب نشر العلم النافع: علم التوحيد وإصلاح العقيدة والقضاء على
العقائد الفاسدة والادعاءات الباطلة والعادات والتقاليد البالية التي شوهت
معالم الدين وزيفت حقائقه ومعتقداته واستميل بها قلوب كثير من العوام
والجهال.
نعم: يجب أن ننهج في أمور ديننا ودنيانا على هدي من الكتاب والسنة وآثار سلف هذه الأمة فإن في ذلك النجاة والفوز في الدنيا والآخرة.
نعم: يجب أن ندافع عن عقيدة التوحيد الخالص لننفي عنها عبث العابثين
ومكائد الضالين وتحريف المبتدعين وأباطيل الملحدين لنكون في مأمن من غوائل
هذه الآفات الكاسدة والضلالات الفتاكة وغيرها من معاول الهدم والتخريب
التي شوهت جمال الإسلام وحضارته وحالت دون تقدم المسلمين.
وشعوراً بالمسؤولية وبدافع من الغيرة الإسلامية رأيت أن أقدم هذه الصفحات المتواضعة تحت عنوان: آداب وأحكام زيارة المدينة المنورة.
ومن الأسباب التي جعلتني أكتب في هذا الموضوع هو الادعاء بأن زيارة قبر
النبي صلى الله عليه وسلم تنال بها الحاجات وهي الغاية القصوى التي شمر
إليها المحبون وتنافس فيها المتنافسون ولمثلها فليعمل العاملون، وهذه
العبارات تحمل إطراء ومبالغة تتجاوز الحد الشرعي كما سنقف على إيضاح ذلك
إن شاء الله؛ وقد ترتب على هذا الاطراء والمبالغة أن فئة من المسلمين أصبح
معظم قصدهم من الحج زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ظناً منهم أن ذلك
من تمام الحج وكماله، وربما انطلى هذا المفهوم على بعض المنتسبين للعلم
فقرروه في كتبهم ومناسكهم، بل وردد بعض العلماء هذه العبارات المتكلفة وما
شاكلها من عبارات السجع والإطراء، وهم على جلالة قدرهم ورسوخ قدمهم في
العلم كابن حجر العسقلاني والقسطلاني- رحمهما الله- وغيرهما؛ وقد حذر
السلف الصالح من زلة العالم وجعلوها من الأمور التي تهدم الدين؛ فإنه ربما
ظهرت فتطير في الناس كل مطار فيعدونها ديناً وهي ضد الدين فتكون الزلة حجة
في الدين.
روى الدارمي عن زياد بن حدير قال قال لي عمر هل تعرف ما
يهدم الإسلام؟ قال: قلت: لا، قال: يهدمه زلة العالم، وجدال المنافق
بالكتاب، وحكم الأئمة المضلين( ). عافانا الله وإياهم وغفر زلتهم وتجاوز
عنهم وعاملهم بقصدهم ونيتهم إنه على كل شيء قدير. تحريراً في غرة ذو القعدة 1419 هـ.
بمدينة الرياض
وكتبه راجي عفو ربه المنان صالح الغانم السدلان
زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم
إن شد الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، لم يعرفه السلف في
كتبهم ولم يكتبوه في مؤلفاتهم، بل هو تعبير غريب لا يعرفه السلف الصالح
وإنما هو محض المبالغة والتكلف والإطراء المتجاوز للحد الشرعي. وليس في
شيء من دواوين المسلمين التي يعتمد عليها موضوع تحت عنوان: "زيارة قبر
النبي صلى الله عليه وسلم". وإنما تكلم بذلك من تكلم من بعض المتأخرين،
وحسبنا ما كان عليه سلف هذه الأمة وأئمتها.
ومعلوم أن الذاهب إلى هناك
إنما يصل إلى مسجده صلى الله عليه وسلم والمسجد نفسه يشرع إتيانه سواء كان
القبر هناك أو لم يكن، ثم يأتي إلى القبر فيزوره زيارة شرعية كما يزور
عامة قبور المسلمين في بلدان الإسلام للاعتبار والدعاء لهم بدون سفر إليها
أو قصد لها.
وعلى من أراد أن يعرف دين الإسلام أن يتأمل النصوص
الثابتة ليعرف ما كان عليه السلف الصالح ومن سار على نهجهم وما قاله أئمة
المسلمين حتى لا يحرف الكلم عن مواضعه ويصرفه عن ظاهره بالعبارات المسجوعة
المنمقة والكلمات المستنكرة المردودة، فالوصول إلى مسجده والصلاة فيه
أولاً، ثم الزيارة للقبر مغمورة فيه ومن ادعى خلاف ذلك فعليه البيان مع
البر هان.
ولو سلمنا جدلاً أن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم بشد
الرحل إليه مندوب أو واجب وأنها الغاية القصوى وهي من أعظم القربات وأرجى
الطاعات.. إلخ. فأين الدليل على ذلك؟ ثم من هم الذين فعلوا ذلك؟ هل هم
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والأئمة من التابعين وأتباعهم؟ أم هم
أناس جانبوا العلم والتحقيق واكتفوا بما يأخذون عن مشائخهم وما يكتبون لهم
في أورادهم؟!
إن كان الأول فلا دليل عليه لأن أئمة المسلمين من السلف
والخلف لا يتكلمون في الدين بأن هذا واجب أو مندوب أو سنة أو مستحب أو
حلال أو حرام أو مباح إلا بدليل شرعي من الكتاب والسنة وما دلا عليه. ولم
يحصل منهم كلام في ذلك، ومن نسب إليهم شيئاً من ذلك فليبرزه.
وإن كان الثاني فليسوا بحجة.
وقد كره الإمام مالك -رحمه الله- وغيره أن يقول القائل: زرت قبر النبي صلى
الله عليه وسلم، كره هذا اللفظ لأن السنة لم تأت به في زيارة قبره صلى
الله عليه وسلم، ومالك -رحمه الله- من أعلم الناس بهذا، لأنه قد رأى
التابعين الذين رأوا الصحابة بالمدينة ولهذا كره لأهل المدينة كلما دخل
إنسان مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي قبر النبي صلى الله عليه
وسلم؛ لأن السلف لم يكونوا يفعلونه، وقال: ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما
أصلح أولها. وقال القاضي عياض: وسر كراهة مالك لذلك لإضافته إلى قبر النبي
صلى الله عليه وسلم.
وعن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: {اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد. اشتد غضب
الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد}( ).
فالتنافس والتشمير فيما وافق الشرع وسار على النهج وكيف يبتغى الفضل في مخالفة الصواب!؟.
لا يخفى أن زيارته صلى الله عليه وسلم في حياته فيها من الفوائد التي لا
توجد في الوصول إليه صلى الله عليه وسلم بعد مماته: منها النظر إلى ذاته
الشريفة وتعلم أحكام الشريعة، والجهاد بين يديه وغير ذلك.
أما بعد
وفاته صلى الله عليه وسلم فيجب علينا متابعته والتمسك بسنته باطناً
وظاهراً وتعظيمه وتوقيره ومحبته وموالاة من يواليه ومعاداة من يعاديه،
ونعلم أنه لا طريق إلى الله إلا بمتابعته، وهذا هو المشروع في الدين، بل
إن كثيراً من العلماء ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية وجمع من الحنابلة وأهل
الحديث ذهبوا إلى عدم مشروعية زيارة قبره صلى الله عليه وسلم، وذلك بالسفر
وشد الرحل، وكل الأحاديث التي في فضل زيارة قبره صلى الله عليه وسلم
موضوعة مكذوبة واهية، لا يثبت بها حكم شرعي، وبمثلها لا يصلح الاحتجاج،
ولم يرو أحد من أهل الكتب المعتمدة منها شيئا، ولا أصحاب الصحيح كالبخاري
ومسلم، ولا أصحاب السنن كأبي داود والنسائي، ولا الأئمة من أهل المسانيد
كالإمام أحمد وأمثاله، ولا اعتمد على ذلك أحد من أئمة الفقه كمالك
والشافعي وأحمد وإسحاق والثوري والأوزاعي وأبي حنيفة وأمثالهم، بل عامة
هذه الأحاديث مما يعلم أنها كذب موضوعة، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم
حديث واحد في زيارة قبره( ).
درجة الأحاديث الواردة في زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وحكم والاحتجاج بها:
1- {من حج فزار قبري بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي}. وله ألفاظ أخرى تأتي:
2- {من حج فزار قبري في مماتي كان كمن زارني في حياتي}.
3- {من زار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي}.
4- {من حج فزار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي}.
5- {من حج فزار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي وصحبني}.
6- {من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي ومن مات بأحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة}.
7- {من زارني في مماتي كان كمن زارني في حياتي ومن زارني حتى ينتهي إلى قبري كنت له يوم القيامة شهيداً أو قال شفيعاً}.
8- {من حج فزار قبري بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي}.
9- {من حج البيت ولم يزرني فقد جفاني}.
وما نقلناه هنا من الروايات هو معظمها لا كلها وبعض الروايات جاءت بالنقص
وبعضها بالزيادة إلا أن معانيها كلها تتضمن الحث على زيارة قبر النبي صلى
الله عليه وسلم بعد موته ومساواة من زاره في مماته بمن زاره في حياته،
وأنى ذلك؟.
وهذه الأحاديث لا يجوز الاحتجاج بها، ولا يصلح الاعتماد
عليها فإنها أحاديث منكرة المتن، ساقطة الإسناد، لم يصححها أحد من الحفاظ،
ولا احتج بها أحد من الأئمة، بل ضعفوها وطعنوا فيها، وذكر بعضهم أنها من
الأحاديث الموضوعة والأخبار المكذوبة، ولم يقل بها أحد ذاق طعم الحديث.
ولا يقويها أنها رويت من طرق متعددة وزيادات مختلفة، بل هذه الزيادات
تزيدها إيهاماً وتلبيساً وخبطاً وتخليطاً، ووجوهها كلها التي رويت بها لا
ترتفع بها عن درجة الضعف والسقوط، ولا ينهضها إلى رتبة تقتضي الاعتبار
والاستشهاد لظلمة إسنادها وجهالة رواته وضعف بعضهم واختلاطه واضطراب حديثه.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: "وأحاديث زيارة قبره صلى الله عليه وسلم كلها
ضعيفة لا يعتمد على شيء منها في الدين، ولهذا لم يرو أهل الصحاح والسنن
شيئاً منها وإنما يرويها من يروي الضعاف كالدار قطني والبزار وغيرهم.
وأجود حديث فيها ما رواه عبد الله بن عمر العمري وهو ضعيف والكذب ظاهر
عليه وهو: {من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي...} الحديث. فإن هذا
كذب ظاهر مخالف لدين المسلمين فإن من زاره في حياته وكان مؤمناً به كان من
أصحابه لاسيما إن كان من المهاجرين إليه المجاهدين معه. والواحد بعد
الصحابة لا يكون مثل الصحابة بأعمال مأمور بها واجبة كالحج والجهاد
والصيام والصلاة فكيف بعمل ليس بواجب باتفاق المسلمين بل ولا شرع السفر
إليه بل هو منهي عنه.
فجعل زيارة قبره صلى الله عليه وسلم كزيارته
حياً لم يقل به أحد من المسلمين، لأن من زاره حياً حصل له بمشاهدته وسماع
كلامه ومخاطبته وسؤاله وجوابه وغير ذلك، ما لا يحصل لمن لم يشاهده ولم
يسمع كلامه وليس رؤية قبره أو رؤية ظاهر الجدار الذي بني على بيته بمنزلة
رؤيته ومشاهدته وسماع كلامه، ولو كان هذا مثل هذا لكان كل من زار قبره مثل
واحد من أصحابه! ومعلوم أن هذا من أبطل الباطل.
سهر الليالى- المدير العام
- عدد الرسائل : 2727
نقاط : 2028
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
اداب واحكام زيارة المدينة المنورة
فليس عند قبره مصلحة من مصالح الدين وقربة إلى رب العالمين إلا وهي مشروعة
في جميع البقاع، فلا ينبغي أن يكون صاحبها غير معظم للرسول التعظيم التام(
) والمحبة التامة إلا عند قبره بل هو مأمور بهذا في كل مكان.
إذا تقرر
هذا: فإن زيارة الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته مصلحة راجحة لا مفسدة
فيها، والسفر إلى القبر لزيارته في حج أو غيره مفسدة راجحة لا مصلحة فيها،
ولا تحط الأوزار أو تنور القلوب بالمعارف والأسرار.
إن المقصود بجميع
العبادات أن يكون الدين كله لله، وذلك ما جاء به القرآن ودعا إليه الرسل
كلهم، ولذلك خلق الله الخلق. قال تعالى: ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ
وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)) [الذاريات:56] أي: يوحدون، ويخلصون
العمل لله وحده، وحق الرسول صلى الله عليه وسلم علينا إنما يتمثل في
اتباعه وطاعته ومحبته، وإكثار الصلاة والسلام عليه في كل مكان وزمان، وعدم
الركون إلى تأويلات الجهلة وانتحال المبطلين المجاهرين بالباطل والمغالين
في أمور تشمت أعداء الإسلام فينا بما يأتون به من أحاديث مكذوبة ويتمسكون
به من خيوط واهية في أمور تمس عقيدة المسلم، وإذن فلا تقبل مثل هذه
الأحاديث البتة. والله يضل من يشاء ويهدي إليه من ينيب.
قال الحافظ
ابن حجر: أكثر متون هذه الأحاديث موضوعة( ). ولو جاء عن النبي صلى الله
عليه وسلم الترغيب في زيارة قبره أو كثرة الاختلاف إليه والحث عليه لكان
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم بإحسان أحق الناس
بالعكوف على قبره وكثرة اتيانه والازدحام عنده وتقبيله والتمسح به، وكانوا
أشد الناس ترغيباً للأمة في ذلك، بل المحفوظ عنهم الزجر عن مثل ذلك والنهي
عنه.
روى سعيد بن منصور في "سننه " عن عبد العزيز بن محمد قال أخبرني
سهيل بن أبي سهيل قال: رآني الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عند القبر
فناداني وهو في بيت فاطمة يتعشى فقال: هلم العشاء، فقلت: لا أريده فقال:
ما لي رأيتك عند القبر؟ فقلت: سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
إذا دخلت المسجد فسلم، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {لا
تتخذوا بيتي عيداً ولا تتخذوا بيوتكم مقابر، لعن الله اليهود اتخذوا قبور
أنبيائهم مساجد، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم ما أنتم ومن
بالأندلس إلا سواء}( ).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:
"فانظر هذه السنة كيف مخرجها من أهل المدينة وأهل البيت الذين هم من رسول
الله صلى الله عليه وسلم قرب النسب وقرب الدار؟ لأنهم إلى ذلك أحوج من
غيرهم، فكانوا لها أضبط"( )
لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد:
إن شد الرحال على وجه القربة أمر توقيفي ليس لأحد أن يأمر به ولا يدعو
إليه بل ذلك خاص لمن له هذا الحق، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فشد الرحال إلى بقاع مخصصة من الأرض على وجه العبادة والتقرب إلى الله
محصور بقوله صلى الله عليه وسلم: {لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد:
المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى}
قال شيخ الإسلام ابن
تيمية رحمه الله: إن كان قصده بالسفر زيارة قبره صلى الله عليه وسلم دون
الصلاة في مسجده فهذه المسألة فيها خلاف، والصحيح أن زيارة قبره صلى الله
عليه وسلم ليست واجبة باتفاق المسلمين، بل ليس فيها أمر في الكتاب ولا في
السنة، وإنما الأمر الموجود في الكتاب والسنة بالصلاة عليه والتسليم، فصلى
الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
فالذي عليه
الأئمة وأكثر العلماء: أن شد الرحل لزيارة قبره صلى الله عليه وسلم غير
مشروع ولا مأمور به، بل المشروع والمأمور به شد الرحال إلى ثلاثة المساجد.
في قوله صلى الله عليه وسلم: {لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد
الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى}( ).
إذن التقرب إلى الله عز وجل
بما ليس بطاعة هو معصية؛ لأنه نهى عن ذلك، والنهي يقتضي التحريم. وقد نص
العلماء على أن من نذر السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم لا يجب
عليه الوفاء؛ لأن النذر إنما يجب الوفاء بما إذا كان في طاعة، ونذر زيارة
قبر النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء والصالحين والأولياء
معصية، لذا لم يجب الوفاء بها، وأيضاً نص بعض أهل العلم كابن عقيل وغيره
على أن المسافر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين لا يقصر الصلاة في هذا
السفر، لأنه معصية لكونه معتقداً أنها طاعة وليس بطاعة والتقرب إلى الله
عز وجل بما ليس بطاعة هو معصية( ).
فمن رخص في زيارة القبور من
العلماء - كأبي حامد الغزالي وابن عبدوس وتقي الدين السبكي وابن حجر
الهيثمي وغيرهم- فقد استدلوا بما سبق من الأحاديث التي ثبت وضعها وكذبها
هي وغيرها مما رواه الطبراني وغيره، لهذا لم يحتج بها أحد من السلف
والأئمة، وبمثلها لا يجوز إثبات حكم شرعي باتفاق علماء المسلمين، فالله
المستعان.
والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم مأمور
بها في كل حين وآن، ويجب ذلك عند ذكره صلى الله عليه وسلم، ويسن عند تكرار
اسمه عليه الصلاة والسلام، كما أنه ركن في التشهد في الصلاة.
إن محبته
صلى الله عليه وسلم تتحقق في اتباع أمره واجتناب نهيه قال تعالى: ((قُلْ
إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)) [آل عمران:31]
ومحبته صلى الله عليه وسلم تتحقق في أمور أربعة:
1- طاعته فيما أمر.
2- تصديقه فيما أخبر.
3- اجتناب ما نهى عنه وزجر.
4- أن لا يعبد الله إلا بما شرع.
آداب دخول المسجد والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم:
روى الإمام أحمد في "مسنده " وأصحاب "السنن" عن فاطمة بنت رسول الله صلى
الله عليه وسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إذا دخل أحدكم المسجد
فليقل بسم الله والصلاة والسلام على وسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح
لي أبواب رحمتك. وإذا خرج قال: بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك}( ).
فإن السلام عليه مشروع
عند دخول المسجد والخروج منه، وفي نفس كل صلاة، وهذا أفضل وأنفع من الصلاة
عليه عند قبره وأدوم، وهذه مصلحة محضة لا مفسدة فيها، يرضى الله عنها
ويوصل نفعها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى المؤمنين، وهذا مشروع
في كل صلاة وعند دخول كل مسجد والخروج منه.
يبدأ بعد دخوله المسجد بصلاة ركعتين تحية المسجد.
لما روى البخاري في "صحيحه " عن أبي قتادة السلمي أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: {إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس}( ) ولما
قررناه من أن قصد زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ليست مشروعة وإنما
المشروع زيارة المسجد فيبدأ وإن تيسر له صلاهما في الروضة الشريفة لقوله
صلى الله عليه وسلم: {ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على
حوضي}( ).
فحيث صلاهما في أي مكان من المسجد تحقق بذلك فعل السنة
المطلوبة عند دخول المسجد، ولكن في الروضة أفضل وهو المنقول عن الإمام
أحمد في مناسك المروذي، ونقل عن مالك أنه يستحب التطوع في موضع صلاة النبي
صلى الله عليه وسلم وقيل: لا يتعين لذلك موضع من المسجد وهو الأصح إلا إذا
كان للمصلي غرض للوصول إلى الصف الأول، وأما الفرض فيصليه مع الإمام بلا
ريب حرصاً على الصف الأول( ).
وبعد أن يصلي تحية المسجد أو يصلي
الفريضة يذهب إلى الحجرة الشريفة يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم
مستقبل الحجرة والقبلة وراءه عند أكثر العلماء، وعند أصحاب أبي حنيفة لا
يستقبل القبر وقت السلام على النبي صلى الله عليه وسلم.
أما الدعاء:
فلم يكن أحد من الصحابة رضي الله عنهم يقف عند القبر للدعاء لنفسه فإن هذا
بدعة. وإذا أراد أحدهم أن يدعو لنفسه استقبل القبلة وجعل القبر وراءه
ودعا. ولم يقل أحد من العلماء أنه يتحرى الدعاء متوجهاً إلى قبره، بل إن
الصحابة كانوا يدعون في مسجده ولا يقصدون الدعاء عند الحجرة( ) لا مستقبلي
القبر ولا مستدبريه والحكاية المروية عن مالك أنه أمر المنصور أن يستقبل
الحجرة وقت الدعاء كذب على مالك رحمه الله.
والنبي صلى الله عليه وسلم
يبلغه سلام من سلم عليه، تبلغه إياه الملائكة، لا أنه يسمع ذلك بأذنيه كما
كان في حال حياته. إذ ليس لأحد من البشر بعد موته أن يسمع أصوات العباد من
قرب أو بعد، فضلاً عن أن يعلم نياتهم وخواطرهم إلا إذا كان ذلك السماع
معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم وهذا يتوقف على الدليل المعين لذلك، ومن
قال هذا في بشر فقوله من جنس قول النصارى الذين يقولون إن المسيح هو الله
وأنه يعلم ما يفعله العباد ويسمع أصواتهم ويستجيب دعاءهم، لا بل الذي يسمع
السر والنجوى إنما هو الله رب العالمين قال تعالى: ((أَمْ يَحْسَبُونَ
أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ
يَكْتُبُونَ)) [الزخرف:80] ودعوى أن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم ويسمع
ويعرف النيات والخواطر والأحوال بعد موته غلو غير مقبول وإطراء للنبي صلى
الله عليه وسلم وتعظيم له ورفع له فوق منزلته، فالنبي صلى الله عليه وسلم
يوصف بأنه ميت وجسده باق وأن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء
ولا يتعدى الأمر ذلك، كأن يوصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يسمع أو
يعلم أو يطلع على النيات والخواطر وغير ذلك من خصائص الربوبية.
وإذا
كان النبي صلى الله عليه وسلم في حياته بشراً يوحى إليه ولا يعلم الغيب
إلا بإعلام الله له فكيف وهو قد مات، فبأي دليل يثبت من شذ وخلط بين حق
الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولم يميز بين ما هو حق لله وما هو حق
للرسول صلى الله عليه وسلم؟
نعم: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد ختم
الله به الأنبياء وآتاه من الفضائل ما فضله به على غيره وجعله سيد ولد آدم
وخصائصه وفضائله كثيرة وعظيمة، ولكن مع هذا فإن الله سبحانه وتعالى قد
نهانا عن أن نشرك به أو أن نرفع رسوله فوق منزلته التي أنزله إياها بالغلو
في تعظيمه. قال تعالى: ((قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى
إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا
لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ
رَبِّهِ أَحَدًا)) [الكهف:110] وأنه لا يعلم الغيب إلا الله: قال تعالى:
((قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا
اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)) [النمل:65].
ولا
يطلع على النيات والخواطر سوى اللطيف الخبير الذي يعلم السر وأخفى الله لا
إله إلا هو له الأسماء الحسنى قال تعالى: ((قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي
صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي
السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ))
[آل عمران:29] وقال الله تعالى: ((يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ
عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)) [التغابن:4]
فالرغبة إليه وحده، والرهبة
منه وحده، والتوكل عليه وحده، ويمتنع أن يكون المخلوق مثل الخالق سبحانه
وتعالى، فمن نفى عن مخلوق -ملك أو نبي أو غيرهما- ما كان من خصائص
الربوبية وبين أنه عبد لله كان هذا حقاً واجب القبول، ومن أثبت ذلك كان
إثباته إطراء للمخلوق وزيادة في التعظيم على ما يستحقه نعوذ بالله من
التكلف والهوى والقول على الله بغير علم ونعوذ بالله أن نصف الرسول صلى
الله عليه وسلم بما ليس فيه فنكون من الهالكين( ).
وأما حضور القلب
وغض الطرف والإطراق والسكون والانكسار عند السلام على النبي صلى الله عليه
وسلم كما يزعم المتصوفة فهذه أحوال تتطلب حال العبادة كالصلاة والوقوف
بعرفة، فإن العبد يستشعر جلال مولاه ووقوفه بين يديه ومناجاته لربه الذي
يعلم ما تكنه الأنفس وما تخفيه الصدور وكون العبد يستحضر هذه الأحوال عند
قبر الرسول صلى الله عليه وسلم دعوى من غير دليل ومبالغة بل وغلو في تعظيم
الرسول صلى الله عليه وسلم، وكل ما يطلب من المسلم لرسول الله صلى الله
عليه وسلم إنما هو الأدب بحيث لا يرفع صوته هناك ولا يأت بمناف لحال ما هو
فيه من ذكر الموت والقبر وما لكل حي ومصيره. وقد أمر الله تعالى بالتأدب
بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته فقال: ((يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ
النَّبِيِّ)) [الحجرات:2] ومن تأمل القران الكريم والسنة الصحيحة الثابتة
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرف ما يجب من الأدب، والتعظيم لرسول
الله صلى الله عليه وسلم وفعل ما أمر به. قال صلى الله عليه وسلم: {لا
تطروني كما تطريء النصارى عيسى بن مريم ولكن قولوا عبد الله ورسوله}( ).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً قال: {يا محمد يا سيدنا وابن سيدنا
وخيرنا وابن خيرنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس:
عليكم بتقواكم ولا يستهوينكم الشيطان أنا محمد بن عبد الله ورسوله والله
ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل}( ).
فتعظيم
الرسول صلى الله عليه وسلم أن تطاع أوامره وتصدق أخباره ولا يقدم عليه
غيره، وهذا هو الذي يقره الشرع ويأمر به ويثني على فاعله، أما أن نعظمه
عند قبره بغض الطرف وسكون الجوارح والإطراق.. إلخ فهذا في الحقيقة غلو في
تعظيمه ومعاملة له بضد ما أمر به ودعاء إلى ما حذر منه وعصيان ومخالفة
لأمره صلى الله عليه وسلم، ومن يفعله مبغوض لا محبوب معاقب لا مثاب.
فعلى المسلم أن يترسم هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما يقول
ويفعل ومن يهدي الله فهو المهتدي ومن يضلل الله فما له من هاد.
وكان
العمل الشائع لدى الصحابة -الخلفاء الراشدين والسابقين الأولين- أنهم
يدخلون مسجده ويصلون ويسلمون عليه في الصلاة، ولم يكونوا يذهبون إلى القبر
لا من داخل الحجرة ولا من خارجها، لا لسلام ولا لصلاة ولا غير ذلك من
حقوقه المأمور بها في كل مكان( ) وكان ابن عمر وحده هو الذي يذهب إلى
القبر إذا قدم من سفر فيقول: السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا
بكر السلام عليك يا أبتِ.
ولم يتابعه عليه أحد من الصحاب
فتأمل
كيف أن هذا السلام المختصر، والذي هو في غاية الأدب لم يكن أحد يفعله من
الصحابة غير ابن عمر، وهذا منهم مبالغة في سد ما يفضي إلى البدعة والغلو
فيه صلى الله عليه وسلم.
وأما ما زاد على ذلك مثل الوقوف للدعاء للنبي
صلى الله عليه وسلم مع كثرة الصلاة والسلام عليه فقد كرهه مالك وقال: هو
بدعة لم يفعلها السلف. ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها.
فعلى المسلم أن يعرف ما ورد عن السلف رضوان الله عليهم من الصلاة والسلام
على رسول الله في الصلاة وخارجها دون إفراط أو تفريط والله الهادي إلى
سواء السبيل.
ثم السلام على أبي بكر الصديق: تنتقل عن يمينه صلى الله
عليه وسلم قدر ذراع وتسلم على أبي بكر الصديق وتقول السلام عليك يا خليفة
رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم السلام على عمر بن الحطاب: تنتقل عن يمين أبي بكر الصديق رضي الله عنه قدر ذراع وتقول السلام عليك يا أمير المؤمنين.
والسلام على أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما إنما هو من جنس
السلام على سائر الأموات، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يسلم على رسول الله
صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه عند قدومه من السفر وكان يقول: السلام
عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبت ثم ينصرف.
ومن ثم رأى من رأى من العلماء هذا جائزاً اقتداءً بابن عمر-رضي الله
عنهما- في السلام بهذه الصيغة
أما من يدعو ويقول اللهم وارض عن أبي
بكر وعمر وارض عنا به، فهذا خلط ووهم، وخطأ بين، وجهل ذريع، وقلب للحقائق
بغير علم ولا دليل. فإنه لا واسطة بين الله وبين أحد من خلقه. ولا يجوز أن
يُسأل الله تعالى بمخلوق، لا بذاته ولا بمنزلته ولا بعمله، ولا سؤاله الله
به.
ولا ينبغي لأحد أن يدعو الله ويتوسل إليه إلا بما شرع من سؤاله
بأسمائه الحسنى وصفاته العلا وبالأعمال الصالحة التي شرعها لعباده وبدعاء
الأحياء الصالحين.
نعم: دعاء المسلم لأخيه حسن مأمور، مادام في حياته
لورود ما يدل عليه. أما أن يسأل المؤمن الله تعالى بحق فلان أو بذاته أو
بجاهه بعد موته فهذا من أعظم أنواع البدع المحرمة التي سد الله ورسوله
ذريعتها وينبغي أن يكتفي بالسلام المشروع
لم يكن أحد من السلف يأتي
إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم لأجل الدعاء عنده بعد السلام عليه ولا
كان الصحابة رضوان الله عليهم يقصدون الدعاء عند قبره لا مستقبلي القبلة
ولا مستدبريها. ولم يقل أحد من العلماء أن الدعاء مستجاب عند قبره ولا أنه
يستحب أن يتحرى الدعاء متوجهاً إلى قبره صلى الله عليه وسلم أو متوجهاً
إلى القبلة عند قبره صلى الله عليه وسلم، إلا ما ذكره بعض أهل العلم في
كتبهم من استحباب استقبال الحجرة عند السلام عليه، ثم بعد فراغه من السلام
عليه يستقبل القبلة ويجعل الحجرة عن يساره ويدعو قرب من الحجرة أو بعدها.
هذا لا دليل عليه من كتاب ولا من سنة، والأولى للمسلم إذا أراد أن يصيب
السنة: أن يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه ثم ينصرف ولا
يقف مستقبل القبلة ولا مستقبل القبر للدعاء، بل نص أئمة السلف على أنه لا
يستقبل القبر عند الدعاء مطلقاً.
قال الإمام مالك فيما روي عنه لا أرى
أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ولكن يسلم ويمضي كما كان
يفعل ابن عمر رضي الله عنهما.
وقال ابن عقيل وابن الجوزي: يكره قصد القبور للدعاء.
وقال مالك هو بدعة لم يفعلها السلف.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: يكره قصد القبور للدعاء ووقوفه عندها أيضاً للدعاء.
وهكذا حمد الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وإكثار الدعاء
والتضرع وتجديد التوبة عند قبره عليه الصلاة والسلام لم يثبت عن أول هذه
الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك، وإنما المأثور عن السلف والأئمة أنهم
يستحبون عند قبره صلى الله عليه وسلم ما هو من جنس الدعاء له عليه الصلاة
والسلام والتحية كالصلاة والسلام عليه فقط.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله: " لم يكن في الصحابة والتابعين والأئمة والمشايخ المتقدمين من
يقول: إن الدعاء مستجاب عند قبور الأنبياء والصالحين لا مطلقاً ولا
معيناً. ولا فيهم من قال: إن دعاء الإنسان عند قبور الأنبياء والصالحين
أفضل من دعائه في غير تلك البقعة ولا أن الصلاة في تلك البقعة أفضل من
الصلاة في غيرها ولا فيهم من كان يتحرى الدعاء ولا الصلاة عند هذه القبور.
ومن يرخص منهم في شيء من ذلك فإنه إنما يرخص فيما إذا سلم عليه ودعا له"(
) قلت: والمتعين ترك ذلك والإعراض عنه؛ لأنه يفتح باب بدعة وفتنة.
في جميع البقاع، فلا ينبغي أن يكون صاحبها غير معظم للرسول التعظيم التام(
) والمحبة التامة إلا عند قبره بل هو مأمور بهذا في كل مكان.
إذا تقرر
هذا: فإن زيارة الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته مصلحة راجحة لا مفسدة
فيها، والسفر إلى القبر لزيارته في حج أو غيره مفسدة راجحة لا مصلحة فيها،
ولا تحط الأوزار أو تنور القلوب بالمعارف والأسرار.
إن المقصود بجميع
العبادات أن يكون الدين كله لله، وذلك ما جاء به القرآن ودعا إليه الرسل
كلهم، ولذلك خلق الله الخلق. قال تعالى: ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ
وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)) [الذاريات:56] أي: يوحدون، ويخلصون
العمل لله وحده، وحق الرسول صلى الله عليه وسلم علينا إنما يتمثل في
اتباعه وطاعته ومحبته، وإكثار الصلاة والسلام عليه في كل مكان وزمان، وعدم
الركون إلى تأويلات الجهلة وانتحال المبطلين المجاهرين بالباطل والمغالين
في أمور تشمت أعداء الإسلام فينا بما يأتون به من أحاديث مكذوبة ويتمسكون
به من خيوط واهية في أمور تمس عقيدة المسلم، وإذن فلا تقبل مثل هذه
الأحاديث البتة. والله يضل من يشاء ويهدي إليه من ينيب.
قال الحافظ
ابن حجر: أكثر متون هذه الأحاديث موضوعة( ). ولو جاء عن النبي صلى الله
عليه وسلم الترغيب في زيارة قبره أو كثرة الاختلاف إليه والحث عليه لكان
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم بإحسان أحق الناس
بالعكوف على قبره وكثرة اتيانه والازدحام عنده وتقبيله والتمسح به، وكانوا
أشد الناس ترغيباً للأمة في ذلك، بل المحفوظ عنهم الزجر عن مثل ذلك والنهي
عنه.
روى سعيد بن منصور في "سننه " عن عبد العزيز بن محمد قال أخبرني
سهيل بن أبي سهيل قال: رآني الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عند القبر
فناداني وهو في بيت فاطمة يتعشى فقال: هلم العشاء، فقلت: لا أريده فقال:
ما لي رأيتك عند القبر؟ فقلت: سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
إذا دخلت المسجد فسلم، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {لا
تتخذوا بيتي عيداً ولا تتخذوا بيوتكم مقابر، لعن الله اليهود اتخذوا قبور
أنبيائهم مساجد، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم ما أنتم ومن
بالأندلس إلا سواء}( ).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:
"فانظر هذه السنة كيف مخرجها من أهل المدينة وأهل البيت الذين هم من رسول
الله صلى الله عليه وسلم قرب النسب وقرب الدار؟ لأنهم إلى ذلك أحوج من
غيرهم، فكانوا لها أضبط"( )
لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد:
إن شد الرحال على وجه القربة أمر توقيفي ليس لأحد أن يأمر به ولا يدعو
إليه بل ذلك خاص لمن له هذا الحق، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فشد الرحال إلى بقاع مخصصة من الأرض على وجه العبادة والتقرب إلى الله
محصور بقوله صلى الله عليه وسلم: {لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد:
المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى}
قال شيخ الإسلام ابن
تيمية رحمه الله: إن كان قصده بالسفر زيارة قبره صلى الله عليه وسلم دون
الصلاة في مسجده فهذه المسألة فيها خلاف، والصحيح أن زيارة قبره صلى الله
عليه وسلم ليست واجبة باتفاق المسلمين، بل ليس فيها أمر في الكتاب ولا في
السنة، وإنما الأمر الموجود في الكتاب والسنة بالصلاة عليه والتسليم، فصلى
الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
فالذي عليه
الأئمة وأكثر العلماء: أن شد الرحل لزيارة قبره صلى الله عليه وسلم غير
مشروع ولا مأمور به، بل المشروع والمأمور به شد الرحال إلى ثلاثة المساجد.
في قوله صلى الله عليه وسلم: {لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد
الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى}( ).
إذن التقرب إلى الله عز وجل
بما ليس بطاعة هو معصية؛ لأنه نهى عن ذلك، والنهي يقتضي التحريم. وقد نص
العلماء على أن من نذر السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم لا يجب
عليه الوفاء؛ لأن النذر إنما يجب الوفاء بما إذا كان في طاعة، ونذر زيارة
قبر النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء والصالحين والأولياء
معصية، لذا لم يجب الوفاء بها، وأيضاً نص بعض أهل العلم كابن عقيل وغيره
على أن المسافر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين لا يقصر الصلاة في هذا
السفر، لأنه معصية لكونه معتقداً أنها طاعة وليس بطاعة والتقرب إلى الله
عز وجل بما ليس بطاعة هو معصية( ).
فمن رخص في زيارة القبور من
العلماء - كأبي حامد الغزالي وابن عبدوس وتقي الدين السبكي وابن حجر
الهيثمي وغيرهم- فقد استدلوا بما سبق من الأحاديث التي ثبت وضعها وكذبها
هي وغيرها مما رواه الطبراني وغيره، لهذا لم يحتج بها أحد من السلف
والأئمة، وبمثلها لا يجوز إثبات حكم شرعي باتفاق علماء المسلمين، فالله
المستعان.
والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم مأمور
بها في كل حين وآن، ويجب ذلك عند ذكره صلى الله عليه وسلم، ويسن عند تكرار
اسمه عليه الصلاة والسلام، كما أنه ركن في التشهد في الصلاة.
إن محبته
صلى الله عليه وسلم تتحقق في اتباع أمره واجتناب نهيه قال تعالى: ((قُلْ
إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)) [آل عمران:31]
ومحبته صلى الله عليه وسلم تتحقق في أمور أربعة:
1- طاعته فيما أمر.
2- تصديقه فيما أخبر.
3- اجتناب ما نهى عنه وزجر.
4- أن لا يعبد الله إلا بما شرع.
آداب دخول المسجد والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم:
روى الإمام أحمد في "مسنده " وأصحاب "السنن" عن فاطمة بنت رسول الله صلى
الله عليه وسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إذا دخل أحدكم المسجد
فليقل بسم الله والصلاة والسلام على وسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح
لي أبواب رحمتك. وإذا خرج قال: بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك}( ).
فإن السلام عليه مشروع
عند دخول المسجد والخروج منه، وفي نفس كل صلاة، وهذا أفضل وأنفع من الصلاة
عليه عند قبره وأدوم، وهذه مصلحة محضة لا مفسدة فيها، يرضى الله عنها
ويوصل نفعها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى المؤمنين، وهذا مشروع
في كل صلاة وعند دخول كل مسجد والخروج منه.
يبدأ بعد دخوله المسجد بصلاة ركعتين تحية المسجد.
لما روى البخاري في "صحيحه " عن أبي قتادة السلمي أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: {إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس}( ) ولما
قررناه من أن قصد زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ليست مشروعة وإنما
المشروع زيارة المسجد فيبدأ وإن تيسر له صلاهما في الروضة الشريفة لقوله
صلى الله عليه وسلم: {ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على
حوضي}( ).
فحيث صلاهما في أي مكان من المسجد تحقق بذلك فعل السنة
المطلوبة عند دخول المسجد، ولكن في الروضة أفضل وهو المنقول عن الإمام
أحمد في مناسك المروذي، ونقل عن مالك أنه يستحب التطوع في موضع صلاة النبي
صلى الله عليه وسلم وقيل: لا يتعين لذلك موضع من المسجد وهو الأصح إلا إذا
كان للمصلي غرض للوصول إلى الصف الأول، وأما الفرض فيصليه مع الإمام بلا
ريب حرصاً على الصف الأول( ).
وبعد أن يصلي تحية المسجد أو يصلي
الفريضة يذهب إلى الحجرة الشريفة يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم
مستقبل الحجرة والقبلة وراءه عند أكثر العلماء، وعند أصحاب أبي حنيفة لا
يستقبل القبر وقت السلام على النبي صلى الله عليه وسلم.
أما الدعاء:
فلم يكن أحد من الصحابة رضي الله عنهم يقف عند القبر للدعاء لنفسه فإن هذا
بدعة. وإذا أراد أحدهم أن يدعو لنفسه استقبل القبلة وجعل القبر وراءه
ودعا. ولم يقل أحد من العلماء أنه يتحرى الدعاء متوجهاً إلى قبره، بل إن
الصحابة كانوا يدعون في مسجده ولا يقصدون الدعاء عند الحجرة( ) لا مستقبلي
القبر ولا مستدبريه والحكاية المروية عن مالك أنه أمر المنصور أن يستقبل
الحجرة وقت الدعاء كذب على مالك رحمه الله.
والنبي صلى الله عليه وسلم
يبلغه سلام من سلم عليه، تبلغه إياه الملائكة، لا أنه يسمع ذلك بأذنيه كما
كان في حال حياته. إذ ليس لأحد من البشر بعد موته أن يسمع أصوات العباد من
قرب أو بعد، فضلاً عن أن يعلم نياتهم وخواطرهم إلا إذا كان ذلك السماع
معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم وهذا يتوقف على الدليل المعين لذلك، ومن
قال هذا في بشر فقوله من جنس قول النصارى الذين يقولون إن المسيح هو الله
وأنه يعلم ما يفعله العباد ويسمع أصواتهم ويستجيب دعاءهم، لا بل الذي يسمع
السر والنجوى إنما هو الله رب العالمين قال تعالى: ((أَمْ يَحْسَبُونَ
أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ
يَكْتُبُونَ)) [الزخرف:80] ودعوى أن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم ويسمع
ويعرف النيات والخواطر والأحوال بعد موته غلو غير مقبول وإطراء للنبي صلى
الله عليه وسلم وتعظيم له ورفع له فوق منزلته، فالنبي صلى الله عليه وسلم
يوصف بأنه ميت وجسده باق وأن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء
ولا يتعدى الأمر ذلك، كأن يوصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يسمع أو
يعلم أو يطلع على النيات والخواطر وغير ذلك من خصائص الربوبية.
وإذا
كان النبي صلى الله عليه وسلم في حياته بشراً يوحى إليه ولا يعلم الغيب
إلا بإعلام الله له فكيف وهو قد مات، فبأي دليل يثبت من شذ وخلط بين حق
الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولم يميز بين ما هو حق لله وما هو حق
للرسول صلى الله عليه وسلم؟
نعم: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد ختم
الله به الأنبياء وآتاه من الفضائل ما فضله به على غيره وجعله سيد ولد آدم
وخصائصه وفضائله كثيرة وعظيمة، ولكن مع هذا فإن الله سبحانه وتعالى قد
نهانا عن أن نشرك به أو أن نرفع رسوله فوق منزلته التي أنزله إياها بالغلو
في تعظيمه. قال تعالى: ((قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى
إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا
لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ
رَبِّهِ أَحَدًا)) [الكهف:110] وأنه لا يعلم الغيب إلا الله: قال تعالى:
((قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا
اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)) [النمل:65].
ولا
يطلع على النيات والخواطر سوى اللطيف الخبير الذي يعلم السر وأخفى الله لا
إله إلا هو له الأسماء الحسنى قال تعالى: ((قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي
صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي
السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ))
[آل عمران:29] وقال الله تعالى: ((يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ
عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)) [التغابن:4]
فالرغبة إليه وحده، والرهبة
منه وحده، والتوكل عليه وحده، ويمتنع أن يكون المخلوق مثل الخالق سبحانه
وتعالى، فمن نفى عن مخلوق -ملك أو نبي أو غيرهما- ما كان من خصائص
الربوبية وبين أنه عبد لله كان هذا حقاً واجب القبول، ومن أثبت ذلك كان
إثباته إطراء للمخلوق وزيادة في التعظيم على ما يستحقه نعوذ بالله من
التكلف والهوى والقول على الله بغير علم ونعوذ بالله أن نصف الرسول صلى
الله عليه وسلم بما ليس فيه فنكون من الهالكين( ).
وأما حضور القلب
وغض الطرف والإطراق والسكون والانكسار عند السلام على النبي صلى الله عليه
وسلم كما يزعم المتصوفة فهذه أحوال تتطلب حال العبادة كالصلاة والوقوف
بعرفة، فإن العبد يستشعر جلال مولاه ووقوفه بين يديه ومناجاته لربه الذي
يعلم ما تكنه الأنفس وما تخفيه الصدور وكون العبد يستحضر هذه الأحوال عند
قبر الرسول صلى الله عليه وسلم دعوى من غير دليل ومبالغة بل وغلو في تعظيم
الرسول صلى الله عليه وسلم، وكل ما يطلب من المسلم لرسول الله صلى الله
عليه وسلم إنما هو الأدب بحيث لا يرفع صوته هناك ولا يأت بمناف لحال ما هو
فيه من ذكر الموت والقبر وما لكل حي ومصيره. وقد أمر الله تعالى بالتأدب
بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته فقال: ((يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ
النَّبِيِّ)) [الحجرات:2] ومن تأمل القران الكريم والسنة الصحيحة الثابتة
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرف ما يجب من الأدب، والتعظيم لرسول
الله صلى الله عليه وسلم وفعل ما أمر به. قال صلى الله عليه وسلم: {لا
تطروني كما تطريء النصارى عيسى بن مريم ولكن قولوا عبد الله ورسوله}( ).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً قال: {يا محمد يا سيدنا وابن سيدنا
وخيرنا وابن خيرنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس:
عليكم بتقواكم ولا يستهوينكم الشيطان أنا محمد بن عبد الله ورسوله والله
ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل}( ).
فتعظيم
الرسول صلى الله عليه وسلم أن تطاع أوامره وتصدق أخباره ولا يقدم عليه
غيره، وهذا هو الذي يقره الشرع ويأمر به ويثني على فاعله، أما أن نعظمه
عند قبره بغض الطرف وسكون الجوارح والإطراق.. إلخ فهذا في الحقيقة غلو في
تعظيمه ومعاملة له بضد ما أمر به ودعاء إلى ما حذر منه وعصيان ومخالفة
لأمره صلى الله عليه وسلم، ومن يفعله مبغوض لا محبوب معاقب لا مثاب.
فعلى المسلم أن يترسم هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما يقول
ويفعل ومن يهدي الله فهو المهتدي ومن يضلل الله فما له من هاد.
وكان
العمل الشائع لدى الصحابة -الخلفاء الراشدين والسابقين الأولين- أنهم
يدخلون مسجده ويصلون ويسلمون عليه في الصلاة، ولم يكونوا يذهبون إلى القبر
لا من داخل الحجرة ولا من خارجها، لا لسلام ولا لصلاة ولا غير ذلك من
حقوقه المأمور بها في كل مكان( ) وكان ابن عمر وحده هو الذي يذهب إلى
القبر إذا قدم من سفر فيقول: السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا
بكر السلام عليك يا أبتِ.
ولم يتابعه عليه أحد من الصحاب
فتأمل
كيف أن هذا السلام المختصر، والذي هو في غاية الأدب لم يكن أحد يفعله من
الصحابة غير ابن عمر، وهذا منهم مبالغة في سد ما يفضي إلى البدعة والغلو
فيه صلى الله عليه وسلم.
وأما ما زاد على ذلك مثل الوقوف للدعاء للنبي
صلى الله عليه وسلم مع كثرة الصلاة والسلام عليه فقد كرهه مالك وقال: هو
بدعة لم يفعلها السلف. ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها.
فعلى المسلم أن يعرف ما ورد عن السلف رضوان الله عليهم من الصلاة والسلام
على رسول الله في الصلاة وخارجها دون إفراط أو تفريط والله الهادي إلى
سواء السبيل.
ثم السلام على أبي بكر الصديق: تنتقل عن يمينه صلى الله
عليه وسلم قدر ذراع وتسلم على أبي بكر الصديق وتقول السلام عليك يا خليفة
رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم السلام على عمر بن الحطاب: تنتقل عن يمين أبي بكر الصديق رضي الله عنه قدر ذراع وتقول السلام عليك يا أمير المؤمنين.
والسلام على أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما إنما هو من جنس
السلام على سائر الأموات، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يسلم على رسول الله
صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه عند قدومه من السفر وكان يقول: السلام
عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبت ثم ينصرف.
ومن ثم رأى من رأى من العلماء هذا جائزاً اقتداءً بابن عمر-رضي الله
عنهما- في السلام بهذه الصيغة
أما من يدعو ويقول اللهم وارض عن أبي
بكر وعمر وارض عنا به، فهذا خلط ووهم، وخطأ بين، وجهل ذريع، وقلب للحقائق
بغير علم ولا دليل. فإنه لا واسطة بين الله وبين أحد من خلقه. ولا يجوز أن
يُسأل الله تعالى بمخلوق، لا بذاته ولا بمنزلته ولا بعمله، ولا سؤاله الله
به.
ولا ينبغي لأحد أن يدعو الله ويتوسل إليه إلا بما شرع من سؤاله
بأسمائه الحسنى وصفاته العلا وبالأعمال الصالحة التي شرعها لعباده وبدعاء
الأحياء الصالحين.
نعم: دعاء المسلم لأخيه حسن مأمور، مادام في حياته
لورود ما يدل عليه. أما أن يسأل المؤمن الله تعالى بحق فلان أو بذاته أو
بجاهه بعد موته فهذا من أعظم أنواع البدع المحرمة التي سد الله ورسوله
ذريعتها وينبغي أن يكتفي بالسلام المشروع
لم يكن أحد من السلف يأتي
إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم لأجل الدعاء عنده بعد السلام عليه ولا
كان الصحابة رضوان الله عليهم يقصدون الدعاء عند قبره لا مستقبلي القبلة
ولا مستدبريها. ولم يقل أحد من العلماء أن الدعاء مستجاب عند قبره ولا أنه
يستحب أن يتحرى الدعاء متوجهاً إلى قبره صلى الله عليه وسلم أو متوجهاً
إلى القبلة عند قبره صلى الله عليه وسلم، إلا ما ذكره بعض أهل العلم في
كتبهم من استحباب استقبال الحجرة عند السلام عليه، ثم بعد فراغه من السلام
عليه يستقبل القبلة ويجعل الحجرة عن يساره ويدعو قرب من الحجرة أو بعدها.
هذا لا دليل عليه من كتاب ولا من سنة، والأولى للمسلم إذا أراد أن يصيب
السنة: أن يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه ثم ينصرف ولا
يقف مستقبل القبلة ولا مستقبل القبر للدعاء، بل نص أئمة السلف على أنه لا
يستقبل القبر عند الدعاء مطلقاً.
قال الإمام مالك فيما روي عنه لا أرى
أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ولكن يسلم ويمضي كما كان
يفعل ابن عمر رضي الله عنهما.
وقال ابن عقيل وابن الجوزي: يكره قصد القبور للدعاء.
وقال مالك هو بدعة لم يفعلها السلف.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: يكره قصد القبور للدعاء ووقوفه عندها أيضاً للدعاء.
وهكذا حمد الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وإكثار الدعاء
والتضرع وتجديد التوبة عند قبره عليه الصلاة والسلام لم يثبت عن أول هذه
الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك، وإنما المأثور عن السلف والأئمة أنهم
يستحبون عند قبره صلى الله عليه وسلم ما هو من جنس الدعاء له عليه الصلاة
والسلام والتحية كالصلاة والسلام عليه فقط.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله: " لم يكن في الصحابة والتابعين والأئمة والمشايخ المتقدمين من
يقول: إن الدعاء مستجاب عند قبور الأنبياء والصالحين لا مطلقاً ولا
معيناً. ولا فيهم من قال: إن دعاء الإنسان عند قبور الأنبياء والصالحين
أفضل من دعائه في غير تلك البقعة ولا أن الصلاة في تلك البقعة أفضل من
الصلاة في غيرها ولا فيهم من كان يتحرى الدعاء ولا الصلاة عند هذه القبور.
ومن يرخص منهم في شيء من ذلك فإنه إنما يرخص فيما إذا سلم عليه ودعا له"(
) قلت: والمتعين ترك ذلك والإعراض عنه؛ لأنه يفتح باب بدعة وفتنة.
سهر الليالى- المدير العام
- عدد الرسائل : 2727
نقاط : 2028
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
اداب واحكام زيارة المدينة المنورة
ومعلوم أن الصلاة عليه والدعاء له صلى الله عليه وسلم سؤال تطلب فيه
الوسيلة وبعثه المقام المحمودثم إن استقبال القبلة أو استدبارها للدعاء
وتجديد التوبة والتضرع ليس عليه دليل ولا هذا الموضع من مواضع إجابة
الدعاء، لأن مواضع إجابة الدعوة توقيفية مثل الدعاء في السجود وآخر الليل
وأدبار الصلوات وبعد تلاوة القرآن الكريم وبعد النداء وبين الأذان
والإقامة وعند نزول الغيث ومجالس الذكر واجتماع المسلمين ودعاء المسلم
لأخيه بظهر الغيب وفي ليلة القدر ويوم عرفة وليلة الجمعة ويومها، ونحو ذلك
مما ورد
أما سؤال الله تعالى بجاه النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعرف
عن السلف، وأنكره العلماء والمحققون وعدوه من الأمور البدعية في الدين،
ولا ينبغي لأحد أن يسأل الله به وأحاديث سؤال الله بالمخلوقين أو بجاههم
ومنزلتهم واهية وموضوعة، ولا يوجد في أئمة الإسلام من احتج بها أو اعتمد
عليها، إذ أن سؤال الله تعالى بسبب لا يناسب إجابة الدعاء، فلا يحلف على
الله بمخلوق ولا يسأله بجاه مخلوق أو بذاته ومنزلته، وإنما يسأل الله
بالأسباب التي تناسب إجابة الدعاء مما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، كسؤال
الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى قال تعالى: ((وَلِلَّهِ
الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)) [الأعراف:180] وبالعمل الصالح
قال تعالى: ((الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ
لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)) [آل عمران:16].
ومن
السؤال بالأعمال الصالحة سؤال الثلاثة الذين آووا إلى الغار فسأل كل واحد
منهم ربه بعمل عظيم أخلص فيه لله تعالى، لأن ذلك العمل مما يحبه الله
ويرضاه محبة تقتضي إجابة صاحبه: هذا سأل ببره لوالديه وهذا يسأل بعفته
التامة وهذا سأل بأمانته وإحسانه.
وكذلك كان ابن مسعود رضي الله عنه يقول وقت السحر: [[اللهم أمرتني فأطعتك ودعوتني فأجبتك، وهذا سحر فاغفر لي]].
وكسؤال الله بحق السائلين عليه وهو حق أوجبه على نفسه لهم كرماً وتفضلاً
كما يسأل بالإيمان والعمل الصالح الذي جعله سبباً لإجابة الدعاء قال
تعالى: ((وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ)) [الشورى:26]
نعم: لقد اتفق المسلمون
على أنه صلى الله عليه وسلم أعظم الخلق جاهاً عند الله، لا جاه لمخلوق عند
الله أعظم من جاهه ولا شفاعة أعظم من شفاعته، لكن انتفاع العبد بدعائه صلى
الله عليه وسلم له في حياته على الوجه المشروع، وكان بعض الصحابة يطلبون
منه الدعاء فيدعو لهم فكان توسلهم بدعائه، لا بذاته في حضوره أو مغيبه أو
بجاهه بعد موته، وقد كان من الممكن أن يأتوا إلى قبره ويتوسلوا هناك
ويقولوا في دعائهم بالجاه ونحو ذلك من الألفاظ التي تتضمن القسم بالمخلوق
على الله عز وجل أو السؤال به ونحو ذلك مما يفعله الجهال من السؤال بجاه
النبي وغيره، لكن لم يفعلوا شيئاً من ذلك ولا دعوا بمثل هذه الأدعية مع
شدة حاجتهم، بل ضرورتهم إلى ذلك؛ لعلمهم أن جاه المخلوق عند الخالق تعالى
ليس كجاه المخلوق عند المخلوق، فإنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، قال
تعالى: ((مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ))
[البقرة:255] وأما ما يحتج به بعض الجهال عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال: {إذا سألتم الله فاسألوه بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم}. فهذا الحديث
كذب ليس في شيء من كتب المسلمين التي يعتمد عليها أهل الحديث ولا ذكره أحد
من أهل العلم بالحديث لهذا لم تقم به حجة وهذا الحديث وما على شاكلته كقول
العامة: {إذا كانت لكم حاجة فاسألوا الله بجاهي} فإنها أحاديث مكذوبة
باطلة لم يروها أحد من أهل العلم.
فلا يجوز الإقسام على الله بأحد من
الأنبياء أو غيرهم من المخلوقين ولا يجوز أن يقال أسألك بفلان أو بجاه
فلان عندك أو بحقه عندك سواء كان نبياً أو غيره، لأن ذلك بدعة وكل بدعة
ضلالة وكل ضلالة في النار.
فينبغي للمسلم أن يدعو الله بالأدعية
الشرعية التي جاء بها الكتاب والسنة فإن ذلك لا ريب في فضله وحسنه وأنه
الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين
والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، ثم إنه لا مناسبة بين جاه النبي
صلى الله عليه وسلم وبين الدعاء إذ أنه لو سأل الله تعالى بجاه النبي
يقول: لكون نبيك له جاه ومنزلة عندك أجب دعائي وأي مناسبة في هذا وأي
ملازمة وإنما هذا اعتداء في الدعاء فالدعاء من أفضل العبادات، والعبادات
مبناها على السنة والاتباع لا على الهوى والابتداع قال تعالى: ((ادْعُوا
رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ))
[الأعراف:55
شبهة ورد:
قال تعالى: ((وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ
ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ
لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا)) [النساء:64]
بهذه الآية الكريمة يستدل بعض الناس على الحث على المجيء إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم والاستغفار عنده حتى ولو بعد موته، وأن الآية دلت على
تعليق وجدانهم الله تواباً رحيماً بثلاثة أمور:
1- المجيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2- استغفار من ظلم نفسه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3- استغفار الرسول لمن ظلم نفسه.
ويزعمون أن ذلك وإن كان قد ورد في حال الحياة فهي رتبة له صلى الله عليه
وسلم ولا تنقطع بموته تعظيماً له على حد قولهم فيستحب لمن أتى قبر النبي
صلى الله عليه وسلم أن يتلو هذه الآية ويستغفر الله تعالى ويقول: اللهم
إنا سمعنا قولك وأطعنا أمرك وقصدنا نبيك هذا متشفعين به.
والرد: هذه
الآية لا تدل على ما قالوه، بل تدل على عكسه؛ لأنها لا تدل إلا على المجيء
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته ليستغفر لمن ظلم نفسه، ثم إنها
وردت في المنافق الذي رضي بحكم كعب بن الأشرف وغيره من الطواغيت دون حكم
رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يفهم منها أحد من السلف ومن سلك سبيلهم
سوى هذا وهم أعلم الأئمة بالقران وبمعانيه، ولو كان هذا التأويل الذي
تأولوه عليه تأويلاً صحيحاً لسبقونا إليه علماً وعملاً، إذ لم يكن أحد
منهم قط يأتي إلى قبره ويقول: يا رسول الله، فعلت كذا وكذا فاستغفر لي،
ولا شكا إليه صلى الله عليه وسلم أحد منهم ولا سأله، ثم إنه لو كان
استغفاره لمن جاءه مستغفراً بعد موته ممكناً أو مشروعاً لكان كمال شفقته
ورحمته صلى الله عليه وسلم بأمته يقتضي ترغيبهم في ذلك وحضهم عليه ولكان
الصحابة والتابعون أرغب شيء فيه وأسبق إليه ولشرع لكل مذنب أن يأتي إلى
قبره يستغفر له وأصبح القبر أعظم أعياد المذنبين وهذا مضادة صريحة لدينه
صلى الله عليه وسلم وما جاء به
وليس لأحد بعد وفاة النبي صلى الله
عليه وسلم أن يأتي قبره ويقصده بالدعاء أو أن يسأله أن يشفع له عند ربه
ويستغفر الله له، لأن استغفاره صلى الله عليه وسلم قد انقطع بوفاته
وانتقاله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى وكذا قبر غيره من الصالحين
لا يجوز إتيانها وسؤال الله عندها واستغفاره من ذنوب اقترفها العبد، لأن
وفاتهم حالت دون الاستغفار ودون أي عمل آخر كانوا يعملونه حال حياتهم فيما
يجوز من سؤال الحي ولا يجوز سؤاله للميت، لأنه يفضي إلى الشرك، ولأن الميت
انقطع عنه التكليف.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: وقصد القبور لأجل
الدعاء عندها، رجاء الإجابة ليس من شريعة الإسلام لا واجباً ولا مستحباً
ولا طاعة ولا مما يحبه الله ويرضاه ولا هو عمل صالح ولا قربة إلى الله،
ومن جعله من هذا الباب فهو ضال باتفاق المسلمين.
نعم: كانوا يأتون إلى
النبي صلى الله عليه وسلم في حياته ويطلبون منه الدعاء ويتوسلون به،
ويستشفعون به إلى الله، كما أن الخلائق يأتون إليه يوم القيامة يطلبون أن
يشفع لهم إلى الله، ثم لما مات وأصابهم الجدب عام الرمادة في خلافة عمر بن
الخطاب رضي الله عنه وكانت شدة عظيمة، أتوا العباس فتوسلوا به، واستسقوا
بدعائه بدلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يأتوا إلى قبر النبي صلى
الله عليه وسلم يدعون عنده ولا استسقوا به ولا توسلوا به. وكذلك في الشام
لم يذهبوا إلى ما فيها من القبور، بل استسقوا بمن معهم من الصالحين،
ومعلوم أنه لو كان الدعاء عند القبور والتوسل بالأموات مما يستحب لهم لكان
التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم عند قبره أفضل من التوسل بالعباس وغيره،
فلم يؤمر أحد بالتوسل بميت ولا الاستعانة به ونحو ذلك مما يظنه بعض الناس
ديناً وقربة و هو عين البدعة
وبناء على ذلك فمن قصد النبي صلى الله
عليه وسلم وتشفع به إلى الله عند قبره فلا سعادة حينئذ للزائر البتة، لأن
الزيارة والحالة هذه زيارة بدعية باطلة منعها الشارع الحكيم ولم يأذن بها،
إذ أن المقصود بزيارة قبره صلى الله عليه وسلم السلام عليه وعلى صاحبيه
كما كان صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه إذا زاروا القبور وكما فعل ابن
عمر رضي الله عنهما فقد كان يقول: السلام عليك يا رسول الله السلام عليك
يا أبا بكر السلام عليك يا أبت ثم ينصرف، والسلف الصالح كلهم متفقون على
أن الزائر لا يسأله شيئاً ولا يطلب منه ما يطلب منه في حياته لا شفاعة ولا
استغفار بزيارته ولا غير ذلك بل يسلم عليه وهذه هي الزيارة الشرعية
المأمور بها وهي التي يسعد صاحبها وتزكو بها نفسه وتجعله أهلاً لرضوان
الله عليه واستجابته لدعائه.
وقول بعضهم: " وأدخلنا في شفاعته ".
الدعاء بالدخول في شفاعته صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ليس مقصوراً على
من وقف عند قبره ودعا بهذا الدعاء، بل في كل مكان إذا دعا المؤمن بذلك.
ولكن، من أولى الناس بشفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم؟
إن أولى الناس بشفاعته وأسعدهم، أكملهم إخلاصاً ومتابعة للرسول صلى الله
عليه وسلم ظاهراً وباطناً، فمن مات لا يشرك بالله شيئاً فقد جاء بأعظم
الأسباب التي تنال بها شفاعة الرسول صلوات الله وسلامه عليه، لأنه بحسب
توحيد العبد لربه وإخلاص دينه لله تعالى يستحق كرامة الله بالشفاعة وغيرها.
روى البخاري في "صحيحه " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: {قلت يا رسول
الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ فقال: لقد ظننت يا أبا هريرة أن
لا يسألني عن هذا الحديث أحذ أولى منك، لما رأيت من
حرصك على الحديث،
أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قبل
نفسه}، وفي رواية: {خالصاً مخلصاً من قلبه أو نفسه}. وخرجها ابن حبان
وفيها: {وشفاعتي لمن شهد أن لا إله إلا الله مخلصاً يصدق قلبه لسانه
ولسانه قلبه}قال شيخ الإسلام رحمه الله: " فجعل أسعد الناس بشفاعته أكملهم
إخلاصاً "
ودعاء الرسول وطلب الحوائج منه وطلب شفاعته عند قبره بعد
موته لم يفعله أحد من السلف ومعلوم أنه لو كان قصد الدعاء عند القبر
مشروعاً لفعله الصحابة والتابعون وكذلك السؤال به فكيف بدعائه وسؤاله بعد
موته؟ بما لم يسنه ولا استحبه صلى الله عليه وسلم. وعليه فمن يأتي لقصد
الدعاء لنفسه أو لغيره فدعاؤه مردود على وجهه لأنه من البدع المنكرات التي
لم يفعلها السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار. والذين اتبعوهم بإحسان
ولا أمر بها أحد من أئمة المسلمين
حياة الأنبياء في قبورهم:
حياة الأنبياء في قبورهم ثابتة، فينبغي أن يقتصر على اعتقاد ذلك ولا يزاد عليه.
والمراد بالحياة: الحياة البرزخية التي ليست مستلزمة لإثبات حياة مزيلة
لاسم الموت نظير الحياة المعهودة، بل تعاد الروح إلى البدن في البرزخ ولا
تستمر فيه ولا يستلزم ذلك إثبات حياة نظير الحياة المعهودة.
وتعلق الروح بالبدن واتصالها به يتنوع أنواعاً متعددة.
أحدها: تعلقها به في هذا العالم يقظة ومناماً.
والثاني: تعلقها به في البرزخ، والأموات متفاوتون في ذلك فالذي للرسل
والأنبياء أكمل مما للشهداء، والذي للشهداء أكمل مما لغيرهم من المؤمنين.
والثالث: تعلقها به يوم البعث والنشور.
فأرواح الأنبياء بما فيهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأرواح الصديقين
والشهداء أيضاً مستقرها في عليين من الرفيق الأعلى فوق السموات وتتعلق
بالبدن لتعلقها بمقتضى رد السلام على من سلم عليه وهذا هو مذهب أهل السنة
من الفقهاء والمحدثين وغيرهم، وهو أن الروح ذات قائمة بنفسها لها صفات
تقوم بها وأنها تفارق البدن وتصعد وتنزل وتقبض وتنعم وتعذب وتذهب وتجيء...
إلخ ما دلت عليه السنة الصحيحة في أرواح الأنبياء وللشهداء خصوصاً
وللمؤمنين عموماً
وكان الصحابة رضوان الله عليهم يكثرون من الصلاة
والسلام عليه حين كان حيا بين أظهرهم فكان أحدهم إذا أتى يسلم وإذا قام
يسلم، ومثل هذا لا يشرع عند القبر باتفاق المسلمين ولا دليل على أن الصلاة
والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرع الإكثار منها عند قبره
الشريف، بل الصلاة والسلام عليه مطلوبة في كل وقت وفي أي مكان ولا فضيلة
للمسلم عليه عند قبره دون غيره، ولا اختصاص لقبره بجنس من أجناس العبادات.
والأحاديث الثابتة عنه فيها أن الملائكة يبلغونه صلاة من يصلي عليه وسلام
من يسلم عليه، وليس في شيء منها أنه يسمع ويرد على من يسلم عليه، فالقول
بأنه يسمع من نفس المصلي باطل، لكنه يبلغ ذلك ويعرض عليه، وكذلك السلام
تبلغه إياه الملائكة، حتى إن ثبت أنه يرد على من سلم عليه عند قبره فذلك
كالسلام على سائر أموات المؤمنين، وليس من خصائصه صلى الله عليه وسلم ولا
هو السلام المأمور به الذي يسلم الله على صاحبه عشراً كما يصلي على من صلى
عليه عشراً، فإن هذا هو الذي أمر الله به في كتابه وهو لا يختص بمكان دون
مكان ورده صلى الله عليه وسلم السلام على من سلم عليه ليس فيه ثناء ولا
مدح على المسلم ولا ترغيب له في ذلك أو زيادة أجر، إنما فيه مدح للمسلم
عليه والإخبار بسماعه السلام وأنه يرد السلام فيكافئ المسلم عليه حتى لا
يبقى للمسلم عليه فضل، لأنه بالرد تحصل المكافأة وهو من باب العدل المأمور
به الواجب لكل مسلم إذا كان سلامه مشروعاً، وأما أن يحصل للمسلم فائدة أو
زيادة وأجر فيقف الأمر فيه على الدليل ولا دليل عليه
رفع الصوت عند السلام عليه صلى الله عليه وسلم والتمسح بالمنبر:
إن المطلوب من المسلم عند الزيارة لقبره صلى الله عليه وسلم أن يلزم الأدب
الذي أمر به، فلا ترفع الأصوات عند حجرته الشريفة كما لا ترفع فوق صوته،
لأنه في التوقير والحرمة كحياته صلى الله عليه وسلم.
قال شيخ الإسلام
ابن تيمية رحمه الله: ورفع الصوت في المساجد منهي عنه، وهو في مسجد النبي
صلى الله عليه وسلم أشد، وقد ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى رجلين
يرفعان أصواتهما في المسجد فقال: [[لو أعلم أنكما من أهل البلد لأوجعتكما
ضرباً إن الأصوات لا ترتفع في مسجده صلى الله عليه وسلم]].
الوسيلة وبعثه المقام المحمودثم إن استقبال القبلة أو استدبارها للدعاء
وتجديد التوبة والتضرع ليس عليه دليل ولا هذا الموضع من مواضع إجابة
الدعاء، لأن مواضع إجابة الدعوة توقيفية مثل الدعاء في السجود وآخر الليل
وأدبار الصلوات وبعد تلاوة القرآن الكريم وبعد النداء وبين الأذان
والإقامة وعند نزول الغيث ومجالس الذكر واجتماع المسلمين ودعاء المسلم
لأخيه بظهر الغيب وفي ليلة القدر ويوم عرفة وليلة الجمعة ويومها، ونحو ذلك
مما ورد
أما سؤال الله تعالى بجاه النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعرف
عن السلف، وأنكره العلماء والمحققون وعدوه من الأمور البدعية في الدين،
ولا ينبغي لأحد أن يسأل الله به وأحاديث سؤال الله بالمخلوقين أو بجاههم
ومنزلتهم واهية وموضوعة، ولا يوجد في أئمة الإسلام من احتج بها أو اعتمد
عليها، إذ أن سؤال الله تعالى بسبب لا يناسب إجابة الدعاء، فلا يحلف على
الله بمخلوق ولا يسأله بجاه مخلوق أو بذاته ومنزلته، وإنما يسأل الله
بالأسباب التي تناسب إجابة الدعاء مما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، كسؤال
الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى قال تعالى: ((وَلِلَّهِ
الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)) [الأعراف:180] وبالعمل الصالح
قال تعالى: ((الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ
لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)) [آل عمران:16].
ومن
السؤال بالأعمال الصالحة سؤال الثلاثة الذين آووا إلى الغار فسأل كل واحد
منهم ربه بعمل عظيم أخلص فيه لله تعالى، لأن ذلك العمل مما يحبه الله
ويرضاه محبة تقتضي إجابة صاحبه: هذا سأل ببره لوالديه وهذا يسأل بعفته
التامة وهذا سأل بأمانته وإحسانه.
وكذلك كان ابن مسعود رضي الله عنه يقول وقت السحر: [[اللهم أمرتني فأطعتك ودعوتني فأجبتك، وهذا سحر فاغفر لي]].
وكسؤال الله بحق السائلين عليه وهو حق أوجبه على نفسه لهم كرماً وتفضلاً
كما يسأل بالإيمان والعمل الصالح الذي جعله سبباً لإجابة الدعاء قال
تعالى: ((وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ)) [الشورى:26]
نعم: لقد اتفق المسلمون
على أنه صلى الله عليه وسلم أعظم الخلق جاهاً عند الله، لا جاه لمخلوق عند
الله أعظم من جاهه ولا شفاعة أعظم من شفاعته، لكن انتفاع العبد بدعائه صلى
الله عليه وسلم له في حياته على الوجه المشروع، وكان بعض الصحابة يطلبون
منه الدعاء فيدعو لهم فكان توسلهم بدعائه، لا بذاته في حضوره أو مغيبه أو
بجاهه بعد موته، وقد كان من الممكن أن يأتوا إلى قبره ويتوسلوا هناك
ويقولوا في دعائهم بالجاه ونحو ذلك من الألفاظ التي تتضمن القسم بالمخلوق
على الله عز وجل أو السؤال به ونحو ذلك مما يفعله الجهال من السؤال بجاه
النبي وغيره، لكن لم يفعلوا شيئاً من ذلك ولا دعوا بمثل هذه الأدعية مع
شدة حاجتهم، بل ضرورتهم إلى ذلك؛ لعلمهم أن جاه المخلوق عند الخالق تعالى
ليس كجاه المخلوق عند المخلوق، فإنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، قال
تعالى: ((مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ))
[البقرة:255] وأما ما يحتج به بعض الجهال عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال: {إذا سألتم الله فاسألوه بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم}. فهذا الحديث
كذب ليس في شيء من كتب المسلمين التي يعتمد عليها أهل الحديث ولا ذكره أحد
من أهل العلم بالحديث لهذا لم تقم به حجة وهذا الحديث وما على شاكلته كقول
العامة: {إذا كانت لكم حاجة فاسألوا الله بجاهي} فإنها أحاديث مكذوبة
باطلة لم يروها أحد من أهل العلم.
فلا يجوز الإقسام على الله بأحد من
الأنبياء أو غيرهم من المخلوقين ولا يجوز أن يقال أسألك بفلان أو بجاه
فلان عندك أو بحقه عندك سواء كان نبياً أو غيره، لأن ذلك بدعة وكل بدعة
ضلالة وكل ضلالة في النار.
فينبغي للمسلم أن يدعو الله بالأدعية
الشرعية التي جاء بها الكتاب والسنة فإن ذلك لا ريب في فضله وحسنه وأنه
الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين
والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، ثم إنه لا مناسبة بين جاه النبي
صلى الله عليه وسلم وبين الدعاء إذ أنه لو سأل الله تعالى بجاه النبي
يقول: لكون نبيك له جاه ومنزلة عندك أجب دعائي وأي مناسبة في هذا وأي
ملازمة وإنما هذا اعتداء في الدعاء فالدعاء من أفضل العبادات، والعبادات
مبناها على السنة والاتباع لا على الهوى والابتداع قال تعالى: ((ادْعُوا
رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ))
[الأعراف:55
شبهة ورد:
قال تعالى: ((وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ
ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ
لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا)) [النساء:64]
بهذه الآية الكريمة يستدل بعض الناس على الحث على المجيء إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم والاستغفار عنده حتى ولو بعد موته، وأن الآية دلت على
تعليق وجدانهم الله تواباً رحيماً بثلاثة أمور:
1- المجيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2- استغفار من ظلم نفسه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3- استغفار الرسول لمن ظلم نفسه.
ويزعمون أن ذلك وإن كان قد ورد في حال الحياة فهي رتبة له صلى الله عليه
وسلم ولا تنقطع بموته تعظيماً له على حد قولهم فيستحب لمن أتى قبر النبي
صلى الله عليه وسلم أن يتلو هذه الآية ويستغفر الله تعالى ويقول: اللهم
إنا سمعنا قولك وأطعنا أمرك وقصدنا نبيك هذا متشفعين به.
والرد: هذه
الآية لا تدل على ما قالوه، بل تدل على عكسه؛ لأنها لا تدل إلا على المجيء
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته ليستغفر لمن ظلم نفسه، ثم إنها
وردت في المنافق الذي رضي بحكم كعب بن الأشرف وغيره من الطواغيت دون حكم
رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يفهم منها أحد من السلف ومن سلك سبيلهم
سوى هذا وهم أعلم الأئمة بالقران وبمعانيه، ولو كان هذا التأويل الذي
تأولوه عليه تأويلاً صحيحاً لسبقونا إليه علماً وعملاً، إذ لم يكن أحد
منهم قط يأتي إلى قبره ويقول: يا رسول الله، فعلت كذا وكذا فاستغفر لي،
ولا شكا إليه صلى الله عليه وسلم أحد منهم ولا سأله، ثم إنه لو كان
استغفاره لمن جاءه مستغفراً بعد موته ممكناً أو مشروعاً لكان كمال شفقته
ورحمته صلى الله عليه وسلم بأمته يقتضي ترغيبهم في ذلك وحضهم عليه ولكان
الصحابة والتابعون أرغب شيء فيه وأسبق إليه ولشرع لكل مذنب أن يأتي إلى
قبره يستغفر له وأصبح القبر أعظم أعياد المذنبين وهذا مضادة صريحة لدينه
صلى الله عليه وسلم وما جاء به
وليس لأحد بعد وفاة النبي صلى الله
عليه وسلم أن يأتي قبره ويقصده بالدعاء أو أن يسأله أن يشفع له عند ربه
ويستغفر الله له، لأن استغفاره صلى الله عليه وسلم قد انقطع بوفاته
وانتقاله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى وكذا قبر غيره من الصالحين
لا يجوز إتيانها وسؤال الله عندها واستغفاره من ذنوب اقترفها العبد، لأن
وفاتهم حالت دون الاستغفار ودون أي عمل آخر كانوا يعملونه حال حياتهم فيما
يجوز من سؤال الحي ولا يجوز سؤاله للميت، لأنه يفضي إلى الشرك، ولأن الميت
انقطع عنه التكليف.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: وقصد القبور لأجل
الدعاء عندها، رجاء الإجابة ليس من شريعة الإسلام لا واجباً ولا مستحباً
ولا طاعة ولا مما يحبه الله ويرضاه ولا هو عمل صالح ولا قربة إلى الله،
ومن جعله من هذا الباب فهو ضال باتفاق المسلمين.
نعم: كانوا يأتون إلى
النبي صلى الله عليه وسلم في حياته ويطلبون منه الدعاء ويتوسلون به،
ويستشفعون به إلى الله، كما أن الخلائق يأتون إليه يوم القيامة يطلبون أن
يشفع لهم إلى الله، ثم لما مات وأصابهم الجدب عام الرمادة في خلافة عمر بن
الخطاب رضي الله عنه وكانت شدة عظيمة، أتوا العباس فتوسلوا به، واستسقوا
بدعائه بدلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يأتوا إلى قبر النبي صلى
الله عليه وسلم يدعون عنده ولا استسقوا به ولا توسلوا به. وكذلك في الشام
لم يذهبوا إلى ما فيها من القبور، بل استسقوا بمن معهم من الصالحين،
ومعلوم أنه لو كان الدعاء عند القبور والتوسل بالأموات مما يستحب لهم لكان
التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم عند قبره أفضل من التوسل بالعباس وغيره،
فلم يؤمر أحد بالتوسل بميت ولا الاستعانة به ونحو ذلك مما يظنه بعض الناس
ديناً وقربة و هو عين البدعة
وبناء على ذلك فمن قصد النبي صلى الله
عليه وسلم وتشفع به إلى الله عند قبره فلا سعادة حينئذ للزائر البتة، لأن
الزيارة والحالة هذه زيارة بدعية باطلة منعها الشارع الحكيم ولم يأذن بها،
إذ أن المقصود بزيارة قبره صلى الله عليه وسلم السلام عليه وعلى صاحبيه
كما كان صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه إذا زاروا القبور وكما فعل ابن
عمر رضي الله عنهما فقد كان يقول: السلام عليك يا رسول الله السلام عليك
يا أبا بكر السلام عليك يا أبت ثم ينصرف، والسلف الصالح كلهم متفقون على
أن الزائر لا يسأله شيئاً ولا يطلب منه ما يطلب منه في حياته لا شفاعة ولا
استغفار بزيارته ولا غير ذلك بل يسلم عليه وهذه هي الزيارة الشرعية
المأمور بها وهي التي يسعد صاحبها وتزكو بها نفسه وتجعله أهلاً لرضوان
الله عليه واستجابته لدعائه.
وقول بعضهم: " وأدخلنا في شفاعته ".
الدعاء بالدخول في شفاعته صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ليس مقصوراً على
من وقف عند قبره ودعا بهذا الدعاء، بل في كل مكان إذا دعا المؤمن بذلك.
ولكن، من أولى الناس بشفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم؟
إن أولى الناس بشفاعته وأسعدهم، أكملهم إخلاصاً ومتابعة للرسول صلى الله
عليه وسلم ظاهراً وباطناً، فمن مات لا يشرك بالله شيئاً فقد جاء بأعظم
الأسباب التي تنال بها شفاعة الرسول صلوات الله وسلامه عليه، لأنه بحسب
توحيد العبد لربه وإخلاص دينه لله تعالى يستحق كرامة الله بالشفاعة وغيرها.
روى البخاري في "صحيحه " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: {قلت يا رسول
الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ فقال: لقد ظننت يا أبا هريرة أن
لا يسألني عن هذا الحديث أحذ أولى منك، لما رأيت من
حرصك على الحديث،
أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قبل
نفسه}، وفي رواية: {خالصاً مخلصاً من قلبه أو نفسه}. وخرجها ابن حبان
وفيها: {وشفاعتي لمن شهد أن لا إله إلا الله مخلصاً يصدق قلبه لسانه
ولسانه قلبه}قال شيخ الإسلام رحمه الله: " فجعل أسعد الناس بشفاعته أكملهم
إخلاصاً "
ودعاء الرسول وطلب الحوائج منه وطلب شفاعته عند قبره بعد
موته لم يفعله أحد من السلف ومعلوم أنه لو كان قصد الدعاء عند القبر
مشروعاً لفعله الصحابة والتابعون وكذلك السؤال به فكيف بدعائه وسؤاله بعد
موته؟ بما لم يسنه ولا استحبه صلى الله عليه وسلم. وعليه فمن يأتي لقصد
الدعاء لنفسه أو لغيره فدعاؤه مردود على وجهه لأنه من البدع المنكرات التي
لم يفعلها السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار. والذين اتبعوهم بإحسان
ولا أمر بها أحد من أئمة المسلمين
حياة الأنبياء في قبورهم:
حياة الأنبياء في قبورهم ثابتة، فينبغي أن يقتصر على اعتقاد ذلك ولا يزاد عليه.
والمراد بالحياة: الحياة البرزخية التي ليست مستلزمة لإثبات حياة مزيلة
لاسم الموت نظير الحياة المعهودة، بل تعاد الروح إلى البدن في البرزخ ولا
تستمر فيه ولا يستلزم ذلك إثبات حياة نظير الحياة المعهودة.
وتعلق الروح بالبدن واتصالها به يتنوع أنواعاً متعددة.
أحدها: تعلقها به في هذا العالم يقظة ومناماً.
والثاني: تعلقها به في البرزخ، والأموات متفاوتون في ذلك فالذي للرسل
والأنبياء أكمل مما للشهداء، والذي للشهداء أكمل مما لغيرهم من المؤمنين.
والثالث: تعلقها به يوم البعث والنشور.
فأرواح الأنبياء بما فيهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأرواح الصديقين
والشهداء أيضاً مستقرها في عليين من الرفيق الأعلى فوق السموات وتتعلق
بالبدن لتعلقها بمقتضى رد السلام على من سلم عليه وهذا هو مذهب أهل السنة
من الفقهاء والمحدثين وغيرهم، وهو أن الروح ذات قائمة بنفسها لها صفات
تقوم بها وأنها تفارق البدن وتصعد وتنزل وتقبض وتنعم وتعذب وتذهب وتجيء...
إلخ ما دلت عليه السنة الصحيحة في أرواح الأنبياء وللشهداء خصوصاً
وللمؤمنين عموماً
وكان الصحابة رضوان الله عليهم يكثرون من الصلاة
والسلام عليه حين كان حيا بين أظهرهم فكان أحدهم إذا أتى يسلم وإذا قام
يسلم، ومثل هذا لا يشرع عند القبر باتفاق المسلمين ولا دليل على أن الصلاة
والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرع الإكثار منها عند قبره
الشريف، بل الصلاة والسلام عليه مطلوبة في كل وقت وفي أي مكان ولا فضيلة
للمسلم عليه عند قبره دون غيره، ولا اختصاص لقبره بجنس من أجناس العبادات.
والأحاديث الثابتة عنه فيها أن الملائكة يبلغونه صلاة من يصلي عليه وسلام
من يسلم عليه، وليس في شيء منها أنه يسمع ويرد على من يسلم عليه، فالقول
بأنه يسمع من نفس المصلي باطل، لكنه يبلغ ذلك ويعرض عليه، وكذلك السلام
تبلغه إياه الملائكة، حتى إن ثبت أنه يرد على من سلم عليه عند قبره فذلك
كالسلام على سائر أموات المؤمنين، وليس من خصائصه صلى الله عليه وسلم ولا
هو السلام المأمور به الذي يسلم الله على صاحبه عشراً كما يصلي على من صلى
عليه عشراً، فإن هذا هو الذي أمر الله به في كتابه وهو لا يختص بمكان دون
مكان ورده صلى الله عليه وسلم السلام على من سلم عليه ليس فيه ثناء ولا
مدح على المسلم ولا ترغيب له في ذلك أو زيادة أجر، إنما فيه مدح للمسلم
عليه والإخبار بسماعه السلام وأنه يرد السلام فيكافئ المسلم عليه حتى لا
يبقى للمسلم عليه فضل، لأنه بالرد تحصل المكافأة وهو من باب العدل المأمور
به الواجب لكل مسلم إذا كان سلامه مشروعاً، وأما أن يحصل للمسلم فائدة أو
زيادة وأجر فيقف الأمر فيه على الدليل ولا دليل عليه
رفع الصوت عند السلام عليه صلى الله عليه وسلم والتمسح بالمنبر:
إن المطلوب من المسلم عند الزيارة لقبره صلى الله عليه وسلم أن يلزم الأدب
الذي أمر به، فلا ترفع الأصوات عند حجرته الشريفة كما لا ترفع فوق صوته،
لأنه في التوقير والحرمة كحياته صلى الله عليه وسلم.
قال شيخ الإسلام
ابن تيمية رحمه الله: ورفع الصوت في المساجد منهي عنه، وهو في مسجد النبي
صلى الله عليه وسلم أشد، وقد ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى رجلين
يرفعان أصواتهما في المسجد فقال: [[لو أعلم أنكما من أهل البلد لأوجعتكما
ضرباً إن الأصوات لا ترتفع في مسجده صلى الله عليه وسلم]].
سهر الليالى- المدير العام
- عدد الرسائل : 2727
نقاط : 2028
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
اداب واحكام زيارة المدينة المنورة
فما يفعله بعض جهال العامة من رفع الصوت عقب الصلاة من قولهم: السلام عليك
يا رسول الله بأصوات عالية وصيحات منكرة من أقبح البدع، ولم يكن أحد من
السلف يفعل شيئاً من ذلك عقب الصلاة لا بأصوات عالية ولا منخفضة، بل ما في
الصلاة من قول المصلي: "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " هو
المشروع كما أن الصلاة والسلام عليه مشروعة في كل مكان وزمان.
فيا لله
من عصر تقلب فيه الحقائق ويقل فيه العلم النافع ويكثر فيه الجهل وتستفحل
فيه البدع ويتبع فيه الهوى، فقد زاد رفع الصوت في المسجد وعند الحجرة
الشريفة فبعد كل صلاة يقوم الزائرون فرادى وجماعات ومع كل جماعة ما يسمى
بالمزور -وحق أنه مزور- يرفع صوته لجماعته ويرددون وراءه بأصوات عالية ما
يقوله، فيصير لهم ضجة في المسجد يذوب من سماعها قلب الموحد فإنا لله وإنا
إليه راجعون!!
وأما الطواف والتمسح بالحجرة فقد أصبح الآن غير ممكن
لأنها أحيطت بمقصورة دائرة بين الأساطين حول الحجرة وحول بيت عائشة رضي
الله عنها فلله الحمد والمنة إذ بذلك قد سدت على الناس أعظم الأسباب
والذرائع المفضية إلى البدع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
اتفق الأئمة المتبعون والسلف الماضون على أنه لا يستحب لمن سلم على النبي
صلى الله عليه وسلم عند قبره أن يقبل الحجرة ولا يتمسح بها لئلا يضاهي بيت
المخلوق ببيت الخالق، ولأنه صلى الله عليه وسلم قال: {اللهم لا تجعل قبري
وثناً يعبد}( ) فإذا كان هذا هو دين المسلمين في قبر النبي صلى الله عليه
وسلم الذي هو سيد ولد آدم، فقبر غيره أولى أن لا يقبل ولا يستلم.
قلت:
بل إن تقبيل جدران الحجرة والتمسح بها بدعة وضلالة، ولا يقال إنه لا يستحب
بل هو ممنوع ومنهي عنه، ويزجر فاعله، بل إن هذا من أقبح البدع التي تؤدي
إلى الإطراء والغلو الذي يتنافى مع مقام النبوة ويئول إلى رفعها لمنزلة
الربوبية، بل الإلهية.
وأما الطواف بالحجرة الشريفة فهو حرام بإجماع أهل العلم.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: "لم يشرع إلا الطواف بالكعبة واستلام الركنين
اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود، وأما مسجد النبي صلى الله عليه وسلم
والمسجد الأقصى وسائر المساجد فليس فيها ما يطاف به ولا ما يتمسح به ولا
ما يقبل، فلا يجوز لأحد أن يطوف بحجرة النبي صلى الله عليه وسلم ولا بصخرة
بيت المقدس ولا بغير هؤلاء كالقبة التي فوق جبل عرفات وأمثالها، بل ليس في
الأرض مكان يطاف به كما يطاف بالكعبة ومن اعتقد أن الطواف بغيرها مشروع
فهو شر ممن يعتقد جواز الصلاة إلى غير الكعبة.
وقال: ليس لحجرة النبي
صلى لله عليه وسلم التي فيها قبره اختصاص شرعي بشيء من العبادات( ) ولا
يستحب التمسح بحائط قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا تقبيله قال الإمام
أحمد رحمه الله: ما أعرف هذا، قال الأثرم: رأيت أهل العلم من أهل المدينة
لا يمسون قبر النبي صلى الله عليه وسلم، يقومون من ناحيته فيسلمون، قال
أبو عبد الله: وهكذا كان ابن عمر يفعل. وقال في المستوعب يكره ذلك، ونقل
أبو الحارث: يدنو منه ولا يتمسح به بل يقوم حذاءه فيسلم. وهذا هو الصحيح
من المذهب
قال شيخ الإسلام رحمه الله: " وأما التمسح بالقبر
أي
قبر كان وتقبيله وتمريغ الخد عليه فمنهي عنه باتفاق المسلمين، ولو كان ذلك
من قبور الأنبياء، ولم يفعل هذا أحد من سلف الأمة وأئمتها بل هذا من
الشرك.
وقال أيضاً: وقبره صلى الله عليه وسلم جعل بحيث يمنع الناس
من الوصول إليه، فلم يجعل للزوار طريق إليه بوجه من الوجوه، ولا قبر في
مكان كبير يسع الزوار ولا جعل للمكان شباك يرى منه القبر بل منع الناس من
الوصول إليه والمشاهدة له، كل ذلك صيانة له صلى الله عليه وسلم أن يتخذ
بيته عيداً وقبره وثناً
قال العلامة ابن القيم -رحمه الله- في هذا الشأن:
ولقد نهانا أن نصير قبره عيداً حذار الشرك بالرحمن
ودعا بأن لا يجعل القبر الذي قد ضمه، وثناً من الأوثان
فأجاب رب العالمين دعاءه وأحاطه بثلاثة الجدران
حتى اغتدت أرجاؤه بدعائه في عزة وحماية وصيان
قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جاسر( ): هذا يعني صيانة القبر أن
يجعل سبيلاً للأعمال الشركية في زمن ابن القيم، ثم بعد زمنه أحيط -أيضاً-
بالشباك الكبير الموجود الآن فأصبح القبر محاطاً بثلاثة الجدران التي
ذكرها ابن القيم -رحمه الله- وثلاثة الجدران محاطة بالشباك الكبير من جميع
الجهات، فالحمد لله رب العالمين.
قلت: وأحيط أيضاً بالترتيب والتنظيم،
والتوجيه والإرشاد من قبل الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد
النبوي، وكذا العلماء على اختلاف مراتبهم من خلال القنوات المتاحة في
وسائل الإعلام وخطبة الجمعة والدروس وغير ذلك.
وبذلك انتشر الوعي وقلت الخرافة وتلاشى كثير من البدع، وما زال الخير في ازدياد والسنة في ظهور.
السلام على أهل البقيع وشهداء أحد:
أصل البقيع في اللغة: الموضع الذي فيه أروم الشجر
من ضروب شتى. وبه سمي بقيع الغرقد، وهو مقبرة أهل المدينة وهي داخل
المدينة، وكانت منازل قريش والأنصار وبني سليم، وقد دفن في بقيع الغرقد من
الصحابة نحو من عشرة آلاف كما قال مالك رحمه الله. وكذا معظم أهل البيت
والعباس بن عبد المطلب وعثمان بن مظعون وعقيل بن أبي طالب وعائشة وبقية
زوجات النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهن وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن
أبي وقاص وغيرهم رضي الله عنهم، فيزور أهل البقيع كلهم من غير ترتيب.
والأولى الاقتصار على السلام على أهل البقيع والدعاء لهم والاستغفار
تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يقول عند زيارته لأهل البقيع
وقبور الشهداء بأحد: {السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم
لاحقون اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد}.
وعن بريدة بن الحصيب رضي الله
عنه: {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر
فكان قائلهم يقول: -في رواية أبي بكر: السلام على أهل الديار-، وفي رواية
زهير: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله
للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية}.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كان ليلتها من رسول الله يخرج من
آخر الليل إلى البقيع فيقول: {السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما
توعدون غداً مؤجلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل البقيع
الغرقد"( ). والغرقد: (ضرب من شجر العضاه وشجر الشوك وواحدته الغرقدة وقيل
لمقبرة أهل المدينة بقيع الغرقد لأنه كان فيه غرقد وقطع).
ولا يزيد
المسلم على ذلك بأن يدعو الله لنفسه بما أحب فهذا محدث وبدعة لم يشرعه
النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ولا كان السلف رضوان الله عليهم يزورون
القبور للتبرك بالميت والدعاء عنده، أو الدعاء به، وإنما كانوا يزورونه
للدعاء له والاستغفار، كما يصلون على جنازته، وهي زيارة مشروعة لا بأس
فيها، أما أن يقصد الزائر الدعاء عند القبر أو يقصد الدعاء به فهذا ليس من
سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولا استحبه أحد من سلف الأمة وأئمتها بل هو
من البدع المنهي عنها باتفاق السلف والخلف.
ويزور قبور شهداء غزوة أحد
التي وقعت في السنة الثالثة من الهجرة ولا يزيد على ذلك، ولتكن زيارته
عامة لجميع الشهداء بأحد، وفي أي وقت ذهب لزيارتهم كان خيراً، فلا يتعين
يوم الخميس أو يوم الجمعة أو غيرها من الأيام كما زعم البعض ولا دليل معه
على ذلك.
الصلاة في مسجد قباء:
ومسجد قباء هو المسجد الذي أسس على
التقوى، بناه النبي صلى الله عليه وسلم من أول يوم نزل فيه بالمدينة ووصفه
الله وأثنى على أهل قباء في قوله تعالى: ((لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى
التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ
يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ))
[التوبة:108] وروى البخاري في "صحيحه " عن عائشة رضي الله عنها قالت:
{فلبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة
وأسس المسجد الذي أسس على التقوى وصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثم ركب راحلته فسار يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد رسول الله صلى الله
عليه وسلم..}
وعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: قال أبي: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: {من خرج حتى يأتي هذا المسجد مسجد قباء فصلى فيه
كان له عدل عمرة}.
توديع مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم:
توديع مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بركعتين والدعاء فيه وإن كان قد
ذكره بعض أهل العلم كالنووي في (ا لأذكار)( ) ، و (المجموع) وغيره إلا أنه
لم يثبت فيه دليل عن السلف رضوان الله عليهم، ولا كان النبي صلى الله عليه
وسلم يودع المسجد عند خروجه من المدينة بغزوة أو غيره، لذا ينبغي ترك ذلك.
بل الدليل يدل على أن الدعاء وصلاة ركعتين يقال عند الإياب لا عند الذهاب،
وتلك سنة مهجورة اليوم. فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: {أن النبي
صلى الله عليه وسلم كان إذا قفل من حج أو عمرة أو غزوة يكبر على كل شرف من
الأرض ثلاث تكبيرات ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك
وله الحمد وهو على كل شيء قدير آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون
صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده}).
الخاتمة
وهي خلاصة لما تقدم بيانه
وتشتمل على عنصرين:
العنصر الأول: الممنوع في الزيارة.
العنصر الثاني: المشروع في الزيارة.
العنصر الأول: الممنوع في الزيارة:
أولاً: ليس في شيء من دواوين المسلمين التي يعتمد عليها موضوع بعنوان:
"زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم" وإنما هو من فعل المتأخرين ممن لم
يحذوا حذو السلف في هذا الباب، وحسبنا ما كان عليه سلف هذه الأمة وأئمتها،
ولو كان خيراً لسبقونا إليه.
ثانياً: أئمة المسلمين سلفاً وخلفاً لا
يتكلمون في الدين بأن هذا واجباً أو مندوباً أو مستحباً أو حلالا أو
حراماً أو مباحاً إلا بدليل شرعي من الكتاب والسنة وبناء على هذا فإن ما
يعبر به البعض بأن زيارة قبره صلى الله عليه وسلم هي الغاية القصوى التي
شمر إليها المحبون وتنافس فيها المتنافسون، والادعاء بأنها تحط الأوزار
وينال بها تنوير القلوب وأنها من أعظم القربات وأرجى الطاعات... إلخ، ليس
له أساس من الصحة بل هو بدع في الدين وإيهام وتلبيس وخبط وتخليط وغلو
ومبالغة؛ إذ أن التنافس والتشمير يكون فيما وافق الشرع وسار على النهج
وكيف يبتغى الفضل في مخالفة الصواب!!
ثالثاً: شد الرحل لزيارة قبره
صلى الله عليه وسلم غير مشروع ولا مأمور به وجميع الأحاديث المرغبة في ذلك
ثبت وضعها وكذبها واختلاقها وبمثلها لا يجوز إثبات حكم شرعي باتفاق علماء
الإسلام سلفاً وخلفاً.
رابعاً: الوقوف على قبره صلى الله عليه وسلم
للدعاء وهو غاض الطرف فارغ القلب مستحضراً في قلبه جلالة موقفه بين رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأنه يسمع كلامه ويعلم حاله ويطلع على نياته
وخواطره- كما يعبر البعض- إطراء لا دليل عليه ومبالغة غير مقبولة وتكلف
وهوس نعوذ بالله أن نكون من الهالكين.
خامساً: الإكثار من التضرع
والدعاء وتجديد التوبة عند قبره صلى الله عليه وسلم وطلب الحوائج منه وطلب
شفاعته عند قبره صلى الله عليه وسلم وسؤال الله تعالى بحقه صلى الله عليه
وسلم أو بحق فلان أو بذاته أو بجاهه عليه الصلاة والسلام أو بجاه غيره بدع
محرمة واتباع للهوى وقلب للحقائق؛ لأنه لا وساطة بين الله وبين خلقه، ولا
يجوز أن يسأل الله تعالى بمخلوق؛ لا بذاته ولا بمنزلته ولا بعلمه ولا سؤال
الله به. ولم يكن أحد من الصحابة والتابعين والأئمة والمشائخ المتقدمين
يفعل ذلك.
وأحاديث سؤال الله تعالى بالمخلوقين أو بذاتهم ومنزلتهم
واهية وموضوعة ولا يوجد في أئمة الإسلام من اعتمد عليها أو احتج بها.
وإنما على المسلم أن يسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وبصفاته العلى
وبالأعمال الصالحة وبدعاء أولياء الله من المؤمنين المتقين الأحياء حين
يطلب منهم ذلك.
سادساً: ليس لأحد بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم
أن يقصد قبره ويشد الرحل إليه ويقف عنده للدعاء أو أن يسأله أن يشفع له
عند ربه ويستغفر له؛ لأن استغفاره صلى الله عليه وسلم لأمته قد انقطع
بوفاته وانتقاله إلى الرفيق الأعلى، وكذا قبر غيره من الصالحين لا يجوز
إتيانها وسؤال الله عندها، واستغفاره من ذنوب اقترفها العبد؛ لأن وفاتهم
حالت دون الاستغفار ودون أي عمل آخر كانوا يعملونه حال حياتهم؛ فما يجوز
من سؤال الحي لا يجوز سؤاله للميت؛ لأنه يفضي إلى الشرك ولأن الميت انقطع
عنه التكليف.
سابعاً: قصد القبور لأجل الدعاء عندها؛ رجاء الإجابة ليس
من شريعة الإسلام لا واجباً ولا مستحباً ولا طاعة لله ولا مما يحبه الله
ويرضاه ولا هو عمل صالح ولا قربة إلى الله ومن جعله من هذا الباب فهو ضال
باتفاق المسلمينن.
ثامناً: يحرم تقبيل الحجرة الشريفة ورفع الصوت
عندها والطواف حولها. وكذا التمسح بالمنبر، وتقبيله، والتمسح بجدران القبر
وتمريغ الخد عليها، وهذا منهي عنه باتفاق المسلمين ولم يفعله أحد من سلف
الأمة وأئمتها بل يعد هذا من وسائل الشرك وذرائعه، وقد كان من فضل الله
على هذه البلاد ومنته عليها أن وفق قادتها حكاماً وعلماء لتحكيم شرعه،
وإقامة دينه الصحيح وسد جميع الذرائع والطرق المؤدية إلى البدع والخرافات
والمفضية إلى الشرك، ورفعت لواء العقيدة الصحيحة.
فقبره صلى الله عليه
وسلم جعل بحيث يمنع الناس من الوصول إليه فلم يجعل للزوار طريقاً إليه
بوجه من الوجوه ولا وسع ما حول القبر ليسع الزوار، ولا جعل للمكان شباك
يرى منه القبر بل منع الناس من الوصول إليه والمشاهدة له، كل ذلك صيانة له
صلى الله عليه وسلم أن يتخذ بيته عيداً وقبره وثناً وسداً لباب الفتنة
وأما الطواف والتمسح بالحجرة فقد أصبح الآن غير ممكن لأنها أحيطت بمقصورة
دائرة بين الأساطين حول جدار الحجرة وحول بيت عائشة رضي الله عنها فلله
الحمد والمنة إذ بذلك قد سدت على الناس أعظم الأسباب والذرائع وأغلقت جميع
الأبواب والطرق المفضية إلى البدع والشرك في هذا الموضع.
تاسعاً: التزاحم عند الزيارة أمر لا موجب له، بل خلاف الأدب.
العنصر الثاني: المشروع في الزيارة:
وحيث اتضح فيما سبق: أن شد الرحال والسفر من أجل زيارة قبره صلى الله عليه
وسلم بدع في الدين؛ من فعله على وجه التعبد مبتداً فقد خالف إجماع
المسلمين، ومن لم يعلم أن ذلك بدعة فإنه يعذر فإذا بين له الحق ووضحت له
السنة لم يجز له مخالفتها.
إذا تقرر هذا: فما الذي يؤذن فيه إذن في هذا الباب:
أولاً: تشرع زيارة مسجده صلى الله عليه وسلم وشد الرحل إليه كما تشرع في حق المسجد الحرام والمسجد الأقصى.
ثانياً: من وصل إلى المدينة المنورة بهذه النية؛ فيستحب له إتيان مسجده
صلى الله عليه وسلم بسكينة ووقار ويقول الدعاء المعروف عند دخول المسجد:
يقدم الرجل اليمنى ويقول: {اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك}
وإذا خرج صلى على محمد وسلم، وقال: {اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب
فضلك}.
ثالثاً: يستحب أن يأتي الروضة الشريفة إن أمكنه ذلك دون أن يزاحم أو يتخطى رقاب المصلين؛ فيصلي ركعتي تحية المسجد في أدب وخشوع.
رابعاً: فإذا فرغ من الصلاة -أي تحية المسجد- اتجه إلى الحجرة الشريفة
التي فيها قبره صلى الله عليه وسلم فيجعل القبلة خلفه ويستقبل القبر ويقف
أمام النافذة الدائرية اليسرى مبتعداً عنها قدر أربعة أذرع( ) فيسلم عليه
صلى الله عليه وسلم دون أن يرفع صوته بأي صيغة تحضره من صيغ التسليم على
النبي صلى الله عليه وسلم ويردف ذلك بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم بما
يحضره أيضاً. ثم يتأخر إلى صوب اليمين قدر ذراع اليد للسلام على الصديق
أبي بكر رضي الله عنه ويسلم عليه بما يحضره من الألفاظ من غير تكلف. ثم
يتنحى صوب اليمين قدر ذراع للسلام على الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه
ويسلم عليه بما يحضره من الألفاظ من غير تكلف أيضاً.
ويسن الإكثار من
الصلوات: الفرائض والنوافل في المسجد النبوي وذلك لعظم الأجر المترتب عليه
كما ثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم: {صلاة في مسجدي هذا أفضل من
ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام}( )، ويكثر من الذكر وقراءة القرآن
وحضور حلقات العلم.
وتسن زيارة مسجد قباء والصلاة فيه؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم {أنه كان يأتي مسجد قباء راكباً وماشياً فيصلي فيه ركعتين}.
وروى الحاكم في مستدركه وصححه عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه
مرفوعاً: {من خرج حتى يأتي هذا المسجد -يعني مسجد قباء- فيصلي فيه كان
كعدل عمرة}.
كما تسن زيارة "البقيع" وشهداء أحد وغير ذلك من قبور
المسلمين لفعله صلى الله عليه وسلم ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم: {إني
كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإنها تذكر بالآخرة}
ولأنه صلى
الله عليه وسلم كان يخرج إلى البقيع لزيارة الموتى ويقول: {السلام عليكم
دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غداً مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم
لاحقون} وفي رواية بزيادة: {أسأل الله لي ولكم العافية}.
فالزيارة
الشرعية للقبور يقصد منها: التذكير بالآخرة، وترقيق القلوب والدعاء للموتى
والترحم عليهم والاتعاظ والاعتبار، والإحسان إلى المتوفى؛ لئلا يطول عهد
الحي به فيهجره ويتناساه وإحسان الزائر إلى نفسه باتباع السنة والوقوف عند
ما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته.
أما زيارة النساء للقبور
فمذهب الجمهور( ) أنه تكره زيارتهن للقبور؛ لما رواه الترمذي بسنده عن أبي
هريرة رضي الله عنه: {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زوارات
القبور}( ) ولأن النساء فيهن رقة قلب وكثرة جزع وقلة احتمال للمصائب وهذا
مظنة لحصول بكائهن ورفع أصواتهن وقلة صبرهن وكثرة جزعهن.
وإن علم أنه يقع منهن محرم حرمت زيارتهن للقبور وعليه يحمل لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوارات القبور.
وذلك شامل لجميع القبور: قبور الأنبياء والصالحين وسائر المؤمنين وكذا
قبره صلى الله عليه وسلم في قول المحققين من أهل العلم لعموم النهي وعدم
وجود الاستثناء.
ومن أهل العلم من يستثني( ) قبره صلى الله عليه وسلم
ولوجود من يتمسك بهذا القول ويعتقد صحته فقد جرى التنظيم من قبل رئاسة
شؤون الحرمين الشريفين بالمملكة العربية السعودية: بأن يحدد وقت لزيارتهن
قبر النبي صلى الله عليه وسلم منفردات عن الرجال ولكن على المسلم أن يتبع
الدليل ولا يتمسك بقول: الدليل بخلافه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
يا رسول الله بأصوات عالية وصيحات منكرة من أقبح البدع، ولم يكن أحد من
السلف يفعل شيئاً من ذلك عقب الصلاة لا بأصوات عالية ولا منخفضة، بل ما في
الصلاة من قول المصلي: "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " هو
المشروع كما أن الصلاة والسلام عليه مشروعة في كل مكان وزمان.
فيا لله
من عصر تقلب فيه الحقائق ويقل فيه العلم النافع ويكثر فيه الجهل وتستفحل
فيه البدع ويتبع فيه الهوى، فقد زاد رفع الصوت في المسجد وعند الحجرة
الشريفة فبعد كل صلاة يقوم الزائرون فرادى وجماعات ومع كل جماعة ما يسمى
بالمزور -وحق أنه مزور- يرفع صوته لجماعته ويرددون وراءه بأصوات عالية ما
يقوله، فيصير لهم ضجة في المسجد يذوب من سماعها قلب الموحد فإنا لله وإنا
إليه راجعون!!
وأما الطواف والتمسح بالحجرة فقد أصبح الآن غير ممكن
لأنها أحيطت بمقصورة دائرة بين الأساطين حول الحجرة وحول بيت عائشة رضي
الله عنها فلله الحمد والمنة إذ بذلك قد سدت على الناس أعظم الأسباب
والذرائع المفضية إلى البدع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
اتفق الأئمة المتبعون والسلف الماضون على أنه لا يستحب لمن سلم على النبي
صلى الله عليه وسلم عند قبره أن يقبل الحجرة ولا يتمسح بها لئلا يضاهي بيت
المخلوق ببيت الخالق، ولأنه صلى الله عليه وسلم قال: {اللهم لا تجعل قبري
وثناً يعبد}( ) فإذا كان هذا هو دين المسلمين في قبر النبي صلى الله عليه
وسلم الذي هو سيد ولد آدم، فقبر غيره أولى أن لا يقبل ولا يستلم.
قلت:
بل إن تقبيل جدران الحجرة والتمسح بها بدعة وضلالة، ولا يقال إنه لا يستحب
بل هو ممنوع ومنهي عنه، ويزجر فاعله، بل إن هذا من أقبح البدع التي تؤدي
إلى الإطراء والغلو الذي يتنافى مع مقام النبوة ويئول إلى رفعها لمنزلة
الربوبية، بل الإلهية.
وأما الطواف بالحجرة الشريفة فهو حرام بإجماع أهل العلم.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: "لم يشرع إلا الطواف بالكعبة واستلام الركنين
اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود، وأما مسجد النبي صلى الله عليه وسلم
والمسجد الأقصى وسائر المساجد فليس فيها ما يطاف به ولا ما يتمسح به ولا
ما يقبل، فلا يجوز لأحد أن يطوف بحجرة النبي صلى الله عليه وسلم ولا بصخرة
بيت المقدس ولا بغير هؤلاء كالقبة التي فوق جبل عرفات وأمثالها، بل ليس في
الأرض مكان يطاف به كما يطاف بالكعبة ومن اعتقد أن الطواف بغيرها مشروع
فهو شر ممن يعتقد جواز الصلاة إلى غير الكعبة.
وقال: ليس لحجرة النبي
صلى لله عليه وسلم التي فيها قبره اختصاص شرعي بشيء من العبادات( ) ولا
يستحب التمسح بحائط قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا تقبيله قال الإمام
أحمد رحمه الله: ما أعرف هذا، قال الأثرم: رأيت أهل العلم من أهل المدينة
لا يمسون قبر النبي صلى الله عليه وسلم، يقومون من ناحيته فيسلمون، قال
أبو عبد الله: وهكذا كان ابن عمر يفعل. وقال في المستوعب يكره ذلك، ونقل
أبو الحارث: يدنو منه ولا يتمسح به بل يقوم حذاءه فيسلم. وهذا هو الصحيح
من المذهب
قال شيخ الإسلام رحمه الله: " وأما التمسح بالقبر
أي
قبر كان وتقبيله وتمريغ الخد عليه فمنهي عنه باتفاق المسلمين، ولو كان ذلك
من قبور الأنبياء، ولم يفعل هذا أحد من سلف الأمة وأئمتها بل هذا من
الشرك.
وقال أيضاً: وقبره صلى الله عليه وسلم جعل بحيث يمنع الناس
من الوصول إليه، فلم يجعل للزوار طريق إليه بوجه من الوجوه، ولا قبر في
مكان كبير يسع الزوار ولا جعل للمكان شباك يرى منه القبر بل منع الناس من
الوصول إليه والمشاهدة له، كل ذلك صيانة له صلى الله عليه وسلم أن يتخذ
بيته عيداً وقبره وثناً
قال العلامة ابن القيم -رحمه الله- في هذا الشأن:
ولقد نهانا أن نصير قبره عيداً حذار الشرك بالرحمن
ودعا بأن لا يجعل القبر الذي قد ضمه، وثناً من الأوثان
فأجاب رب العالمين دعاءه وأحاطه بثلاثة الجدران
حتى اغتدت أرجاؤه بدعائه في عزة وحماية وصيان
قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جاسر( ): هذا يعني صيانة القبر أن
يجعل سبيلاً للأعمال الشركية في زمن ابن القيم، ثم بعد زمنه أحيط -أيضاً-
بالشباك الكبير الموجود الآن فأصبح القبر محاطاً بثلاثة الجدران التي
ذكرها ابن القيم -رحمه الله- وثلاثة الجدران محاطة بالشباك الكبير من جميع
الجهات، فالحمد لله رب العالمين.
قلت: وأحيط أيضاً بالترتيب والتنظيم،
والتوجيه والإرشاد من قبل الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد
النبوي، وكذا العلماء على اختلاف مراتبهم من خلال القنوات المتاحة في
وسائل الإعلام وخطبة الجمعة والدروس وغير ذلك.
وبذلك انتشر الوعي وقلت الخرافة وتلاشى كثير من البدع، وما زال الخير في ازدياد والسنة في ظهور.
السلام على أهل البقيع وشهداء أحد:
أصل البقيع في اللغة: الموضع الذي فيه أروم الشجر
من ضروب شتى. وبه سمي بقيع الغرقد، وهو مقبرة أهل المدينة وهي داخل
المدينة، وكانت منازل قريش والأنصار وبني سليم، وقد دفن في بقيع الغرقد من
الصحابة نحو من عشرة آلاف كما قال مالك رحمه الله. وكذا معظم أهل البيت
والعباس بن عبد المطلب وعثمان بن مظعون وعقيل بن أبي طالب وعائشة وبقية
زوجات النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهن وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن
أبي وقاص وغيرهم رضي الله عنهم، فيزور أهل البقيع كلهم من غير ترتيب.
والأولى الاقتصار على السلام على أهل البقيع والدعاء لهم والاستغفار
تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يقول عند زيارته لأهل البقيع
وقبور الشهداء بأحد: {السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم
لاحقون اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد}.
وعن بريدة بن الحصيب رضي الله
عنه: {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر
فكان قائلهم يقول: -في رواية أبي بكر: السلام على أهل الديار-، وفي رواية
زهير: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله
للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية}.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كان ليلتها من رسول الله يخرج من
آخر الليل إلى البقيع فيقول: {السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما
توعدون غداً مؤجلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل البقيع
الغرقد"( ). والغرقد: (ضرب من شجر العضاه وشجر الشوك وواحدته الغرقدة وقيل
لمقبرة أهل المدينة بقيع الغرقد لأنه كان فيه غرقد وقطع).
ولا يزيد
المسلم على ذلك بأن يدعو الله لنفسه بما أحب فهذا محدث وبدعة لم يشرعه
النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ولا كان السلف رضوان الله عليهم يزورون
القبور للتبرك بالميت والدعاء عنده، أو الدعاء به، وإنما كانوا يزورونه
للدعاء له والاستغفار، كما يصلون على جنازته، وهي زيارة مشروعة لا بأس
فيها، أما أن يقصد الزائر الدعاء عند القبر أو يقصد الدعاء به فهذا ليس من
سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولا استحبه أحد من سلف الأمة وأئمتها بل هو
من البدع المنهي عنها باتفاق السلف والخلف.
ويزور قبور شهداء غزوة أحد
التي وقعت في السنة الثالثة من الهجرة ولا يزيد على ذلك، ولتكن زيارته
عامة لجميع الشهداء بأحد، وفي أي وقت ذهب لزيارتهم كان خيراً، فلا يتعين
يوم الخميس أو يوم الجمعة أو غيرها من الأيام كما زعم البعض ولا دليل معه
على ذلك.
الصلاة في مسجد قباء:
ومسجد قباء هو المسجد الذي أسس على
التقوى، بناه النبي صلى الله عليه وسلم من أول يوم نزل فيه بالمدينة ووصفه
الله وأثنى على أهل قباء في قوله تعالى: ((لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى
التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ
يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ))
[التوبة:108] وروى البخاري في "صحيحه " عن عائشة رضي الله عنها قالت:
{فلبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة
وأسس المسجد الذي أسس على التقوى وصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثم ركب راحلته فسار يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد رسول الله صلى الله
عليه وسلم..}
وعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: قال أبي: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: {من خرج حتى يأتي هذا المسجد مسجد قباء فصلى فيه
كان له عدل عمرة}.
توديع مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم:
توديع مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بركعتين والدعاء فيه وإن كان قد
ذكره بعض أهل العلم كالنووي في (ا لأذكار)( ) ، و (المجموع) وغيره إلا أنه
لم يثبت فيه دليل عن السلف رضوان الله عليهم، ولا كان النبي صلى الله عليه
وسلم يودع المسجد عند خروجه من المدينة بغزوة أو غيره، لذا ينبغي ترك ذلك.
بل الدليل يدل على أن الدعاء وصلاة ركعتين يقال عند الإياب لا عند الذهاب،
وتلك سنة مهجورة اليوم. فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: {أن النبي
صلى الله عليه وسلم كان إذا قفل من حج أو عمرة أو غزوة يكبر على كل شرف من
الأرض ثلاث تكبيرات ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك
وله الحمد وهو على كل شيء قدير آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون
صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده}).
الخاتمة
وهي خلاصة لما تقدم بيانه
وتشتمل على عنصرين:
العنصر الأول: الممنوع في الزيارة.
العنصر الثاني: المشروع في الزيارة.
العنصر الأول: الممنوع في الزيارة:
أولاً: ليس في شيء من دواوين المسلمين التي يعتمد عليها موضوع بعنوان:
"زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم" وإنما هو من فعل المتأخرين ممن لم
يحذوا حذو السلف في هذا الباب، وحسبنا ما كان عليه سلف هذه الأمة وأئمتها،
ولو كان خيراً لسبقونا إليه.
ثانياً: أئمة المسلمين سلفاً وخلفاً لا
يتكلمون في الدين بأن هذا واجباً أو مندوباً أو مستحباً أو حلالا أو
حراماً أو مباحاً إلا بدليل شرعي من الكتاب والسنة وبناء على هذا فإن ما
يعبر به البعض بأن زيارة قبره صلى الله عليه وسلم هي الغاية القصوى التي
شمر إليها المحبون وتنافس فيها المتنافسون، والادعاء بأنها تحط الأوزار
وينال بها تنوير القلوب وأنها من أعظم القربات وأرجى الطاعات... إلخ، ليس
له أساس من الصحة بل هو بدع في الدين وإيهام وتلبيس وخبط وتخليط وغلو
ومبالغة؛ إذ أن التنافس والتشمير يكون فيما وافق الشرع وسار على النهج
وكيف يبتغى الفضل في مخالفة الصواب!!
ثالثاً: شد الرحل لزيارة قبره
صلى الله عليه وسلم غير مشروع ولا مأمور به وجميع الأحاديث المرغبة في ذلك
ثبت وضعها وكذبها واختلاقها وبمثلها لا يجوز إثبات حكم شرعي باتفاق علماء
الإسلام سلفاً وخلفاً.
رابعاً: الوقوف على قبره صلى الله عليه وسلم
للدعاء وهو غاض الطرف فارغ القلب مستحضراً في قلبه جلالة موقفه بين رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأنه يسمع كلامه ويعلم حاله ويطلع على نياته
وخواطره- كما يعبر البعض- إطراء لا دليل عليه ومبالغة غير مقبولة وتكلف
وهوس نعوذ بالله أن نكون من الهالكين.
خامساً: الإكثار من التضرع
والدعاء وتجديد التوبة عند قبره صلى الله عليه وسلم وطلب الحوائج منه وطلب
شفاعته عند قبره صلى الله عليه وسلم وسؤال الله تعالى بحقه صلى الله عليه
وسلم أو بحق فلان أو بذاته أو بجاهه عليه الصلاة والسلام أو بجاه غيره بدع
محرمة واتباع للهوى وقلب للحقائق؛ لأنه لا وساطة بين الله وبين خلقه، ولا
يجوز أن يسأل الله تعالى بمخلوق؛ لا بذاته ولا بمنزلته ولا بعلمه ولا سؤال
الله به. ولم يكن أحد من الصحابة والتابعين والأئمة والمشائخ المتقدمين
يفعل ذلك.
وأحاديث سؤال الله تعالى بالمخلوقين أو بذاتهم ومنزلتهم
واهية وموضوعة ولا يوجد في أئمة الإسلام من اعتمد عليها أو احتج بها.
وإنما على المسلم أن يسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وبصفاته العلى
وبالأعمال الصالحة وبدعاء أولياء الله من المؤمنين المتقين الأحياء حين
يطلب منهم ذلك.
سادساً: ليس لأحد بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم
أن يقصد قبره ويشد الرحل إليه ويقف عنده للدعاء أو أن يسأله أن يشفع له
عند ربه ويستغفر له؛ لأن استغفاره صلى الله عليه وسلم لأمته قد انقطع
بوفاته وانتقاله إلى الرفيق الأعلى، وكذا قبر غيره من الصالحين لا يجوز
إتيانها وسؤال الله عندها، واستغفاره من ذنوب اقترفها العبد؛ لأن وفاتهم
حالت دون الاستغفار ودون أي عمل آخر كانوا يعملونه حال حياتهم؛ فما يجوز
من سؤال الحي لا يجوز سؤاله للميت؛ لأنه يفضي إلى الشرك ولأن الميت انقطع
عنه التكليف.
سابعاً: قصد القبور لأجل الدعاء عندها؛ رجاء الإجابة ليس
من شريعة الإسلام لا واجباً ولا مستحباً ولا طاعة لله ولا مما يحبه الله
ويرضاه ولا هو عمل صالح ولا قربة إلى الله ومن جعله من هذا الباب فهو ضال
باتفاق المسلمينن.
ثامناً: يحرم تقبيل الحجرة الشريفة ورفع الصوت
عندها والطواف حولها. وكذا التمسح بالمنبر، وتقبيله، والتمسح بجدران القبر
وتمريغ الخد عليها، وهذا منهي عنه باتفاق المسلمين ولم يفعله أحد من سلف
الأمة وأئمتها بل يعد هذا من وسائل الشرك وذرائعه، وقد كان من فضل الله
على هذه البلاد ومنته عليها أن وفق قادتها حكاماً وعلماء لتحكيم شرعه،
وإقامة دينه الصحيح وسد جميع الذرائع والطرق المؤدية إلى البدع والخرافات
والمفضية إلى الشرك، ورفعت لواء العقيدة الصحيحة.
فقبره صلى الله عليه
وسلم جعل بحيث يمنع الناس من الوصول إليه فلم يجعل للزوار طريقاً إليه
بوجه من الوجوه ولا وسع ما حول القبر ليسع الزوار، ولا جعل للمكان شباك
يرى منه القبر بل منع الناس من الوصول إليه والمشاهدة له، كل ذلك صيانة له
صلى الله عليه وسلم أن يتخذ بيته عيداً وقبره وثناً وسداً لباب الفتنة
وأما الطواف والتمسح بالحجرة فقد أصبح الآن غير ممكن لأنها أحيطت بمقصورة
دائرة بين الأساطين حول جدار الحجرة وحول بيت عائشة رضي الله عنها فلله
الحمد والمنة إذ بذلك قد سدت على الناس أعظم الأسباب والذرائع وأغلقت جميع
الأبواب والطرق المفضية إلى البدع والشرك في هذا الموضع.
تاسعاً: التزاحم عند الزيارة أمر لا موجب له، بل خلاف الأدب.
العنصر الثاني: المشروع في الزيارة:
وحيث اتضح فيما سبق: أن شد الرحال والسفر من أجل زيارة قبره صلى الله عليه
وسلم بدع في الدين؛ من فعله على وجه التعبد مبتداً فقد خالف إجماع
المسلمين، ومن لم يعلم أن ذلك بدعة فإنه يعذر فإذا بين له الحق ووضحت له
السنة لم يجز له مخالفتها.
إذا تقرر هذا: فما الذي يؤذن فيه إذن في هذا الباب:
أولاً: تشرع زيارة مسجده صلى الله عليه وسلم وشد الرحل إليه كما تشرع في حق المسجد الحرام والمسجد الأقصى.
ثانياً: من وصل إلى المدينة المنورة بهذه النية؛ فيستحب له إتيان مسجده
صلى الله عليه وسلم بسكينة ووقار ويقول الدعاء المعروف عند دخول المسجد:
يقدم الرجل اليمنى ويقول: {اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك}
وإذا خرج صلى على محمد وسلم، وقال: {اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب
فضلك}.
ثالثاً: يستحب أن يأتي الروضة الشريفة إن أمكنه ذلك دون أن يزاحم أو يتخطى رقاب المصلين؛ فيصلي ركعتي تحية المسجد في أدب وخشوع.
رابعاً: فإذا فرغ من الصلاة -أي تحية المسجد- اتجه إلى الحجرة الشريفة
التي فيها قبره صلى الله عليه وسلم فيجعل القبلة خلفه ويستقبل القبر ويقف
أمام النافذة الدائرية اليسرى مبتعداً عنها قدر أربعة أذرع( ) فيسلم عليه
صلى الله عليه وسلم دون أن يرفع صوته بأي صيغة تحضره من صيغ التسليم على
النبي صلى الله عليه وسلم ويردف ذلك بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم بما
يحضره أيضاً. ثم يتأخر إلى صوب اليمين قدر ذراع اليد للسلام على الصديق
أبي بكر رضي الله عنه ويسلم عليه بما يحضره من الألفاظ من غير تكلف. ثم
يتنحى صوب اليمين قدر ذراع للسلام على الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه
ويسلم عليه بما يحضره من الألفاظ من غير تكلف أيضاً.
ويسن الإكثار من
الصلوات: الفرائض والنوافل في المسجد النبوي وذلك لعظم الأجر المترتب عليه
كما ثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم: {صلاة في مسجدي هذا أفضل من
ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام}( )، ويكثر من الذكر وقراءة القرآن
وحضور حلقات العلم.
وتسن زيارة مسجد قباء والصلاة فيه؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم {أنه كان يأتي مسجد قباء راكباً وماشياً فيصلي فيه ركعتين}.
وروى الحاكم في مستدركه وصححه عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه
مرفوعاً: {من خرج حتى يأتي هذا المسجد -يعني مسجد قباء- فيصلي فيه كان
كعدل عمرة}.
كما تسن زيارة "البقيع" وشهداء أحد وغير ذلك من قبور
المسلمين لفعله صلى الله عليه وسلم ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم: {إني
كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإنها تذكر بالآخرة}
ولأنه صلى
الله عليه وسلم كان يخرج إلى البقيع لزيارة الموتى ويقول: {السلام عليكم
دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غداً مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم
لاحقون} وفي رواية بزيادة: {أسأل الله لي ولكم العافية}.
فالزيارة
الشرعية للقبور يقصد منها: التذكير بالآخرة، وترقيق القلوب والدعاء للموتى
والترحم عليهم والاتعاظ والاعتبار، والإحسان إلى المتوفى؛ لئلا يطول عهد
الحي به فيهجره ويتناساه وإحسان الزائر إلى نفسه باتباع السنة والوقوف عند
ما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته.
أما زيارة النساء للقبور
فمذهب الجمهور( ) أنه تكره زيارتهن للقبور؛ لما رواه الترمذي بسنده عن أبي
هريرة رضي الله عنه: {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زوارات
القبور}( ) ولأن النساء فيهن رقة قلب وكثرة جزع وقلة احتمال للمصائب وهذا
مظنة لحصول بكائهن ورفع أصواتهن وقلة صبرهن وكثرة جزعهن.
وإن علم أنه يقع منهن محرم حرمت زيارتهن للقبور وعليه يحمل لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوارات القبور.
وذلك شامل لجميع القبور: قبور الأنبياء والصالحين وسائر المؤمنين وكذا
قبره صلى الله عليه وسلم في قول المحققين من أهل العلم لعموم النهي وعدم
وجود الاستثناء.
ومن أهل العلم من يستثني( ) قبره صلى الله عليه وسلم
ولوجود من يتمسك بهذا القول ويعتقد صحته فقد جرى التنظيم من قبل رئاسة
شؤون الحرمين الشريفين بالمملكة العربية السعودية: بأن يحدد وقت لزيارتهن
قبر النبي صلى الله عليه وسلم منفردات عن الرجال ولكن على المسلم أن يتبع
الدليل ولا يتمسك بقول: الدليل بخلافه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سهر الليالى- المدير العام
- عدد الرسائل : 2727
نقاط : 2028
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
ساحات المسجد النبوي
تضمنت
توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز للمسجد النبوي إنشاء
وتحسين الساحات المحيطة بالمسجد النبوي من الناحية الشمالية والغربية
والجنوبية والتي تبلغ مساحتها (235.000م2) للاستفادة منها
للصلاة حيث تستوعب حوالي (450.000) مصل وتحد هذه الساحات أسوار وبوابات من
كل جانب ، وقد تم تبليط هذه الساحات بالجرانيت والرخام الملون وفوقها
أشكال هندسية إسلامية.
ولتيسير
حركة وتنقل الأعداد الكبيرة من الحجاج والمعتمرين من وإلى المسجد النبوي ،
أنشيء تحت الساحات مواقف للسيارات تبلغ مساحتها الإجمالية (292.000 م2)
تتسع لحوالي (4.200) سيارة كما تشتمل الأدوار السفلية للساحات على أماكن
خدمة زوار المسجد النبوي ويوجد بها (15) مرفقاً خصص أحدها لمعرض عمارة
وتوسعة خادم الحرمين الشريفين للمسجد النبوي وباقي المرافق وعددها (14)
مكونة من ثلاثة طوابق الأول والثالث خصص للوضوء ودورات المياه ، والأوسط
خصص للأعمال والتجهيزات الفنية ، وتحتوي المرافق على (5.750) حنفية للوضوء
و(700) نافورة لشرب المياه و(1.900) دورة مياه ودش ، وسلالم كهربائية
متحركة عددها (116) سلماً، وسلالم عادية لتسهيل حركة الزوار عن طريق 30
مدخلا تصل مواقف السيارات بالساحات المحيطة بالمسجد النبوي كما تم توفير
مصاعد لخدمة المعاقين بمواقف السيارات.
ومن
أبرز المشاريع المعتمدة للمسجد النبوي وجاري العمل على تنفيذها حالياً ما
صدر به التوجيه الكريم من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد
العزيز حفظه الله، أثناء زيارته للمدينة المنورة بعد توليه الملك باعتماد
استكمال الأعمال المتبقية من مشروع توسعة المسجد النبوي بكلفة إجمالية
قدرها (4.700.000.000)ريال ومنها: تنفيذ الساحة الشرقية للمسجد النبوي
الشريف وتبلغ مساحتها 37.000 متر مربع وستستوعب عند انتهائها أكثر من
70.000 مصل؛ ومنها: تركيب 182 مظلة تغطي جميع ساحات المسجد النبوي وذلك
لوقاية المصلين والزائرين من وهج الشمس ومخاطر الأمطار خاصة حوادث
الانزلاق جراء هطول الأمطار وتكون هذه المظلات مجهزة بأنظمة لتصريف السيول
وبالإنارة وتفتح آلياً عند الحاجة، وتغطي المظلة الواحدة 576 متراً مربعاً
وسوف يستفيد منها عند انتهائها أكثر من 200.000 مصل.
توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز للمسجد النبوي إنشاء
وتحسين الساحات المحيطة بالمسجد النبوي من الناحية الشمالية والغربية
والجنوبية والتي تبلغ مساحتها (235.000م2) للاستفادة منها
للصلاة حيث تستوعب حوالي (450.000) مصل وتحد هذه الساحات أسوار وبوابات من
كل جانب ، وقد تم تبليط هذه الساحات بالجرانيت والرخام الملون وفوقها
أشكال هندسية إسلامية.
ولتيسير
حركة وتنقل الأعداد الكبيرة من الحجاج والمعتمرين من وإلى المسجد النبوي ،
أنشيء تحت الساحات مواقف للسيارات تبلغ مساحتها الإجمالية (292.000 م2)
تتسع لحوالي (4.200) سيارة كما تشتمل الأدوار السفلية للساحات على أماكن
خدمة زوار المسجد النبوي ويوجد بها (15) مرفقاً خصص أحدها لمعرض عمارة
وتوسعة خادم الحرمين الشريفين للمسجد النبوي وباقي المرافق وعددها (14)
مكونة من ثلاثة طوابق الأول والثالث خصص للوضوء ودورات المياه ، والأوسط
خصص للأعمال والتجهيزات الفنية ، وتحتوي المرافق على (5.750) حنفية للوضوء
و(700) نافورة لشرب المياه و(1.900) دورة مياه ودش ، وسلالم كهربائية
متحركة عددها (116) سلماً، وسلالم عادية لتسهيل حركة الزوار عن طريق 30
مدخلا تصل مواقف السيارات بالساحات المحيطة بالمسجد النبوي كما تم توفير
مصاعد لخدمة المعاقين بمواقف السيارات.
ومن
أبرز المشاريع المعتمدة للمسجد النبوي وجاري العمل على تنفيذها حالياً ما
صدر به التوجيه الكريم من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد
العزيز حفظه الله، أثناء زيارته للمدينة المنورة بعد توليه الملك باعتماد
استكمال الأعمال المتبقية من مشروع توسعة المسجد النبوي بكلفة إجمالية
قدرها (4.700.000.000)ريال ومنها: تنفيذ الساحة الشرقية للمسجد النبوي
الشريف وتبلغ مساحتها 37.000 متر مربع وستستوعب عند انتهائها أكثر من
70.000 مصل؛ ومنها: تركيب 182 مظلة تغطي جميع ساحات المسجد النبوي وذلك
لوقاية المصلين والزائرين من وهج الشمس ومخاطر الأمطار خاصة حوادث
الانزلاق جراء هطول الأمطار وتكون هذه المظلات مجهزة بأنظمة لتصريف السيول
وبالإنارة وتفتح آلياً عند الحاجة، وتغطي المظلة الواحدة 576 متراً مربعاً
وسوف يستفيد منها عند انتهائها أكثر من 200.000 مصل.
سهر الليالى- المدير العام
- عدد الرسائل : 2727
نقاط : 2028
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
مآذن المسجد النبوي
كان
الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، قبل أن يؤمر بالأذان ، ينادي
منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصلاة جامعة، فيجتمع الناس، فلما
صرفت القبلة إلى الكعبة، أمر بالأذان، وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم قد
أهمّه أمر الأذان ، فذكر بعض المسلمين أشياء يجمعون بها الناس للصلاة،
فقال بعضهم: البوق، وقال بعضهم : الناقوس، فبينما هم على ذلك أتى إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، عبد الله بن زيد الخزرجي رضي الله عنه فقال له:
إنه طاف بي هذه الليلة طائف، مرَّ بي رجل عليه ثوبان أخضران يحمل ناقوساً
في يده فقلت له: أتبيع هذا الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ قال: قلت ندعو به
إلى الصلاة ، قال : أفلا أدلك على خير من ذلك ؟ قال : قلت : وما هو ؟ قال
: تقول: الله أكبر الله أكبر-إلى آخر الأذان-فلما أخبر بها رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، قال : إنها رؤيا حق إن شاء الله ، فقم مع بلال فألقها
عليه، فليؤذن بها، فإنه أندى منك صوتاً. فلما أذن بها بلال ، سمعها عمر بن
الخطاب رضي الله عنه وهو في بيته ، فخرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
يجر رداءه، وهو يقول : يا نبي الله ، والذي بعثك بالحق ، لقد رأيت مثل
الذي رأى ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "فالحمد لله فذلك أثبت"، ولم
يكن للمسجد النبوي الشريف في عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد
خلفائه الراشدين مآذن (منائر) يرقى المؤذن فيؤذن عليها.
وكان بلال بن رباح رضي الله عنه يؤذن للفجر من فوق بيت امرأة من بني النجار.
روى
ابن إسحاق : عن عروة بن الزبير، عن امرأة من بني النجار قالت : كان بيتي
من أطول بيت حول المسجد، وكان بلال يؤذن الفجر عليه كل غداة ، فيأتي بسحر،
فيجلس على البيت ينتظر الفجر، فإذا رآه تمطى، ثم قال : اللهم إني أحمدك ..
واستعينك على قريش أن يقيموا دينك، قالت ثم يؤذن.
وذكر
أهل السير أن بلالاً كان يؤذن على أسطوانة بدار عبدالله بن عمر رضي الله
عنهما يرقى إليها على سبعة أقتاب (أي درج) بجوار المسجد النبوي الشريف.
مما
سبق يتبين أن الحاجة إلى رفع الأذان من مكان عال ، دفعت المسلمين في
المدينة المنورة إلى الانتقال بوضع الأذان من مستوى سطح المسجد إلى سطح
أعلى المنازل المجاورة، ثم إلى سطح المسجد النبوي فيما بعد، مع بناء شيء
يزيد من ارتفاعه، ثم إلى اتخاذ المآذن على مختلف ارتفاعاتها.(عمارة وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ ص74-75)
أول مئذنة بالمسجد النبوي:
أول
من أحدث المئذنة (المنارة) عمر بن عبدالعزيز في عمارة الوليد بن عبد الملك
للمسجد النبوي الشريف، فجعل في كل ركن من أركان المسجد مئذنة.
قال
كثير بن حفص: وكانت إحدى المنارات الأربع مطلة على بيت مروان بن الحكم،
(وهو منزل بني أمية عندما يأتون إلى المدينة ينزلون فيه). فلما حج سليمان
بن عبد الملك، أذن المؤذن، فأطل عليه، فأمر سليمان بهدم هذه المئذنة،
فهدمت حتى سويت بظهر المسجد.
وظل المسجد النبوي الشريف بالمنارات الثلاث، وحدد ابن زبالة طول كل منارة إذ يقول:
· طول المنارة الجنوبية الشرقية خمسة وخمسون ذراعاً(27.5م).
· طول المنارة الشمالية الشرقية خمسة وخمسون ذراعاً(27.5م).
· طول المنارة الشمالية الغربية ثلاثة وخمسون ذراعاً(26.5م).
كذلك حدد لنا عرض المنارات، فقال: بأن عرض كل منارة ثمانية أذرع في ثمانية أذرع(4م×4م).
وظلت
هذه المنارات الثلاث حتى عام 580هـ/1184م عند زيارة ابن جبير للمدينة
المنورة، حيث وصفها بقوله: "وللمسجد النبوي ثلاث صوامع، إحداها في الركن
الشرقي على هيئة صومعة والاثنتان في ركني الجهة الجوفية صغيرتان، كأنهما
على هيئة برجين". (عمارة وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ ص107)
وفي
عهد السلطان الأشرف قايتباي عمل مئذنة صغيرة بين باب السلام وباب الرحمة
عرفت بعد ذلك بمئذنة باب الرحمة. وأثناء ترميمه للمسجد النبوي تبين وجود
شرخ بالمئذنة الجنوبية الشرقية (الرئيسية)، فهدمت المئذنة إلى أساسها وحفر
حتى بلغ منسوب المياه، وعمل لها أساس قوي بالحجارة البازلتية،-وهي المئذنة
التي نراها اليوم- وقد بلغ ارتفاع هذه المئذنة (120) ذراعاً (60متراً)
وكان العمل في عام 891-892هـ/1486-1487م.(عمارة وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ ص132)
وفي
العهد العثماني التركي هدمت المئذنة الشمالية الشرقية (السنجارية) وأقيمت
مكانها المئذنة السليمانية وكان عمق أساسها ثلاثة عشر ذراعاً بذراع العمل
وهو يساوي (56.6) سم أي ما يعادل (8.53م) وعرض الأساس سبعة أذرع في سبعة
أذرع، أي مايعادل (4.59م). وكان عرضها على سطح الأرض (6×6) أذرع أي
(3.93م).(عمارة وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ ص133)
الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، قبل أن يؤمر بالأذان ، ينادي
منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصلاة جامعة، فيجتمع الناس، فلما
صرفت القبلة إلى الكعبة، أمر بالأذان، وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم قد
أهمّه أمر الأذان ، فذكر بعض المسلمين أشياء يجمعون بها الناس للصلاة،
فقال بعضهم: البوق، وقال بعضهم : الناقوس، فبينما هم على ذلك أتى إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، عبد الله بن زيد الخزرجي رضي الله عنه فقال له:
إنه طاف بي هذه الليلة طائف، مرَّ بي رجل عليه ثوبان أخضران يحمل ناقوساً
في يده فقلت له: أتبيع هذا الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ قال: قلت ندعو به
إلى الصلاة ، قال : أفلا أدلك على خير من ذلك ؟ قال : قلت : وما هو ؟ قال
: تقول: الله أكبر الله أكبر-إلى آخر الأذان-فلما أخبر بها رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، قال : إنها رؤيا حق إن شاء الله ، فقم مع بلال فألقها
عليه، فليؤذن بها، فإنه أندى منك صوتاً. فلما أذن بها بلال ، سمعها عمر بن
الخطاب رضي الله عنه وهو في بيته ، فخرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
يجر رداءه، وهو يقول : يا نبي الله ، والذي بعثك بالحق ، لقد رأيت مثل
الذي رأى ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "فالحمد لله فذلك أثبت"، ولم
يكن للمسجد النبوي الشريف في عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد
خلفائه الراشدين مآذن (منائر) يرقى المؤذن فيؤذن عليها.
وكان بلال بن رباح رضي الله عنه يؤذن للفجر من فوق بيت امرأة من بني النجار.
روى
ابن إسحاق : عن عروة بن الزبير، عن امرأة من بني النجار قالت : كان بيتي
من أطول بيت حول المسجد، وكان بلال يؤذن الفجر عليه كل غداة ، فيأتي بسحر،
فيجلس على البيت ينتظر الفجر، فإذا رآه تمطى، ثم قال : اللهم إني أحمدك ..
واستعينك على قريش أن يقيموا دينك، قالت ثم يؤذن.
وذكر
أهل السير أن بلالاً كان يؤذن على أسطوانة بدار عبدالله بن عمر رضي الله
عنهما يرقى إليها على سبعة أقتاب (أي درج) بجوار المسجد النبوي الشريف.
مما
سبق يتبين أن الحاجة إلى رفع الأذان من مكان عال ، دفعت المسلمين في
المدينة المنورة إلى الانتقال بوضع الأذان من مستوى سطح المسجد إلى سطح
أعلى المنازل المجاورة، ثم إلى سطح المسجد النبوي فيما بعد، مع بناء شيء
يزيد من ارتفاعه، ثم إلى اتخاذ المآذن على مختلف ارتفاعاتها.(عمارة وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ ص74-75)
أول مئذنة بالمسجد النبوي:
أول
من أحدث المئذنة (المنارة) عمر بن عبدالعزيز في عمارة الوليد بن عبد الملك
للمسجد النبوي الشريف، فجعل في كل ركن من أركان المسجد مئذنة.
قال
كثير بن حفص: وكانت إحدى المنارات الأربع مطلة على بيت مروان بن الحكم،
(وهو منزل بني أمية عندما يأتون إلى المدينة ينزلون فيه). فلما حج سليمان
بن عبد الملك، أذن المؤذن، فأطل عليه، فأمر سليمان بهدم هذه المئذنة،
فهدمت حتى سويت بظهر المسجد.
وظل المسجد النبوي الشريف بالمنارات الثلاث، وحدد ابن زبالة طول كل منارة إذ يقول:
· طول المنارة الجنوبية الشرقية خمسة وخمسون ذراعاً(27.5م).
· طول المنارة الشمالية الشرقية خمسة وخمسون ذراعاً(27.5م).
· طول المنارة الشمالية الغربية ثلاثة وخمسون ذراعاً(26.5م).
كذلك حدد لنا عرض المنارات، فقال: بأن عرض كل منارة ثمانية أذرع في ثمانية أذرع(4م×4م).
وظلت
هذه المنارات الثلاث حتى عام 580هـ/1184م عند زيارة ابن جبير للمدينة
المنورة، حيث وصفها بقوله: "وللمسجد النبوي ثلاث صوامع، إحداها في الركن
الشرقي على هيئة صومعة والاثنتان في ركني الجهة الجوفية صغيرتان، كأنهما
على هيئة برجين". (عمارة وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ ص107)
وفي
عهد السلطان الأشرف قايتباي عمل مئذنة صغيرة بين باب السلام وباب الرحمة
عرفت بعد ذلك بمئذنة باب الرحمة. وأثناء ترميمه للمسجد النبوي تبين وجود
شرخ بالمئذنة الجنوبية الشرقية (الرئيسية)، فهدمت المئذنة إلى أساسها وحفر
حتى بلغ منسوب المياه، وعمل لها أساس قوي بالحجارة البازلتية،-وهي المئذنة
التي نراها اليوم- وقد بلغ ارتفاع هذه المئذنة (120) ذراعاً (60متراً)
وكان العمل في عام 891-892هـ/1486-1487م.(عمارة وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ ص132)
وفي
العهد العثماني التركي هدمت المئذنة الشمالية الشرقية (السنجارية) وأقيمت
مكانها المئذنة السليمانية وكان عمق أساسها ثلاثة عشر ذراعاً بذراع العمل
وهو يساوي (56.6) سم أي ما يعادل (8.53م) وعرض الأساس سبعة أذرع في سبعة
أذرع، أي مايعادل (4.59م). وكان عرضها على سطح الأرض (6×6) أذرع أي
(3.93م).(عمارة وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ ص133)
سهر الليالى- المدير العام
- عدد الرسائل : 2727
نقاط : 2028
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
مآذن المسجد النبوي
وبعد توسعة السلطان عبد المجيد أصبح للمسجد النبوي خمس مآذن هي:
1) المنارة
الشمالية الغربية: وتسمى التشكيلية والخشبية وتعرف بالمجيدية نسبة إلى
السلطان عبد المجيد الذي جددها في عمارتها وجعلها على رسم منائر الأستانة
بثلاث شرفات، ثم أزيلت في العمارة السعودية الأولى وبني بدلها منارة على
أجمل وأحدث طراز.
2) المنارة
الشمالية الشرقية: وتسمى السنجارية،وتعرف بالسليمانية وهي التي أقامها
السلطان سليمان القانوني بدلاً من السنجارية، وتعرف بالعزيزية لعمارة
السلطان عبدالعزيز خان بن محمود لها، حيث بناها على هيئة المنارة المجيدية
وجعل لها ثلاث شرفات، وقد أزيلت هذه المنارة في العمارة السعودية وبني
بدلاً منها منارة على شكل بديع ورائع.
3) المنارة
الجنوبية الشرقية: وتعرف بالرئيسية وتحمل هذا الاسم حتى وقتنا الحاضر، وهي
المنارة المجاورة للقبة الخضراء، وتقع في الركن الجنوبي الشرقي من المسجد،
وهي التي عمَّرها الأشرف قايتباي ثلاث مرات عام 886هـ، 888هـ، 892هـ، ونزل
في أساسها إلى الماء واتخذ لها حجارة سوداء وزاد في طولها إلى (120)
ذراعاً (60متراً )، ولازالت حتى الآن على عمارة قايتباي، وتقوم الحكومة
السعودية بتجديدها من وقت لآخر حتى تبقى في أجمل صورة وأروع منظر.
4) المنارة
الجنوبية الغربية: وتسمى منارة باب السلام، وهي من عمارة الناصر محمد بن
قلاوون سنة 706هـ كما رواه المطري وأما فرحون فيذكر أن الذي بناها هو شيخ
الخدام شبل الدولة كافور المظفري المعروف بالحريري وهذه المنارة لازالت
قائمة يزيد من الحفاظ عليها ما تبذله الحكومة السعودية من تجديدها من وقت
لآخر للبقاء على رونقها وجمالها.
5) المنارة
الغربية: وتسمى منارة باب الرحمة، بناها الأشرف قايتباي سنة 888هـ وبنيت
خارج جدار المسجد النبوي الشريف ملاصقة للمدرسة المحمودية التي كانت هناك،
وقد أزيلت في العمارة السعودية الأولى. (عمارة وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ ص153-155)
منائر المسجد النبوي الشريف في التوسعة السعودية الأولى:
أصبحت
منائر المسجد النبوي الشريف في العمارة السعودية الأولى 1370-1375هـ، أربع
منائر، فقد أزيلت (المنارة الشمالية الغربية التشكيلية)، و (المنارة
الشمالية الشرقية السنجارية) و (منارة باب الرحمة). وبني بدلاً منها
منارتان، إحداهما في الجهة الشمالية الشرقية والأخرى في الجهة الشمالية
الغربية، وتتميز إنشاءات المنائر في التوسعة السعودية الأولى بما يلي :
أولاً: يبلغ عمق كل منارة (17م) وارتفاعها (70م).
ثانياً: تتكون كل منارة من أربعة طوابق كما يلي:
1) الطابق الأول السفلي: فهو مربع ويستمر أعلى سطح المسجد، وينتهي بمقرنصات تحمل أعلاه شرفة مربعة.
2) الطابق الثاني: فهو مثمن، زين بعقود تنتهي بشكل مثلثات، وينتهي في أعلاه بمقرنصات تعلوها شرفة.
3) الطابق الثالث: فهو مستدير بنفس ارتفاع الطابق الثاني تقريباً حلّي بدالات ملونة، وينتهي بمقرنصات تحمل أعلاها شرفة دائرية.
4) الطابق
الرابع: (الجوسق) فقد ارتفع قليلاً حيث عمل له طابق خامس بشكل خوذة مضلعة
تنتهي بشكل شبه مخروطي يعلوه قبة بصلية، وينتهي من أعلى بمقرنصات أيضاً
تعلوها شرفة. (عمارة وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ ص180)
منائر المسجد النبوي الشريف في التوسعة السعودية الثانية:
اشتملت
التوسعة السعودية الثانية على ست منارات جديدة ارتفاع كل منها حوالي
(104م) أي بزيادة (32) متراً عن ارتفاع المنارات في التوسعة السعودية
الأولى. وبذلك يكون للمسجد بعد التوسعة عشر منارات. ولقد تم تصميم هذه
المنارات بحيث تتناسق مع منارات التوسعة السعودية الأولى وفق أحدث النظم
الهندسية، وقد بلغ عمق كل منارة (50.45) متراً.
ووزعت
هذه المنارات على كامل التوسعة، بحيث يوجد منارة في كل ركن من أركان
التوسعة الجديدة، أربع منارات في الواجهة الشمالية، واحدة في الركن
الشمالي الشرقي، وأخرى في الركن الشمالي الغربي، واثنتان في منتصف الجانب
الشمال فوق البوابة الوسطى (باب الملك فهد)، ومنارة في الركن الجنوبي
الشرقي، وأخرى في الركن الجنوبي الغربي. وتحتوي كل منارة على خمسة
طوابق نوضحها فيما يلي :
1) الطابق
الأول: ويمثل القاعدة للمنارة، وهي مربع الشكل ضلعه(5.5م) وارتفاعه (27)
متراً بحيث يستمر هذا المربع بطول ارتفاع مبنى المسجد ثم يعلو السطح،
ويلاحظ وجود شريط طولي محفور، به عدة نوافذ صغيرة من الجانبين الظاهرين من
المنارة، وقد تم زخرفة هذا الشريط بزخارف بطوله، كما تم تكسية جزء القاعدة
بنفس التكسية الخارجية لمبنى الحرم، وهو الذي أدى إلى الشعور العام في
التناسق المحسوس من الخارج. ثم تأتي الأحزمة المزخرفة مكونة بداية النهاية
للقاعدة، فنجد حزاماً عريضاً به زخارف هندسية، يليه حزام آخر بزخارف
نباتية ثم تبدأ الكرنشة لتنسيق المقرنصات التي تهيء إطلالة الشرفة الأولى
، وبالتأمل في المقرنصات نجد أنها جعلت من طبقات واضحة يتخللها تجاويف
مزينة بزخارف نباتية.
2) الطابق
الثاني: وهو مثمن قطره (5.5م) وارتفاعه متران. يبدأ من أعلى الشرفة
السابقة المربعة ويستمر بارتفاع متر، وبالتأمل في هذا الجزء يمكن ملاحظة
المثمن على درجات مختلفة من الظهور، فالجزء السفلي منه مثمن مضلع بسيط في
تكسيته، ويوجد في هذا الجزء فتحة إلى الشرفة،وذلك لاستعمالها عند الحاجة،
والجزء الأوسط ويمثل جزء العقود المحمولة مع أعمدة رفيعة، ويمثل مجموع
الأعمدة الثلاثة في ركن المثمن عنصراً يعكس التحول القادم في الطابق
الثالث المستدير، ويتمثل تزيين هذا الجزء في العقود التي تنتهي بشكل
مثلثات، ويظهر في خلفية العقود أرضية داكنة ونوافذ زجاجية طويلة جعلت
بحلوق بيضاء مزركشة، وقد حليت العقود بحزام فيه سلسلة متعرجة بارزة والجزء
الأعلى من هذا الطابق يظهر شكل المثمن مرة أخرى مع وجود فتحات دائرية في
كل ضلع محاطة بإطار بارز، وقد تم تكسية هذا الجزء بأرضية بيضاء، وينتهي
هذا الجزء بمقرنصات تحمل أعلاها شرفة مثمنة.
3) الطابق
الثالث: وهو اسطواني الشكل قطره (5م) وارتفاعه (18) متراً ويبدأ من أعلى
الشرفة الثانية ويستمر بارتفاع متر، وقد تم تكسية أرضيته بلون رصاصي داكن،
وحلي بدالات بارزة مموجة تقوم بعمل الأحزمة ويبلغ عددها اثني عشر حزاماً،
وينتهي هذا الطابق بمقرنصات مكونة من طابقين تحمل شرفة مستديرة،ويعتبر هذا
الطابق من الأجزاء المصمته والتي تعكس قوة تحمل الأجزاء العلوية.
4) الطابق
الرابع: وهو اسطواني الشكل قطره (4.5م) وارتفاعه (15) متراً ويشكل العنق
حيث الأعمدة الرخامية والأقواس الثمانية المثلثة الرؤوس البارزة، وجميع
تشكيلها يحيط بعصب السلم الدائري، ويعلو هذا الجزء أيضاً مقرنصات في
طابقين تحمل شرفة دائرية أصغر من سابقتها.
5) الطابق
الخامس: وهو اسطواني الشكل قطره (4.5م) وارتفاعه (12)متراً ، ويبدأ من
أعلى الشرفة السابقة، ويمكن تقسيمه إلى عدة عناصرحيث يبدأ ببناء اسطواني
مضلع ينتهي بتاج مشرشف يكون شرفة صغيرة تحمل الجزء العلوي والذي يبدأ
ببناء مخروطي تعلوه قبة بصلية هي الأساس لقاعدة الهلال البرونزي المطلي
بالذهب عيار (24)قيراطاً، ويصل ارتفاعه إلى حوالي (6) أمتار ويبلغ وزنه
حوالي (4.5)طن ليعلن انتهاء المنارة.
وبالتأمل
في منائر المسجد النبوي الشريف نجد أن له لمسة جمالية أخرى أضيفت إليه
وذلك باستخدام الإنارة الصناعية والتي أضفت تأثيراً ما بعده تأثير على
البناء الشامخ حيث إن الضوء المشع أعلى يحيط بالمنارة، وكأنها يصعد بها
إلى أعلى الفضاء. وذلك بتركيب جهاز يعمل بأشعة الليزر وضع على منسوب (86)
متراً تقريباً لإعطاء حزمة ضوئية تحدد اتجاه القبلة على مساحة (50) كيلاً
تقريباً.
(عمارة
وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ ص222، ص224-225؛ لناجي بن محمد
حسن عبد القادر الأنصاري، مراجعة وتقديم فضيلة الشيخ: عطية بن محمد سالم،
الطبعة الأولى 1416هـ/1996م).
1) المنارة
الشمالية الغربية: وتسمى التشكيلية والخشبية وتعرف بالمجيدية نسبة إلى
السلطان عبد المجيد الذي جددها في عمارتها وجعلها على رسم منائر الأستانة
بثلاث شرفات، ثم أزيلت في العمارة السعودية الأولى وبني بدلها منارة على
أجمل وأحدث طراز.
2) المنارة
الشمالية الشرقية: وتسمى السنجارية،وتعرف بالسليمانية وهي التي أقامها
السلطان سليمان القانوني بدلاً من السنجارية، وتعرف بالعزيزية لعمارة
السلطان عبدالعزيز خان بن محمود لها، حيث بناها على هيئة المنارة المجيدية
وجعل لها ثلاث شرفات، وقد أزيلت هذه المنارة في العمارة السعودية وبني
بدلاً منها منارة على شكل بديع ورائع.
3) المنارة
الجنوبية الشرقية: وتعرف بالرئيسية وتحمل هذا الاسم حتى وقتنا الحاضر، وهي
المنارة المجاورة للقبة الخضراء، وتقع في الركن الجنوبي الشرقي من المسجد،
وهي التي عمَّرها الأشرف قايتباي ثلاث مرات عام 886هـ، 888هـ، 892هـ، ونزل
في أساسها إلى الماء واتخذ لها حجارة سوداء وزاد في طولها إلى (120)
ذراعاً (60متراً )، ولازالت حتى الآن على عمارة قايتباي، وتقوم الحكومة
السعودية بتجديدها من وقت لآخر حتى تبقى في أجمل صورة وأروع منظر.
4) المنارة
الجنوبية الغربية: وتسمى منارة باب السلام، وهي من عمارة الناصر محمد بن
قلاوون سنة 706هـ كما رواه المطري وأما فرحون فيذكر أن الذي بناها هو شيخ
الخدام شبل الدولة كافور المظفري المعروف بالحريري وهذه المنارة لازالت
قائمة يزيد من الحفاظ عليها ما تبذله الحكومة السعودية من تجديدها من وقت
لآخر للبقاء على رونقها وجمالها.
5) المنارة
الغربية: وتسمى منارة باب الرحمة، بناها الأشرف قايتباي سنة 888هـ وبنيت
خارج جدار المسجد النبوي الشريف ملاصقة للمدرسة المحمودية التي كانت هناك،
وقد أزيلت في العمارة السعودية الأولى. (عمارة وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ ص153-155)
منائر المسجد النبوي الشريف في التوسعة السعودية الأولى:
أصبحت
منائر المسجد النبوي الشريف في العمارة السعودية الأولى 1370-1375هـ، أربع
منائر، فقد أزيلت (المنارة الشمالية الغربية التشكيلية)، و (المنارة
الشمالية الشرقية السنجارية) و (منارة باب الرحمة). وبني بدلاً منها
منارتان، إحداهما في الجهة الشمالية الشرقية والأخرى في الجهة الشمالية
الغربية، وتتميز إنشاءات المنائر في التوسعة السعودية الأولى بما يلي :
أولاً: يبلغ عمق كل منارة (17م) وارتفاعها (70م).
ثانياً: تتكون كل منارة من أربعة طوابق كما يلي:
1) الطابق الأول السفلي: فهو مربع ويستمر أعلى سطح المسجد، وينتهي بمقرنصات تحمل أعلاه شرفة مربعة.
2) الطابق الثاني: فهو مثمن، زين بعقود تنتهي بشكل مثلثات، وينتهي في أعلاه بمقرنصات تعلوها شرفة.
3) الطابق الثالث: فهو مستدير بنفس ارتفاع الطابق الثاني تقريباً حلّي بدالات ملونة، وينتهي بمقرنصات تحمل أعلاها شرفة دائرية.
4) الطابق
الرابع: (الجوسق) فقد ارتفع قليلاً حيث عمل له طابق خامس بشكل خوذة مضلعة
تنتهي بشكل شبه مخروطي يعلوه قبة بصلية، وينتهي من أعلى بمقرنصات أيضاً
تعلوها شرفة. (عمارة وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ ص180)
منائر المسجد النبوي الشريف في التوسعة السعودية الثانية:
اشتملت
التوسعة السعودية الثانية على ست منارات جديدة ارتفاع كل منها حوالي
(104م) أي بزيادة (32) متراً عن ارتفاع المنارات في التوسعة السعودية
الأولى. وبذلك يكون للمسجد بعد التوسعة عشر منارات. ولقد تم تصميم هذه
المنارات بحيث تتناسق مع منارات التوسعة السعودية الأولى وفق أحدث النظم
الهندسية، وقد بلغ عمق كل منارة (50.45) متراً.
ووزعت
هذه المنارات على كامل التوسعة، بحيث يوجد منارة في كل ركن من أركان
التوسعة الجديدة، أربع منارات في الواجهة الشمالية، واحدة في الركن
الشمالي الشرقي، وأخرى في الركن الشمالي الغربي، واثنتان في منتصف الجانب
الشمال فوق البوابة الوسطى (باب الملك فهد)، ومنارة في الركن الجنوبي
الشرقي، وأخرى في الركن الجنوبي الغربي. وتحتوي كل منارة على خمسة
طوابق نوضحها فيما يلي :
1) الطابق
الأول: ويمثل القاعدة للمنارة، وهي مربع الشكل ضلعه(5.5م) وارتفاعه (27)
متراً بحيث يستمر هذا المربع بطول ارتفاع مبنى المسجد ثم يعلو السطح،
ويلاحظ وجود شريط طولي محفور، به عدة نوافذ صغيرة من الجانبين الظاهرين من
المنارة، وقد تم زخرفة هذا الشريط بزخارف بطوله، كما تم تكسية جزء القاعدة
بنفس التكسية الخارجية لمبنى الحرم، وهو الذي أدى إلى الشعور العام في
التناسق المحسوس من الخارج. ثم تأتي الأحزمة المزخرفة مكونة بداية النهاية
للقاعدة، فنجد حزاماً عريضاً به زخارف هندسية، يليه حزام آخر بزخارف
نباتية ثم تبدأ الكرنشة لتنسيق المقرنصات التي تهيء إطلالة الشرفة الأولى
، وبالتأمل في المقرنصات نجد أنها جعلت من طبقات واضحة يتخللها تجاويف
مزينة بزخارف نباتية.
2) الطابق
الثاني: وهو مثمن قطره (5.5م) وارتفاعه متران. يبدأ من أعلى الشرفة
السابقة المربعة ويستمر بارتفاع متر، وبالتأمل في هذا الجزء يمكن ملاحظة
المثمن على درجات مختلفة من الظهور، فالجزء السفلي منه مثمن مضلع بسيط في
تكسيته، ويوجد في هذا الجزء فتحة إلى الشرفة،وذلك لاستعمالها عند الحاجة،
والجزء الأوسط ويمثل جزء العقود المحمولة مع أعمدة رفيعة، ويمثل مجموع
الأعمدة الثلاثة في ركن المثمن عنصراً يعكس التحول القادم في الطابق
الثالث المستدير، ويتمثل تزيين هذا الجزء في العقود التي تنتهي بشكل
مثلثات، ويظهر في خلفية العقود أرضية داكنة ونوافذ زجاجية طويلة جعلت
بحلوق بيضاء مزركشة، وقد حليت العقود بحزام فيه سلسلة متعرجة بارزة والجزء
الأعلى من هذا الطابق يظهر شكل المثمن مرة أخرى مع وجود فتحات دائرية في
كل ضلع محاطة بإطار بارز، وقد تم تكسية هذا الجزء بأرضية بيضاء، وينتهي
هذا الجزء بمقرنصات تحمل أعلاها شرفة مثمنة.
3) الطابق
الثالث: وهو اسطواني الشكل قطره (5م) وارتفاعه (18) متراً ويبدأ من أعلى
الشرفة الثانية ويستمر بارتفاع متر، وقد تم تكسية أرضيته بلون رصاصي داكن،
وحلي بدالات بارزة مموجة تقوم بعمل الأحزمة ويبلغ عددها اثني عشر حزاماً،
وينتهي هذا الطابق بمقرنصات مكونة من طابقين تحمل شرفة مستديرة،ويعتبر هذا
الطابق من الأجزاء المصمته والتي تعكس قوة تحمل الأجزاء العلوية.
4) الطابق
الرابع: وهو اسطواني الشكل قطره (4.5م) وارتفاعه (15) متراً ويشكل العنق
حيث الأعمدة الرخامية والأقواس الثمانية المثلثة الرؤوس البارزة، وجميع
تشكيلها يحيط بعصب السلم الدائري، ويعلو هذا الجزء أيضاً مقرنصات في
طابقين تحمل شرفة دائرية أصغر من سابقتها.
5) الطابق
الخامس: وهو اسطواني الشكل قطره (4.5م) وارتفاعه (12)متراً ، ويبدأ من
أعلى الشرفة السابقة، ويمكن تقسيمه إلى عدة عناصرحيث يبدأ ببناء اسطواني
مضلع ينتهي بتاج مشرشف يكون شرفة صغيرة تحمل الجزء العلوي والذي يبدأ
ببناء مخروطي تعلوه قبة بصلية هي الأساس لقاعدة الهلال البرونزي المطلي
بالذهب عيار (24)قيراطاً، ويصل ارتفاعه إلى حوالي (6) أمتار ويبلغ وزنه
حوالي (4.5)طن ليعلن انتهاء المنارة.
وبالتأمل
في منائر المسجد النبوي الشريف نجد أن له لمسة جمالية أخرى أضيفت إليه
وذلك باستخدام الإنارة الصناعية والتي أضفت تأثيراً ما بعده تأثير على
البناء الشامخ حيث إن الضوء المشع أعلى يحيط بالمنارة، وكأنها يصعد بها
إلى أعلى الفضاء. وذلك بتركيب جهاز يعمل بأشعة الليزر وضع على منسوب (86)
متراً تقريباً لإعطاء حزمة ضوئية تحدد اتجاه القبلة على مساحة (50) كيلاً
تقريباً.
(عمارة
وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ ص222، ص224-225؛ لناجي بن محمد
حسن عبد القادر الأنصاري، مراجعة وتقديم فضيلة الشيخ: عطية بن محمد سالم،
الطبعة الأولى 1416هـ/1996م).
سهر الليالى- المدير العام
- عدد الرسائل : 2727
نقاط : 2028
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
أبواب المسجد النبوي
كان للمسجد النبوي ثلاثة أبواب في بنايته الأولى وهي:
1) باب في مؤخرة المسجد (أي جهة القبلة اليوم) حيث كانت القبلة إلى بيت
المقدس. وبعد تحول القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة يوم الثلاثاء
15/8/2 هـ أغلق الباب في الحائط الجنوبي ، وحل محله باب في الحائط
الشمالي، وعملت ثلاثة أروقة جهة الجنوب على غرار تلك التي بالجهة الشمالية
واحتفظ بباب عثمان وباب عاتكة.
2) باب من جهة الغرب عرف بباب عاتكة
(المعروف الآن بباب الرحمة). (وعاتكة سيدة من مكة ابنة زيد بن عمر ، من
قبيلة عدي بن كعب ، أسلمت وهاجرت للمدينة المنورة ، وسمي الباب باسمها
لوجوده مقابل بيتها، كما عرف بباب السوق لأنه كان يؤدي إلى السوق، ويرجع
تسميته إلى باب الرحمة كما جاء في صحيح البخاري إلى أن رجلا دخل المسجد
طالباً من الرسول صلى الله عليه وسلم الدعاء لإرسال المطر، فأمطرت السماء
سبعة أيام ، ثم دخل في الجمعة الثانية طالباً برفع المطر خشية الغرق ،
فانقشعت السحب ، واعتبر هذا رحمة بالعباد ، فأطلق عليه باب الرحمة ، وباب
النبي لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدخل منه ).
3) باب من جهة
الشرق عرف بباب عثمان (المعروف الآن بباب جبريل). وأطلق عليه باب جبريل
لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ، التقى بجبريل في هذا المكان في غزوة بني
قريظة، وعرف بباب عثمان لوجوده مقابل بيته.( عمارة وتوسعة المسجد النبوي
الشريف عبر التاريخ ص48-49)
وبعد توسعة عمر بن الخطاب رضي الله عنه
للمسجد النبوي أصبح للمسجد ستة أبواب أي أضيف ثلاثة أبواب جدد إلى الأبواب
التي كانت في حوائط المسجد على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. فأصبحت
أبواب المسجد على النحو التالي:
1) الحائط الشمالي: بابان (أضيف باب مستجد).
2) الحائط الشرقي: بابان باب جبريل (واستحدث باب النساء ).
3) الحائط الغربي: بابان ، باب الرحمة (واستحدث باب السلام).
(عمارة وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ ص 91-92؛ لناجي بن محمد
حسن عبد القادر الأنصاري، مراجعة وتقديم فضيلة الشيخ: عطية بن محمد سالم،
الطبعة الأولى 1416هـ/1996م).
وتوالى
زيادة عدد أبواب المسجد النبوي خلال توسعات المسجد النبوي عبر التاريخ مع
الاحتفاظ بمسميات الأبواب الرئيسة المشار إليها أعلاه ، وفيما يلي جدول
يوضح أسماء وأرقام أبواب المسجد النبوي في وقتنا الحالي:
عدد اسم الباب رقمه
1 باب السلام 1
2 باب الصديق 2-أ
3 باب الصديق 2- ب
4 باب الصديق 2- ج
5 باب الرحمة 3
6 باب البقيع 41
7 باب جبريل 40
8 باب النساء 39
9 باب الجنائز 42
10 باب الهجرة 4- أ
11 باب الهجرة 4 - ب
12 باب قباء 5- أ
13 باب قباء 5- ب
14 باب قباء 5- ج
15 باب الملك سعود (باب العقد) 7
16 باب الملك سعود (باب المشربية) 8 – أ
17 باب الملك سعود (باب المزلقان) 8 – ب
18 باب الملك سعود 8 – ج
19 باب الملك سعود 8 – د
20 باب الملك سعود (باب المشربية) 8 – هـ
21 باب الملك سعود (باب العقد) 9
22 باب العقيق 11 - أ
23 باب العقيق 11 - ب
24 باب السلطان عبد المجيد (العقد) 12
25 باب السلطان عبد المجيد (المشربية) 13 – أ
26 باب السلطان عبد المجيد (المزلقان) 13 – ب
27 باب السلطان عبد المجيد 13 – ج
28 باب السلطان عبد المجيد 13 – د
29 باب السلطان عبد المجيد (المشربية) 13 – هـ
30 باب السلطان عبد المجيد (العقد) 14
31 باب عمر بن الخطاب (العقد) 16
32 باب عمر بن الخطاب (المشربية) 17 – أ
33 باب عمر بن الخطاب (المزلقان) 17 - ب
34 باب عمر بن الخطاب 17 – ج
35 باب عمر بن الخطاب 17 – د
36 باب عمر بن الخطاب 17 – هـ
37 باب عمر بن الخطاب (العقد) 18
38 باب بدر 19
39 باب الملك فهد (العقد) 20
40 باب الملك فهد (المشربية) 21 – أ
41 باب الملك فهد (المزلقان) 21 – ب
42 باب الملك فهد 21 - ج
43 باب الملك فهد 21 - د
44 باب الملك فهد (المشربية) 21 – هـ
45 باب الملك فهد (العقد) 22
46 باب أحد 23
47 باب عثمان بن عفان (العقد) 24
48 باب عثمان بن عفان (المشربية) 25 – أ
49 باب عثمان بن عفان (المزلقان) 25- ب
50 باب عثمان بن عفان 25-ج
51 باب عثمان بن عفان 25- د
52 باب عثمان بن عفان (المزلقان) 25 –هـ
53 باب المدينة المنورة (العقد) 26
54 باب علي بن أبي طالب (العقد) 28
55 باب علي بن أبي طالب (المشربية) 29 - أ
56 باب علي بن أبي طالب (المزلقان) 29-ب
57 باب علي بن أبي طالب 29 –ج
58 باب علي بن أبي طالب 29 - د
59 باب علي بن أبي طالب (المشربية) 29-هـ
60 باب علي بن أبي طالب (العقد) 30
61 باب أبي ذر 32 – أ
62 باب أبي ذر 32-ب
63 باب الملك عبد العزيز(العقد) 33
64 باب الملك عبدالعزيز(المشربية) 34- أ
65 باب الملك عبدالعزيز(المزلقان) 34 -ب
66 باب الملك عبدالعزيز 34 –ج
67 باب الملك عبدالعزيز 34 – د
68 باب الملك عبدالعزيز(المشربية) 34 –هـ
69 باب الملك عبد العزيز(العقد) 35
70 باب مكة 37- أ
71 باب مكة 37 –ب
72 باب مكة 37 –ج
73 باب بلال 38 – أ
74 باب بلال 38 -ب
75-76 باب السلم الكهربائي ( 6)في الجهة الجنوبية الغربية (أ-ب)
77-78 باب السلم الكهربائي (10)في الجهة الغربية (أ-ب)
79-80 باب السلم الكهربائي (15)في جهة الشمال الغربي (أ-ب)
81-82 باب السلم الكهربائي (27)في جهة الشمال الشرقي (أ-ب)
83-84 باب السلم الكهربائي (32)في الجهة الشرقية (أ-ب)
85-86 باب السلم الكهربائي (6)في جهة الجنوب الغربي (أ-ب)
سهر الليالى- المدير العام
- عدد الرسائل : 2727
نقاط : 2028
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
الأساطين المشهورة
الأساطين
جمع اسطوانة وهي العمود والسارية التي يقوم عليها البناء، وأساطين المسجد
النبوي الشريف في عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم، كانت من جذوع النخل
وإذا أطلق اسم على سارية فالمقصود العمود الذي حل مكانها. فقد تحرى الذين
وسعوا المسجد النبوي الشريف أن يحافظوا على أماكن هذه الأساطين، فيضع كل
عمود في المكان الذي كانت فيه الأسطوانة أو السارية على عهد المصطفى صلى
الله عليه وسلم، وهذه الأساطين التي نشاهدها في المسجد النبوي الشريف في
القسم القبلي منه أقيمت في عمارة السلطان عبد المجيد، وقد اشتهر من هذه الأساطين ثمان، كان لها حظ وافر على باقي الأساطين لما لها من مميزات لم تكن لغيرها، وتلك الأساطين هي :
1-الأسطوانة المخلقة أو علم مصلى النبي صلى الله عليه وسلم.
2-أسطوانة القرعة أو أسطوانة عائشة.
3-أسطوانة التوبة أو أسطوانة أبي لبابة.
4-أسطوانة السرير.
5-أسطوانة المحرس.
6-أسطوانة الوفود.
7-أسطوانة مربعة القبر.
8-أسطوانة التهجد.
ولهذه التسمية لتلك الأساطين مناسبة حظيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بنصيب نذكرها هنا للفائدة بإيجاز.
أولاً: الأسطوانة المخلقة
وتسمى
أيضاً (علم رسول الله صلى الله عليه وسلم) ومعنى المخلقة المطيبة أو
المعطرة، من الخلوق وهو الطيب، روي أن عثمان بن مظعون : تفل في المسجد
فأصبح مكتئباً، فقالت له زوجته: مالي أراك مكتئباً؟ فقال : لاشيء إلاّ إني
تفلت في القبلة وأنا أصلي، فعمدت (أي زوجته) إلى القبلة فغسلتها، ثم
خلقتها،-أي طيبتها- فكانت أول من خلَّق القبلة.
وقال
جابر بن عبدالله كان أول من خلَّق المسجد عثمان بن عفان رضي الله عنه ثم
لما حجت الخيزران في سنة سبعين للهجرة أمرت بالمسجد أن يخلق، فتولت تخليقه
خازنتها -مؤنسة - فخلقته جميعه حتى الحجرة النبوية الشريفة،
وروى السمهودي عن ابن زبالة "أن النبي صلى الله عليه وسلم، صلى إليها المكتوبة بضعة عشر يوماً بعد أن حولت القبلة".
وكان
سلمة بن الأكوع – رضي الله عنه – يتحرى الصلاة عند هذه الأسطوانة، ولما
سئل قال: "إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرى الصلاة
عندها". قال مالك أحب مواضع التنقل في مسجده صلى الله عليه وسلم حيث
العمود المخلق وأما الفريضة ففي أول الصفوف.
وقد جرى تقديم هذه الأسطوانة لجهة القبلة قليلاً، وإدخال بعضها في المحراب النبوي الشريف، وكتب عليها الأسطوانة المخلقة.
ثانياً :أسطوانة القرعة
وهي
الثالثة من المنبر والثالثة من القبر والثالثة من القبلة، وتعرف
بالأسطوانة المخلقة أيضاً، وبأسطوانة السيدة عائشة رضي الله عنها،
وبأسطوانة المهاجرين.
· فأما
تسميتها بأسطوانة (القرعة) فلما رواه الطبراني في الأوسط عن عائشة رضي
الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن في المسجد لبقعة قبل
هذه الأسطوانة لو يعلم الناس لاستهموا عليها، فنظروا فإذا عندها جماعة من
الصحابة وأبناء المهاجرين، أي وهي أسطوانة القرعة".
· وإما
تسميتها بأسطوانة عائشة فلما روى أن عائشة – رضي الله عنها – أخبرت
عبدالله بن الزبير بفضل تلك الأسطوانة فقام فصلى عندها فظن الناس أن عائشة
أخبرته أنها تلك الأسطوانة فسميت أسطوانة عائشة.
· وأما
تسميتها بأسطوانة المهاجرين، فلأن المهاجرين من قريش كانوا يجتمعون عندها،
وكان يقال لذلك المجلس مجلس المهاجرين، ويذكر السمهودي عن زيد بن أسلم انه
قال : "رأيت عند تلك الأسطوانة موضع جبهة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم
رأيت دونه موضع جبهة أبي بكر ثم رأيت دون موضع جبهة أبي بكر موضع جبهة
عمر، ويقال : إن الدعاء عندها مستجاب.
ثالثاً : أسطوانة التوبة
وهي
الأسطوانة الرابعة من المنبر، والثانية من القبر، والثالثة من القبلة،
وتعرف بأسطوانة أبي لبابة وهو رفاعة بن عبد المنذر رضي الله عنه وهو أحد
النقباء، وسميت بذلك لأن أبا لبابة لما استشاره بنو قريظة – وكان حليفاً
لهم أينزلون على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : نعم وأشار بيده
الى حلقه-يعني الذبح- قال أبو لبابة: فو الله ما زالت قدماي حتى عرفت أني
قد خنت الله ورسوله، ونزل فيه قول الحق سبحانه وتعالى: ( يأيها الذين
ءامنو لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أمنتكم وانتم تعلمون) سورة الأنفال
آية(27) ولم يرجع الى النبي صلى الله عليه وسلم، بل ذهب الى المسجد، وربط
نفسه في جذع في موضع أسطوانة التوبة-الآن- وحلف لا يحل نفسه ولا يحله أحد
حتى يحله رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو تنزل توبته، فلما بلغ رسول
الله صلى الله عليه وسلم خبره قال : أما لو جاءني لاستغفرت الله له، فأما
إذ فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه، فأنزل الله
توبته على رسول الله صلى الله عليه وسلم سحرا ًفي بيت أم سلمة رضي الله
عنها، فسمعته صلى الله عليه وسلم يضحك، فقالت: مايضحكك، أضحك الله سنك؟
قال: تيب على أبي لبابة، قالت ألا أبشره بذلك يا رسول الله؟ قال بلى إن
شئت. فقامت على باب حجرتها-قبل أن يضرب عليهن الحجاب- فقالت: يا أبا
لبابة، أبشر فقد تاب الله عليك فعندئذ أراد المسلمون أن يطلقوه قال: لا
والله حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقني بيده، فلما
مر عليه خارجاً إلى صلاة الصبح أطلقه ولهذا سميت أسطوانة التوبة.
رابعاً: أسطوانة السرير
وتقع
شرقي أسطوانة التوبة وتلتصق بالشباك المطل على الروضة الشريفة. وهي محل
اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان له صلى الله عليه وسلم سرير من
جريد النخل، وكان يوضع عند هذه السارية، كذلك كانت له صلى الله عليه وسلم
وسادة تطرح له، فكان صلى الله عليه وسلم يضطجع على سريره عند هذه
الأسطوانة.
وورد
أنه صلى الله عليه وسلم، كان يوضع له السرير عند أسطوانة التوبة، حتى قال
البدر بن فرحون ( بأن أسطوانة السرير هي أسطوانة التوبة) ويبدو أن السرير
كان يوضع مرة عند أسطوانة التوبة ومرة عند أسطوانة السرير. روى البدر بن
فرحون عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان إذا
اعتكف يطرح له وسادة، ويوضع له سرير من جريد فيه سعفه، يوضع له فيما بين
الأسطوانة التي وجاه القبر الشريف وبين القناديل، وكان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يضطجع عليه ".
خامساً : أسطوانة المحرس
وتقع
خلف أسطوانة السرير من جهة الشمال: وهي مقابل الخوخة التي كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يخرج منها إذا كان في بيت عائشة رضي الله عنها إلى
الروضة الشريفة للصلاة، كما تسمى بأسطوانة علي بن أبي طالب رضي الله عنه
لأنه كان يجلس عندها يحرس النبي صلى الله عليه وسلم.
سادساً : أسطوانة الوفود
وتقع
خلف أسطوانة المحرس من جهة الشمال، وكان صلى الله عليه وسلم يجلس إليها
ليقابل وفود العرب القادمين عليه، وكانت تعرف أيضاً بمجلس القلادة يجلس
إليها سروات الصحابة وأفاضلهم رضوان الله عليهم.
سابعاً : أسطوانة مربعة القبر
وتقع
في حائز عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه عند منحرف الجدار الغربي منه الى
الشمال، في صف أسطوانة الوفود، ومعنى هذا أنها تكون داخل الجدار المحيط
بالقبر الشريف، ولا يتمكن الزائر للمسجد النبوي الشريف من رؤيتها يقول
السمهودي: وقد حُرِم الناس الصلاة الى هذه الأسطوانة لإدارة الشباك
الدائر على الحجرة الشريفة وغلق بابه.
كما
تعرف أيضاً بأسطوانة مقام جبريل عليه السلام وبها باب بيت فاطمة بنت رسول
الله عليه وسلم الذي كان يدخل منه علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
ثامناً : أسطوانة التهجد
وتقع
وراء بيت السيدة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، من جهة الشمال،
وعندها محراب صغير إذا توجه الواقف إليه تكون السارية-الأسطوانة-عن يساره،
باتجاه باب جبريل عليه السلام، المعروف قديماً بباب عثمان رضي الله عنه،
وقد كتب فيها على رخام (هذا متهجد النبي صلى الله عليه وسلم).
وذكر
السمهودي ما يدل على أفضلية الصلاة عند هذه الأسطوانة حيث يقول: قال عيسى:
وحدثني سعيد بن عبدالله بن فضيل قال: "مرَّبي محمد بن الحنفية وأنا أصلي
إليها، فقال لي: أراك تلزم هذه الأسطوانة، هل جاءك فيها أثر ؟ قلت: لا،
قال: فالزمها فإنها كانت مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل".
(عمارة
وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ ص68-73؛ لناجي بن محمد حسن عبد
القادر الأنصاري، مراجعة وتقديم فضيلة الشيخ: عطية بن محمد سالم، الطبعة
الأولى 1416هـ/1996م).
جمع اسطوانة وهي العمود والسارية التي يقوم عليها البناء، وأساطين المسجد
النبوي الشريف في عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم، كانت من جذوع النخل
وإذا أطلق اسم على سارية فالمقصود العمود الذي حل مكانها. فقد تحرى الذين
وسعوا المسجد النبوي الشريف أن يحافظوا على أماكن هذه الأساطين، فيضع كل
عمود في المكان الذي كانت فيه الأسطوانة أو السارية على عهد المصطفى صلى
الله عليه وسلم، وهذه الأساطين التي نشاهدها في المسجد النبوي الشريف في
القسم القبلي منه أقيمت في عمارة السلطان عبد المجيد، وقد اشتهر من هذه الأساطين ثمان، كان لها حظ وافر على باقي الأساطين لما لها من مميزات لم تكن لغيرها، وتلك الأساطين هي :
1-الأسطوانة المخلقة أو علم مصلى النبي صلى الله عليه وسلم.
2-أسطوانة القرعة أو أسطوانة عائشة.
3-أسطوانة التوبة أو أسطوانة أبي لبابة.
4-أسطوانة السرير.
5-أسطوانة المحرس.
6-أسطوانة الوفود.
7-أسطوانة مربعة القبر.
8-أسطوانة التهجد.
ولهذه التسمية لتلك الأساطين مناسبة حظيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بنصيب نذكرها هنا للفائدة بإيجاز.
أولاً: الأسطوانة المخلقة
وتسمى
أيضاً (علم رسول الله صلى الله عليه وسلم) ومعنى المخلقة المطيبة أو
المعطرة، من الخلوق وهو الطيب، روي أن عثمان بن مظعون : تفل في المسجد
فأصبح مكتئباً، فقالت له زوجته: مالي أراك مكتئباً؟ فقال : لاشيء إلاّ إني
تفلت في القبلة وأنا أصلي، فعمدت (أي زوجته) إلى القبلة فغسلتها، ثم
خلقتها،-أي طيبتها- فكانت أول من خلَّق القبلة.
وقال
جابر بن عبدالله كان أول من خلَّق المسجد عثمان بن عفان رضي الله عنه ثم
لما حجت الخيزران في سنة سبعين للهجرة أمرت بالمسجد أن يخلق، فتولت تخليقه
خازنتها -مؤنسة - فخلقته جميعه حتى الحجرة النبوية الشريفة،
وروى السمهودي عن ابن زبالة "أن النبي صلى الله عليه وسلم، صلى إليها المكتوبة بضعة عشر يوماً بعد أن حولت القبلة".
وكان
سلمة بن الأكوع – رضي الله عنه – يتحرى الصلاة عند هذه الأسطوانة، ولما
سئل قال: "إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرى الصلاة
عندها". قال مالك أحب مواضع التنقل في مسجده صلى الله عليه وسلم حيث
العمود المخلق وأما الفريضة ففي أول الصفوف.
وقد جرى تقديم هذه الأسطوانة لجهة القبلة قليلاً، وإدخال بعضها في المحراب النبوي الشريف، وكتب عليها الأسطوانة المخلقة.
ثانياً :أسطوانة القرعة
وهي
الثالثة من المنبر والثالثة من القبر والثالثة من القبلة، وتعرف
بالأسطوانة المخلقة أيضاً، وبأسطوانة السيدة عائشة رضي الله عنها،
وبأسطوانة المهاجرين.
· فأما
تسميتها بأسطوانة (القرعة) فلما رواه الطبراني في الأوسط عن عائشة رضي
الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن في المسجد لبقعة قبل
هذه الأسطوانة لو يعلم الناس لاستهموا عليها، فنظروا فإذا عندها جماعة من
الصحابة وأبناء المهاجرين، أي وهي أسطوانة القرعة".
· وإما
تسميتها بأسطوانة عائشة فلما روى أن عائشة – رضي الله عنها – أخبرت
عبدالله بن الزبير بفضل تلك الأسطوانة فقام فصلى عندها فظن الناس أن عائشة
أخبرته أنها تلك الأسطوانة فسميت أسطوانة عائشة.
· وأما
تسميتها بأسطوانة المهاجرين، فلأن المهاجرين من قريش كانوا يجتمعون عندها،
وكان يقال لذلك المجلس مجلس المهاجرين، ويذكر السمهودي عن زيد بن أسلم انه
قال : "رأيت عند تلك الأسطوانة موضع جبهة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم
رأيت دونه موضع جبهة أبي بكر ثم رأيت دون موضع جبهة أبي بكر موضع جبهة
عمر، ويقال : إن الدعاء عندها مستجاب.
ثالثاً : أسطوانة التوبة
وهي
الأسطوانة الرابعة من المنبر، والثانية من القبر، والثالثة من القبلة،
وتعرف بأسطوانة أبي لبابة وهو رفاعة بن عبد المنذر رضي الله عنه وهو أحد
النقباء، وسميت بذلك لأن أبا لبابة لما استشاره بنو قريظة – وكان حليفاً
لهم أينزلون على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : نعم وأشار بيده
الى حلقه-يعني الذبح- قال أبو لبابة: فو الله ما زالت قدماي حتى عرفت أني
قد خنت الله ورسوله، ونزل فيه قول الحق سبحانه وتعالى: ( يأيها الذين
ءامنو لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أمنتكم وانتم تعلمون) سورة الأنفال
آية(27) ولم يرجع الى النبي صلى الله عليه وسلم، بل ذهب الى المسجد، وربط
نفسه في جذع في موضع أسطوانة التوبة-الآن- وحلف لا يحل نفسه ولا يحله أحد
حتى يحله رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو تنزل توبته، فلما بلغ رسول
الله صلى الله عليه وسلم خبره قال : أما لو جاءني لاستغفرت الله له، فأما
إذ فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه، فأنزل الله
توبته على رسول الله صلى الله عليه وسلم سحرا ًفي بيت أم سلمة رضي الله
عنها، فسمعته صلى الله عليه وسلم يضحك، فقالت: مايضحكك، أضحك الله سنك؟
قال: تيب على أبي لبابة، قالت ألا أبشره بذلك يا رسول الله؟ قال بلى إن
شئت. فقامت على باب حجرتها-قبل أن يضرب عليهن الحجاب- فقالت: يا أبا
لبابة، أبشر فقد تاب الله عليك فعندئذ أراد المسلمون أن يطلقوه قال: لا
والله حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقني بيده، فلما
مر عليه خارجاً إلى صلاة الصبح أطلقه ولهذا سميت أسطوانة التوبة.
رابعاً: أسطوانة السرير
وتقع
شرقي أسطوانة التوبة وتلتصق بالشباك المطل على الروضة الشريفة. وهي محل
اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان له صلى الله عليه وسلم سرير من
جريد النخل، وكان يوضع عند هذه السارية، كذلك كانت له صلى الله عليه وسلم
وسادة تطرح له، فكان صلى الله عليه وسلم يضطجع على سريره عند هذه
الأسطوانة.
وورد
أنه صلى الله عليه وسلم، كان يوضع له السرير عند أسطوانة التوبة، حتى قال
البدر بن فرحون ( بأن أسطوانة السرير هي أسطوانة التوبة) ويبدو أن السرير
كان يوضع مرة عند أسطوانة التوبة ومرة عند أسطوانة السرير. روى البدر بن
فرحون عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان إذا
اعتكف يطرح له وسادة، ويوضع له سرير من جريد فيه سعفه، يوضع له فيما بين
الأسطوانة التي وجاه القبر الشريف وبين القناديل، وكان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يضطجع عليه ".
خامساً : أسطوانة المحرس
وتقع
خلف أسطوانة السرير من جهة الشمال: وهي مقابل الخوخة التي كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يخرج منها إذا كان في بيت عائشة رضي الله عنها إلى
الروضة الشريفة للصلاة، كما تسمى بأسطوانة علي بن أبي طالب رضي الله عنه
لأنه كان يجلس عندها يحرس النبي صلى الله عليه وسلم.
سادساً : أسطوانة الوفود
وتقع
خلف أسطوانة المحرس من جهة الشمال، وكان صلى الله عليه وسلم يجلس إليها
ليقابل وفود العرب القادمين عليه، وكانت تعرف أيضاً بمجلس القلادة يجلس
إليها سروات الصحابة وأفاضلهم رضوان الله عليهم.
سابعاً : أسطوانة مربعة القبر
وتقع
في حائز عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه عند منحرف الجدار الغربي منه الى
الشمال، في صف أسطوانة الوفود، ومعنى هذا أنها تكون داخل الجدار المحيط
بالقبر الشريف، ولا يتمكن الزائر للمسجد النبوي الشريف من رؤيتها يقول
السمهودي: وقد حُرِم الناس الصلاة الى هذه الأسطوانة لإدارة الشباك
الدائر على الحجرة الشريفة وغلق بابه.
كما
تعرف أيضاً بأسطوانة مقام جبريل عليه السلام وبها باب بيت فاطمة بنت رسول
الله عليه وسلم الذي كان يدخل منه علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
ثامناً : أسطوانة التهجد
وتقع
وراء بيت السيدة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، من جهة الشمال،
وعندها محراب صغير إذا توجه الواقف إليه تكون السارية-الأسطوانة-عن يساره،
باتجاه باب جبريل عليه السلام، المعروف قديماً بباب عثمان رضي الله عنه،
وقد كتب فيها على رخام (هذا متهجد النبي صلى الله عليه وسلم).
وذكر
السمهودي ما يدل على أفضلية الصلاة عند هذه الأسطوانة حيث يقول: قال عيسى:
وحدثني سعيد بن عبدالله بن فضيل قال: "مرَّبي محمد بن الحنفية وأنا أصلي
إليها، فقال لي: أراك تلزم هذه الأسطوانة، هل جاءك فيها أثر ؟ قلت: لا،
قال: فالزمها فإنها كانت مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل".
(عمارة
وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ ص68-73؛ لناجي بن محمد حسن عبد
القادر الأنصاري، مراجعة وتقديم فضيلة الشيخ: عطية بن محمد سالم، الطبعة
الأولى 1416هـ/1996م).
سهر الليالى- المدير العام
- عدد الرسائل : 2727
نقاط : 2028
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال النبي صلى الله عليه وسلم "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي" الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، وعن جابر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من حلف على يمين آثمة عند منبري فليتبوأ مقعده من النار ولو على سواك أخضر".
ومما
ورد في أساس منبره صلى الله عليه وسلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يستند
إلى جذع نخلة أثناء خطبته إذا طال به الوقت. كما جاء في الحديث عن أبي
بريدة، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب قام فأطال
القيام، فكان يشق عليه قيامه، فأتى بجذع نخلة، فحفر له وأقيم إلى جنبه،
فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب، وطال القيام استند إليه فاتكأ
عليه، فبصر به رجل كان ورد المدينة، فقال لمن يليه من الناس: لو أعلم أن
محمداً يحمدني في شيء يرفق به لصنعت له مجلساً يقوم عليه، فإن شاء جلس ما
شاء، وإن شاء قام. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أتوني به"
فأتي به فأمره أن يصنع له هذه المراقي، فوجد النبي صلى الله عليه وسلم في
ذلك راحة. فلما فارق النبي صلى الله عليه وسلم الجذع، وعمد إلى الذي صُنع
له، جزع الجذع فحن كما تحن الناقة حين فارقه النبي صلى الله عليه وسلم
فسمع بريدة عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع الجذع رجع إليه
فوضع يده عليه وقال: "اختر أن أغرسك في المكان الذي كنت فيه فتكون كما
كنت، وإن شئت فأغرسك في الجنة فتشرب من أنهارها وعيونها، فيحسن نبتك،
وتثمر، فيأكل أولياء الله من ثمرتك فعلت".
فزعم أنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "نعم فعلت". مرتين. فسئل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : "أحب أن أغرسه في الجنة".
وعن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إلى جنب خشبة يُسند ظهره إليها، فلما كثر الناس قال: "ابنو لي منبراً"
فبنوا له منبراً له عتبتان، فلما قام على المنبر يخطب حنت الخشبة إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم. قال أنس: وأنا في المسجد، فسمعت الخشبة تحن حنين
الواله، فما زالت تحن حتى نزل إليها فاحتضنها فسكتت.
فكان
الحسن إذا حدث بهذا الحديث بكى، ثم قال : يا عباد الله، الخشبة تحن إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقاً إليه، لمكانه من الله عز وجل، فأنتم
أحق أن تشتاقوا إلى لقائه !.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب على جذع، فأتاه رجل رومي فقال: "اصنع لي منبراً أخطب عليه".
فصنع
له منبره هذا الذي ترون، فلما قام عليه يخطب حن الجذع حنين الناقة إلى
ولدها، فنزل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضمه إليه فسكت، فأمر به
أن يدفن ويحفر له.
قال
ابن النجار : طول منبر النبي صلى الله عليه وسلم -أي ارتفاعه- ذراعان
وشبر وثلاثة أصابع، وعرضه ذراع راجح، وطول صدره -أي ارتفاع مسنده- وهو
مستند النبي صلى الله عليه وسلم ذراع، وطول رمانتيه اللتين كان يمسكهما
بيديه الكريمتين إذا جلس، شبر وإصبعان.
وروى
يحيى عن ابن أبي الزناد : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجلس على
المجلس، ويضع رجليه على الدرجة الثانية، فلما ولي أبو بكر رضي الله عنه
قام على الدرجة الثانية، ووضع رجليه على الدرجة السفلى، فلما ولي عمر رضي
الله عنه، قام على الدرجة السفلى ووضع رجليه على الأرض إذا قعد، فلما ولي
عثمان رضي الله عنه، فعل ذلك ست سنين من خلافته، ثم علا إلى موضع النبي
صلى الله عليه وسلم. وكان عثمان رضي الله عنه أول من كسا المنبر قُبْطية
(الثوب الرقيق الأبيض من ثياب مصر).
وقد تعددت درجات المنبر فيما بعد، كما تعددت صناعته، فكان يصنع أحياناً من الخشب أو من المرمر، أو من الرخام.
تطور المنبر في المسجد النبوي الشريف :
1- كان المنبر على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين يتكون من درجتين ومقعد، كما سبق ذلك.
2- لما انتقل الأمر إلى الدولة الأموية، زاد معاوية بن أبي سفيان في المنبر فجعله ست درجات ومقعداً.
3- ولما انتقل الأمر إلى الدولة العباسية، قام بعض الخلفاء بتجديد المنبر نظراً لتقادم صناعته.
4- في
عام 654هـ : احترق المسجد النبوي الشريف واحترق المنبر أيضاً، فأرسل الملك
المظفر صاحب اليمن منبراً جديداً له رمَّانتان فنصب في موضع المنبر النبوي
الشريف، وبقي عشر سنوات يُخطب عليه.
5- وفي
سنة 664هـ : أرسل الظاهر بيبرس البندقاري منبراً جديداً، فقلع منبر صاحب
اليمن، ونصب منبر الظاهر محله، وخُطب عليه حتى سنة 797هـ، حيث بدأ فيه أكل
الأرضة.
6- في عام 797هـ : أرسل الظاهر برقوق منبراً جديداً، حل محل منبر الظاهر بيبرس.
7- في عام 820 هـ : أرسل المؤيد شيخ منبراً جديداً، حل محل منبر الظاهر برقوق.
8- في
عام 886 هـ : احترق المسجد النبوي الشريف، فاحترق منبر المؤيدشيخ معه،
فبنى أهل المدينة منبراً بالآجر طلي بالنوره، ووضع في محله ظناً منهم صواب
وضعه.
9- في عام 888 هـ : أرسل الأشرف قايتباي منبراً من الرخام، فأزيل المنبر الذي بناه أهل المدينة، ووضع مكانه.
10- في
عام 998 هـ: أرسل السلطان مراد العثماني منبراً مصنوعاً من الرخام جاء في
غاية الإبداع، ودقة صناعته، وروعة زخرفته ونقوشه، وطلي بماء الذهب، فنقل
منبر قايتباي إلى مسجد قباء. ووضع منبر السلطان مراد مكانه. وهو الموجود
في المسجد النبوي الشريف الآن.
(عمارة
وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ ص 76-79؛ لناجي بن محمد حسن عبد
القادر الأنصاري، مراجعة وتقديم فضيلة الشيخ: عطية بن محمد سالم، الطبعة
الأولى 1416هـ/1996م).
ومما
ورد في أساس منبره صلى الله عليه وسلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يستند
إلى جذع نخلة أثناء خطبته إذا طال به الوقت. كما جاء في الحديث عن أبي
بريدة، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب قام فأطال
القيام، فكان يشق عليه قيامه، فأتى بجذع نخلة، فحفر له وأقيم إلى جنبه،
فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب، وطال القيام استند إليه فاتكأ
عليه، فبصر به رجل كان ورد المدينة، فقال لمن يليه من الناس: لو أعلم أن
محمداً يحمدني في شيء يرفق به لصنعت له مجلساً يقوم عليه، فإن شاء جلس ما
شاء، وإن شاء قام. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أتوني به"
فأتي به فأمره أن يصنع له هذه المراقي، فوجد النبي صلى الله عليه وسلم في
ذلك راحة. فلما فارق النبي صلى الله عليه وسلم الجذع، وعمد إلى الذي صُنع
له، جزع الجذع فحن كما تحن الناقة حين فارقه النبي صلى الله عليه وسلم
فسمع بريدة عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع الجذع رجع إليه
فوضع يده عليه وقال: "اختر أن أغرسك في المكان الذي كنت فيه فتكون كما
كنت، وإن شئت فأغرسك في الجنة فتشرب من أنهارها وعيونها، فيحسن نبتك،
وتثمر، فيأكل أولياء الله من ثمرتك فعلت".
فزعم أنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "نعم فعلت". مرتين. فسئل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : "أحب أن أغرسه في الجنة".
وعن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إلى جنب خشبة يُسند ظهره إليها، فلما كثر الناس قال: "ابنو لي منبراً"
فبنوا له منبراً له عتبتان، فلما قام على المنبر يخطب حنت الخشبة إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم. قال أنس: وأنا في المسجد، فسمعت الخشبة تحن حنين
الواله، فما زالت تحن حتى نزل إليها فاحتضنها فسكتت.
فكان
الحسن إذا حدث بهذا الحديث بكى، ثم قال : يا عباد الله، الخشبة تحن إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقاً إليه، لمكانه من الله عز وجل، فأنتم
أحق أن تشتاقوا إلى لقائه !.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب على جذع، فأتاه رجل رومي فقال: "اصنع لي منبراً أخطب عليه".
فصنع
له منبره هذا الذي ترون، فلما قام عليه يخطب حن الجذع حنين الناقة إلى
ولدها، فنزل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضمه إليه فسكت، فأمر به
أن يدفن ويحفر له.
قال
ابن النجار : طول منبر النبي صلى الله عليه وسلم -أي ارتفاعه- ذراعان
وشبر وثلاثة أصابع، وعرضه ذراع راجح، وطول صدره -أي ارتفاع مسنده- وهو
مستند النبي صلى الله عليه وسلم ذراع، وطول رمانتيه اللتين كان يمسكهما
بيديه الكريمتين إذا جلس، شبر وإصبعان.
وروى
يحيى عن ابن أبي الزناد : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجلس على
المجلس، ويضع رجليه على الدرجة الثانية، فلما ولي أبو بكر رضي الله عنه
قام على الدرجة الثانية، ووضع رجليه على الدرجة السفلى، فلما ولي عمر رضي
الله عنه، قام على الدرجة السفلى ووضع رجليه على الأرض إذا قعد، فلما ولي
عثمان رضي الله عنه، فعل ذلك ست سنين من خلافته، ثم علا إلى موضع النبي
صلى الله عليه وسلم. وكان عثمان رضي الله عنه أول من كسا المنبر قُبْطية
(الثوب الرقيق الأبيض من ثياب مصر).
وقد تعددت درجات المنبر فيما بعد، كما تعددت صناعته، فكان يصنع أحياناً من الخشب أو من المرمر، أو من الرخام.
تطور المنبر في المسجد النبوي الشريف :
1- كان المنبر على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين يتكون من درجتين ومقعد، كما سبق ذلك.
2- لما انتقل الأمر إلى الدولة الأموية، زاد معاوية بن أبي سفيان في المنبر فجعله ست درجات ومقعداً.
3- ولما انتقل الأمر إلى الدولة العباسية، قام بعض الخلفاء بتجديد المنبر نظراً لتقادم صناعته.
4- في
عام 654هـ : احترق المسجد النبوي الشريف واحترق المنبر أيضاً، فأرسل الملك
المظفر صاحب اليمن منبراً جديداً له رمَّانتان فنصب في موضع المنبر النبوي
الشريف، وبقي عشر سنوات يُخطب عليه.
5- وفي
سنة 664هـ : أرسل الظاهر بيبرس البندقاري منبراً جديداً، فقلع منبر صاحب
اليمن، ونصب منبر الظاهر محله، وخُطب عليه حتى سنة 797هـ، حيث بدأ فيه أكل
الأرضة.
6- في عام 797هـ : أرسل الظاهر برقوق منبراً جديداً، حل محل منبر الظاهر بيبرس.
7- في عام 820 هـ : أرسل المؤيد شيخ منبراً جديداً، حل محل منبر الظاهر برقوق.
8- في
عام 886 هـ : احترق المسجد النبوي الشريف، فاحترق منبر المؤيدشيخ معه،
فبنى أهل المدينة منبراً بالآجر طلي بالنوره، ووضع في محله ظناً منهم صواب
وضعه.
9- في عام 888 هـ : أرسل الأشرف قايتباي منبراً من الرخام، فأزيل المنبر الذي بناه أهل المدينة، ووضع مكانه.
10- في
عام 998 هـ: أرسل السلطان مراد العثماني منبراً مصنوعاً من الرخام جاء في
غاية الإبداع، ودقة صناعته، وروعة زخرفته ونقوشه، وطلي بماء الذهب، فنقل
منبر قايتباي إلى مسجد قباء. ووضع منبر السلطان مراد مكانه. وهو الموجود
في المسجد النبوي الشريف الآن.
(عمارة
وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ ص 76-79؛ لناجي بن محمد حسن عبد
القادر الأنصاري، مراجعة وتقديم فضيلة الشيخ: عطية بن محمد سالم، الطبعة
الأولى 1416هـ/1996م).
سهر الليالى- المدير العام
- عدد الرسائل : 2727
نقاط : 2028
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
محاريب المسجد النبوي
المحراب لغة هو صدر البيت، وأكرم مواضعه، ومقام الإمام من المسجد. ووردت كلمة المحراب في القرآن الكريم أربع مرات:
1-بمعنى البيت في قوله تعالى: (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً...........) سورة آل عمران من الآية (37).
2- بمعنى المصلى: في قول الحق سبحانه وتعالى فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب......) سورة آل عمران من الآية (39).
3- بمعنى المصلى أيضاً: قال تعالى: (فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيّاً) سورة مريم أية (11).
4-بمعنى صدر البيت: قال تعالى: (وهل أتاك نبؤا الخصم إذ تسوروا المحراب) سورة ص آية (12).
ولقد
مكث النبي صلى الله عليه وسلم يستقبل بيت المقدس في الصلاة نحو ستة عشر أو
سبعة عشر شهراً، بعد قدومه إلي المدينة المنورة؛ وكانت قبلته إلى بيت
المقدس في نهاية المسجد آنذاك من الشمال مقابل باب عثمان عند الاسطوانة
الخامسة، شمالي اسطوانة عائشة رضي الله عنها.
وبعد
تحويل القبلة إلى البيت الحرام، حوله النبي صلى الله عليه وسلم من شمالي
المسجد إلى جنوبيه، وصلى على اسطوانة عائشة مدة شهرين أو أربعة شهور، ثم
تقدم إلى الاسطوانة المخلقة وصلى عندها أياماً، وكان ذلك موقفه في الصلاة،
(وفيه بنى محرابه الشريف)، وفي زيادة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قدم
محراب الإمام إلى نهاية زيادته جنوباً، وفي زيادة عثمان رضي الله عنه، وقف
في محرابه العثماني، الذي يقف فيه الإمام الآن.
ولم يكن للمسجد النبوي الشريف محراب مجوف، لا في عهده صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الخلفاء الراشدين من بعده.
وتشير
النصوص الواضحة والصريحة والمؤكدة في المصادر التاريخية إلى أن المحراب
المجوف الأول كان في المسجد النبوي الشريف في عمارة الوليد بن عبد الملك
الأموية على يد عامله على المدينة عمر بن عبدالعزيز عام 88-91هـ/
707-710م. ويبدو أن محراب المسجد النبوي الشريف قبل عمارة الوليد له كان
عبارة عن محراب مسطح ليس فيه تجويف، أو علامة مميزة في جدار القبلة،
استناداً إلى قول عمر بن عبدالعزيز "تعالوا احضروا بنيان قبلتكم، ولا
تقولوا غَيَّر عمر قبلتنا، فجعل لا ينزع حجراً إلا وضع مكانه حجراً".
ولاشك
أن المسلمين قد استطاعوا تطوير المحاريب حين استعملوها في المساجد،
فزخرفوها بالنقوش الإسلامية، وزينوها بالآيات القرآنية، وأبرزوها في صورة
إسلامية خالصة، وجعلوها في صدور المساجد، لأنها المكان المناسب لمعنى كلمة
محراب كما تقدم ولتكون علامة مميزة لاتجاه القبلة التي يجب على كل مصل
استقبالها في الصلاة.
ولقد تعددت المحاريب في المسجد النبوي الشريف على النحو التالي:
1- المحراب النبوي الشريف: في الروضة الشريفة ويقع المحراب على يسار المنبر.
2- المحراب العثماني: في حائط المسجد القبلي وهو الذي يصلي فيه الإمام الآن.
3- المحراب السليماني: وكان يعرف بالمحراب الحنفي وهو غربي المنبر.
4- محراب فاطمة: ويقع جنوبي محراب التهجد داخل المقصورة الشريفة.
5- محراب شيخ الحرم: وكان يقع خلف دكة الأغوات،أحدث في العمارة المجيدية.
(عمارة
وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ ص59-61؛ لناجي بن محمد حسن عبد
القادر الأنصاري، مراجعة وتقديم فضيلة الشيخ: عطية بن محمد سالم، الطبعة
الأولى 1416هـ/1996م).
1-بمعنى البيت في قوله تعالى: (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً...........) سورة آل عمران من الآية (37).
2- بمعنى المصلى: في قول الحق سبحانه وتعالى فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب......) سورة آل عمران من الآية (39).
3- بمعنى المصلى أيضاً: قال تعالى: (فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيّاً) سورة مريم أية (11).
4-بمعنى صدر البيت: قال تعالى: (وهل أتاك نبؤا الخصم إذ تسوروا المحراب) سورة ص آية (12).
ولقد
مكث النبي صلى الله عليه وسلم يستقبل بيت المقدس في الصلاة نحو ستة عشر أو
سبعة عشر شهراً، بعد قدومه إلي المدينة المنورة؛ وكانت قبلته إلى بيت
المقدس في نهاية المسجد آنذاك من الشمال مقابل باب عثمان عند الاسطوانة
الخامسة، شمالي اسطوانة عائشة رضي الله عنها.
وبعد
تحويل القبلة إلى البيت الحرام، حوله النبي صلى الله عليه وسلم من شمالي
المسجد إلى جنوبيه، وصلى على اسطوانة عائشة مدة شهرين أو أربعة شهور، ثم
تقدم إلى الاسطوانة المخلقة وصلى عندها أياماً، وكان ذلك موقفه في الصلاة،
(وفيه بنى محرابه الشريف)، وفي زيادة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قدم
محراب الإمام إلى نهاية زيادته جنوباً، وفي زيادة عثمان رضي الله عنه، وقف
في محرابه العثماني، الذي يقف فيه الإمام الآن.
ولم يكن للمسجد النبوي الشريف محراب مجوف، لا في عهده صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الخلفاء الراشدين من بعده.
وتشير
النصوص الواضحة والصريحة والمؤكدة في المصادر التاريخية إلى أن المحراب
المجوف الأول كان في المسجد النبوي الشريف في عمارة الوليد بن عبد الملك
الأموية على يد عامله على المدينة عمر بن عبدالعزيز عام 88-91هـ/
707-710م. ويبدو أن محراب المسجد النبوي الشريف قبل عمارة الوليد له كان
عبارة عن محراب مسطح ليس فيه تجويف، أو علامة مميزة في جدار القبلة،
استناداً إلى قول عمر بن عبدالعزيز "تعالوا احضروا بنيان قبلتكم، ولا
تقولوا غَيَّر عمر قبلتنا، فجعل لا ينزع حجراً إلا وضع مكانه حجراً".
ولاشك
أن المسلمين قد استطاعوا تطوير المحاريب حين استعملوها في المساجد،
فزخرفوها بالنقوش الإسلامية، وزينوها بالآيات القرآنية، وأبرزوها في صورة
إسلامية خالصة، وجعلوها في صدور المساجد، لأنها المكان المناسب لمعنى كلمة
محراب كما تقدم ولتكون علامة مميزة لاتجاه القبلة التي يجب على كل مصل
استقبالها في الصلاة.
ولقد تعددت المحاريب في المسجد النبوي الشريف على النحو التالي:
1- المحراب النبوي الشريف: في الروضة الشريفة ويقع المحراب على يسار المنبر.
2- المحراب العثماني: في حائط المسجد القبلي وهو الذي يصلي فيه الإمام الآن.
3- المحراب السليماني: وكان يعرف بالمحراب الحنفي وهو غربي المنبر.
4- محراب فاطمة: ويقع جنوبي محراب التهجد داخل المقصورة الشريفة.
5- محراب شيخ الحرم: وكان يقع خلف دكة الأغوات،أحدث في العمارة المجيدية.
(عمارة
وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ ص59-61؛ لناجي بن محمد حسن عبد
القادر الأنصاري، مراجعة وتقديم فضيلة الشيخ: عطية بن محمد سالم، الطبعة
الأولى 1416هـ/1996م).
سهر الليالى- المدير العام
- عدد الرسائل : 2727
نقاط : 2028
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
الحجرة النبوية الشريفة
يطلق هذا الاسم على بيت النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يقيم فيه مع أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما .
وقد أكرم الله تعالى عائشة بأن جعل في حجرتها قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه (الصديق، والفاروق) رضي الله عنهما.
وتقع
هذه الحجرة الشريفة شرقي المسجد النبوي الشريف، وكان يفتح بابها على
الروضة الشريفة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعطي رأسه لعائشة رضي
الله عنها تسرحه وترجله، وهو معتكف بالمسجد.
ولما
انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى كان في حجرة عائشة،
لأنه استأذن من أمهات المؤمنين أن يُمرَّض في حجرة عائشة رضي الله عنها.
ولما
توفى النبي صلى الله عليه وسلم تبادل الصحابة الرأي في المكان الذي يدفن
فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الصديق رضي الله عنه إنه سمع
حديثاً من رسول صلى الله عليه وسلم : "إن كل نبي يدفن حيث قبض" فدفن في
هذه الحجرة وكان قبره في جنوبي الحجرة الشريفة.
وظلت
عائشة رضي الله عنها تقيم في الجزء الشمالي منها، ليس بينها وبين القبر
ساتر، فلما توفي الصديق رضي الله عنه أذنت له أن يدفن مع النبي صلى الله
عليه وسلم، فدفن خلف النبي صلى الله عليه وسلم بذراع ورأسه مقابل كتفيه
الشريفين، ولم تضع عائشة رضي الله عنها بينها وبين القبرين ساتراً، وقالت:
إنما هو زوجي وأبي. وبعد أن توفي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أذنت له
بأن يدفن مع صاحبيه، فدفن خلف الصديق بذراع، ورأسه يقابل كتفيه، فعند ذلك
جعلت عائشة رضي الله عنها ساتراً بينها وبين القبور الشريفة، لأن عمر ليس
بمحرم لها فاحترمت ذلك حتى بعد وفاته -رضي الله عنهم جميعاً.
وفاطمة رضي الله عنها فليس قبرها في الحجرة الشريفة -كما يذكر بعض المؤرخين- بل دفنت في بقيع الغرقد.
وقد
وردت آثار وأحاديث تفيد بأن الملائكة يحفون بالقبر الشريف ليلاً ونهاراً،
ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم، كما في الدارمي والبيهقي. وقد مرت
الحجرة الشريفة بالعديد من الإصلاحات والترميمات نذكرها باختصار شديد فيما
يلي:
1) في زيادة عمر بن الخطاب رضي الله عنه للمسجد النبوي الشريف عام 17 هـ أبدل بالجريد الذي كان في البيت جداراً.
2) في
زيادة الوليد بن عبد الملك عام 88-91هـ أعاد عمر بن عبدالعزيز بناء الحجرة
الشريفة بأحجار سوداء بنفس المساحة التي بني بها بيت رسول الله صلى الله
عليه وسلم، ثم بنى حول الحجرة الشريفة جداراً ذا خمسة أضلاع بصورة شكَّل
معها في المؤخرة مثلثاً حتى لا تشبه الكعبة المشرفة في بنائها.
3) في
عام 557هـ حفر الملك العادل نور الدين الشهيد، خندقاً حول الحجرة الشريفة،
وصب فيه الرصاص للحيلولة بين الجسد الشريف ومن يريد الوصول إليه.
4) وفي عام 668هـ أقام الظاهر بيبرس مقصورة خشبية ذات حواجز ولها ثلاثة أبواب.
5) وفي عام 694هـ زاد الملك العادل زين الدين كتبغا على حاجز المقصورة حتى أوصله الى سقف المسجد.
6) وفي
عام 678هـ أقام السلطان محمد بن قلاوون الصالحي قبة فوق الحجرة الشريفة
وكانت مربعة في أسفلها مثمنة في أعلاها وصفحت بألواح من الرصاص.
7) وفي عام 881هـ جدد هذه القبة الناصر حسن بن محمد بن قلاوون.
وفي عام 886هـ تأثرت القبة من جراء الحريق الثاني الذي وقع في المسجد.
9) وفي
عام 887هـ في عهد السلطان قايتباي، جدد بناء القبة ووضعت لها دعائم قوية
في أرض المسجد، وبنيت بالآجر، كما جعلت للمقصورة الشريفة نوافذ من النحاس
من جهة القبلة في أعلاها شبك من النحاس أيضاً أما في الجهات الشمالية
والشرقية والغربية فقد جعلت للمقصورة نوافذ من الحديد في أعلاها أشرطة من
النحاس وفيها 76 (طاقة).
10) وفي عام 892هـ أعيد بناء القبة مرة أخرى بالجبس الأبيض بعد أن تشقق أعلاها، وكان ذلك في عهد السلطان قايتباي أيضاً.
11) وفي
عام 1233هـ في عهد السلطان محمود بن عبد الحميد أعيد بناء القبة لآخر مرة،
حيث تشققت القبة في عهده، فأمر بهدم أعلاها وإعادة بنائه من جديد، حيث لا
تزال قائمة إلي اليوم.
12) وفي
عام 1253هـ أمر السلطان عبد الحميدالعثماني بصبغ القبة باللون الأخضر
فأصبحت القبة تعرف بعد ذلك بالقبة الخضراء، وكانت تسمى فيما سبق القبة
الزرقاء أو القبة البيضاء أو القبة الفيحاء.
وتولي
المملكة العربية السعودية منذ عهد المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود جل
اهتماماتها بالحجرة الشريفة وبالقبة الخضراء، فحافظت على البناء العثماني
للمسجد الشريف، وعملت على تدعيمه وترميمه كلما دعت الحاجة إلى ذلك، وتتفقد
الحجرة الشريفة وتعمل على صيانتها بكل أدب واحترام وتعهد ذلك إلى من تثق
في دينه وأمانته، كما تحرص على رعاية وطلاء القبة الخضراء كلما انكشف
اللون نتيجة للعوامل الجوية، حتى كنا نرى ذلك التجديد يحدث سنوياً حتى
يومنا الحاضر. فجزاهم الله أحسن الجزاء.
أبواب الحجرة الشريفة:
للحجرة الشريفة – ويطلق عليها المقصورة الشريفة أيضاً – ستة أبواب كما يلي:
1) الباب الجنوبي: ويسمى باب التوبة، وعليه صفيحة فضية كتب عليها تاريخ صنعه في عام1026هـ.
2) الباب الشمالي : ويسمى باب التهجد.
3) الباب الشرقي : ويسمى باب فاطمة.
4) الباب الغربي : ويسمى باب النبي (ويعرف بباب الوفود).
5) باب على يمين المثلث داخل المقصورة.
6) باب على يسار المثلث داخل المقصورة.
وأول
من كسا الدائر المخمس (الخيزران) أم هارون الرشيد، ثم ( ابن أبي الهيجاء )
وزير مصــر ثم أرسل(المستضيء) كسوة من الديباج البنفسجي بعد سنتين. ثم
كساه الديباج الأسود الخليفة الناصر، ثم صارت ترسل الكسوة من مصر كل 6
سنوات من الديباج الأسود المزركش بالحرير الأبيض والمطرز بالذهب والفضة ثم
كساها آل عثمان من بعد ذلك وأول من جعل الستائر على الأبواب عبيد الله
الحارثي سنة 138هـ .
ويبلغ
طول ضلع السور النحاسي الخارجي للمقصورة (16) متراً لضلعيه الشمالي
والجنوبي، (15) متراً لضلعيه الشرقي والغربي وتتراوح أطول الأضلاع من
الداخل مابين (4-5-6) أمتار ويبلغ ارتفاع الحجرة ( أمتار تقريباً،
وارتفاع الدائر المخمس من أرض المسجد (7) أمتار تقريباً.
(عمارة
وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ ص 61-66؛ لناجي بن محمد حسن عبد
القادر الأنصاري، مراجعة وتقديم فضيلة الشيخ: عطية بن محمد سالم، الطبعة
الأولى 1416هـ/1996م).
وقد أكرم الله تعالى عائشة بأن جعل في حجرتها قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه (الصديق، والفاروق) رضي الله عنهما.
وتقع
هذه الحجرة الشريفة شرقي المسجد النبوي الشريف، وكان يفتح بابها على
الروضة الشريفة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعطي رأسه لعائشة رضي
الله عنها تسرحه وترجله، وهو معتكف بالمسجد.
ولما
انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى كان في حجرة عائشة،
لأنه استأذن من أمهات المؤمنين أن يُمرَّض في حجرة عائشة رضي الله عنها.
ولما
توفى النبي صلى الله عليه وسلم تبادل الصحابة الرأي في المكان الذي يدفن
فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الصديق رضي الله عنه إنه سمع
حديثاً من رسول صلى الله عليه وسلم : "إن كل نبي يدفن حيث قبض" فدفن في
هذه الحجرة وكان قبره في جنوبي الحجرة الشريفة.
وظلت
عائشة رضي الله عنها تقيم في الجزء الشمالي منها، ليس بينها وبين القبر
ساتر، فلما توفي الصديق رضي الله عنه أذنت له أن يدفن مع النبي صلى الله
عليه وسلم، فدفن خلف النبي صلى الله عليه وسلم بذراع ورأسه مقابل كتفيه
الشريفين، ولم تضع عائشة رضي الله عنها بينها وبين القبرين ساتراً، وقالت:
إنما هو زوجي وأبي. وبعد أن توفي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أذنت له
بأن يدفن مع صاحبيه، فدفن خلف الصديق بذراع، ورأسه يقابل كتفيه، فعند ذلك
جعلت عائشة رضي الله عنها ساتراً بينها وبين القبور الشريفة، لأن عمر ليس
بمحرم لها فاحترمت ذلك حتى بعد وفاته -رضي الله عنهم جميعاً.
وفاطمة رضي الله عنها فليس قبرها في الحجرة الشريفة -كما يذكر بعض المؤرخين- بل دفنت في بقيع الغرقد.
وقد
وردت آثار وأحاديث تفيد بأن الملائكة يحفون بالقبر الشريف ليلاً ونهاراً،
ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم، كما في الدارمي والبيهقي. وقد مرت
الحجرة الشريفة بالعديد من الإصلاحات والترميمات نذكرها باختصار شديد فيما
يلي:
1) في زيادة عمر بن الخطاب رضي الله عنه للمسجد النبوي الشريف عام 17 هـ أبدل بالجريد الذي كان في البيت جداراً.
2) في
زيادة الوليد بن عبد الملك عام 88-91هـ أعاد عمر بن عبدالعزيز بناء الحجرة
الشريفة بأحجار سوداء بنفس المساحة التي بني بها بيت رسول الله صلى الله
عليه وسلم، ثم بنى حول الحجرة الشريفة جداراً ذا خمسة أضلاع بصورة شكَّل
معها في المؤخرة مثلثاً حتى لا تشبه الكعبة المشرفة في بنائها.
3) في
عام 557هـ حفر الملك العادل نور الدين الشهيد، خندقاً حول الحجرة الشريفة،
وصب فيه الرصاص للحيلولة بين الجسد الشريف ومن يريد الوصول إليه.
4) وفي عام 668هـ أقام الظاهر بيبرس مقصورة خشبية ذات حواجز ولها ثلاثة أبواب.
5) وفي عام 694هـ زاد الملك العادل زين الدين كتبغا على حاجز المقصورة حتى أوصله الى سقف المسجد.
6) وفي
عام 678هـ أقام السلطان محمد بن قلاوون الصالحي قبة فوق الحجرة الشريفة
وكانت مربعة في أسفلها مثمنة في أعلاها وصفحت بألواح من الرصاص.
7) وفي عام 881هـ جدد هذه القبة الناصر حسن بن محمد بن قلاوون.
وفي عام 886هـ تأثرت القبة من جراء الحريق الثاني الذي وقع في المسجد.
9) وفي
عام 887هـ في عهد السلطان قايتباي، جدد بناء القبة ووضعت لها دعائم قوية
في أرض المسجد، وبنيت بالآجر، كما جعلت للمقصورة الشريفة نوافذ من النحاس
من جهة القبلة في أعلاها شبك من النحاس أيضاً أما في الجهات الشمالية
والشرقية والغربية فقد جعلت للمقصورة نوافذ من الحديد في أعلاها أشرطة من
النحاس وفيها 76 (طاقة).
10) وفي عام 892هـ أعيد بناء القبة مرة أخرى بالجبس الأبيض بعد أن تشقق أعلاها، وكان ذلك في عهد السلطان قايتباي أيضاً.
11) وفي
عام 1233هـ في عهد السلطان محمود بن عبد الحميد أعيد بناء القبة لآخر مرة،
حيث تشققت القبة في عهده، فأمر بهدم أعلاها وإعادة بنائه من جديد، حيث لا
تزال قائمة إلي اليوم.
12) وفي
عام 1253هـ أمر السلطان عبد الحميدالعثماني بصبغ القبة باللون الأخضر
فأصبحت القبة تعرف بعد ذلك بالقبة الخضراء، وكانت تسمى فيما سبق القبة
الزرقاء أو القبة البيضاء أو القبة الفيحاء.
وتولي
المملكة العربية السعودية منذ عهد المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود جل
اهتماماتها بالحجرة الشريفة وبالقبة الخضراء، فحافظت على البناء العثماني
للمسجد الشريف، وعملت على تدعيمه وترميمه كلما دعت الحاجة إلى ذلك، وتتفقد
الحجرة الشريفة وتعمل على صيانتها بكل أدب واحترام وتعهد ذلك إلى من تثق
في دينه وأمانته، كما تحرص على رعاية وطلاء القبة الخضراء كلما انكشف
اللون نتيجة للعوامل الجوية، حتى كنا نرى ذلك التجديد يحدث سنوياً حتى
يومنا الحاضر. فجزاهم الله أحسن الجزاء.
أبواب الحجرة الشريفة:
للحجرة الشريفة – ويطلق عليها المقصورة الشريفة أيضاً – ستة أبواب كما يلي:
1) الباب الجنوبي: ويسمى باب التوبة، وعليه صفيحة فضية كتب عليها تاريخ صنعه في عام1026هـ.
2) الباب الشمالي : ويسمى باب التهجد.
3) الباب الشرقي : ويسمى باب فاطمة.
4) الباب الغربي : ويسمى باب النبي (ويعرف بباب الوفود).
5) باب على يمين المثلث داخل المقصورة.
6) باب على يسار المثلث داخل المقصورة.
وأول
من كسا الدائر المخمس (الخيزران) أم هارون الرشيد، ثم ( ابن أبي الهيجاء )
وزير مصــر ثم أرسل(المستضيء) كسوة من الديباج البنفسجي بعد سنتين. ثم
كساه الديباج الأسود الخليفة الناصر، ثم صارت ترسل الكسوة من مصر كل 6
سنوات من الديباج الأسود المزركش بالحرير الأبيض والمطرز بالذهب والفضة ثم
كساها آل عثمان من بعد ذلك وأول من جعل الستائر على الأبواب عبيد الله
الحارثي سنة 138هـ .
ويبلغ
طول ضلع السور النحاسي الخارجي للمقصورة (16) متراً لضلعيه الشمالي
والجنوبي، (15) متراً لضلعيه الشرقي والغربي وتتراوح أطول الأضلاع من
الداخل مابين (4-5-6) أمتار ويبلغ ارتفاع الحجرة ( أمتار تقريباً،
وارتفاع الدائر المخمس من أرض المسجد (7) أمتار تقريباً.
(عمارة
وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ ص 61-66؛ لناجي بن محمد حسن عبد
القادر الأنصاري، مراجعة وتقديم فضيلة الشيخ: عطية بن محمد سالم، الطبعة
الأولى 1416هـ/1996م).
سهر الليالى- المدير العام
- عدد الرسائل : 2727
نقاط : 2028
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
الروضة الشريفة
الروضة
الشريفة هي المكان الواقع بين بيت المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو بيت
عائشة رضي الله عنها وبين المنبر الشريف، قال النبي صلى الله عليه وسلم : "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة"
وهو الذي اعتمده المؤرخون الذين أرَّخوا للمسجد النبوي الشريف، وقد وردت
عدة أقوال في تحديدها. ويبدو أن حدودها من الشرق دار عائشة رضي الله عنها،
ومن المغرب المنبر الشريف، ومن الجنوب القبلة، ومن الشمال الخط الموازي
لنهاية بيت عائشة رضي الله عنها وذلك لقول الخطيب ( فعلى هذا تسامت الروضة
حائط الحجرة من جهة الشمال، وإن لم تسامت المنبر، أو تأخذ المسامتة
مستوية)، وتقدر مساحة الروضة بـ(330م2)، (حيث يبلغ طول الروضة 22م وعرضها
15م).
والصلاة
في الروضة الشريفة أفضل من أي مكان في المسجد إلا المكتوبة فإنها في الصف
الأول ولو كان خارج الروضة بأفضل منها في الروضة، ويحرص الزائرون لمسجد
الرسول صلى الله عليه وسلم على الصلاة النافلة في الروضة الشريفة، قال ابن
القاسم "أحب مواضع الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم في النفل العمود
المخلق (أي في الروضة) وفي الفروض الصف الأول".
(عمارة
وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ ص66،68؛ لناجي بن محمد حسن عبد
القادر الأنصاري، مراجعة وتقديم فضيلة الشيخ: عطية بن محمد سالم، الطبعة
الأولى 1416هـ/1996م).
الشريفة هي المكان الواقع بين بيت المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو بيت
عائشة رضي الله عنها وبين المنبر الشريف، قال النبي صلى الله عليه وسلم : "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة"
وهو الذي اعتمده المؤرخون الذين أرَّخوا للمسجد النبوي الشريف، وقد وردت
عدة أقوال في تحديدها. ويبدو أن حدودها من الشرق دار عائشة رضي الله عنها،
ومن المغرب المنبر الشريف، ومن الجنوب القبلة، ومن الشمال الخط الموازي
لنهاية بيت عائشة رضي الله عنها وذلك لقول الخطيب ( فعلى هذا تسامت الروضة
حائط الحجرة من جهة الشمال، وإن لم تسامت المنبر، أو تأخذ المسامتة
مستوية)، وتقدر مساحة الروضة بـ(330م2)، (حيث يبلغ طول الروضة 22م وعرضها
15م).
والصلاة
في الروضة الشريفة أفضل من أي مكان في المسجد إلا المكتوبة فإنها في الصف
الأول ولو كان خارج الروضة بأفضل منها في الروضة، ويحرص الزائرون لمسجد
الرسول صلى الله عليه وسلم على الصلاة النافلة في الروضة الشريفة، قال ابن
القاسم "أحب مواضع الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم في النفل العمود
المخلق (أي في الروضة) وفي الفروض الصف الأول".
(عمارة
وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ ص66،68؛ لناجي بن محمد حسن عبد
القادر الأنصاري، مراجعة وتقديم فضيلة الشيخ: عطية بن محمد سالم، الطبعة
الأولى 1416هـ/1996م).
سهر الليالى- المدير العام
- عدد الرسائل : 2727
نقاط : 2028
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
عمارة وتوسعة المسجد النبوي
العهد الذي تمت فيه التوسعة مساحة البناء أو التوسعة
بناه النبي صلى الله عليه وسلم في السنة الأولى من الهجرة: 1050م2
توسعة النبي صلى الله عليه وسلم بعد مقدمه من خيبر سنة 7 هـ: 1425 م2
زيادة عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة 17هـ: 1100 م2
زيادة عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة 29ــ30 هـ: 496 م2
زيادة الوليد بن عبد الملك الأموي سنة 88 ــ 91 هـ: 2369 م2
زيادة المهدي العباسي سنة 161ــ165 هـ: 2450 م2
زيادة السلطان أشرف قايتباي سنة 888 هـ: 120 م2
زيادة السلطان عبدالمجيد العثماني سنة 1265ــ 1277 هـ: 1293 م2
زيادة جلالة الملك عبد العزيز سنة 1372 هـ (التوسعة السعودية الأولى): 6024 م2
زيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز (التوسعة السعوديةالثانية): 82000 م2
مساحة الساحات المحيطة بالمسجد النبوي (ضمن توسعة خادم الحرمين الشريفين): 235000 م2
أولاً: عمارة وتوسعة المسجد النبوي في العهد السعودي:
لقد
أولت حكومة المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها اهتمامها البالغ
بالحرمين الشريفين توسعة وعمارة وصيانة وتظهر العناية بالمسجد النبوي من
خلال التوسعات المتلاحقة له، ولم يمر ملك من ملوكها إلا وله يد في توسعته
وعمارته.
فقد اعتنى الملك عبدالعزيز بالمسجد النبوي عناية عظيمة
وظهرت آثارها حين زار المدينة المنورة في شعبان عام 1345هـ واطلع خلالها
على ما يحتاجه المسجد النبوي من تنظيمات إدارية وإصلاحات معمارية، واستمع
إلى اقتراحات بعض المسؤولين فيها وما يحتاج إليه المسجد في مسائل أساسية.
وجاءت أول أعمال الملك عبدالعزيز يرحمه الله عام 1348هـ لتعالج آثار التلف
التي ظهرت في هبوط أرض الأروقة المطلة على صحن المسجد من جهاته الأربع،
وسبب ذلك يعود إلى عدم تصريف مياه الأمطار التي تتجمع في صحن المسجد(1) ثم
جاء العمل الثاني في عام 1350هـ حيث أمر بإصلاح ما حصل من خلل في بعض
الأعمدة والسواري الشرقية والغربية والصحن وذلك بوضع أطواق من الحديد على
ما تلف منها. وفي 12 شعبان 1368هـ أعلن جلالة الملك عبدالعزيز في خطاب إلى
الأمة الإسلامية فيه عزمه على توسعة المسجد النبوي(2) وقد استقبل الخبر
بالرضا والاستحسان في الداخل والخارج فأجريت الدراسات اللازمة لتنفيذ
المشروع وبدأت الأعمال التمهيدية في الخامس من شهر شوال عام سبعين
وثلاثمائة وألف وتم شراء الأبنية والدور الواقعة في الجهات الثلاث الشرقية
والغربية والشمالية وأزيل من البناء القديم الجزء الشمالي من بناء السلطان
عبدالمجيد ومساحته ستة ألاف ومائتان وستة وأربعون متراً مربعاً، وأضيف
إليه مساحة جديدة تقاربها وبقي القسم الجنوبي الحالي ومساحته أربعة آلاف
متر وستة وخمسون متراً مربعاً وبذلك أصبحت مساحة المسجد النبوي بعد هذه
التوسعة ستة عشر ألفاً وخمسمائة وثمانية وأربعين متراً تقريباً(3).
وفي اليوم الثالث عشر من شهر ربيع الأول عام 1372هـ وضع ولي العهد الأمير
سعود بن عبدالعزيز حجر الأساس للعمارة والتوسعة نيابة عن والده جلالة
الملك عبدالعزيز فبديء في حفر الأساسات ثم البناء والتشييد، واكتملت
التوسعة والبناء وأقيم حفل بذلك برعاية الملك سعود بن عبدالعزيز يرحمه
الله يوم الخامس من ربيع الأول من عام خمس وسبعين وثلاثمائة وألف 1375هـ
فقام بنفسه بافتتاح مبنى التوسعة وحضرته وفود إسلامية من مختلف أنحاء
العالم الإسلامي ومن داخل المملكة وخارجها.
ومع التوسعات السابقة
إلا أن الحاجة إلى توسعته باتت أمراً ضرورياً نتيجة ازدياد أعداد الحجاج
والعمار والزوار لما وفر لهم من الأمن والاستقرار وأسباب الراحة في الحل
والترحال فأصدر الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود عام 1393هـ أمره بتوسعة
المسجد النبوي فبديء بشراء العقارات والدور والمساكن في غربي المسجد ثم
هدمت بعد نزع ملكيتها وتعويض أصحابها وأقيم عليها مظلات مقببة بمساحة تقدر
بـــ(40.500م2) أربعون ألف وخمسمائة متر مربع وجهزت بما يلزمها وهيئت
للصلاة فتوسع المسجد واستفاد منه جموع المصلين في المواسم والجمع
والأعياد.
وفي عهد الملك خالد يرحمه الله وقع حريق في المنطقة
الواقعة في الجنوب الغربي من المسجد فأزيلت الأبنية الواقعة فيها وعوض
أصحاب العقارات، وضمت إلى ساحات المسجد النبوي، وظلل منها مساحة قدرها
(43.000 م2) ثلاثة وأربعون ألف متر مربع على غرار ما تم في عهد الملك فيصل
بن عبدالعزيز آل سعود.
على أن تزايد أعداد الحجاج والمعتمرين
والزائرين في كل عام طرح الحاجة إلى توسعة المسجد فواصل الملك فهد بن
عبدالعزيز - رحمه الله -المسيرة بالعناية والاهتمام بتوسعة المسجد النبوي
وعمارته لكي يستوعب أكبر عدد من المصلين والزائرين، وتوفير كل ما يريح
الزائرين أثناء وجودهم في المسجد.
فشملت أولاً نزع ملكيات العمارات
والمباني المحيطة بالمسجد النبوي والتي لم تشملها التوسعات السابقة، ثم
مرحلة البناء والتشييد والعمارة حيث بدأ ما عرف بـ"التوسعة السعودية
الثانية" التي وضع حجر أساسها بنفسه يوم الجمعة التاسع من شهر صفر عام
1405هـ خمسة وأربعمائة وألف. وفي شهر محرم لعام 1406هـ بدأ العمل الفعلي،
تعتبر هذه التوسعة أعظم توسعة في تاريخ المسجد النبوي ليس في مساحتها
واتساعها فحسب وإنما في قوتها وجودة بنائها وتوفر الخدمات والمرافق فيها.
وهي عبارة عن مبنى ضخم يحيط العمارة السعودية الأولى من جهات ثلاث وصممت
بحيث تتناسب وتتناسق مع نظيرتها في العمارة السعودية الأولى، وتتكون من
بدروم ودور أرضي وسطح. وبلغت مساحة التوسعة للدور الأرضي فقط (82.000م2)
اثنين وثمانين ألف متر مربع، وكانت مساحة المسجد النبوي بمجموع توسعاته
السابقة (16.500م2) ستة عشر ألف وخمسمائة متر مربع، بمعنى أن هذه التوسعة
أضافت ما يقدر بخمس مرات للتوسعات السابقة، فيكون المجموع (98.500م2)
ثمانية وتسعين ألف وخمسمائة متر مربع، كما بلغت الساحات المحيطة بالمسجد
النبوي(235.000م2) مائتين وخمسة وثلاثين ألف متر مربع.
ثانياً : العناية بالبناء القديم للمسجد النبوي
حين
نفذت مشروعات التوسعات السعودية، لم تغفل حكومة المملكة العربية السعودية
البناء القديم للمسجد النبوي فقد أبقت عليه وواصلت اهتمامها به ويتمثل ذلك
بما يلي :
- الحفاظ على مظهره الجمالي وكل ما فيه.
- تجديد المحراب النبوي الشريف.
- تدعيم جميع أعمدة الروضة الشريفة وتكسيتها بالرخام الأبيض الجديد.
- تدعيم جميع أعمدة البناء القديم واستكمال قواعدها النحاسية وعمل أطواق نحاسية حولها على ارتفاع (2.5) متر من الأرض.
- تكييفه تكييفاً مركزياً.
- تغطية الواجهات الشرقية والجنوبية والغربية بالجرانيت مع رفعها إلى منسوب سطح التوسعة لينسجم والبناء السعودي في المظهر العام.
- إعادة دهانه من الداخل باللون البيج لينسجم مع المظهر الداخلي للتوسعات السعودية.
- إعادة النقوش والخطوط التي في القباب وعلى الجدران لكي تحافظ على جمالها ورونقها.
- ترميم المنارة الرئيسة ومنارة باب السلام.
- فتح باب في الزاوية الشرقية الجنوبية سنة 1408هـ وسمي باب البقيع.
- فتح باب في الرواق القبلي يدخل معه إمام المسجد، كما تدخل منه الجنائز ليصلى عليها كما يستخدم لخروج المصلين وقت الازدحام.
- تجديد دهان القبة الخضراء كلما استدعى الأمر ذلك.
- تركيب قناديل وثريات جديدة عام 1407هـ.
- الاستمرار في ترميمه وصيانته يومياً (4).
ثالثاً : تركيب مظلات في صحني المسجد النبوي
يوجد
في التوسعة السعودية الأولى صحنان واسعان مفروشان بالرمل الأحمر أو ما
يسميان بالحصوتين والقصد منهما تهوية المسجد، ويمر أثناء العام أوقات تشتد
فيها البرودة وأوقات تشتد فيها الحرارة ويتأذى بسبب ذلك المصلون أثناء
تواجدهم فيهما لذا فقد أمر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز
يرحمه الله بفرش أرضهما بالرخام البارد الذي لا يمتص حرارة الشمس ويحتفظ
بدرجة حرارة لطيفة لاتؤذي المارين ولا الجالسين عليه. ثم أمر بإقامة اثنتي
عشرة مظلة في كل صحن ست مظلات تلف وتنشر تلقائياً بارتفاع سقف المسجد يتم
فتحها لحماية المصلين من حر الشمس وحفظ برودة التكييف، وغلقها ولفها إذا
انحسرت الشمس وتلطف الجو الخارجي وهي عبارة عن شمسيات من القماش الأبيض
تغطي كل واحدة ما مساحته 18م×18م (5) .
رابعاً : أبرز المشاريع المعتمدة وجاري تنفيذها بالمسجد النبوي
أبرز
المشاريع المعتمدة للمسجد النبوي ما صدر به التوجيه الكريم من خادم
الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله أثناء زيارته
للمدينة المنورة بعد توليه الملك باعتماد استكمال الأعمال المتبقية من
مشروع توسعة المسجد النبوي بكلفة إجمالية قدرها (4.700.000.000)ريال وتشمل
على ما يلي:
أ) تركيب 182 مظلة تغطي جميع ساحات المسجد النبوي:
وذلك لوقاية المصلين والزائرين من وهج الشمس ومخاطر الأمطار خاصة حوادث
الانزلاق جراء هطول الأمطار وتكون هذه المظلات مجهزة بأنظمة لتصريف السيول
وبالإنارة وتفتح آلياً عند الحاجة، وتغطي المظلة الواحدة 576 متراً مربعاً
وسوف يستفيد منها عند انتهائها أكثر من 200.000 مصل.
ب) تنفيذ الساحة الشرقية للمسجد النبوي الشريف:
وتبلغ مساحتها 37.000 متر مربع وستستوعب عند انتهائها أكثر من 70.000 مصل
وسينفذ تحتها مواقف للسيارات والحافلات تستوعب 420 سيارة وكذلك 70 حافلة
كبيرة (باصات كبيرة) كما تشمل الأعمال المنفذة تنفيذ دورات مياه مخصص
معظمها للنساء ومواقف مخصصة لتحميل وإنزال الركاب من الحافلات والسيارات.
ج)تنفيذ مداخل ومخارج مواقف السيارات بالمسجد النبوي:
ويشمل ذلك تنفيذ ثلاثة أنفاق لربط مواقف السيارات بطريق الملك فيصل(الدائري الأول).
إحصاءات عن المسجد النبوي
1 – المـــــــــــــآذن
البناء القديم والتوسعة السعودية الأولى: (4) مـــآذن
توسعة خادم الحرمين الشريفين: (6) مـــآذن
المجموع: (10) مــــآذن
2 – عدد السلالم
السلالم العادية: (18) سلماً
السلالم الكهربائية: (6) سلماً
المجموع: (24) سلماً
3- مساحة المسجد وطاقته الاستيعابية
الموقع المساحة عدد المصلين
الطابق الأرضي للمسجد: 98.500م2 167.000 مصل
المساحة المخصصة للصلاة في سطح التوسعة الجديدة: 67.000م2 90.000مصل
الساحات المحيطة بالمسجد: 235.000م2 450.000مصل
المجموع: 400.500م2 707.000مصل
الطاقة الاستيعابية في أوقات الذروة: مليون مصل ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)انظر : آثار المدينة المنورة عبدالقدوس الأنصاري ( ص 103 ) توسعة
المسجد النبوي الشريف في العهد السعودي الزاهر، د0 محمد هزاع الشهري ( ص
825 ) بحث منشور في مجلة جامعة أو القرى العدد (23).
(2) نشر الخطاب في جريدة المدينة العدد ( 301 ) في 5/9/1368هـ وحمل الخطاب رقم 27/4/2/378 وتاريخ 12/8/1368هـ.
(3)انظر : آثار المدينة المنورة. عبدالقدوس الأنصاري ( ص 108 _ 113 ).
المدينة المنورة تطورها العمراني وتراثها المعماري ( ص 99 _ 101 )، تاريخ
معالم المدينة المنورة قديما وحديثا ( ص 77، 78 ).
(4) تاريخ المسجد النبوي. محمد اليأس ( ص 99، 100 ).
(5) انظر : المسجد النبوي عبر التاريخ ص190. والحرمان الشريفان التوسعة والخدمات خلال مائة عام ص113.
بناه النبي صلى الله عليه وسلم في السنة الأولى من الهجرة: 1050م2
توسعة النبي صلى الله عليه وسلم بعد مقدمه من خيبر سنة 7 هـ: 1425 م2
زيادة عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة 17هـ: 1100 م2
زيادة عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة 29ــ30 هـ: 496 م2
زيادة الوليد بن عبد الملك الأموي سنة 88 ــ 91 هـ: 2369 م2
زيادة المهدي العباسي سنة 161ــ165 هـ: 2450 م2
زيادة السلطان أشرف قايتباي سنة 888 هـ: 120 م2
زيادة السلطان عبدالمجيد العثماني سنة 1265ــ 1277 هـ: 1293 م2
زيادة جلالة الملك عبد العزيز سنة 1372 هـ (التوسعة السعودية الأولى): 6024 م2
زيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز (التوسعة السعوديةالثانية): 82000 م2
مساحة الساحات المحيطة بالمسجد النبوي (ضمن توسعة خادم الحرمين الشريفين): 235000 م2
أولاً: عمارة وتوسعة المسجد النبوي في العهد السعودي:
لقد
أولت حكومة المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها اهتمامها البالغ
بالحرمين الشريفين توسعة وعمارة وصيانة وتظهر العناية بالمسجد النبوي من
خلال التوسعات المتلاحقة له، ولم يمر ملك من ملوكها إلا وله يد في توسعته
وعمارته.
فقد اعتنى الملك عبدالعزيز بالمسجد النبوي عناية عظيمة
وظهرت آثارها حين زار المدينة المنورة في شعبان عام 1345هـ واطلع خلالها
على ما يحتاجه المسجد النبوي من تنظيمات إدارية وإصلاحات معمارية، واستمع
إلى اقتراحات بعض المسؤولين فيها وما يحتاج إليه المسجد في مسائل أساسية.
وجاءت أول أعمال الملك عبدالعزيز يرحمه الله عام 1348هـ لتعالج آثار التلف
التي ظهرت في هبوط أرض الأروقة المطلة على صحن المسجد من جهاته الأربع،
وسبب ذلك يعود إلى عدم تصريف مياه الأمطار التي تتجمع في صحن المسجد(1) ثم
جاء العمل الثاني في عام 1350هـ حيث أمر بإصلاح ما حصل من خلل في بعض
الأعمدة والسواري الشرقية والغربية والصحن وذلك بوضع أطواق من الحديد على
ما تلف منها. وفي 12 شعبان 1368هـ أعلن جلالة الملك عبدالعزيز في خطاب إلى
الأمة الإسلامية فيه عزمه على توسعة المسجد النبوي(2) وقد استقبل الخبر
بالرضا والاستحسان في الداخل والخارج فأجريت الدراسات اللازمة لتنفيذ
المشروع وبدأت الأعمال التمهيدية في الخامس من شهر شوال عام سبعين
وثلاثمائة وألف وتم شراء الأبنية والدور الواقعة في الجهات الثلاث الشرقية
والغربية والشمالية وأزيل من البناء القديم الجزء الشمالي من بناء السلطان
عبدالمجيد ومساحته ستة ألاف ومائتان وستة وأربعون متراً مربعاً، وأضيف
إليه مساحة جديدة تقاربها وبقي القسم الجنوبي الحالي ومساحته أربعة آلاف
متر وستة وخمسون متراً مربعاً وبذلك أصبحت مساحة المسجد النبوي بعد هذه
التوسعة ستة عشر ألفاً وخمسمائة وثمانية وأربعين متراً تقريباً(3).
وفي اليوم الثالث عشر من شهر ربيع الأول عام 1372هـ وضع ولي العهد الأمير
سعود بن عبدالعزيز حجر الأساس للعمارة والتوسعة نيابة عن والده جلالة
الملك عبدالعزيز فبديء في حفر الأساسات ثم البناء والتشييد، واكتملت
التوسعة والبناء وأقيم حفل بذلك برعاية الملك سعود بن عبدالعزيز يرحمه
الله يوم الخامس من ربيع الأول من عام خمس وسبعين وثلاثمائة وألف 1375هـ
فقام بنفسه بافتتاح مبنى التوسعة وحضرته وفود إسلامية من مختلف أنحاء
العالم الإسلامي ومن داخل المملكة وخارجها.
ومع التوسعات السابقة
إلا أن الحاجة إلى توسعته باتت أمراً ضرورياً نتيجة ازدياد أعداد الحجاج
والعمار والزوار لما وفر لهم من الأمن والاستقرار وأسباب الراحة في الحل
والترحال فأصدر الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود عام 1393هـ أمره بتوسعة
المسجد النبوي فبديء بشراء العقارات والدور والمساكن في غربي المسجد ثم
هدمت بعد نزع ملكيتها وتعويض أصحابها وأقيم عليها مظلات مقببة بمساحة تقدر
بـــ(40.500م2) أربعون ألف وخمسمائة متر مربع وجهزت بما يلزمها وهيئت
للصلاة فتوسع المسجد واستفاد منه جموع المصلين في المواسم والجمع
والأعياد.
وفي عهد الملك خالد يرحمه الله وقع حريق في المنطقة
الواقعة في الجنوب الغربي من المسجد فأزيلت الأبنية الواقعة فيها وعوض
أصحاب العقارات، وضمت إلى ساحات المسجد النبوي، وظلل منها مساحة قدرها
(43.000 م2) ثلاثة وأربعون ألف متر مربع على غرار ما تم في عهد الملك فيصل
بن عبدالعزيز آل سعود.
على أن تزايد أعداد الحجاج والمعتمرين
والزائرين في كل عام طرح الحاجة إلى توسعة المسجد فواصل الملك فهد بن
عبدالعزيز - رحمه الله -المسيرة بالعناية والاهتمام بتوسعة المسجد النبوي
وعمارته لكي يستوعب أكبر عدد من المصلين والزائرين، وتوفير كل ما يريح
الزائرين أثناء وجودهم في المسجد.
فشملت أولاً نزع ملكيات العمارات
والمباني المحيطة بالمسجد النبوي والتي لم تشملها التوسعات السابقة، ثم
مرحلة البناء والتشييد والعمارة حيث بدأ ما عرف بـ"التوسعة السعودية
الثانية" التي وضع حجر أساسها بنفسه يوم الجمعة التاسع من شهر صفر عام
1405هـ خمسة وأربعمائة وألف. وفي شهر محرم لعام 1406هـ بدأ العمل الفعلي،
تعتبر هذه التوسعة أعظم توسعة في تاريخ المسجد النبوي ليس في مساحتها
واتساعها فحسب وإنما في قوتها وجودة بنائها وتوفر الخدمات والمرافق فيها.
وهي عبارة عن مبنى ضخم يحيط العمارة السعودية الأولى من جهات ثلاث وصممت
بحيث تتناسب وتتناسق مع نظيرتها في العمارة السعودية الأولى، وتتكون من
بدروم ودور أرضي وسطح. وبلغت مساحة التوسعة للدور الأرضي فقط (82.000م2)
اثنين وثمانين ألف متر مربع، وكانت مساحة المسجد النبوي بمجموع توسعاته
السابقة (16.500م2) ستة عشر ألف وخمسمائة متر مربع، بمعنى أن هذه التوسعة
أضافت ما يقدر بخمس مرات للتوسعات السابقة، فيكون المجموع (98.500م2)
ثمانية وتسعين ألف وخمسمائة متر مربع، كما بلغت الساحات المحيطة بالمسجد
النبوي(235.000م2) مائتين وخمسة وثلاثين ألف متر مربع.
ثانياً : العناية بالبناء القديم للمسجد النبوي
حين
نفذت مشروعات التوسعات السعودية، لم تغفل حكومة المملكة العربية السعودية
البناء القديم للمسجد النبوي فقد أبقت عليه وواصلت اهتمامها به ويتمثل ذلك
بما يلي :
- الحفاظ على مظهره الجمالي وكل ما فيه.
- تجديد المحراب النبوي الشريف.
- تدعيم جميع أعمدة الروضة الشريفة وتكسيتها بالرخام الأبيض الجديد.
- تدعيم جميع أعمدة البناء القديم واستكمال قواعدها النحاسية وعمل أطواق نحاسية حولها على ارتفاع (2.5) متر من الأرض.
- تكييفه تكييفاً مركزياً.
- تغطية الواجهات الشرقية والجنوبية والغربية بالجرانيت مع رفعها إلى منسوب سطح التوسعة لينسجم والبناء السعودي في المظهر العام.
- إعادة دهانه من الداخل باللون البيج لينسجم مع المظهر الداخلي للتوسعات السعودية.
- إعادة النقوش والخطوط التي في القباب وعلى الجدران لكي تحافظ على جمالها ورونقها.
- ترميم المنارة الرئيسة ومنارة باب السلام.
- فتح باب في الزاوية الشرقية الجنوبية سنة 1408هـ وسمي باب البقيع.
- فتح باب في الرواق القبلي يدخل معه إمام المسجد، كما تدخل منه الجنائز ليصلى عليها كما يستخدم لخروج المصلين وقت الازدحام.
- تجديد دهان القبة الخضراء كلما استدعى الأمر ذلك.
- تركيب قناديل وثريات جديدة عام 1407هـ.
- الاستمرار في ترميمه وصيانته يومياً (4).
ثالثاً : تركيب مظلات في صحني المسجد النبوي
يوجد
في التوسعة السعودية الأولى صحنان واسعان مفروشان بالرمل الأحمر أو ما
يسميان بالحصوتين والقصد منهما تهوية المسجد، ويمر أثناء العام أوقات تشتد
فيها البرودة وأوقات تشتد فيها الحرارة ويتأذى بسبب ذلك المصلون أثناء
تواجدهم فيهما لذا فقد أمر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز
يرحمه الله بفرش أرضهما بالرخام البارد الذي لا يمتص حرارة الشمس ويحتفظ
بدرجة حرارة لطيفة لاتؤذي المارين ولا الجالسين عليه. ثم أمر بإقامة اثنتي
عشرة مظلة في كل صحن ست مظلات تلف وتنشر تلقائياً بارتفاع سقف المسجد يتم
فتحها لحماية المصلين من حر الشمس وحفظ برودة التكييف، وغلقها ولفها إذا
انحسرت الشمس وتلطف الجو الخارجي وهي عبارة عن شمسيات من القماش الأبيض
تغطي كل واحدة ما مساحته 18م×18م (5) .
رابعاً : أبرز المشاريع المعتمدة وجاري تنفيذها بالمسجد النبوي
أبرز
المشاريع المعتمدة للمسجد النبوي ما صدر به التوجيه الكريم من خادم
الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله أثناء زيارته
للمدينة المنورة بعد توليه الملك باعتماد استكمال الأعمال المتبقية من
مشروع توسعة المسجد النبوي بكلفة إجمالية قدرها (4.700.000.000)ريال وتشمل
على ما يلي:
أ) تركيب 182 مظلة تغطي جميع ساحات المسجد النبوي:
وذلك لوقاية المصلين والزائرين من وهج الشمس ومخاطر الأمطار خاصة حوادث
الانزلاق جراء هطول الأمطار وتكون هذه المظلات مجهزة بأنظمة لتصريف السيول
وبالإنارة وتفتح آلياً عند الحاجة، وتغطي المظلة الواحدة 576 متراً مربعاً
وسوف يستفيد منها عند انتهائها أكثر من 200.000 مصل.
ب) تنفيذ الساحة الشرقية للمسجد النبوي الشريف:
وتبلغ مساحتها 37.000 متر مربع وستستوعب عند انتهائها أكثر من 70.000 مصل
وسينفذ تحتها مواقف للسيارات والحافلات تستوعب 420 سيارة وكذلك 70 حافلة
كبيرة (باصات كبيرة) كما تشمل الأعمال المنفذة تنفيذ دورات مياه مخصص
معظمها للنساء ومواقف مخصصة لتحميل وإنزال الركاب من الحافلات والسيارات.
ج)تنفيذ مداخل ومخارج مواقف السيارات بالمسجد النبوي:
ويشمل ذلك تنفيذ ثلاثة أنفاق لربط مواقف السيارات بطريق الملك فيصل(الدائري الأول).
إحصاءات عن المسجد النبوي
1 – المـــــــــــــآذن
البناء القديم والتوسعة السعودية الأولى: (4) مـــآذن
توسعة خادم الحرمين الشريفين: (6) مـــآذن
المجموع: (10) مــــآذن
2 – عدد السلالم
السلالم العادية: (18) سلماً
السلالم الكهربائية: (6) سلماً
المجموع: (24) سلماً
3- مساحة المسجد وطاقته الاستيعابية
الموقع المساحة عدد المصلين
الطابق الأرضي للمسجد: 98.500م2 167.000 مصل
المساحة المخصصة للصلاة في سطح التوسعة الجديدة: 67.000م2 90.000مصل
الساحات المحيطة بالمسجد: 235.000م2 450.000مصل
المجموع: 400.500م2 707.000مصل
الطاقة الاستيعابية في أوقات الذروة: مليون مصل ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)انظر : آثار المدينة المنورة عبدالقدوس الأنصاري ( ص 103 ) توسعة
المسجد النبوي الشريف في العهد السعودي الزاهر، د0 محمد هزاع الشهري ( ص
825 ) بحث منشور في مجلة جامعة أو القرى العدد (23).
(2) نشر الخطاب في جريدة المدينة العدد ( 301 ) في 5/9/1368هـ وحمل الخطاب رقم 27/4/2/378 وتاريخ 12/8/1368هـ.
(3)انظر : آثار المدينة المنورة. عبدالقدوس الأنصاري ( ص 108 _ 113 ).
المدينة المنورة تطورها العمراني وتراثها المعماري ( ص 99 _ 101 )، تاريخ
معالم المدينة المنورة قديما وحديثا ( ص 77، 78 ).
(4) تاريخ المسجد النبوي. محمد اليأس ( ص 99، 100 ).
(5) انظر : المسجد النبوي عبر التاريخ ص190. والحرمان الشريفان التوسعة والخدمات خلال مائة عام ص113.
سهر الليالى- المدير العام
- عدد الرسائل : 2727
نقاط : 2028
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
فضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفضل بنائه وتوسعته
قال الله تعالى ((( لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه))) وهذا يشمل مسجده صلى الله عليه وسلم ومسجد قباء كما أشار إلى ذلك الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى وقال صلى الله عليه وسلم ((من جاء مسجدي هذا لم يأته إلا لخير يتعلمه أو يعلمه فهو بمنزلة المجاهد في سبيل الله ومن جاءه لغير ذلك فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره)) رواه الإمام أحمد وابن ماجه ، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه ((صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام)) وقال صلى الله عليه وسلم ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى)) رواه البخاري ومسلم وغيرهما أجل أنه مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم اختار مكانه بنفسه وأمر ببنائه وشارك في البناء بيديه الكريمتين صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم وصلى فيه الصحابة الكرام والتابعون لهم بإحسان ، مكان فاضل في أصله فاضل في ثواب الأعمال فيه.
سهر الليالى- المدير العام
- عدد الرسائل : 2727
نقاط : 2028
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
وسائل الدعوة
الدعوة إلى الله تعالى في المسجد النبوي عبر التاريخ
بعدما أذن الله لنبيه صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة المنورة كان من
.أول أعماله بناء المسجد النبوي
هذا المسجد الذي أصبح مركز الدعوة إلى الله عز وجل ..مركز العلم والتعليم ..مركز
.الفتيا..مركز العبادة ..مركز القضاء..مركز تجهيز الدعاة والجيوش وانطلاقها للدعوة إلى الله تعالى
فالقرآن الكريم أقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد النبوي. سمعه الصحابة الكرام من
رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلقوه عنه وقرؤوه عليه صلى الله عليه وسلم وأقرؤه من بعدهم من
التابعين، وهكذا إلى يومنا هذا والقرآن الكريم يقرأ ويتلقى في المسجد النبوي. كما بينه صلى الله عليه
وسلم لصحابته في مجالسه في هذا المسجد وفي غيره، وهم ـ رضوان الله عليهم ـ نقلوا بيانه وفسروا
معانيه لمن بعدهم من التابعين وهكذا.. كما تلقى الصحابة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقواله
وأفعاله وتقريراته، وأخذه بعضهم عن بعض ثم أخذه التابعون عن الصحابة ثم تابعو التابعين عن التابعين
حتى دون في الكتب المشتهرة وأصبح يقرأ منها ويتلقاه الأواخر عن الأوائل .. كما كان المسجد النبوي
.مقراً للقيادة وإدارة شؤون المجتمع. والمرجع في هذه المرحلة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم
فكان مَنْ في المدينة والقريبون منها ينعمـون برؤية رسـول الله صلى الله عليه وسلم والاستماع منه
صلى الله عليه وسلم مباشرة وسؤاله عما يستجد من وقائع لدى أفـراد المسلمين، وكانت الدعوة
.تتجددوتنزلُ الأحكام بحسب الوقائع. كما كانت تنطلق منه الجيوش الإسلامية لنشر الإسلام والدعوة إليه
:ونستطيع أن نُجمل وسائل الدعوة إلى الله في بدايتها فيما يلي
.التعليم
بناء الشخصية المسلمة وتثبيت الإيمان في نفوس المسلمين بما يشاهدونه من تنزل الوحي والمعجزات
التي يجريها الله عز وجل على يد النبي صلى الله عليه وسلم لبناء الجيل
الذي سيتحمل أعباء الدعوة إلى الله بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم
:إدارة الدولة الإسلامية داخل المدينة وخارجها،ومما حدث في تلك الفترة
.مكاتبة الملوك وأصحاب السلطان لدعوتهم للإسلام
. إرسال الرسل لتعليم الإسلام للمسلمين الجدد، أو القوم الذين أسلم بعضهم ويرجى إسلام بقيتهم
. دعوة غير المسلمين عامة للدخول في دين الله سبحانه وتعالى
استقبال الوفود والأعراب القادمين من خارج المدينـة وتعليمهم دين الإسلام والإجابة على
أسئلتهم
. تجهيز الجيوش لنشر الإسلام والدعوة إلى الله عز وجل
وبعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم استمرَّ دورُ المسجد النبوي في الدعوة إلى الله في عهد
الخلفاء الراشدين كما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا أنه لما اتسعت رقعة الدولة
الإسلامية وكثرت الأعباء اضطر الولاة إلى إنشاء دواوين خارج نطاق المسجد مع بقاء الوسائل
.الدعوية الأساس: كتعليم الناس القرآن الكريم وتعليمهم سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم
وسائل الدعوة إلى الله تعالى في المسجد النبوي في الوقت الحاضر
الوسيلة الأولى
حلقات تعليم القرآن الكريم بالمسجد النبوي
:حلقات الإقراء
وهي
الحلقات التي يتم فيها عرض القرآن الكريم كاملا من الطالب الذي أتم حفظ
القرآن الكريم مسبقاً على أحدالمدرسين ويحصل عند ختمه للقرآن الكريم على
إجازة السَّنَد بالقرآن الكريم والمتصلة بالتلقي إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم
:حلقات تصحيح التلاوة
وهي الحلقات التي تعقد لتدارس القرآن الكريم من فاتحته إلى خاتمته مع شرح لأحكام التجويد
.وتصحيح للقراءة
:حلقات تحفيظ القرآن الكريم: وتنقسم هذه الحلقات إلى قسمين
. أ ـ حلقات تحفيظ القرآن الكريم التابعة لجمعية تحفيظ القرآن الكريم بالمسجد النبوي
. ب ـ حلقات تحفيظ القرآن الكريم التابعة لوكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي
الوسيلة الثانية:حلقات الدروس العلمية
. الدروس العامة
: دروس المواسم
( موسم الحج ) ( شهر رمضان )
أنواع الدروس التي تقدم في المسجد النبوي
. دروس التفسير
. دروس الحديث
. دروس الفقه
. دروس العقيدة
.دروس في كتب متفرقة
الوسيلة الثالثة: فرع معهد الحرم المكي بالمسجد النبوي
افتتح مؤخراً بالمسجد النبوي (فرع لمعهد الحرم المكي بالمسجد النبوي) ليؤدي رسالتَه ويُخَرِّج طُلاب
علم يشاركون إخوانهم الآخرين الدعوة إلى الله تعالى بعد تلقيهم هذه العلوم في المكان الذي انطلقت منه
. الدعوة إلى الله عز وجل لتنير للبشرية الطريق
الوسيلة الرابعة:الخطب المنبرية
تتنوع الخطب المنبرية بالمسجد النبوي حسب الوقت والزمن والحاجة فهناك
.خطب تناولت جانب العقيدة
وخطب تحدثت عن جانب العبادات.
وخطب عن القضايا الاجتماعية.
وخطب وعظية ... وغيرها، وكلها مسجلة وموجودة في المكتبة الصوتية وتسجل لمن يطلبها.
الوسيلة الخامسة:المكتبة المقروءة
تعتبر مكتبة المسجد النبوي من أهم وسائل الدعوة إلى الله تعالى في المسجد النبوي لما تحويه قاعاتها
. من أمهات الكتب الشرعية النافعة والتي بلغت أكثر من (62000) مجلد
(ويوجد قسم خاص بالمخطوطات والذي تبلـغ محتوياته حوالي (700) مخطوط أصلي مفرد و(208
مجاميع خطية أصلية تتراوح عدد الرسائل فيها من (2) إلى (55) رسالة، و(2400) مخطوطـا
مفردا مصورا، وعدد(400) مصورات مجاميع يتراوح عدد الرسائل فيها من (2) إلى (52) رسالة،
.وبالقسم (757) ما يكروفيلما
الوسيلة السادسة: هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمسجد النبوي
: من خدماتها
. توجيه الزوار إلى أداء عباداتهم بالطرق الشرعية الصحيحة
منع
المخالفات الشرعية التي قد تحدث من بعض الزوار عند زيارة المسجد النبوي أو
قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما جهلاً منهم بالأحكام
الشرعية.
مراقبة ضعاف النفوس ومنع ما قد يصدر منهم من تصرفات مخلة بالآداب، أو ما يسبب إيذاء
.لزوار مسجد المصطفى صلى الله عليه وسلم
. مراقبة الأطفال ومنعهم من اللعب والعبث في المسجد
منع التزاحم بين الرجال والنساء. وإرشاد النساء إلى الأماكن المخصصة لهن ومنع الرجال من
.الاختلاط بهن
. توزيع الكتيبات والنشرات والأشرطة الدعوية على زوار المسجد النبوي
. تعيين عدد من المترجمين في المواسم، ليتم توجيه الزوار من مختلف الجنسيات بلغاتهم
الوسيلة السابعة:توزيع المصاحف
في كل عام يصدر أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله بتزويد المسجد النبوي بالمصاحف
المتنوعة والترجمات المختلفة من مجمع الملك فهد لطباعة المصحف
. الشريف. ويتم توزيعها في أنحاء المسجد بشكل منتظم
وتقوم وكالة الرئاسة بتنظيم توزيع المصاحف التي يتم الاستغناء عنها حيث وضعت تنظيما لذلك يتم
.بموجبه توزيع المصاحف على المساجد المحتاجة سواء كانت داخل المملكة أو خارجها
كما تسهم الوكالة بمراجعة جميـع طبعات المصاحف التي توجد في المسجد النبوي وتكون ـ من
. إهداء الزوار ـ من حيث صحة الطبع الموافق للرسم العثماني
الوسيلة الثامنة:توزيع الكتب والكتيبات والأشرطة
حرصت وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي على توزيع الكتب والكتيبات التي تبصر
المسلمين بأمور دينهم وعباداتهم وزيارتهم للمسجد النبوي حيث تعد من أهم الوسائل التي تعين على
.ذلك، لبقائها مع الزائر كل وقته ويستفيد منها في بلده
الوسيلة التاسعة:النشرات والتوجيهات
تقوم وكالة الرئاسة العامة بإصدار نشرات توجيهية بموضوعات مختلفة يتم توزيعها على زوار مسجد
.النبي صلى الله عليه وسلم في مناسبات مختلفة
الوسيلة العاشرة: الإفتاء والإرشاد
توجد هواتف في مداخل المسجد النبوي وأنحاء أخرى متفرقة وربطت جميعها بهاتف قسم الإفتاء
.والإرشاد للإجابة على أسئلة زوار المسجد النبوي
الوسيلة الحادية عشرة: الدورات التدريبية
تعقد دورات تأهيلية وتثقيفية للعاملين بوكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي للرفع من مستواهم
علمياً وعملياً وتأهيلهم بالعلم الشرعي وتنمية مهاراتهم في أدب التعامل وضبط النفس والسلوك الحميد
مع الزوار والمصلين ، وتعقد هذه الدورات العلمية في المسجد النبوي وتكون على شكل محاضرات
ودروس يشترك في إلقائها نخبة من أهل العلم.وتعتبر هذه الدورات من الوسائل المساعدة على الدعوة
إلى الله فكلما كان الداعي على علم وبصيرة كان أقدر على الدعوة إلى الله سبحانه ممن هو أقل منه
.معرفة
الوسيلة الثالثة عشرة: تقنية المعلومات بمكتبة المسجد النبوي نظرا لرغبة كثير من الزوار في الحصول على الدروس والخطــب والتلاوات من خلال الحاسب
الآلي فقد تم تحويل معظم الدروس والخطب والتلاوات المتوفرة بالمكتبة الصوتية على أشرطة كاسيت
إلى الحاسب الآلي. كما تم إدخال .أكثر من سبعة آلاف مجلد من الكتب على شكل نصوص يمكن
.للباحثين الاستعلام والبحث من خلالها
سهر الليالى- المدير العام
- عدد الرسائل : 2727
نقاط : 2028
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
رد: المسجد النبوي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
بارك الله فيك وجزاك خيرا إن شاء الله
سمير- عضو ذهبى
- عدد الرسائل : 651
نقاط : 838
تاريخ التسجيل : 16/11/2008
رد: المسجد النبوي
مشكورة كتير
معلومة جديدة ومفيدة
جزاك الله خيرا
وتقبلى مرورى
معلومة جديدة ومفيدة
جزاك الله خيرا
وتقبلى مرورى
koko- عضو ذهبى
- عدد الرسائل : 594
نقاط : 758
تاريخ التسجيل : 25/09/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء ديسمبر 03, 2013 9:57 pm من طرف seif
» البيجامات الشتويه
الخميس نوفمبر 14, 2013 1:44 pm من طرف نفيسة النكادي
» تعالوا نتعلم التطريز خطوة بخطوة../ غرزة الظل
الثلاثاء أكتوبر 01, 2013 12:24 pm من طرف الوفاء اخلاص
» فيديو.. لحظة إطلاق الإخوان الخرطوش علي متظاهري الإسكندرية - See more at: http://almogaz.com/news/politics/2013/06/29/981646#sthash.LM2ITjLz.dpuf
السبت يونيو 29, 2013 11:41 am من طرف ashraf
» عاجل| أجهزة الأمن تلقي القبض على 6 مسلحين من التيار الإسلامي بالإسكندرية والقاهرة والدقهلية - See more at: http://almogaz.com/news/politics/2013/06/28/980720#sthash.7YiLhZQE.dpuf
الجمعة يونيو 28, 2013 6:57 pm من طرف ashraf
» عودة القناصة بالآلي حول مقر الإخوان بالإسكندرية
الجمعة يونيو 28, 2013 6:55 pm من طرف ashraf
» عودة القناصة بالآلي حول مقر الإخوان بالإسكندرية
الجمعة يونيو 28, 2013 6:43 pm من طرف ashraf
» تحميل برنامج خاشع المؤذن للجوال نوكيا n73 - n95 - n70
الإثنين ديسمبر 10, 2012 9:55 am من طرف waleedclim
» الديكور الخارجي والحدائق ...
الخميس نوفمبر 15, 2012 1:17 pm من طرف steam84