بحـث
المواضيع الأخيرة
الجزء الثالث المنتظر من فيلم الكوميديا والرومانسية "عمر وسلمى 3 " للنجم تامر حسني ومي عزالدين بحجم 466 ميجا
الإثنين فبراير 13, 2012 8:50 pm من طرف smsm
[size=21]فيلم[/size]
عمر و سلمى 3
SCR
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
كالعادة وزي ما عودناكم وبعد عرضه مباشرة
باعلى صوت وصورة
[size=12]الجزء ده كوميدي جدا وحلو اوووي
انصح الجميع بمشاهدته
[/size]
ملحوظة : الفيلم كامل من اول دقيقة لحد اخر دقيقة ومدته
1 ساعة و 36 دقيقة
قصة …
عمر و سلمى 3
SCR
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
كالعادة وزي ما عودناكم وبعد عرضه مباشرة
باعلى صوت وصورة
[size=12]الجزء ده كوميدي جدا وحلو اوووي
انصح الجميع بمشاهدته
[/size]
ملحوظة : الفيلم كامل من اول دقيقة لحد اخر دقيقة ومدته
1 ساعة و 36 دقيقة
قصة …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
فيلم الكوميديا " بنات العم " بطولة ثلاثي الضحك ابطال فيلم "سمير وشهير وبهير" بحجم 437 ميجا على اكثر من سيرفر
الإثنين فبراير 13, 2012 8:26 pm من طرف كامل
[size=21]فيلم[/size]
بنات العم
DVDSCR
في الوقت الي كل الناس لسة بترفع فيه اعلان الفيلم
جبنالكم الفيلم كامل من اول ثانية لاخر تتر
( الفيلم ده بجد ضحك للركب )
EnJoy
قصة الفيلم
الحديث عن اللعنات
التي تصيب الإنسان كثيرة وغريبة واغربها ما حدث بفيلم (بنات العم) حيث
ثلاث صديقات تصبهن لعنة غريبة فيتحولن إلى رجال....وبين الصدمة والوعي
يحاولن طوال احداث الفيلم فك …
بنات العم
DVDSCR
في الوقت الي كل الناس لسة بترفع فيه اعلان الفيلم
جبنالكم الفيلم كامل من اول ثانية لاخر تتر
( الفيلم ده بجد ضحك للركب )
EnJoy
قصة الفيلم
الحديث عن اللعنات
التي تصيب الإنسان كثيرة وغريبة واغربها ما حدث بفيلم (بنات العم) حيث
ثلاث صديقات تصبهن لعنة غريبة فيتحولن إلى رجال....وبين الصدمة والوعي
يحاولن طوال احداث الفيلم فك …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
بإنفراد تام أسطورة الكوميديا عادل إمام فى فيلم العيد وقبل العيد زهايمير بجودة خرافية وتحميل مباشر على أكثر من سيرفر
الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 11:40 am من طرف ashraf
فيلم العيد
بجودة روووعـــة
ولن تجدها الا هنا وفقطـــ
عادل امام
فى
زهايمــــــــــر
NEAR DVD
الفيلم كامل من البداية للنهايــة ...
والصورة ثابتة وكاملة طوال الفيلم ,,,
والصوت واضح وكويس ..
فيما عدا اول دقيقة فقط لخلل الصوت داخل السينما نفسها
PosTer
بجودة روووعـــة
ولن تجدها الا هنا وفقطـــ
عادل امام
فى
زهايمــــــــــر
NEAR DVD
الفيلم كامل من البداية للنهايــة ...
والصورة ثابتة وكاملة طوال الفيلم ,,,
والصوت واضح وكويس ..
فيما عدا اول دقيقة فقط لخلل الصوت داخل السينما نفسها
PosTer
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 1
الفيلم الكوميدى الديكتاتور - نسخة فيديو سي دي فقط 236ميجا - على عدة سيرفرات
الجمعة أكتوبر 22, 2010 5:16 pm من طرف العنتيل
قصه الفيلم
تدور أحداث فيلم الديكتاتور في إطار سياسي ساخر, حول حاكم يبطش بمن يرفض أو يعترض على أوامره, يخشاه الجميع بسبب دكتاتوريته الشديدة .
تدور بينه و بين أبنائه التوأم العديد من المواقف و الأحداث التي تتناول أزمات المواطن العادي إلى أن تحدث مفاجأة عنيفة تقلب الأمور رأسا على عقب
بطوله
خالد سرحان - حسن حسنى
مايا نصرى - عزت ابو عوف
ادوارد - …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 1
مجموعة من اقوي افلام نجم الكوميديا الرائع محمد هنيدي ( 12 فيلم ) نسخ DvDRip على اكثر من سيرفر ..
الأربعاء أكتوبر 20, 2010 11:06 am من طرف tete
مجموعة من اقوي افلام نجم الكوميديا الرائع محمد هنيدي 12 فيلم
- - - - - - - -
اسماعيلية رايح جاي
RapidShare
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
________________________
sendspace
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
…
- - - - - - - -
اسماعيلية رايح جاي
RapidShare
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
________________________
sendspace
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
…
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 1
فيلم العيد :: الرجل الغامض بسلامته :: CaM H.Q :: جودة عالية Rmvb :: نسختين 300 ميجا + 700 ميجا :: تحميل مباشر وعلى أكثر من سيرفر
الأربعاء سبتمبر 29, 2010 3:42 pm من طرف tete
فيلم العيد
# الرجل الغامض بسلامته #
القصة
شاب ( هاني رمزي) لا يجد مجال للوصول إلى النجاح إلا عن طريق ممارسة الكذب ، حيث يعتبر أن الكذب هو خير وسيلة للنجاح.
ورغم عمله كموظف في القطاع الخاص إلا أنه يراسل عدداً من الجهات الحكومية يطالبها بحل عدد من الأزمات العامة - مثل الرغيف والبطالة وأزمة الإسكان - وعندما تحدث المفاجأة و يصبح مشهوراً …
# الرجل الغامض بسلامته #
القصة
شاب ( هاني رمزي) لا يجد مجال للوصول إلى النجاح إلا عن طريق ممارسة الكذب ، حيث يعتبر أن الكذب هو خير وسيلة للنجاح.
ورغم عمله كموظف في القطاع الخاص إلا أنه يراسل عدداً من الجهات الحكومية يطالبها بحل عدد من الأزمات العامة - مثل الرغيف والبطالة وأزمة الإسكان - وعندما تحدث المفاجأة و يصبح مشهوراً …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 1
فيلم الرعب المصرى ايناب بجوده dvdrip 200 ميجا برابط واحد على اكثر من سيرفر
الخميس مايو 13, 2010 7:47 pm من طرف احساس غريب
انياب
تتعطل سيارة بشاب وشابة فى ليلة ممطرة عند أحد البيوت فيدخلانه طلباً
للنجدة
ويكتشفان أنه منزل دراكولا ويعرض الفيلم أساساً الشخصيات المستغلة
مثل السباك والجزار أما شخصية دراكولا ليست إلا رمز لهذه الشخصيات المستغلة
على الحجار
منى جبر
احمد عدوية ـ دراكولا
طلعت زين
عهدى صادق ـ شلف
حسن الإمام
rapidshare
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
…
تتعطل سيارة بشاب وشابة فى ليلة ممطرة عند أحد البيوت فيدخلانه طلباً
للنجدة
ويكتشفان أنه منزل دراكولا ويعرض الفيلم أساساً الشخصيات المستغلة
مثل السباك والجزار أما شخصية دراكولا ليست إلا رمز لهذه الشخصيات المستغلة
على الحجار
منى جبر
احمد عدوية ـ دراكولا
طلعت زين
عهدى صادق ـ شلف
حسن الإمام
rapidshare
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
…
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 2
اقوى مسلسلات رمضان - الكبير - احمد مكى - الحلقة 15 الاخيرة - على اكثر من سيرفر
الخميس سبتمبر 02, 2010 9:38 pm من طرف tete
تدور الاحداث فى احدى
قرى الصعيد ،عمدة القرية والملقب بالكبير قوى فى واخر ايامه يصارع الموت
ويحكى لابنه (الكبير) وهو وريثه الشرعى وشخص مفترى يستغل مكانة والده وهو
ينتظر اليوم الذى يحكم فيه البلد كعمدة بعدموت والده
يفاجئه الاب قبل موته بان له أخ توأم يعيش فى USA وان له 50% من الورث
الذى سوف يتركه له وفى العمودية كمان ،كما يحكى له كيف تعرف على والدته فى
احدى البارات وكيف انجبته هو وأخوه …
قرى الصعيد ،عمدة القرية والملقب بالكبير قوى فى واخر ايامه يصارع الموت
ويحكى لابنه (الكبير) وهو وريثه الشرعى وشخص مفترى يستغل مكانة والده وهو
ينتظر اليوم الذى يحكم فيه البلد كعمدة بعدموت والده
يفاجئه الاب قبل موته بان له أخ توأم يعيش فى USA وان له 50% من الورث
الذى سوف يتركه له وفى العمودية كمان ،كما يحكى له كيف تعرف على والدته فى
احدى البارات وكيف انجبته هو وأخوه …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 1
حصريآ : فيلم صفر - واحد نسخه vcd ونسخه DVD بأعلى جوده على اكثر من سيرفر
الأحد مايو 30, 2010 2:19 pm من طرف tooooot
Film
One - Zero
VCD &
DVD
--------
DVD
-------------
VCD
---------------------
معلومات اكتر عن
الفيلم
سيدة تبحث
عن حياتها من جديد من خلال طلاق معلق في المحاكم ..فهل تفوز السيدة
بحياتها
كما
يتناول الفيلم قصة حياة عدة أشخاص وتتزامن تلك القصص مع بطولة الأمم
الأفريقية الكروية
أثار
الفيلم …
One - Zero
VCD &
DVD
--------
DVD
-------------
VCD
---------------------
معلومات اكتر عن
الفيلم
سيدة تبحث
عن حياتها من جديد من خلال طلاق معلق في المحاكم ..فهل تفوز السيدة
بحياتها
كما
يتناول الفيلم قصة حياة عدة أشخاص وتتزامن تلك القصص مع بطولة الأمم
الأفريقية الكروية
أثار
الفيلم …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 3
رواية انت لي... اكثر من رائعه
+3
سهر الليالى
ايمان
Admin
7 مشترك
صفحة 11 من اصل 18
صفحة 11 من اصل 18 • 1 ... 7 ... 10, 11, 12 ... 14 ... 18
رد: رواية انت لي... اكثر من رائعه
أخذ سامر الكاميرا منها.. و قال ..
" سنلتقط له معنا بعض الصور ثم نعيدها إليكن .. "
قال ذلك و وجه خطاه نحو الصالة...
هممت ُ أنا باللحاق به... ألا أنني توقفت ، و التفت إلى رغد ... و قلت :
" كيف قدمك الآن ؟ "
رغد و التي كانت لا تزال مطأطئة برأسها رفعته أخيرا و نظرت إلي مبتسمة و قالت :
" طاب الجرح... "
قلت :
" الحمد لله "
ثم أوليتها ظهري منصرفا إلى حيث انصرف أخي ...
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
كنت مجنونة، لكنني لم أتمالك نفسي بعدما رأيت وليد يقف أمامي...
بطوله و عرضه و شحمه.. جسده و أطرافه... و عينيه و أنفه المعقوف أيضا ...
كأن سنينا قد انقضت مذ رأيته آخر مرة ، ينصرف من هذه الشقة جريحا مكسور الخاطر ...
اندفعت إليه بجنون... و أي جنون !
ظللت أراقبه و هو يوّلي .. حتى اختفى عن ناظري..
و بقيت محدّقة في الموضع الذي كان كتفاه العريضان يظهران عنده قبل اختفائه
و كأنني لازلت أبصر الكتفين لأمامي !
" رغد ! "
نادتني دانة ، فحررت أنظاري من ذلك الموضع و التفت إليها...
و رأيتها تحدّق بي و علامات غريبة على وجهها...
أنا ابتسمت .. لقد قرّت عيني برؤية وليد قلبي.. و لأنه هنا ...، فقط لأنه هنا
فإن هذا يعطيني أكبر سبب في الحياة لابتسم !
لا أعرف لم كانت نظرة دانة غريبة.. ممزوجة بالأسى و القلق.. قلت :
" ما بك ؟ "
" لا ... لا شيء "
" سأغسل وجهي و أوافيكن... "
و أسرعت قاصدة الحمّام ... طائرة كالحمامة !
بعد ذلك ، ذهبت إلى غرفة المجلس...مرتدية حجابي ،
إذ أنني سأبقى لأتفرج على العريسين و لمياء تلتقط الصور لهما..
جميعهن كن يجلسن في أماكنهن كما تركتهن قبل قليل، نظرن إلي ّ جميعا حالما دخلت..
فابتسمت في وجوههن...
فجأة لمحت وجها غريبا في غير موقعه !
وجه أروى الحسناء !
دُهشت و علاني التعجب ! وقفت هي مبتسمة و قائلة :
" مرحبا رغد ! كيف حالك ؟ و كيف صحتك ؟؟ "
" أروى ! "
" مفاجأة أليس كذلك ؟؟ "
اقتربت منها و صافحتها و الدهشة تتملكني...
و نظرت في أوجه الأخريات بحثا عن وجه أم أروى ...
أو حتى وجه العجوز !
قلت :
" أهلا بك ! أحضرت ِ بمفردك ؟؟ "
ابتسمت و قالت :
" مع وليد "
مع من ؟؟ مع وليد ؟؟ ماذا تقصد هذه الفتاة ؟؟
" مع وليد ؟؟ "
ازدادت ابتسامتها اتساعا و حمرة وجنتيها حمرة و بريق عينيها بريقا ...
و التفتت نحو دانة ثم نحوي و قالت
" ألم تخبرك دانة ؟؟ "
التفت نحو دانة و أنا في غاية الدهشة و القلق.. و رميتها بنظرات متسائلة حائرة..
دانة أيضا نظرت إلي بنفس القلق.. ثم قالت :
" سنلتقط له معنا بعض الصور ثم نعيدها إليكن .. "
قال ذلك و وجه خطاه نحو الصالة...
هممت ُ أنا باللحاق به... ألا أنني توقفت ، و التفت إلى رغد ... و قلت :
" كيف قدمك الآن ؟ "
رغد و التي كانت لا تزال مطأطئة برأسها رفعته أخيرا و نظرت إلي مبتسمة و قالت :
" طاب الجرح... "
قلت :
" الحمد لله "
ثم أوليتها ظهري منصرفا إلى حيث انصرف أخي ...
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
كنت مجنونة، لكنني لم أتمالك نفسي بعدما رأيت وليد يقف أمامي...
بطوله و عرضه و شحمه.. جسده و أطرافه... و عينيه و أنفه المعقوف أيضا ...
كأن سنينا قد انقضت مذ رأيته آخر مرة ، ينصرف من هذه الشقة جريحا مكسور الخاطر ...
اندفعت إليه بجنون... و أي جنون !
ظللت أراقبه و هو يوّلي .. حتى اختفى عن ناظري..
و بقيت محدّقة في الموضع الذي كان كتفاه العريضان يظهران عنده قبل اختفائه
و كأنني لازلت أبصر الكتفين لأمامي !
" رغد ! "
نادتني دانة ، فحررت أنظاري من ذلك الموضع و التفت إليها...
و رأيتها تحدّق بي و علامات غريبة على وجهها...
أنا ابتسمت .. لقد قرّت عيني برؤية وليد قلبي.. و لأنه هنا ...، فقط لأنه هنا
فإن هذا يعطيني أكبر سبب في الحياة لابتسم !
لا أعرف لم كانت نظرة دانة غريبة.. ممزوجة بالأسى و القلق.. قلت :
" ما بك ؟ "
" لا ... لا شيء "
" سأغسل وجهي و أوافيكن... "
و أسرعت قاصدة الحمّام ... طائرة كالحمامة !
بعد ذلك ، ذهبت إلى غرفة المجلس...مرتدية حجابي ،
إذ أنني سأبقى لأتفرج على العريسين و لمياء تلتقط الصور لهما..
جميعهن كن يجلسن في أماكنهن كما تركتهن قبل قليل، نظرن إلي ّ جميعا حالما دخلت..
فابتسمت في وجوههن...
فجأة لمحت وجها غريبا في غير موقعه !
وجه أروى الحسناء !
دُهشت و علاني التعجب ! وقفت هي مبتسمة و قائلة :
" مرحبا رغد ! كيف حالك ؟ و كيف صحتك ؟؟ "
" أروى ! "
" مفاجأة أليس كذلك ؟؟ "
اقتربت منها و صافحتها و الدهشة تتملكني...
و نظرت في أوجه الأخريات بحثا عن وجه أم أروى ...
أو حتى وجه العجوز !
قلت :
" أهلا بك ! أحضرت ِ بمفردك ؟؟ "
ابتسمت و قالت :
" مع وليد "
مع من ؟؟ مع وليد ؟؟ ماذا تقصد هذه الفتاة ؟؟
" مع وليد ؟؟ "
ازدادت ابتسامتها اتساعا و حمرة وجنتيها حمرة و بريق عينيها بريقا ...
و التفتت نحو دانة ثم نحوي و قالت
" ألم تخبرك دانة ؟؟ "
التفت نحو دانة و أنا في غاية الدهشة و القلق.. و رميتها بنظرات متسائلة حائرة..
دانة أيضا نظرت إلي بنفس القلق.. ثم قالت :
رد: رواية انت لي... اكثر من رائعه
" إنها ... إنها و وليد... "
و لم تتم...
نظرت إلى أروى ، فسمعتها تقول متمة جملة دانة
تلك الجملة التي قضت علي و أرسلتني للهلاك فورا :
" ارتبطنا .. البارحة "
عفوا ؟؟ عفوا ؟؟ فأنا ما عدت أسمع جيدا من هول ما سمعت أذناي مؤخرا !
ماذا تقول هذه الفتاة ؟؟
" ماذا ؟؟ "
و رأيتها تبتسم و تقول :
" مفاجأة ! أ ليس كذلك ؟؟ "
نظرت إلى دانة لتسعفني ...
دانة أنقذيني مما تهذي به هذه ... ما الذي تقوله فلغتها غريبة.. و شكلها غريب..
و وجودها في هذا المكان غريب أيضا...
دانة نظرت إلي بحزن ، لا ... بل بشفقة ، ثم أرسلت أنظارها إلى الأرض...
غير صحيح !
غير ممكن .. مستحيل ... لا لن أصدّق ...
" أنت و .. وليد ماذا ؟؟ ار... تبطـ.. ـتما ؟؟ "
" نعم ، البارحة ..و جئت معه كي أبارك للعريسين زواجهما.."
خطوة إلى الوراء، ثم خطوة أخرى.. يقترب الباب مني، ثم ينفتح..
ثم أرى نفسي أخرج عبره.. ثم أرى الجدران تتمايل.. و السقف يهوي..
و الأرض تقترب مني.. و الدنيا تظلم.. تظلم.. تظلم..و يختفي كل شيء...
" سامر .. تعال بسرعة"
هتاف شخص ٌ ما.. يدوي في رأسي.. أيدي أشخاص ما تمسك بي..
أذرع أشخاص ما تحملني.. و تضعني فوق شيء ما.. مريح و واسع..
أكفف تضرب وجهي.. أصوات تناديني.. صياح.. دموع.. لا ليست دموع..
إنها قطرات من الماء ترش على وجهي.. أفتح عيني.. فأرى الصورة غير واضحة..
كل شيء مما حولي يتمايل و يتداخل ببعضه البعض.. الوجوه، الأيدي.. السقف..
الجدران.. أغمض عيني بشدة.. أحرّك يدي و أضعها فوق عيني ّ ..
لا أتحمل النور المتسلل عبر جفنيّ .. أشعر بدوار.. سأتقيأ.. ابتعدوا.. ابتعدوا...
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
عندما استردّت رغد وعيها كاملا، كان ذلك بعد بضع دقائق من حضورنا إلى الممر
و رؤيتنا لها مرمية على الأرض...
كنا قد سمعنا صوت ارتطام ، شيء ما بالأرض أو الجدران ، ثم سمعنا صوت دانة تهتف :
" سامر ..تعال بسرعة"
قفزنا نحن الاثنان، أنا و سامر هو يهرول و أنا أهرول خلفه تلقائيا حتى وصلنا إلى هناك..
دانة كانت ترفع رأس رغد على رجلها و تضرب وجهها محاولة إيقاظها..
و رغد كانت مغشي عليها...
أسرعنا إليها ، و مددت أنا يدي و انتشلتها عن الأرض بسرعة
و نقلتها إلى سريرها و جميعنا نهتف
" رغد.. أفيقي... "
صرخت :
" ماذا حدث لها ؟؟ "
دانة أسرعت نحو دورة المياه، و عادت بمنديل مبلل عصرته فوق وجه رغد
و التي كانت تفتح عينيها و تغمضهما مرارا...
استردت رغد وعيها و أخذت تجول ببصرها فيما حولها..
و تنظر إلينا واحدا عقب الآخر...
قال سامر :
" سلامتك حبيبتي... هل تأذيت ؟؟ "
قالت دانة :
" أأنت على ما يرام رغد ؟؟ "
قلت أنا :
" ما ذا حدث صغيرتي ؟؟ "
نظرت رغد إلي نظرة غريبة.. ثم جلست و صاحت :
" سأتقيأ "
بعدما هدأت من نوبة التقيؤ ، وضعت رأسها على صدر سامر
و طوقته بذراعيها و أخذت تبكي ...
سامر أخذ يمسح على رأسها المغطى بالحجاب... و يتمتم :
" يكفي حبيبتي، اهدئي أرجوك.. فداك أي شيء..."
و لم تتم...
نظرت إلى أروى ، فسمعتها تقول متمة جملة دانة
تلك الجملة التي قضت علي و أرسلتني للهلاك فورا :
" ارتبطنا .. البارحة "
عفوا ؟؟ عفوا ؟؟ فأنا ما عدت أسمع جيدا من هول ما سمعت أذناي مؤخرا !
ماذا تقول هذه الفتاة ؟؟
" ماذا ؟؟ "
و رأيتها تبتسم و تقول :
" مفاجأة ! أ ليس كذلك ؟؟ "
نظرت إلى دانة لتسعفني ...
دانة أنقذيني مما تهذي به هذه ... ما الذي تقوله فلغتها غريبة.. و شكلها غريب..
و وجودها في هذا المكان غريب أيضا...
دانة نظرت إلي بحزن ، لا ... بل بشفقة ، ثم أرسلت أنظارها إلى الأرض...
غير صحيح !
غير ممكن .. مستحيل ... لا لن أصدّق ...
" أنت و .. وليد ماذا ؟؟ ار... تبطـ.. ـتما ؟؟ "
" نعم ، البارحة ..و جئت معه كي أبارك للعريسين زواجهما.."
خطوة إلى الوراء، ثم خطوة أخرى.. يقترب الباب مني، ثم ينفتح..
ثم أرى نفسي أخرج عبره.. ثم أرى الجدران تتمايل.. و السقف يهوي..
و الأرض تقترب مني.. و الدنيا تظلم.. تظلم.. تظلم..و يختفي كل شيء...
" سامر .. تعال بسرعة"
هتاف شخص ٌ ما.. يدوي في رأسي.. أيدي أشخاص ما تمسك بي..
أذرع أشخاص ما تحملني.. و تضعني فوق شيء ما.. مريح و واسع..
أكفف تضرب وجهي.. أصوات تناديني.. صياح.. دموع.. لا ليست دموع..
إنها قطرات من الماء ترش على وجهي.. أفتح عيني.. فأرى الصورة غير واضحة..
كل شيء مما حولي يتمايل و يتداخل ببعضه البعض.. الوجوه، الأيدي.. السقف..
الجدران.. أغمض عيني بشدة.. أحرّك يدي و أضعها فوق عيني ّ ..
لا أتحمل النور المتسلل عبر جفنيّ .. أشعر بدوار.. سأتقيأ.. ابتعدوا.. ابتعدوا...
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
عندما استردّت رغد وعيها كاملا، كان ذلك بعد بضع دقائق من حضورنا إلى الممر
و رؤيتنا لها مرمية على الأرض...
كنا قد سمعنا صوت ارتطام ، شيء ما بالأرض أو الجدران ، ثم سمعنا صوت دانة تهتف :
" سامر ..تعال بسرعة"
قفزنا نحن الاثنان، أنا و سامر هو يهرول و أنا أهرول خلفه تلقائيا حتى وصلنا إلى هناك..
دانة كانت ترفع رأس رغد على رجلها و تضرب وجهها محاولة إيقاظها..
و رغد كانت مغشي عليها...
أسرعنا إليها ، و مددت أنا يدي و انتشلتها عن الأرض بسرعة
و نقلتها إلى سريرها و جميعنا نهتف
" رغد.. أفيقي... "
صرخت :
" ماذا حدث لها ؟؟ "
دانة أسرعت نحو دورة المياه، و عادت بمنديل مبلل عصرته فوق وجه رغد
و التي كانت تفتح عينيها و تغمضهما مرارا...
استردت رغد وعيها و أخذت تجول ببصرها فيما حولها..
و تنظر إلينا واحدا عقب الآخر...
قال سامر :
" سلامتك حبيبتي... هل تأذيت ؟؟ "
قالت دانة :
" أأنت على ما يرام رغد ؟؟ "
قلت أنا :
" ما ذا حدث صغيرتي ؟؟ "
نظرت رغد إلي نظرة غريبة.. ثم جلست و صاحت :
" سأتقيأ "
بعدما هدأت من نوبة التقيؤ ، وضعت رأسها على صدر سامر
و طوقته بذراعيها و أخذت تبكي ...
سامر أخذ يمسح على رأسها المغطى بالحجاب... و يتمتم :
" يكفي حبيبتي، اهدئي أرجوك.. فداك أي شيء..."
رد: رواية انت لي... اكثر من رائعه
قلت :
" صغيرتي ؟؟ "
رغد غمرت وجهها في صدر سامر... مبلله ملابسه بالدموع..
" صغيرتي ..؟؟ "
" دعوني وحدي.. دعوني وحدي .. "
و أجهشت بكاء شديدا...
لم أعزم الحراك و لم استطعه، ألا أن دانة قالت لي :
" لنخرج وليد "
قلت بقلق :
" ماذا حدث يا دانة ؟؟ "
قالت :
" قلت لك... إنها مريضة! هذه المرة الثالثة التي يغشى عليها فيها منذ الأمس... "
صعقني هذا النبأ..
قلت مخاطبا رغد:
" رغد هل أنت بخير..؟؟ "
لم تلتف إلي ، بل غاصت برأسها أكثر و أكثر في صدر سامر و قالت :
" دعوني وحدي... دعوني وحدي.."
يد دانة الآن أمسكت بيدي ، و حثّتني على السير إلى الخارج، ثم أغلقت الباب...
حاولت التحدث معها ألا أنها اعترضت حديثي قائلة :
" سوف أعود لأطمئن ضيفاتي.. وليد استدع نوّار ... "
و انصرفت...
بقيت واقفا عند باب غرفة رغد غير قادر على التزحزح خطوة واحدة.. ماذا حل ّ بصغيرتي ؟؟
و لماذا تتشبث بسامر بهذا الشكل ؟؟ هل صحتها في خطر؟ هل عدلت عن فك ارتباطها به ؟
ماذا يحدث من حولي..؟؟
لحظات و إذا بي أرى دانة تظهر من جديد
" وليد أ لم تتحرك بعد ! هيا استدعه "
" حسنا.. "
و عدت إلى صالة الرجال، و رأيتهم أيضا متوترين يتساءلون عما حدث
طمأنتهم و استدعيت العريس و قدته إلى مجلس النساء..
حيث قامت والدته أو إحدى شقيقاته بالتقاط الصور التذكارية لهن مع العريسين...
أروى كانت بالداخل أيضا..
عدت إلى بقية الضيوف و أنا مشغول البال ..
بالكاد ابتسم ابتسامة مفتعلة في وجه من ينظر إلي...
فيما بعد، جاء نوّار و قال :
" سننطلق إلى الفندق الآن.."
و كان من المفروض أن يسير موكب العريسين إلى أحد الفنادق الراقية
حيث سيقضي العريسان ليلتهما قبل السفر يوم الغد مع بقية أفراد عائلة العريس إلى البلدة المجاورة
و من ثم يستقلون طائرة راحلين إلى الخارج...
سامر كان من المفترض أن يقود هذا الموكب..
ذهبت إلى غرفة رغد.. و طرقت الباب..
" سامر.. العريسان يودان الذهاب الآن.."
فتح الباب، و خرج سامر.. ينظر إلي بنظرة ريب ..
قلت:
" كيف رغد؟؟ "
قال بجمود :
" أفضل قليلا"
أردت أن أدخل للاطمئنان عليها، لكن سامر كان يقف سادا الباب..
حائلا دون تقدّمي و تحرجت من استئذانه بالدخول..
قلت :
" إنهما يودان الانصراف الآن... "
سامر نظر إلي ّ بحيرة .. ثم قال :
" أتستطيع مرافقتهما ؟؟ "
" أنا ؟؟ "
" نعم يا وليد، فرغد لن تتمكن من الذهاب معنا و علي البقاء معها "
" صغيرتي ؟؟ "
رغد غمرت وجهها في صدر سامر... مبلله ملابسه بالدموع..
" صغيرتي ..؟؟ "
" دعوني وحدي.. دعوني وحدي .. "
و أجهشت بكاء شديدا...
لم أعزم الحراك و لم استطعه، ألا أن دانة قالت لي :
" لنخرج وليد "
قلت بقلق :
" ماذا حدث يا دانة ؟؟ "
قالت :
" قلت لك... إنها مريضة! هذه المرة الثالثة التي يغشى عليها فيها منذ الأمس... "
صعقني هذا النبأ..
قلت مخاطبا رغد:
" رغد هل أنت بخير..؟؟ "
لم تلتف إلي ، بل غاصت برأسها أكثر و أكثر في صدر سامر و قالت :
" دعوني وحدي... دعوني وحدي.."
يد دانة الآن أمسكت بيدي ، و حثّتني على السير إلى الخارج، ثم أغلقت الباب...
حاولت التحدث معها ألا أنها اعترضت حديثي قائلة :
" سوف أعود لأطمئن ضيفاتي.. وليد استدع نوّار ... "
و انصرفت...
بقيت واقفا عند باب غرفة رغد غير قادر على التزحزح خطوة واحدة.. ماذا حل ّ بصغيرتي ؟؟
و لماذا تتشبث بسامر بهذا الشكل ؟؟ هل صحتها في خطر؟ هل عدلت عن فك ارتباطها به ؟
ماذا يحدث من حولي..؟؟
لحظات و إذا بي أرى دانة تظهر من جديد
" وليد أ لم تتحرك بعد ! هيا استدعه "
" حسنا.. "
و عدت إلى صالة الرجال، و رأيتهم أيضا متوترين يتساءلون عما حدث
طمأنتهم و استدعيت العريس و قدته إلى مجلس النساء..
حيث قامت والدته أو إحدى شقيقاته بالتقاط الصور التذكارية لهن مع العريسين...
أروى كانت بالداخل أيضا..
عدت إلى بقية الضيوف و أنا مشغول البال ..
بالكاد ابتسم ابتسامة مفتعلة في وجه من ينظر إلي...
فيما بعد، جاء نوّار و قال :
" سننطلق إلى الفندق الآن.."
و كان من المفروض أن يسير موكب العريسين إلى أحد الفنادق الراقية
حيث سيقضي العريسان ليلتهما قبل السفر يوم الغد مع بقية أفراد عائلة العريس إلى البلدة المجاورة
و من ثم يستقلون طائرة راحلين إلى الخارج...
سامر كان من المفترض أن يقود هذا الموكب..
ذهبت إلى غرفة رغد.. و طرقت الباب..
" سامر.. العريسان يودان الذهاب الآن.."
فتح الباب، و خرج سامر.. ينظر إلي بنظرة ريب ..
قلت:
" كيف رغد؟؟ "
قال بجمود :
" أفضل قليلا"
أردت أن أدخل للاطمئنان عليها، لكن سامر كان يقف سادا الباب..
حائلا دون تقدّمي و تحرجت من استئذانه بالدخول..
قلت :
" إنهما يودان الانصراف الآن... "
سامر نظر إلي ّ بحيرة .. ثم قال :
" أتستطيع مرافقتهما ؟؟ "
" أنا ؟؟ "
" نعم يا وليد، فرغد لن تتمكن من الذهاب معنا و علي البقاء معها "
رد: رواية انت لي... اكثر من رائعه
فزعت، و قلت:
" أهي بحالة سيئة؟ "
" لا، لكنها لن ترافقنا ، بالتالي سأبقى هنا "
" إنني أجهل الطريق.. "
" اطلب من أحد أخوته مرافقتكم..."
لم تبد لي فكرة حسنة، قلت معترضا:
" اذهب أنت يا سامر، و أنا باق هنا مع رغد و أروى..."
أقبلت دانة الآن، و سألت عن حال رغد، ثم دخلت إلى غرفتها...
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
" أنا تعيسة جدا "
كان هذا جوابي على سؤال دانة التي أتتني بقلق لتطمئن علي..
دانة جلست إلى جواري على السرير و أخذت تواسيني..
ألا أن شيئا لا يمكنه مواساتي في الصاعقة التي أحلّت بي...
" أرجوك يا رغد.. كفى عزيزتي.. ألن تودّعينني ؟ إنني راحلة عنك للأبد ! "
و جاءت جملتها قاصمة لظهري...
" لا ! لا تذهبي و تتركيني ! سأكون وحيدة ! أريد أمي .. أريد أمي..."
و بكيت بتهيج..
" يكفي يا رغد ستجعلينني أبكي و أنا عروس في ليلة زفافي التعسة ! "
انتبهت لنفسي أخيرا.. كيف سمحت لنفسي بإتعاس أختي العروس في أهم ليالي عمرها؟
ألا يكفي أنها حرمت من حفل الزفاف الضخم الذي كانت تعد له منذ شهور...
و خسرت كل ملابسها و حليها و أغراض زفافها..
و احترق فستان العرس تحت أنقاب المدينة المدمّرة !؟
طردت بسرعة الدموع المتطفلة على وجهي
و أظهرت ابتسامة مفتعلة لا أساس لها من الصحة و قلت :
" عزيزتي سأفتقدك ! ألف مبروك دانة "
تعانقنا عناقا طويلا.. عناق الفراق..
فبعد أكثر من 15 عاما من الملازمة المستمرة 30 يوما في الشهر، نفترق..
و دموعنا مختلطة مع القبل...
قدم سامر.. و قال :
" هيا دانة .. "
صافحتها و قبلتها للمرة الأخيرة... ثم جاء دور سامر،
و من ثمّ الرجل الضخم الذي كان يقف في الخارج عند الباب مباشرة...
لم استطع أن ألقي عليه و لا نظرة واحدة.. لم أشأ أن أنهار من جديد..
اضطجعت على سريري، و سحبت الغطاء حتى أخفيت وجهي أسفل منه...
سمعت سامر يقول :
" سآخذهما للفندق و أعود مباشرة.. وليد و خطيبته سيبقيان معك "
و لم تهز في ّ هذه الجملة شعرة واحدة ، بل أغمضت عيني و أنا أقول :
" سأنام.."
أحسست بالجميع يغادرون الغرفة و يغلقون الباب، ثم اختفت الأصوات و الحركات..
لقد غادر جميع الضيوف.. و في الشقة لم يبق إلا أنا.. و وليد.. و الأجنبية الدخيلة...
دخلت في نوم عميق أشبه بالغيبوبة.. ألا أنني في لحظة ما..
أحسست بدخول شخص ما إلى الغرفة.. و اقترابه مني..
ثم شعرت بيد تمتد إلى لحافي فتضبطه فوقي
ثم تمسح على رأسي من فوق حجابي الذي لم أنزعه، ثم توهمت سماع همس في أذني ...
" أحلام سعيدة يا حبيبتي"
و ابتعد المجهول.. و سمعت صوت انغلاق الباب..
فتحت عيني الآن فوجدت الغرفة غارقة في السكون و الظلام..
هل كان ذلك وهما؟؟ هل كان تهيؤا ؟؟ حلما؟؟
لست أكيدة..
و إن كان حقيقة ، فالشيء الذي سأكون أكيدة منه ، هو أن الشخص كان سامر...
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
استخدمت غرفتي السابقة بينما جعلت أروى تستعمل غرفة العروس، للمبيت تلك الليلة...
لقد كنت شديد القلق على صغيرتي .. و لم أنم كما يجب..
كنا قد قررنا البقاء ليومين قبل معاودة الرحيل، و كان هذان اليومان من أسوأ أيام حياتي !
" أهي بحالة سيئة؟ "
" لا، لكنها لن ترافقنا ، بالتالي سأبقى هنا "
" إنني أجهل الطريق.. "
" اطلب من أحد أخوته مرافقتكم..."
لم تبد لي فكرة حسنة، قلت معترضا:
" اذهب أنت يا سامر، و أنا باق هنا مع رغد و أروى..."
أقبلت دانة الآن، و سألت عن حال رغد، ثم دخلت إلى غرفتها...
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
" أنا تعيسة جدا "
كان هذا جوابي على سؤال دانة التي أتتني بقلق لتطمئن علي..
دانة جلست إلى جواري على السرير و أخذت تواسيني..
ألا أن شيئا لا يمكنه مواساتي في الصاعقة التي أحلّت بي...
" أرجوك يا رغد.. كفى عزيزتي.. ألن تودّعينني ؟ إنني راحلة عنك للأبد ! "
و جاءت جملتها قاصمة لظهري...
" لا ! لا تذهبي و تتركيني ! سأكون وحيدة ! أريد أمي .. أريد أمي..."
و بكيت بتهيج..
" يكفي يا رغد ستجعلينني أبكي و أنا عروس في ليلة زفافي التعسة ! "
انتبهت لنفسي أخيرا.. كيف سمحت لنفسي بإتعاس أختي العروس في أهم ليالي عمرها؟
ألا يكفي أنها حرمت من حفل الزفاف الضخم الذي كانت تعد له منذ شهور...
و خسرت كل ملابسها و حليها و أغراض زفافها..
و احترق فستان العرس تحت أنقاب المدينة المدمّرة !؟
طردت بسرعة الدموع المتطفلة على وجهي
و أظهرت ابتسامة مفتعلة لا أساس لها من الصحة و قلت :
" عزيزتي سأفتقدك ! ألف مبروك دانة "
تعانقنا عناقا طويلا.. عناق الفراق..
فبعد أكثر من 15 عاما من الملازمة المستمرة 30 يوما في الشهر، نفترق..
و دموعنا مختلطة مع القبل...
قدم سامر.. و قال :
" هيا دانة .. "
صافحتها و قبلتها للمرة الأخيرة... ثم جاء دور سامر،
و من ثمّ الرجل الضخم الذي كان يقف في الخارج عند الباب مباشرة...
لم استطع أن ألقي عليه و لا نظرة واحدة.. لم أشأ أن أنهار من جديد..
اضطجعت على سريري، و سحبت الغطاء حتى أخفيت وجهي أسفل منه...
سمعت سامر يقول :
" سآخذهما للفندق و أعود مباشرة.. وليد و خطيبته سيبقيان معك "
و لم تهز في ّ هذه الجملة شعرة واحدة ، بل أغمضت عيني و أنا أقول :
" سأنام.."
أحسست بالجميع يغادرون الغرفة و يغلقون الباب، ثم اختفت الأصوات و الحركات..
لقد غادر جميع الضيوف.. و في الشقة لم يبق إلا أنا.. و وليد.. و الأجنبية الدخيلة...
دخلت في نوم عميق أشبه بالغيبوبة.. ألا أنني في لحظة ما..
أحسست بدخول شخص ما إلى الغرفة.. و اقترابه مني..
ثم شعرت بيد تمتد إلى لحافي فتضبطه فوقي
ثم تمسح على رأسي من فوق حجابي الذي لم أنزعه، ثم توهمت سماع همس في أذني ...
" أحلام سعيدة يا حبيبتي"
و ابتعد المجهول.. و سمعت صوت انغلاق الباب..
فتحت عيني الآن فوجدت الغرفة غارقة في السكون و الظلام..
هل كان ذلك وهما؟؟ هل كان تهيؤا ؟؟ حلما؟؟
لست أكيدة..
و إن كان حقيقة ، فالشيء الذي سأكون أكيدة منه ، هو أن الشخص كان سامر...
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
استخدمت غرفتي السابقة بينما جعلت أروى تستعمل غرفة العروس، للمبيت تلك الليلة...
لقد كنت شديد القلق على صغيرتي .. و لم أنم كما يجب..
كنا قد قررنا البقاء ليومين قبل معاودة الرحيل، و كان هذان اليومان من أسوأ أيام حياتي !
رد: رواية انت لي... اكثر من رائعه
رغد كانت مريضة جدا و ملازمة للفراش
و سامر كان يمنعني من الدخول إلى غرفتها أغلب المرات
و في المرات القليلة التي سمح لي بإلقاء نظرة، كنت أرى رغد شاحبة جدا و مكتئبة للغاية
ترفض الحديث معي و تطلب منا تركها بمفردها
ضاق صدري للحالة التي كانت عليها و سألت سامر:
" ماذا حدث لها ؟ هل حدث شيء تخفونه عني؟
لم هي كئيبة هكذا؟؟ هل آذاها أحد بشيء ؟؟ "
قال سامر :
" إنها كئيبة لفراق دانة ، فكما تعرف كانت تلازمها كالظل... "
" لكن ليس لهذا الحد.. أنا أشعر بأن في الأمر سر ما.. "
نظر إلي شقيقي نظرة ارتياب و قال :
" أي سر؟؟ "
قلت :
" ليتني أعرف... "
كنا خلال هذين اليومين نتناول وجباتنا أنا و أروى في المطاعم
و في الليلة الأخيرة، عندما عدنا من المطعم
وجدنا رغد و سامر في غرفة المائدة يتناولان العشاء...
فرحت كثيرا، فهي علامة جيدة مشيرة إلى تحسّن الصغيرة..
قلت :
" صغيرتي.. حمدا لله على سلامتك، أتشعرين بتحسّن ؟؟ "
رغد نظرت نحوي بجمود ، ثم نحو أروى ، ثم وقفت
و غادرت الغرفة ذاهبة إلى غرفة نومها...
وقف سامر الآن و نظر إلي بعصبية :
" أ هذا جيّد؟ ما كدت أصدق أنها قبلت أخيرا تناول وجبة.. "
قلت بانزعاج :
" هذه حال لا يصبر عليها، لسوف آخذها إلى الطبيب.. "
و سرت مسرعا نحو غرفتها ، فأقبل شقيقي من بعدي مسرعا :
" هيه أنت.. إلي أين ؟؟ "
التفت إليه و قلت :
"سآخذ الفتاة للمستشفى "
قال بغيظ :
" من تظن نفسك؟ ألا تراني أمامك؟؟ خطيبتك هي تلك و ليست هذه "
قلت مزمجرا :
" قبل أن تكون خطيبتك هي ابنة عمّي ، و إن كنت نسيت فأذكرك بأنها ستنفصل عنك
و لتعلم إن كنت جاهلا بأن أمورها كلها تهمني و أنا مسؤول عنها كليا ، مثل والدي تماما "
و هممت بمد يدي لطرق الباب و من ثم فتحه ، ألا أن سامر ثار...
و أمسك بيدي و أبعدها بقوة..
تحررت من مسكته و هممت بفتح الباب ألا أنه صرخ :
" ابتعد "
و قرن الصرخة بانقضاض على ذراعي، و سحب لي بقوة...
دفعت به بعيدا عني فارتطم بالجدار، ثم ارتد إلي و لكمني بقبضته في بطني لكمة عنيفة...
اشتعلت المعركة فيما بيننا و دخلنا في دوامة جنونية من الضرب و الركل و اللطم و الرفس..
أروى واقفة تنظر إلينا بذهول.. و باب غرفة رغد انفتح ..
و ظهرت منه رغد مفزوعة تنظر إلينا باستنكار و توتّر
" سامر... وليد... يكفي ... "
ألا أن أحدنا لم يتوقّف...
في العراك السابق كان سامر يستسلم لضرباتي ..
أما الآن ، فأجده شانا الهجوم علي و يضربني بغيظ و بغض.. كأن بداخله ثأرا يود اقتصاصه مني...
بعد لحظات من العراك، و يد الغلبة لي، و أنا ممسك بذراع أخي ألويها للوراء و أؤلمه
جاءت رغد تركض نحوي صارخة :
" أترك خطيبي أيها المتوحّش "
و رأيت يديها تمتدان إلي ، تحاولان تخليص سامر من بين يدي...
أمسكت بذراعي و شدّتني بقوة، فحررت أخي من قبضتي و استدرت لأواجهها...
صرخت بوجهي :
" وحش.. مجرم.. قاتل.. أكرهك.. أكرهك.. أكرهك "
و بقبضتيها كلتيهما راحت تضربني على صدري بانفعال ضربة بعد ضربة بعد ضربة...
و أنا وقف كالجبل بلا حراك.. أشاهد.. و اسمع.. و أحس.. و أتألم.. و أحترق...و أموت....
---------------------------
نهايه الحلقه الـ29
و سامر كان يمنعني من الدخول إلى غرفتها أغلب المرات
و في المرات القليلة التي سمح لي بإلقاء نظرة، كنت أرى رغد شاحبة جدا و مكتئبة للغاية
ترفض الحديث معي و تطلب منا تركها بمفردها
ضاق صدري للحالة التي كانت عليها و سألت سامر:
" ماذا حدث لها ؟ هل حدث شيء تخفونه عني؟
لم هي كئيبة هكذا؟؟ هل آذاها أحد بشيء ؟؟ "
قال سامر :
" إنها كئيبة لفراق دانة ، فكما تعرف كانت تلازمها كالظل... "
" لكن ليس لهذا الحد.. أنا أشعر بأن في الأمر سر ما.. "
نظر إلي شقيقي نظرة ارتياب و قال :
" أي سر؟؟ "
قلت :
" ليتني أعرف... "
كنا خلال هذين اليومين نتناول وجباتنا أنا و أروى في المطاعم
و في الليلة الأخيرة، عندما عدنا من المطعم
وجدنا رغد و سامر في غرفة المائدة يتناولان العشاء...
فرحت كثيرا، فهي علامة جيدة مشيرة إلى تحسّن الصغيرة..
قلت :
" صغيرتي.. حمدا لله على سلامتك، أتشعرين بتحسّن ؟؟ "
رغد نظرت نحوي بجمود ، ثم نحو أروى ، ثم وقفت
و غادرت الغرفة ذاهبة إلى غرفة نومها...
وقف سامر الآن و نظر إلي بعصبية :
" أ هذا جيّد؟ ما كدت أصدق أنها قبلت أخيرا تناول وجبة.. "
قلت بانزعاج :
" هذه حال لا يصبر عليها، لسوف آخذها إلى الطبيب.. "
و سرت مسرعا نحو غرفتها ، فأقبل شقيقي من بعدي مسرعا :
" هيه أنت.. إلي أين ؟؟ "
التفت إليه و قلت :
"سآخذ الفتاة للمستشفى "
قال بغيظ :
" من تظن نفسك؟ ألا تراني أمامك؟؟ خطيبتك هي تلك و ليست هذه "
قلت مزمجرا :
" قبل أن تكون خطيبتك هي ابنة عمّي ، و إن كنت نسيت فأذكرك بأنها ستنفصل عنك
و لتعلم إن كنت جاهلا بأن أمورها كلها تهمني و أنا مسؤول عنها كليا ، مثل والدي تماما "
و هممت بمد يدي لطرق الباب و من ثم فتحه ، ألا أن سامر ثار...
و أمسك بيدي و أبعدها بقوة..
تحررت من مسكته و هممت بفتح الباب ألا أنه صرخ :
" ابتعد "
و قرن الصرخة بانقضاض على ذراعي، و سحب لي بقوة...
دفعت به بعيدا عني فارتطم بالجدار، ثم ارتد إلي و لكمني بقبضته في بطني لكمة عنيفة...
اشتعلت المعركة فيما بيننا و دخلنا في دوامة جنونية من الضرب و الركل و اللطم و الرفس..
أروى واقفة تنظر إلينا بذهول.. و باب غرفة رغد انفتح ..
و ظهرت منه رغد مفزوعة تنظر إلينا باستنكار و توتّر
" سامر... وليد... يكفي ... "
ألا أن أحدنا لم يتوقّف...
في العراك السابق كان سامر يستسلم لضرباتي ..
أما الآن ، فأجده شانا الهجوم علي و يضربني بغيظ و بغض.. كأن بداخله ثأرا يود اقتصاصه مني...
بعد لحظات من العراك، و يد الغلبة لي، و أنا ممسك بذراع أخي ألويها للوراء و أؤلمه
جاءت رغد تركض نحوي صارخة :
" أترك خطيبي أيها المتوحّش "
و رأيت يديها تمتدان إلي ، تحاولان تخليص سامر من بين يدي...
أمسكت بذراعي و شدّتني بقوة، فحررت أخي من قبضتي و استدرت لأواجهها...
صرخت بوجهي :
" وحش.. مجرم.. قاتل.. أكرهك.. أكرهك.. أكرهك "
و بقبضتيها كلتيهما راحت تضربني على صدري بانفعال ضربة بعد ضربة بعد ضربة...
و أنا وقف كالجبل بلا حراك.. أشاهد.. و اسمع.. و أحس.. و أتألم.. و أحترق...و أموت....
---------------------------
نهايه الحلقه الـ29
رد: رواية انت لي... اكثر من رائعه
الحلقةالثلاثون
~ أنا اليتيمة ~
بعد سيل الضربات القوية التي وجهتها إلى صدر وليد ، بانفعال و ثورة.. بغضب و غيظ و قهر..
شعرت بألم في يدي ّ كان هو ما جعلني أوقف ذلك السيل...
رفعت رأسي إليه، فرأيته ينظر إلي بجمود .. لم تهزه ضرباتي و لم توجعه!
من أي نوع من الحجر أنت مخلوق؟؟ من أي نوع من المعادن صدرك مصنوع؟؟ ألا تحس بي؟؟
عيناي كانتا مغرورقتين بالعبرات الحارقة.. تمنيت لو يمسحها.. تمنيت لو يضمني إلى صدره..
تمنيت.. لو أصحو من النوم ، فأكتشف أن أروى هي مجرد حلم.. وهم ..
لا وجود له..و كم كانت أمان ٍ مستحيلة التحقق...
كان وليد ينظر إلي بعمق، كانت نظراته تنم عن الحزن.. و الاستسلام... فهو لم يقاومني و لا يبعدني..
بل تركني في ثورة غضبي أفرغ على صدره دون إدراك..
كل ما كتمته من غيظ مذ علمت بنبأ ارتباطه...
ابتعدت عنه، التفت إلى سامر، ثم إلى أروى، ثم إلى وليد مجددا...
ثم ركضت داخلة غرفتي و صافعة الباب بقوة...
لم أسمح لسامر بالدخول عندما أراد ذلك بعد قليل، و بقيت أبكي لساعات...
في اليوم التالي، عندما خرجت من غرفتي قاصدة المطبخ، لمحت غرفة دانة سابقا
الدخيلة حاليا مفتوحة الباب...
اقتربت منها بحذر .. و ألقيت نظرة شاملة عليها كانت خالية من أي أحد ..
أسرعت نحو غرفة وليد.. فوجدتها الأخرى مفتوحة
و لا وجود لأي شيء يشير إلى أن وليد لم يرحل...
ركضت بسرعة نحو الصالة، رأيت سامر يجلس هناك شاردا ..
حين رآني ، ابتسم و وقف و ألقى علي تحية الصباح ..
قلت بسرعة :
" أين وليد ؟؟ "
ألقى علي سامر نظرة متألمة ثم قال :
" رحل "
صعقت ... هتفت :
" رحل ؟؟ متى ؟؟ "
قال :
" قبل قليل.. "
مستحيل ! لا ... غير ممكن ...
صرخت :
" لماذا تركته يرحل ؟؟ "
نظر إلي سامر بحيرة ..صرخت مجددا :
" لماذا تركته يرحل ؟؟ "
قال سامر مستاء ً :
" و هل كنت تتوقعين مني أن أربطه إلى المقعد حتى لا يذهب ؟ أخذ خطيبته
و أغراضهما و ولا خارجين دون سلام "
صرخت :
" كان يجب أن تمنعه ! الحق به.. دعه يعود .. أعده إلي حالا "
سامر هتف بعصبية :
" لا تثيري جنوني يا رغد.. ماذا تريدين به ؟ لقد تزوّج من أخرى و قضي الأمر "
صرخت بقوة :
" لا "
" رغد ! "
" لن أصدّق.. إنكم تكذبون ... كلكم تكذبون.. وليد لم يرتبط بأحد.. وليد لم يدخل السجن..
~ أنا اليتيمة ~
بعد سيل الضربات القوية التي وجهتها إلى صدر وليد ، بانفعال و ثورة.. بغضب و غيظ و قهر..
شعرت بألم في يدي ّ كان هو ما جعلني أوقف ذلك السيل...
رفعت رأسي إليه، فرأيته ينظر إلي بجمود .. لم تهزه ضرباتي و لم توجعه!
من أي نوع من الحجر أنت مخلوق؟؟ من أي نوع من المعادن صدرك مصنوع؟؟ ألا تحس بي؟؟
عيناي كانتا مغرورقتين بالعبرات الحارقة.. تمنيت لو يمسحها.. تمنيت لو يضمني إلى صدره..
تمنيت.. لو أصحو من النوم ، فأكتشف أن أروى هي مجرد حلم.. وهم ..
لا وجود له..و كم كانت أمان ٍ مستحيلة التحقق...
كان وليد ينظر إلي بعمق، كانت نظراته تنم عن الحزن.. و الاستسلام... فهو لم يقاومني و لا يبعدني..
بل تركني في ثورة غضبي أفرغ على صدره دون إدراك..
كل ما كتمته من غيظ مذ علمت بنبأ ارتباطه...
ابتعدت عنه، التفت إلى سامر، ثم إلى أروى، ثم إلى وليد مجددا...
ثم ركضت داخلة غرفتي و صافعة الباب بقوة...
لم أسمح لسامر بالدخول عندما أراد ذلك بعد قليل، و بقيت أبكي لساعات...
في اليوم التالي، عندما خرجت من غرفتي قاصدة المطبخ، لمحت غرفة دانة سابقا
الدخيلة حاليا مفتوحة الباب...
اقتربت منها بحذر .. و ألقيت نظرة شاملة عليها كانت خالية من أي أحد ..
أسرعت نحو غرفة وليد.. فوجدتها الأخرى مفتوحة
و لا وجود لأي شيء يشير إلى أن وليد لم يرحل...
ركضت بسرعة نحو الصالة، رأيت سامر يجلس هناك شاردا ..
حين رآني ، ابتسم و وقف و ألقى علي تحية الصباح ..
قلت بسرعة :
" أين وليد ؟؟ "
ألقى علي سامر نظرة متألمة ثم قال :
" رحل "
صعقت ... هتفت :
" رحل ؟؟ متى ؟؟ "
قال :
" قبل قليل.. "
مستحيل ! لا ... غير ممكن ...
صرخت :
" لماذا تركته يرحل ؟؟ "
نظر إلي سامر بحيرة ..صرخت مجددا :
" لماذا تركته يرحل ؟؟ "
قال سامر مستاء ً :
" و هل كنت تتوقعين مني أن أربطه إلى المقعد حتى لا يذهب ؟ أخذ خطيبته
و أغراضهما و ولا خارجين دون سلام "
صرخت :
" كان يجب أن تمنعه ! الحق به.. دعه يعود .. أعده إلي حالا "
سامر هتف بعصبية :
" لا تثيري جنوني يا رغد.. ماذا تريدين به ؟ لقد تزوّج من أخرى و قضي الأمر "
صرخت بقوة :
" لا "
" رغد ! "
" لن أصدّق.. إنكم تكذبون ... كلكم تكذبون.. وليد لم يرتبط بأحد.. وليد لم يدخل السجن..
رد: رواية انت لي... اكثر من رائعه
وليد لم يقتل أحدا.. وليد لن يتخلّى عني...لن يبتعد عني.. أعده إلي.. أعده إلي..أعده إلي.. "
و انهرت باكية..حسرة على وليد قلبي
و على هذه الحال بقيت أياما... اشتد علي المرض و السقم.. و تدهورت حالتي النفسية كثيرا..
كما ساءت حالة سامر و أصبح عصبيا جدا..و صرنا نتشاجر كل يوم..و الحال بيننا لا تطاق..
ما زاد الأمر سوءا هو أننا كلما اتصلنا بوالدي ّ وجدنا الهاتف مغلقا،
و عندما اتصلنا بالفندق الذي كانا ينزلان به أُبلغنا بأنهما قد غادراه...
انقطعت أخبارهما عنا عدة أيام و حلّ التوتر الفظيع علينا و امتزجت المشاكل و المخاوف
و المشاجرات مع بعضها البعض، و تحوّلت حياتنا أنا و سامر إلى جحيم...
و جحيمنا صار يتفاقم و يتضاعف يوما بعد يوم
إلى أن طغى الطوفان المدمّر و حلّت الصاعقة الكبرى...أخيرا...
~ ~ ~ ~ ~
التحقت بمعهد إداري في مبنى قريب من المزرعة، و بتوفيق من الله أولا ، ثم بمساعدة من العم إلياس
و السيدة ليندا، أصبحت طالبا رسميا في المعهد.
الحياة بدت مختلفة، و كل شيء سار على خير ما يرام، حظيت أخيرا بشيء من الراحة و السعادة..
خطيبتي..كانت إنسان رائع جدا.. في الأخلاق و الطيبة و المشاعر و الجمال و كل شيء...
نعمة من رب السماء ..
حاولت جاهدا أن أصرف مشاعري نحوها... و أودع فيها ما يكنه قلبي من الحب و الحنان ، ألا أن رغد..
لم تسمح لي بذلك...
فقد كانت محتلة القلب من أول وريد إلى آخر شريان...و بُعدها و صحتها المتدهورة ما زاداني إلا تعلقا بها
و لهفة إليها... و كلما تسللت يداي إلى الهاتف، و أدارتا رقم الشقة، ذكرني عقلي بكلماتها الأخيرة القاتلة...
فوضعت السماعة و ابتعدت ...
لم أتصل للسؤال عن أي فرد من أسرتي، و أقنعت نفسي بأنني لم أعد أنتمي إليهم..
و أن عائلتي الحقيقية هي عائلة نديم رحمه الله...
لذلك ، حين وردتني مكالمة من سامر بعد أيام حاولت تصريفها، ألا أن أروى ألحّت علي بالإجابة ..
و هي تقول :
" لو كان لدي أخ أو أخت لكنت فعلت أي شيء من أجلهما مهما تعاركا معي أو حتى قتلاني ! "
تناولت السماعة من يدها و أنا أشعر بالخجل من هروبي هذا...
قربتها من أذني و فمي و تحدّثت :
" نعم يا سامر؟؟ "
" كيف حالك؟ "
" بخير.."
و ساد صمت استمر عدة ثواني ...
قلت :
" أهناك شيء ؟؟ "
فأنا لا أتوقع أن يتصل ليسأل عني فقط ، خصوصا بعد شجارنا الأخير...
قال سامر :
" يجب أن تحضر إلى هنا يا وليد "
ذهلت من عبارته، قلت متوترا و قد انتابني القلق المفاجئ :
" خير؟ هل حصل شيء ؟؟ "
" نعم، و لابد من حضورك "
هوى قلبي على الأرض..من القلق ، قلت و أنا بالكاد أحرك شفتي ّ :
" رغد بخير ؟؟ أ أصابها مكروه ؟؟ "
سامر صمت ، ما جعلني أوشك على الموت... قلت :
" ما بها رغد أخبرني ؟؟ "
قال :
"على ما هي عليه، أريدك حضورك فورا "
و انهرت باكية..حسرة على وليد قلبي
و على هذه الحال بقيت أياما... اشتد علي المرض و السقم.. و تدهورت حالتي النفسية كثيرا..
كما ساءت حالة سامر و أصبح عصبيا جدا..و صرنا نتشاجر كل يوم..و الحال بيننا لا تطاق..
ما زاد الأمر سوءا هو أننا كلما اتصلنا بوالدي ّ وجدنا الهاتف مغلقا،
و عندما اتصلنا بالفندق الذي كانا ينزلان به أُبلغنا بأنهما قد غادراه...
انقطعت أخبارهما عنا عدة أيام و حلّ التوتر الفظيع علينا و امتزجت المشاكل و المخاوف
و المشاجرات مع بعضها البعض، و تحوّلت حياتنا أنا و سامر إلى جحيم...
و جحيمنا صار يتفاقم و يتضاعف يوما بعد يوم
إلى أن طغى الطوفان المدمّر و حلّت الصاعقة الكبرى...أخيرا...
~ ~ ~ ~ ~
التحقت بمعهد إداري في مبنى قريب من المزرعة، و بتوفيق من الله أولا ، ثم بمساعدة من العم إلياس
و السيدة ليندا، أصبحت طالبا رسميا في المعهد.
الحياة بدت مختلفة، و كل شيء سار على خير ما يرام، حظيت أخيرا بشيء من الراحة و السعادة..
خطيبتي..كانت إنسان رائع جدا.. في الأخلاق و الطيبة و المشاعر و الجمال و كل شيء...
نعمة من رب السماء ..
حاولت جاهدا أن أصرف مشاعري نحوها... و أودع فيها ما يكنه قلبي من الحب و الحنان ، ألا أن رغد..
لم تسمح لي بذلك...
فقد كانت محتلة القلب من أول وريد إلى آخر شريان...و بُعدها و صحتها المتدهورة ما زاداني إلا تعلقا بها
و لهفة إليها... و كلما تسللت يداي إلى الهاتف، و أدارتا رقم الشقة، ذكرني عقلي بكلماتها الأخيرة القاتلة...
فوضعت السماعة و ابتعدت ...
لم أتصل للسؤال عن أي فرد من أسرتي، و أقنعت نفسي بأنني لم أعد أنتمي إليهم..
و أن عائلتي الحقيقية هي عائلة نديم رحمه الله...
لذلك ، حين وردتني مكالمة من سامر بعد أيام حاولت تصريفها، ألا أن أروى ألحّت علي بالإجابة ..
و هي تقول :
" لو كان لدي أخ أو أخت لكنت فعلت أي شيء من أجلهما مهما تعاركا معي أو حتى قتلاني ! "
تناولت السماعة من يدها و أنا أشعر بالخجل من هروبي هذا...
قربتها من أذني و فمي و تحدّثت :
" نعم يا سامر؟؟ "
" كيف حالك؟ "
" بخير.."
و ساد صمت استمر عدة ثواني ...
قلت :
" أهناك شيء ؟؟ "
فأنا لا أتوقع أن يتصل ليسأل عني فقط ، خصوصا بعد شجارنا الأخير...
قال سامر :
" يجب أن تحضر إلى هنا يا وليد "
ذهلت من عبارته، قلت متوترا و قد انتابني القلق المفاجئ :
" خير؟ هل حصل شيء ؟؟ "
" نعم، و لابد من حضورك "
هوى قلبي على الأرض..من القلق ، قلت و أنا بالكاد أحرك شفتي ّ :
" رغد بخير ؟؟ أ أصابها مكروه ؟؟ "
سامر صمت ، ما جعلني أوشك على الموت... قلت :
" ما بها رغد أخبرني ؟؟ "
قال :
"على ما هي عليه، أريدك حضورك فورا "
رد: رواية انت لي... اكثر من رائعه
التقطت بعض أنفاسي و قلت :
" لم سامر؟ أخبرني ماذا حصل ؟؟ "
" لن أخبرك على الهاتف ، تعال بأسرع وقت يا وليد.. الأمر غاية في الأهمية "
لم استطع بعد تلك المكالمة السكون برهة واحدة ، تحركت بعصبية كالمجنون ..
و من فوري ذهبت لأبحث عن سيارة أجرة، إذ أنني لم أكن أملك واحدة كما تعلمون...
أرادت أروى مرافقتي ألا أنني عارضت ذلك، و خلال ساعة، كنت أشق طريقي نحو شقة سامر..
و قلبي شديد الانقباض.. لابد أن مكروها قد حل ّ بصغيرتي و إن كان كذلك
فلن أسامح نفسي على البقاء بعيدا بينما هي مريضة...
قطعت المسافة في زمن قياسي، و حين وصلت أخيرا إلى الشقة
قرعت الباب بشكل متواصل إلى أن فتحه أخي أخيرا...
من النظرة الأولى إلى وجهه أدركت أن الموضوع أخطر مما تصوّرت.. كانت عيناه حمراوان و جفونه وارمة
و وجهه شديد الكآبة... و السواد أيضا...
منظره أوقع قلبي تحت قدمي ّ في الحال...
و قبل أي كلمة أخرى هتفت مفزوعا :
" أين رغد ؟؟ "
و ركضت إلى الداخل مسرعا و أنا أنادي :
" رغد ... رغد ... "
و حين بلغت غرفتها طرقت الباب بقوة... و أنا أهتف بفزع...
" رغد... أأنت هنا ؟ "
فتح الباب و ظهرت رغد .. و ما أن وقعت أعيننا على بعضها البعض حتى كدت أخر صريعا..
" رغد ! "
" وليد ... "
" أنت ِ بخير صغيرتي ؟؟ أنت بخير ؟؟ "
انفجرت رغد باكية بقوة ، التفت إلى الوراء فإذا بسامر يقف خلفي ، هتفت :
" ماذا حصل ؟ "
رغد ازداد بكاؤها ..
قلت منفعلا :
" أخبراني ماذا حدث ؟؟ "
و نظرت إلى سامر في انتظار ما سيقول ...
سامر حرّك شفتاه و قال أخيرا :
" أصيب والدانا في الغارة على الحدود"
صعقت ، شهقت :
" ماذا ؟؟ "
طأطأ سامر رأسه للأسفل ، فقلت بسرعة :
" سامر ؟؟ "
لم يرفع عينيه في البداية، ألا أنه حين رفعهما كانتا غارقتين في الدموع، و قال أخيرا :
" قتلوهما.."
شهر كامل قد مضى، و أنا مقيم مع أخي و رغد في هذه الشقة... نسبح في بحر الدموع و الألم...
لا يقوى أحدنا حتى على النهوض من المقعد الذي يجلس عليه... أسوأ اللحظات..
كانت تلك اللحظات التي رأيت فيه رغد تلطم وجهها و تصرخ و تنوح و تصيح...
" لماذا كتب علي أن أيتّم مرتين؟؟ من بقي لي بعدهما؟؟ أريد أن ألحق بهما.. أمي .. أبي .. أنا مدللتكما العزيزة..
كيف تفعلان هذا بي ؟؟ كيف تتركاني يتيمة من جديد؟ و أنا في أمس الحاجة إليكما.. ليتني متّ منذ صغري..
ليتني احترقت مع المنزل و لم أعش هذا اليوم... وا حسرتاه"
كانت تجول في الشقة و تصرخ و تنادي كالمجنونة.. و تصفع رأسها بأي شيء تصادفه في طريقها..
و كنت أمشي خلفها، محاولا تهدئتها و مواساتها ، بينما أنا الأكثر حاجة للمواساة..
أبعد حرماني منهما لثمان سنين.. ثمان سنين كان من الممكن أن أقضيها تحت رعايتهما و حبهما..
" لم سامر؟ أخبرني ماذا حصل ؟؟ "
" لن أخبرك على الهاتف ، تعال بأسرع وقت يا وليد.. الأمر غاية في الأهمية "
لم استطع بعد تلك المكالمة السكون برهة واحدة ، تحركت بعصبية كالمجنون ..
و من فوري ذهبت لأبحث عن سيارة أجرة، إذ أنني لم أكن أملك واحدة كما تعلمون...
أرادت أروى مرافقتي ألا أنني عارضت ذلك، و خلال ساعة، كنت أشق طريقي نحو شقة سامر..
و قلبي شديد الانقباض.. لابد أن مكروها قد حل ّ بصغيرتي و إن كان كذلك
فلن أسامح نفسي على البقاء بعيدا بينما هي مريضة...
قطعت المسافة في زمن قياسي، و حين وصلت أخيرا إلى الشقة
قرعت الباب بشكل متواصل إلى أن فتحه أخي أخيرا...
من النظرة الأولى إلى وجهه أدركت أن الموضوع أخطر مما تصوّرت.. كانت عيناه حمراوان و جفونه وارمة
و وجهه شديد الكآبة... و السواد أيضا...
منظره أوقع قلبي تحت قدمي ّ في الحال...
و قبل أي كلمة أخرى هتفت مفزوعا :
" أين رغد ؟؟ "
و ركضت إلى الداخل مسرعا و أنا أنادي :
" رغد ... رغد ... "
و حين بلغت غرفتها طرقت الباب بقوة... و أنا أهتف بفزع...
" رغد... أأنت هنا ؟ "
فتح الباب و ظهرت رغد .. و ما أن وقعت أعيننا على بعضها البعض حتى كدت أخر صريعا..
" رغد ! "
" وليد ... "
" أنت ِ بخير صغيرتي ؟؟ أنت بخير ؟؟ "
انفجرت رغد باكية بقوة ، التفت إلى الوراء فإذا بسامر يقف خلفي ، هتفت :
" ماذا حصل ؟ "
رغد ازداد بكاؤها ..
قلت منفعلا :
" أخبراني ماذا حدث ؟؟ "
و نظرت إلى سامر في انتظار ما سيقول ...
سامر حرّك شفتاه و قال أخيرا :
" أصيب والدانا في الغارة على الحدود"
صعقت ، شهقت :
" ماذا ؟؟ "
طأطأ سامر رأسه للأسفل ، فقلت بسرعة :
" سامر ؟؟ "
لم يرفع عينيه في البداية، ألا أنه حين رفعهما كانتا غارقتين في الدموع، و قال أخيرا :
" قتلوهما.."
شهر كامل قد مضى، و أنا مقيم مع أخي و رغد في هذه الشقة... نسبح في بحر الدموع و الألم...
لا يقوى أحدنا حتى على النهوض من المقعد الذي يجلس عليه... أسوأ اللحظات..
كانت تلك اللحظات التي رأيت فيه رغد تلطم وجهها و تصرخ و تنوح و تصيح...
" لماذا كتب علي أن أيتّم مرتين؟؟ من بقي لي بعدهما؟؟ أريد أن ألحق بهما.. أمي .. أبي .. أنا مدللتكما العزيزة..
كيف تفعلان هذا بي ؟؟ كيف تتركاني يتيمة من جديد؟ و أنا في أمس الحاجة إليكما.. ليتني متّ منذ صغري..
ليتني احترقت مع المنزل و لم أعش هذا اليوم... وا حسرتاه"
كانت تجول في الشقة و تصرخ و تنادي كالمجنونة.. و تصفع رأسها بأي شيء تصادفه في طريقها..
و كنت أمشي خلفها، محاولا تهدئتها و مواساتها ، بينما أنا الأكثر حاجة للمواساة..
أبعد حرماني منهما لثمان سنين.. ثمان سنين كان من الممكن أن أقضيها تحت رعايتهما و حبهما..
رد: رواية انت لي... اكثر من رائعه
اللذين مهما كبرت سأبقى بحاجة إليهما، أفقدهما بهذا الشكل؟؟
حينما أتذكر يوم وداعهما...
آه يا أمي.. و يا أبي..
لو كنت أعرف أنه اللقاء الأخير.. ما كنت تركتكما تخرجان...
أتذكر وصايا أمي... (اعتني بشقيقتيك جيدا لحين عودتنا).. أماه.. هاأنا قد اعتنيت بهما و إن قصّرت..
فأين عودتك ؟؟
لو كنت أعلم أنه آخر العهد لي بكما... ما فارقتكما لحظة واحدة حتى أموت دونكما أو معكما..
لكنه قضاء الله..و مشيئة الله..
يا رب.. فكما جاءاك ملبيين طائفين حول بيتك المشرّف
يا رب فأكرمهما بنعيم الجنة التي وعدت بها عبادك المؤمنين...
و لا حول و لا قوّة إلا بالله...
شهر كامل قد انقضى و لم تتحسن أحوالنا النفسية شيئا يذكر..
و هل يمكن أن يندمل جرح كهذا؟؟
لقد كانا في حافلة مع مجموعة من الحجيج عائدين إلى البلد، بعدما نفذ صبر الجميع
و دفعهم الحنين لأهلهم للإقدام على السفر برا...و كانت مجازفة أودت بحياتهم جميعا ...
نحن.. و يا من كنا غارقين في بحر الحزن و المآسي.. و يا من تشردنا..و تشتتنا..
و تفرّقنا و انتكست أحوالنا و تنافرت قلوبنا..و كنا ننتظر عودة والدينا لعل ّ الله يصلح الحال..
يأتينا نبأ مصرعهما المفاجئ المفجع.. و ينسف ما بقي لنا من قوة أيما نسف...
السلطات اتصلت بأخي سامر و أبلغته الخبر المفجع، ليذهب لاستلام الجثتين من إحدى المستشفيات
التي نقل إليها جميع راكبي الحافلة، و الذين قتلوا جميعا دون استثناء..
كنت أريد الذهب..فقط لألقي نظرة..فقط لأقبّل أي شيء منهما..رأسيهما..جبنيهما.. أيديهما..إقدامهما
أو حتى ملابسهما..أي شيء منهما و لهما..لكني بقيت رغما عني ملازما رغد في المستشفى..
متوقعا أن أفقدها هي الأخرى..بين لحظة و أخرى..
كانت أفظع أيام حياتي..
كانت نائمة معظم الوقت، و كلنا أفاقت سألتني :
" أين أبي؟؟ أين أمي ؟؟ ألا أزال حية ؟؟ متى سأموت؟؟"
و لا أجد شيئا أواسيها به غير آهات تنطلق من صدري ، و شلالات تتدفق من عيني..
ونيران تحرق جسدي و ترديني فتاتا.. رمادا..غبارا..
عندما عاد أخي..كنت أنظر إلى عينيه بتمعن..أحدق بهما بجنون..علّ صورة والدي قد انطبعتا عليهما..
علّني أرى طيف ما رأتاه..
أخذت أضمه، و أشمه و أقبّله.. فقد كان معهما..و ربما علق به شيء منهما..أي شيء...
أي شيء...
و حين سألن عن رغد.. قلت باكيا :
" ستموت! إنني أراها تموت بين يدي.. ماذا أستطيع أن أفعل؟ ليتني متّ قبل هذا "
و حين تحدث معها ، سألته بلهفة :
" أين هما؟؟ هل عادا معك؟؟ هل عادا للمنزل؟ أعدني إليهما..فأنا أريد أن يشهدا عرسي..ليس مثل دانة !"
أي عرس يا رغد.. أي فرح.. أي لقاء تتحدثين عنه ؟؟
لقد انتهى كل شيء.. و الحبيبان اللذان كانا يدللانك و يحيطاننا جميعا بالحب و الرعاية..
ذهبا في رعاية من لا يحمد على مكروه قضى به سواه...
اللهم لا اعتراض على قضائك...
و إنا لله .. و إنا إليه راجعون....
اليوم، و كما قررت أخيرا، سأذهب إلى المزرعة.. فلا بد لي من مواصلة العمل، و الدراسة في ذلك المعهد..
و العودة إلى أهلي بعدما حصل.. أصبحت ضربا من المحال..
فمن يريد العودة إلى جحيم الذكريات... ؟؟
سامر..كان قد أهداني سيارة قبل أيام، جاءت منقذة لي في وقت الحاجة الحقيقية.. شكرته كثيرا..
و أذكر أنه يومها ابتسم ابتسامة واهية و قال
حينما أتذكر يوم وداعهما...
آه يا أمي.. و يا أبي..
لو كنت أعرف أنه اللقاء الأخير.. ما كنت تركتكما تخرجان...
أتذكر وصايا أمي... (اعتني بشقيقتيك جيدا لحين عودتنا).. أماه.. هاأنا قد اعتنيت بهما و إن قصّرت..
فأين عودتك ؟؟
لو كنت أعلم أنه آخر العهد لي بكما... ما فارقتكما لحظة واحدة حتى أموت دونكما أو معكما..
لكنه قضاء الله..و مشيئة الله..
يا رب.. فكما جاءاك ملبيين طائفين حول بيتك المشرّف
يا رب فأكرمهما بنعيم الجنة التي وعدت بها عبادك المؤمنين...
و لا حول و لا قوّة إلا بالله...
شهر كامل قد انقضى و لم تتحسن أحوالنا النفسية شيئا يذكر..
و هل يمكن أن يندمل جرح كهذا؟؟
لقد كانا في حافلة مع مجموعة من الحجيج عائدين إلى البلد، بعدما نفذ صبر الجميع
و دفعهم الحنين لأهلهم للإقدام على السفر برا...و كانت مجازفة أودت بحياتهم جميعا ...
نحن.. و يا من كنا غارقين في بحر الحزن و المآسي.. و يا من تشردنا..و تشتتنا..
و تفرّقنا و انتكست أحوالنا و تنافرت قلوبنا..و كنا ننتظر عودة والدينا لعل ّ الله يصلح الحال..
يأتينا نبأ مصرعهما المفاجئ المفجع.. و ينسف ما بقي لنا من قوة أيما نسف...
السلطات اتصلت بأخي سامر و أبلغته الخبر المفجع، ليذهب لاستلام الجثتين من إحدى المستشفيات
التي نقل إليها جميع راكبي الحافلة، و الذين قتلوا جميعا دون استثناء..
كنت أريد الذهب..فقط لألقي نظرة..فقط لأقبّل أي شيء منهما..رأسيهما..جبنيهما.. أيديهما..إقدامهما
أو حتى ملابسهما..أي شيء منهما و لهما..لكني بقيت رغما عني ملازما رغد في المستشفى..
متوقعا أن أفقدها هي الأخرى..بين لحظة و أخرى..
كانت أفظع أيام حياتي..
كانت نائمة معظم الوقت، و كلنا أفاقت سألتني :
" أين أبي؟؟ أين أمي ؟؟ ألا أزال حية ؟؟ متى سأموت؟؟"
و لا أجد شيئا أواسيها به غير آهات تنطلق من صدري ، و شلالات تتدفق من عيني..
ونيران تحرق جسدي و ترديني فتاتا.. رمادا..غبارا..
عندما عاد أخي..كنت أنظر إلى عينيه بتمعن..أحدق بهما بجنون..علّ صورة والدي قد انطبعتا عليهما..
علّني أرى طيف ما رأتاه..
أخذت أضمه، و أشمه و أقبّله.. فقد كان معهما..و ربما علق به شيء منهما..أي شيء...
أي شيء...
و حين سألن عن رغد.. قلت باكيا :
" ستموت! إنني أراها تموت بين يدي.. ماذا أستطيع أن أفعل؟ ليتني متّ قبل هذا "
و حين تحدث معها ، سألته بلهفة :
" أين هما؟؟ هل عادا معك؟؟ هل عادا للمنزل؟ أعدني إليهما..فأنا أريد أن يشهدا عرسي..ليس مثل دانة !"
أي عرس يا رغد.. أي فرح.. أي لقاء تتحدثين عنه ؟؟
لقد انتهى كل شيء.. و الحبيبان اللذان كانا يدللانك و يحيطاننا جميعا بالحب و الرعاية..
ذهبا في رعاية من لا يحمد على مكروه قضى به سواه...
اللهم لا اعتراض على قضائك...
و إنا لله .. و إنا إليه راجعون....
اليوم، و كما قررت أخيرا، سأذهب إلى المزرعة.. فلا بد لي من مواصلة العمل، و الدراسة في ذلك المعهد..
و العودة إلى أهلي بعدما حصل.. أصبحت ضربا من المحال..
فمن يريد العودة إلى جحيم الذكريات... ؟؟
سامر..كان قد أهداني سيارة قبل أيام، جاءت منقذة لي في وقت الحاجة الحقيقية.. شكرته كثيرا..
و أذكر أنه يومها ابتسم ابتسامة واهية و قال
رد: رواية انت لي... اكثر من رائعه
" و لم كل هذا الشكر ! إنها مجرّد سيارة.. بلا روح و لا مشاعر !"
استغربت من ردّه، ألا أنه غير الحديث مباشرة...
زرت المزرعة مرتين اثنتين فقط مذ قدمت إلى هنا.. فقد كان بقائي قرب رغد
هو مركز اهتمامي و بؤرته...
أما أحوال العائلة هناك كانت مستقرة..
أجمع أشيائي في حقيبة أضعها على السرير، باب الغرفة مفتوح، يطل منه أخي سامر...
و يتحدّث ...
" أحقا سترحل وليد؟؟ "
استدير إليه و أقول :
" كما ترى "
مشيرا إلى الحقيبة.. و أضيف :
" سأعود إلى عملي، و دراستي"
يظل واقفا عند الباب ، ثم يخطو خطوتين إلى الداخل و يقول بصوت خافت :
" أنا أيضا سأعود إلى عملي... انتهت إجازتي الممددّة "
التفت إليه و أنا أدرك ما يعني، بل هو أكثر ما يشغل تفكيري على الإطلاق، لكنني أقول :
" و إذا ؟؟ "
يقول :
" رغد... "
نعم ، لا زلنا و منذ زمن..نقف عند هذه النقطة.. رغد...
قال :
" لا يمكن تركها وحيدة..، خذها معك "
و فاجأني هذا الطلب، فهو آخر ما كنت أتوقع أن يطلبه أخي مني...
لقد كنت أنا من سيطرح الفكرة، و خشيت أن أعقد الأمور أكثر في وقت نحن فيه في غنى تام عن أي تشويش يزيدنا ألما فوق ألم...
قلت :
" معي أنا ؟؟ "
" نعم يا وليد.. فهناك حيث تقيم، لديك عائلة يمكن لرغد أن تظل تحت رعايتهم أثناء غيابك.. لكن هنا في هذه الشقة..."
لم يتم كلامه..
لقد كان هذا الموضوع هو شغلي الشاغل منذ قررت العودة للمزرعة، ألا أنني لم
أكن أعرف الطريق لفتحه أمام سامر، خطيب رغد...
قلت :
" ما كنتَ فاعلا لو أنكما تزوجتما إذن؟ "
قال :
" ربما ..أتركها في بيتنا مع والدي ّ "
و الكلمة قرصت قلبينا... و عصرت شعورنا...
تابع :
" ألا أنه .. لا والدين لنا.. و لا بيت.."
" يكفي أرجوك.."
قلت ذلك محاولا إبعاد غيمة الهم عني، فقد اكتفيت من كل ذلك..
اكتفيت من الهموم التي حملتها على صدري مذ ارتكبت جريمتي و حتى هذا اليوم...
بددت أشباح الذكرى المؤلمة بعيدا عن رأسي.. و قلت :
" أتظنها ترحب بذلك ؟؟ "
ابتسم ابتسامة مائلة للسخرية و قال :
" جرّب سؤالها بنفسك..."
و رمقني بنظرة حادة، ثم غادر الغرفة...
بعدما انتهيت من جمع أشيائي، ذهب إلى غرفة رغد...
استغربت من ردّه، ألا أنه غير الحديث مباشرة...
زرت المزرعة مرتين اثنتين فقط مذ قدمت إلى هنا.. فقد كان بقائي قرب رغد
هو مركز اهتمامي و بؤرته...
أما أحوال العائلة هناك كانت مستقرة..
أجمع أشيائي في حقيبة أضعها على السرير، باب الغرفة مفتوح، يطل منه أخي سامر...
و يتحدّث ...
" أحقا سترحل وليد؟؟ "
استدير إليه و أقول :
" كما ترى "
مشيرا إلى الحقيبة.. و أضيف :
" سأعود إلى عملي، و دراستي"
يظل واقفا عند الباب ، ثم يخطو خطوتين إلى الداخل و يقول بصوت خافت :
" أنا أيضا سأعود إلى عملي... انتهت إجازتي الممددّة "
التفت إليه و أنا أدرك ما يعني، بل هو أكثر ما يشغل تفكيري على الإطلاق، لكنني أقول :
" و إذا ؟؟ "
يقول :
" رغد... "
نعم ، لا زلنا و منذ زمن..نقف عند هذه النقطة.. رغد...
قال :
" لا يمكن تركها وحيدة..، خذها معك "
و فاجأني هذا الطلب، فهو آخر ما كنت أتوقع أن يطلبه أخي مني...
لقد كنت أنا من سيطرح الفكرة، و خشيت أن أعقد الأمور أكثر في وقت نحن فيه في غنى تام عن أي تشويش يزيدنا ألما فوق ألم...
قلت :
" معي أنا ؟؟ "
" نعم يا وليد.. فهناك حيث تقيم، لديك عائلة يمكن لرغد أن تظل تحت رعايتهم أثناء غيابك.. لكن هنا في هذه الشقة..."
لم يتم كلامه..
لقد كان هذا الموضوع هو شغلي الشاغل منذ قررت العودة للمزرعة، ألا أنني لم
أكن أعرف الطريق لفتحه أمام سامر، خطيب رغد...
قلت :
" ما كنتَ فاعلا لو أنكما تزوجتما إذن؟ "
قال :
" ربما ..أتركها في بيتنا مع والدي ّ "
و الكلمة قرصت قلبينا... و عصرت شعورنا...
تابع :
" ألا أنه .. لا والدين لنا.. و لا بيت.."
" يكفي أرجوك.."
قلت ذلك محاولا إبعاد غيمة الهم عني، فقد اكتفيت من كل ذلك..
اكتفيت من الهموم التي حملتها على صدري مذ ارتكبت جريمتي و حتى هذا اليوم...
بددت أشباح الذكرى المؤلمة بعيدا عن رأسي.. و قلت :
" أتظنها ترحب بذلك ؟؟ "
ابتسم ابتسامة مائلة للسخرية و قال :
" جرّب سؤالها بنفسك..."
و رمقني بنظرة حادة، ثم غادر الغرفة...
بعدما انتهيت من جمع أشيائي، ذهب إلى غرفة رغد...
رد: رواية انت لي... اكثر من رائعه
طوال الأيام الماضية لم تكن تغادرها .. حتى القليل من الطعام الذي كانت تعيش عليه، تتناوله على سريرها..
حالتها كانت سيئة جدا ولازمت المستشفى وقتا طويلا، و كنا نتناوب أنا و سامر على رعايتها...
ألا أنها تحسّنت في الآونة الأخيرة.. و أحضرناها إلى هنا.. و الحمد لله
فلو أصابها شيء..هي الأخرى، فسوف أموت فورا لا محالة...لن يقوى قلبي على تحمّل صدمة أخرى..
و خصوصا للحبيبة رغد..لا قدّر الله ..
طرقت الباب و ذكرت اسمي، ثوان، ثم أذنت لي بالدخول...
دخلت، فرأيتها جالسة على السرير، كالعادة، ألا أنها ترسم شيئا ما في كراستها...
اقتربت لألقي نظرة على ما ترسم، كانت صورتين وهميتين لوالدي ّ رحمهما الله.. مرسومتين بالقلم الرصاصي،
و بمعالم غامضة مبهمة...
" كيف أنت صغيرتي؟ "
لم ترفع عينيها عن الرسمة، قالت :
" كما أنا "
و هو جواب يقتلني...إن كنتم لا تعلمون...
قلت :
" أنت بخير، الحمد لله .."
قالت :
" نعم ، بخير.. يتيمة مرتين، وحيدة و بلا أهل.. و لا من يتولى رعايتي .. عالة على ابن عمّي ... "
مزقتني كلماتها هذه، قلت :
" عالة على خطيبك !؟ "
قالت مصححة :
" ابن عمّي.. فأنا لن أتزوّجه.. ما لم يحضر والداي و يباركا زواجنا.."
كادت الدمعة تقفز من عيني... اقتربت منها أكثر.. و قلت محاولا المواساة :
" حتى لو لم تتزوجيه، يبقى ابن عمّك و مسؤولا عنك.. فلا تأتي بذكر كلمة عالة هذه مرة أخرى "
الآن، قامت بالخربشة على الصورتين بخطوط عشوائية حادة، ثم ..
نزعت الورقة من الكراسة، ثم مزّقتها..
أخيرا نظرت إلي :
" لم لا ترسلاني إلى دار لرعاية الأيتام ؟ "
" رغد بالله عليك.. لم تقولين ذلك ؟؟ "
" نعم فهو المكان الأنسب لي، سامر يريد العودة للعمل و أنا أعيقه "
قلت بألم :
" و أنا ؟ "
رمقتني بنظرة مبهمة ، ثم قالت :
" و أنت ستعود إلى عملك، و فتاتك..، و دانة تزوجت و استقرت مع زوجها في الخارج..، بلا بيت و لا والدين ..
و لا أهل.. إما أن ترسلاني لبيت خالتي، أو لدار الأيتام "
اغتظت، و قلت بعصبية :
" كفّي عن ذلك يا رغد، بالله عليك... أتظنين أنني سأتخلى عنك بهذه السهولة ! "
رغد حدقت بي، متشككة مرتابة...
قلت :
" أبدا يا رغد ! لا تظني .. أنه بوفاة والدي رحمه الله.. لم يعد لك ولي مسؤول.. إنك من الآن فصاعدا، لا ..
بل من يوم وفاته فصاعدا بل و من يوم وفاة والديك الحقيقيين فصاعدا.. تحت مسؤوليتي أنا.."
لا تزال تحملق بي بريبة..
قلت :
" و من هذه اللحظة، اعتبريني أمك و أباك و أخاك و كل شيء.. "
شيء من التصديق ظهر على وجهها.. أرادت التحدث ألا أنها منعت نفسها .. قلت مؤكدا :
" نعم صغيرتي، و لتكوني واثقة مائة بالمائة.. من أنك ستبقين ملازمة لي كعيني هاتين..
و لسوف أفقأهما قبل أن أبعدك عني مترا واحدا ! "
حالتها كانت سيئة جدا ولازمت المستشفى وقتا طويلا، و كنا نتناوب أنا و سامر على رعايتها...
ألا أنها تحسّنت في الآونة الأخيرة.. و أحضرناها إلى هنا.. و الحمد لله
فلو أصابها شيء..هي الأخرى، فسوف أموت فورا لا محالة...لن يقوى قلبي على تحمّل صدمة أخرى..
و خصوصا للحبيبة رغد..لا قدّر الله ..
طرقت الباب و ذكرت اسمي، ثوان، ثم أذنت لي بالدخول...
دخلت، فرأيتها جالسة على السرير، كالعادة، ألا أنها ترسم شيئا ما في كراستها...
اقتربت لألقي نظرة على ما ترسم، كانت صورتين وهميتين لوالدي ّ رحمهما الله.. مرسومتين بالقلم الرصاصي،
و بمعالم غامضة مبهمة...
" كيف أنت صغيرتي؟ "
لم ترفع عينيها عن الرسمة، قالت :
" كما أنا "
و هو جواب يقتلني...إن كنتم لا تعلمون...
قلت :
" أنت بخير، الحمد لله .."
قالت :
" نعم ، بخير.. يتيمة مرتين، وحيدة و بلا أهل.. و لا من يتولى رعايتي .. عالة على ابن عمّي ... "
مزقتني كلماتها هذه، قلت :
" عالة على خطيبك !؟ "
قالت مصححة :
" ابن عمّي.. فأنا لن أتزوّجه.. ما لم يحضر والداي و يباركا زواجنا.."
كادت الدمعة تقفز من عيني... اقتربت منها أكثر.. و قلت محاولا المواساة :
" حتى لو لم تتزوجيه، يبقى ابن عمّك و مسؤولا عنك.. فلا تأتي بذكر كلمة عالة هذه مرة أخرى "
الآن، قامت بالخربشة على الصورتين بخطوط عشوائية حادة، ثم ..
نزعت الورقة من الكراسة، ثم مزّقتها..
أخيرا نظرت إلي :
" لم لا ترسلاني إلى دار لرعاية الأيتام ؟ "
" رغد بالله عليك.. لم تقولين ذلك ؟؟ "
" نعم فهو المكان الأنسب لي، سامر يريد العودة للعمل و أنا أعيقه "
قلت بألم :
" و أنا ؟ "
رمقتني بنظرة مبهمة ، ثم قالت :
" و أنت ستعود إلى عملك، و فتاتك..، و دانة تزوجت و استقرت مع زوجها في الخارج..، بلا بيت و لا والدين ..
و لا أهل.. إما أن ترسلاني لبيت خالتي، أو لدار الأيتام "
اغتظت، و قلت بعصبية :
" كفّي عن ذلك يا رغد، بالله عليك... أتظنين أنني سأتخلى عنك بهذه السهولة ! "
رغد حدقت بي، متشككة مرتابة...
قلت :
" أبدا يا رغد ! لا تظني .. أنه بوفاة والدي رحمه الله.. لم يعد لك ولي مسؤول.. إنك من الآن فصاعدا، لا ..
بل من يوم وفاته فصاعدا بل و من يوم وفاة والديك الحقيقيين فصاعدا.. تحت مسؤوليتي أنا.."
لا تزال تحملق بي بريبة..
قلت :
" و من هذه اللحظة، اعتبريني أمك و أباك و أخاك و كل شيء.. "
شيء من التصديق ظهر على وجهها.. أرادت التحدث ألا أنها منعت نفسها .. قلت مؤكدا :
" نعم صغيرتي، و لتكوني واثقة مائة بالمائة.. من أنك ستبقين ملازمة لي كعيني هاتين..
و لسوف أفقأهما قبل أن أبعدك عني مترا واحدا ! "
رد: رواية انت لي... اكثر من رائعه
الآن رغد راحت تنظر إلى المسافة التي تفصل بيننا، بضع خطوات تتجاوز المتر..
ثم تنظر إلي...
نظرت أنا إلى حيث نظرت، ثم خطوت خطوتين للأمام، و قلت :
" متر ! أليس كذلك ؟؟ "
هنا .. انطلقت ضحكة غير متوقعة من حنجرة رغد..
ضحكة صغيرة كصغر حجمها و حجم حنجرتها..
و قصيرة كقصر المسافة التي بيننا هذه اللحظة... و مبهجة كبهجة العيد !
لم أستطع منع نفسي من الابتسام.. و هل هناك أجمل من ابتسامة
أو ضحكة عفوية تشق طريقها بين الدموع و الهموم؟؟
لما رأيت منها هذا التجاوب، فرحت كثيرا.. فضحكة رغد ليست بالأمر السهل..
إنها أعجوبة حصلت في زمن المرض و المآسي...
قلت :
" بما أن سامر سيبدأ العمل و سينشغل ثمان ساعات من النهار خارج الشقة،
و أنا لابد لي من العودة لعملي، فأنا سآخذك معي.. فهل تقبلين ؟؟ "
قالت :
" و سامر؟ يبقى وحيدا ؟ "
قلت :
" سنأتي أسبوعيا لزيارته أو يأتينا هو.. ربما تتغير ظروفنا فيما بعد.. و نستقر جميعا في مكان واحد.. ما رأيك ؟ "
نظرت إلى الأرض، ثم قالت :
" حسنا "
أثلج صدري، ارتخت عضلاتي و ارتاح قلبي من توتره.. قلت :
" إذن اجمعي أشياءك الآن، سنذهب عصرا "
وقفت رغد مباشرة، و بدأت بجمع قصاصات الورقة التي مزقتها قبل قليل..
أخذت تنظر إليها، و شردت...
قلت مداعبا :
" اطمئني يا رغد.. سترين..أي نوع من الآباء و الأمهات سأكون ! "
ابتسمت رغد، و ألقت القصاصات في سلة المهملات...
~ ~ ~ ~ ~
لم يكن لدي الكثير من الأشياء، لذا لم احتج أكثر من حقيبة صغيرة جمعت حاجياتي فيها
و وضعتها قرب الباب..
وليد ذهب إلى الحلاق، و حينما يعود .. سنغادر..
سوف لن أتحدث عن فاجعة موت والدي ّ لأنني لا أريد لدموعي و دموعكم أن تنهمر..
فقد اكتفيت..تشبّعت للحد الذي لم تعد فيه الدموع تحمل أي معنى...
لقد كنت أنا من أصرّ عليهما بالحضور بأية وسيلة.. فقد كنت في حالة سيئة كما تعلمون..
و ربما هذا ما دفعهما لسلك الطريق البري الخطر..
أنا الآن فتاة يتيمة مرتين.. بلا ولي و لا أهل، غير خطيب لن أتزوجه يوما.. و ابن عم لن يتزوجني يوما..
لكنه لن يتخلى عني..
أجهل طبيعة الحياة التي سأعيشها من الآن فصاعدا.. ألا أنني لا أملك من الأمر شيئا
و إذا ما كتب لي العودة إلى المدينة الصناعية ذات يوم، فلسوف استقر في بيت خالتي..
حتى يومنا هذا، و الحظر الشديد مستمر على المدينة الصناعية
و مجموعة من المدن التي تعرضت أو لا تزال تتعرض للقصف و التدمير من قبل العدو...
أما هذه المدنية، و كذلك المدينة الزراعية، فهما بعيدتان عن دائرة الحرب...
ارتديت عباءتي، مستعدة للخروج .. و لمحت سامر يقبل نحوي..
وقفت أنظر إليه و هو ينظر إلي.. و كانت النظرات أبلغ من الكلمات..
قال :
" سأفتقدك"
قلت :
ثم تنظر إلي...
نظرت أنا إلى حيث نظرت، ثم خطوت خطوتين للأمام، و قلت :
" متر ! أليس كذلك ؟؟ "
هنا .. انطلقت ضحكة غير متوقعة من حنجرة رغد..
ضحكة صغيرة كصغر حجمها و حجم حنجرتها..
و قصيرة كقصر المسافة التي بيننا هذه اللحظة... و مبهجة كبهجة العيد !
لم أستطع منع نفسي من الابتسام.. و هل هناك أجمل من ابتسامة
أو ضحكة عفوية تشق طريقها بين الدموع و الهموم؟؟
لما رأيت منها هذا التجاوب، فرحت كثيرا.. فضحكة رغد ليست بالأمر السهل..
إنها أعجوبة حصلت في زمن المرض و المآسي...
قلت :
" بما أن سامر سيبدأ العمل و سينشغل ثمان ساعات من النهار خارج الشقة،
و أنا لابد لي من العودة لعملي، فأنا سآخذك معي.. فهل تقبلين ؟؟ "
قالت :
" و سامر؟ يبقى وحيدا ؟ "
قلت :
" سنأتي أسبوعيا لزيارته أو يأتينا هو.. ربما تتغير ظروفنا فيما بعد.. و نستقر جميعا في مكان واحد.. ما رأيك ؟ "
نظرت إلى الأرض، ثم قالت :
" حسنا "
أثلج صدري، ارتخت عضلاتي و ارتاح قلبي من توتره.. قلت :
" إذن اجمعي أشياءك الآن، سنذهب عصرا "
وقفت رغد مباشرة، و بدأت بجمع قصاصات الورقة التي مزقتها قبل قليل..
أخذت تنظر إليها، و شردت...
قلت مداعبا :
" اطمئني يا رغد.. سترين..أي نوع من الآباء و الأمهات سأكون ! "
ابتسمت رغد، و ألقت القصاصات في سلة المهملات...
~ ~ ~ ~ ~
لم يكن لدي الكثير من الأشياء، لذا لم احتج أكثر من حقيبة صغيرة جمعت حاجياتي فيها
و وضعتها قرب الباب..
وليد ذهب إلى الحلاق، و حينما يعود .. سنغادر..
سوف لن أتحدث عن فاجعة موت والدي ّ لأنني لا أريد لدموعي و دموعكم أن تنهمر..
فقد اكتفيت..تشبّعت للحد الذي لم تعد فيه الدموع تحمل أي معنى...
لقد كنت أنا من أصرّ عليهما بالحضور بأية وسيلة.. فقد كنت في حالة سيئة كما تعلمون..
و ربما هذا ما دفعهما لسلك الطريق البري الخطر..
أنا الآن فتاة يتيمة مرتين.. بلا ولي و لا أهل، غير خطيب لن أتزوجه يوما.. و ابن عم لن يتزوجني يوما..
لكنه لن يتخلى عني..
أجهل طبيعة الحياة التي سأعيشها من الآن فصاعدا.. ألا أنني لا أملك من الأمر شيئا
و إذا ما كتب لي العودة إلى المدينة الصناعية ذات يوم، فلسوف استقر في بيت خالتي..
حتى يومنا هذا، و الحظر الشديد مستمر على المدينة الصناعية
و مجموعة من المدن التي تعرضت أو لا تزال تتعرض للقصف و التدمير من قبل العدو...
أما هذه المدنية، و كذلك المدينة الزراعية، فهما بعيدتان عن دائرة الحرب...
ارتديت عباءتي، مستعدة للخروج .. و لمحت سامر يقبل نحوي..
وقفت أنظر إليه و هو ينظر إلي.. و كانت النظرات أبلغ من الكلمات..
قال :
" سأفتقدك"
قلت :
رد: رواية انت لي... اكثر من رائعه
" و أنا كذلك.. سنأتي لزيارتك كل أسبوع"
ابتسم ابتسامة واهنة و من ثم قال :
" هل ستكونين على ما يرام هناك ؟؟"
لم أرد.. فأنا لا أعلم ما الذي ينتظرني..
" أينما كنت يا رغد..أتمنى لك السعادة و الراحة "
نظرت إليه نظرة امتنان..
أمسك يدي بحنان و قال :
" سأكون هنا.. متى ما احتجتني.. دائما في انتظارك و رهن إشارتك.."
لم أملك إلا أن طوّقته بيدي الأخرى.. و قلت :
" يا عزيزي..."
و تعانقنا عناقا هادئا صامتا.. طويلا..
بعد مدّة ، عاد وليد..
ودّعنا سامر.. و ركبنا السيارة، وليد في المقدمة و أنا خلفه.. وانطلقنا...
لكي يقطع الوقت و يقتل الملل، أدار المذياع.. فأخذت أصغي إلى كل شيء و أي شيء.. كما كنت أراقب الطريق...
و رغم الصمت الذي كان رفيق لسانينا، ألا أنني شعرت به يكلّمني...
أكاد أسمع صوته، و أحس بأنفاسه.. و الحرارة المنبعثة من جسده الضخم... كان هو مركزا على الطريق..
بينما أنا أغلب الأحيان مركزة عليه هو...
الآن، و بعد كل الأحداث التي مررت بها..أعترف بأنني لا أزال أحبه..
وصلنا إلى نقطة تفتيش..ما أن لمحتها حتى أصبت بالهلع..فبعد الذي عشته تلك الفترة..
صرت أرتجف خوفا من مثل هذه الأمور...
الشرطي طلب من وليد البطاقة و رخصة القيادة..
ثم سأله عني..
" ابنة عمي "
" أين بطاقتها ؟ "
" إنها لا تحمل بطاقة خاصة، فهي صغيرة "
" إذن بطاقة والدها "
" والدها متوف، ووالدي الكافل كذلك، توفي مؤخرا..ألا أنها مضافة إلى بطاقة شقيقي، خطيبها حاليا "
قال الشرطي متشككا :
" هل هذا صحيح ؟؟ "
قال وليد :
" طبعا ! "
الشرطي التفت إلي أنا و قال :
" هل هذا ابن عمّك ؟ "
قلت بوجل :
" أجل "
" أهو خطيبك ؟ "
" لا ! شقيق خطيبي.."
" و أين خطيبك أو ولي أمرك ؟ "
" لم يأت ِ معنا، لكنه على علم بسفرنا "
" صحيح ؟ "
وليد قال بعصبية وضيق :
" و هل تظنني اختطفتها مثلا ؟ بربّك إنها مثل ابنتي "
ابتعد الشرطي مترددا ثم سمح لنا بالعبور...
أنا كنت أنظر إلى وليد عبر المرآة.. مندهشة و مستنكرة جملته الأخيرة !
ابنته !؟ أنا مثل ابنته ؟؟
فارق السن بيننا لا يبلغ التسع سنين !
ابتسم ابتسامة واهنة و من ثم قال :
" هل ستكونين على ما يرام هناك ؟؟"
لم أرد.. فأنا لا أعلم ما الذي ينتظرني..
" أينما كنت يا رغد..أتمنى لك السعادة و الراحة "
نظرت إليه نظرة امتنان..
أمسك يدي بحنان و قال :
" سأكون هنا.. متى ما احتجتني.. دائما في انتظارك و رهن إشارتك.."
لم أملك إلا أن طوّقته بيدي الأخرى.. و قلت :
" يا عزيزي..."
و تعانقنا عناقا هادئا صامتا.. طويلا..
بعد مدّة ، عاد وليد..
ودّعنا سامر.. و ركبنا السيارة، وليد في المقدمة و أنا خلفه.. وانطلقنا...
لكي يقطع الوقت و يقتل الملل، أدار المذياع.. فأخذت أصغي إلى كل شيء و أي شيء.. كما كنت أراقب الطريق...
و رغم الصمت الذي كان رفيق لسانينا، ألا أنني شعرت به يكلّمني...
أكاد أسمع صوته، و أحس بأنفاسه.. و الحرارة المنبعثة من جسده الضخم... كان هو مركزا على الطريق..
بينما أنا أغلب الأحيان مركزة عليه هو...
الآن، و بعد كل الأحداث التي مررت بها..أعترف بأنني لا أزال أحبه..
وصلنا إلى نقطة تفتيش..ما أن لمحتها حتى أصبت بالهلع..فبعد الذي عشته تلك الفترة..
صرت أرتجف خوفا من مثل هذه الأمور...
الشرطي طلب من وليد البطاقة و رخصة القيادة..
ثم سأله عني..
" ابنة عمي "
" أين بطاقتها ؟ "
" إنها لا تحمل بطاقة خاصة، فهي صغيرة "
" إذن بطاقة والدها "
" والدها متوف، ووالدي الكافل كذلك، توفي مؤخرا..ألا أنها مضافة إلى بطاقة شقيقي، خطيبها حاليا "
قال الشرطي متشككا :
" هل هذا صحيح ؟؟ "
قال وليد :
" طبعا ! "
الشرطي التفت إلي أنا و قال :
" هل هذا ابن عمّك ؟ "
قلت بوجل :
" أجل "
" أهو خطيبك ؟ "
" لا ! شقيق خطيبي.."
" و أين خطيبك أو ولي أمرك ؟ "
" لم يأت ِ معنا، لكنه على علم بسفرنا "
" صحيح ؟ "
وليد قال بعصبية وضيق :
" و هل تظنني اختطفتها مثلا ؟ بربّك إنها مثل ابنتي "
ابتعد الشرطي مترددا ثم سمح لنا بالعبور...
أنا كنت أنظر إلى وليد عبر المرآة.. مندهشة و مستنكرة جملته الأخيرة !
ابنته !؟ أنا مثل ابنته ؟؟
فارق السن بيننا لا يبلغ التسع سنين !
رد: رواية انت لي... اكثر من رائعه
وليد أبي !
بابا وليد !
و شعرت برغبة مفاجئة في الضحك !
ألا أن هذه الرغبة تحوّلت إلى حرج شديد جدا..عندما أصدرت معدتي نداء الجوع !
مباشرة نظر وليد عبر المرآة فالتقت أنظارنا.. و أبعدت عيني بسرعة في خجل شديد...
تكلم وليد قائلا :
" لم تأكلي شيئا منذ الصباح..أليس كذلك؟ "
تحرجت من الرد عليه..و علتني حرة الخجل.. لم أكن في الآونة الأخيرة أتناول أكثر من وجبة واحدة في اليوم..
و كنت أجبر نفسي على أكلها فقط لأبقى حية..
أتذكر الآن.. الطبخات اللذيذة التي كانت أمي، و دانة تعدّانها..
آه أماه..
إنني مشتاقة لأي شيء من يديك.. حتى و لو كان السمك المشوي الذي تعدّينه
و اهرب أنا من المائدة كرها له...
كنت سأدخل متاهة الذكرى المؤلمة، ألا أن صوت وليد أغلق أبواب المتاهة حين سمعته يقول :
" سآخذك إلى مطعم جيد في المدينة الزراعية.. سيعجبك طعامه "
المشوار كان طويلا.. و الهدوء جعل النعاس يطغى علي.. فنمت لبعض الوقت..
صحوت من النوم على صوت وليد يهمس باسمي...
" رغد.. رغد صغيرتي.."
فتحت عيني.. فوجدته ملتفتا إلى الوراء يناديني.. و تلفت من حولي فرأيت السيارة واقفة ..
قال وليد:
" وصلنا "
قلت :
" المزرعة ؟ "
و أنا أطالع ما حولي.. باستغراب..
قال :
" المطعم "
قلت :
" ماذا ؟ "
" المطعم صغيرتي.. نتناول عشاءنا ثم نذهب إلى المزرعة "
و تذكرت أنني كنت جائعة ! كانت الوقت لا يزال باكرا..
وليد فتح بابه و خرج من السيارة، ثم فتح الباب لي..
هبطت و صافحتني أنسام الهواء الباردة.. فضممت ذراعي ّ إلى بعضهما البعض..
" أتشعرين بالبرد؟ "
" قليلا"
" المكان دافئ في الداخل.. هيا بنا "
سرنا جنبا إلى جنب، أنا بقامتي الصغيرة و رأسي المنحني للأسفل، و هو بجسده العملاق..
و رأسه العالي فوق هامته الطويلة! ثنائي عجيب متناقض ! دخلنا المطعم .. كان تصميم مدخله جميل..
و الكبائن متباعدة و متقنة الهندسة..
اختار وليد كبينة بعيدة، و جلسنا متقابلين، لكن ليس وجها لوجه!
شغلنا نفسينا بتقليب صفحات الكتيب الصغير، الحاوي لقوائم الأطعمة و المشروبات...
قال وليد :
" ماذا تودين ؟ "
في هذه اللحظة ، و أنا في توتري الشديد هذا، و الإحساس بقرب وليد يشويني.. قلت :
" دورة المياه "
" عفوا ! ؟ "
تركت الكتيب من يدي، قام وليد و قال :
بابا وليد !
و شعرت برغبة مفاجئة في الضحك !
ألا أن هذه الرغبة تحوّلت إلى حرج شديد جدا..عندما أصدرت معدتي نداء الجوع !
مباشرة نظر وليد عبر المرآة فالتقت أنظارنا.. و أبعدت عيني بسرعة في خجل شديد...
تكلم وليد قائلا :
" لم تأكلي شيئا منذ الصباح..أليس كذلك؟ "
تحرجت من الرد عليه..و علتني حرة الخجل.. لم أكن في الآونة الأخيرة أتناول أكثر من وجبة واحدة في اليوم..
و كنت أجبر نفسي على أكلها فقط لأبقى حية..
أتذكر الآن.. الطبخات اللذيذة التي كانت أمي، و دانة تعدّانها..
آه أماه..
إنني مشتاقة لأي شيء من يديك.. حتى و لو كان السمك المشوي الذي تعدّينه
و اهرب أنا من المائدة كرها له...
كنت سأدخل متاهة الذكرى المؤلمة، ألا أن صوت وليد أغلق أبواب المتاهة حين سمعته يقول :
" سآخذك إلى مطعم جيد في المدينة الزراعية.. سيعجبك طعامه "
المشوار كان طويلا.. و الهدوء جعل النعاس يطغى علي.. فنمت لبعض الوقت..
صحوت من النوم على صوت وليد يهمس باسمي...
" رغد.. رغد صغيرتي.."
فتحت عيني.. فوجدته ملتفتا إلى الوراء يناديني.. و تلفت من حولي فرأيت السيارة واقفة ..
قال وليد:
" وصلنا "
قلت :
" المزرعة ؟ "
و أنا أطالع ما حولي.. باستغراب..
قال :
" المطعم "
قلت :
" ماذا ؟ "
" المطعم صغيرتي.. نتناول عشاءنا ثم نذهب إلى المزرعة "
و تذكرت أنني كنت جائعة ! كانت الوقت لا يزال باكرا..
وليد فتح بابه و خرج من السيارة، ثم فتح الباب لي..
هبطت و صافحتني أنسام الهواء الباردة.. فضممت ذراعي ّ إلى بعضهما البعض..
" أتشعرين بالبرد؟ "
" قليلا"
" المكان دافئ في الداخل.. هيا بنا "
سرنا جنبا إلى جنب، أنا بقامتي الصغيرة و رأسي المنحني للأسفل، و هو بجسده العملاق..
و رأسه العالي فوق هامته الطويلة! ثنائي عجيب متناقض ! دخلنا المطعم .. كان تصميم مدخله جميل..
و الكبائن متباعدة و متقنة الهندسة..
اختار وليد كبينة بعيدة، و جلسنا متقابلين، لكن ليس وجها لوجه!
شغلنا نفسينا بتقليب صفحات الكتيب الصغير، الحاوي لقوائم الأطعمة و المشروبات...
قال وليد :
" ماذا تودين ؟ "
في هذه اللحظة ، و أنا في توتري الشديد هذا، و الإحساس بقرب وليد يشويني.. قلت :
" دورة المياه "
" عفوا ! ؟ "
تركت الكتيب من يدي، قام وليد و قال :
رد: رواية انت لي... اكثر من رائعه
" تفضلي.."
كانت دورة المياه النسائية في الطرف الآخر..على مقربة من الباب توقّف وليد..
و تركني أمشي وحدي..
التفت إليه.. قال :
" سأنتظر هنا "
لم أشعر بالطمأنينة.. تراجعت .. قلت:
" لنعد "
قال :
" هيا رغد ! سأبقى واقفا في مكاني.. "
" لا.."
وليد نظر إلى ما حولنا ثم قال :
" حسنا، سأقترب أكثر"
و مشى معي حتى بلغنا الباب...
نظرت إليه بشيء من التردد، ألا أنه قال :
" لا تتأخري رجاء ً "
و أنا أفتح الباب قلت :
" إياك أن تبتعد ! "
قال مطمئنا :
" لا تقلقي.. "
و عندما خرجت وجدته واقفا بالضبط عند نفس النقطة !
عدنا إلى تلك الكابينة و طلب لي وليد وجبة كبيرة، مليئة بالبطاطا المقلية !
لا أعرف أي شهية تلك التي تفجرت في جوفي، و التهمتها تقريبا كاملة..!
و لو كان طلب طبقا آخر بعد ، لربما التهمته أيضا عن آخره.. يكفي أن يكون وليد قريبا مني
حتى أشعر برغبة في التهام الدنيا كلها...
بعد العشاء.. قام وليد بجولة في المنطقة، بين المزارع.. و أراني بعض معالم المدينة
و كذلك المعهد الذي يدرس فيه، و السوق الذي تباع فيه الخضراوات...
منذ زمن.. و أنا حبيسة الشقة و المستشفى، لا أرى الشمس و لا أتنفس الهواء النقي..
لذلك فإن الجولة السريعة هذه روحت عن نفسي كثيرا...
كان كلما تحدّث عن أو أشار إلى شيء، أصغيت له باهتمام.. ودققت بتمعن
و كأنه درس علي حفظه قبل الامتحان!
قبيل وصولنا إلى المزرعة، سألني :
" أتودين بعض البوضا..؟"
و كان ينظر إلي عبر المرآة ...
قلت منفعلة مباشرة :
" ماذا !؟ البوضا مجددا ! كلا أرجوك ! أنا يتيمة بلا مأوى الآن !؟؟ "
و ليد، حدق بي برهة ، ثم انفجر ضاحكا !
أنا كذلك، لم أقو على كبت الضحكة في صدري، فأطلقتها بعفوية...
نعم ! فلن تغريني البوضا مرة أخرى و لن أنخدع بها!
عندما وصلنا إلى المزرعة كانت الساعة تقريبا التاسعة مساءا...
مباشرة توجهنا إلى المنزل، و قرع وليد الجرس، ففتح العجوز الباب...
تهلل وجهه لدى رؤية وليد و صافحه و عانقه، ثم رحب بي ترحيبا كريما...
قال وليد :
" ابنة عمي .. تحت وصايتي الآن.. و إن لم يكن في ذلك أي إزعاج.. فهي ستبقى معي هنا حتى نجد حلا آخر.."
شعرت أنا بالحرج، ألا أن ترحيب العجوز خفف علي ذلك، قال :
" عظم الله أجرك يا بنيتي، على الرحب و السعة، و إن لم تتسع المزرعة لكما نحملكما على رؤوسنا.."
ابتسمت للعجوز و شكرته..
كانت دورة المياه النسائية في الطرف الآخر..على مقربة من الباب توقّف وليد..
و تركني أمشي وحدي..
التفت إليه.. قال :
" سأنتظر هنا "
لم أشعر بالطمأنينة.. تراجعت .. قلت:
" لنعد "
قال :
" هيا رغد ! سأبقى واقفا في مكاني.. "
" لا.."
وليد نظر إلى ما حولنا ثم قال :
" حسنا، سأقترب أكثر"
و مشى معي حتى بلغنا الباب...
نظرت إليه بشيء من التردد، ألا أنه قال :
" لا تتأخري رجاء ً "
و أنا أفتح الباب قلت :
" إياك أن تبتعد ! "
قال مطمئنا :
" لا تقلقي.. "
و عندما خرجت وجدته واقفا بالضبط عند نفس النقطة !
عدنا إلى تلك الكابينة و طلب لي وليد وجبة كبيرة، مليئة بالبطاطا المقلية !
لا أعرف أي شهية تلك التي تفجرت في جوفي، و التهمتها تقريبا كاملة..!
و لو كان طلب طبقا آخر بعد ، لربما التهمته أيضا عن آخره.. يكفي أن يكون وليد قريبا مني
حتى أشعر برغبة في التهام الدنيا كلها...
بعد العشاء.. قام وليد بجولة في المنطقة، بين المزارع.. و أراني بعض معالم المدينة
و كذلك المعهد الذي يدرس فيه، و السوق الذي تباع فيه الخضراوات...
منذ زمن.. و أنا حبيسة الشقة و المستشفى، لا أرى الشمس و لا أتنفس الهواء النقي..
لذلك فإن الجولة السريعة هذه روحت عن نفسي كثيرا...
كان كلما تحدّث عن أو أشار إلى شيء، أصغيت له باهتمام.. ودققت بتمعن
و كأنه درس علي حفظه قبل الامتحان!
قبيل وصولنا إلى المزرعة، سألني :
" أتودين بعض البوضا..؟"
و كان ينظر إلي عبر المرآة ...
قلت منفعلة مباشرة :
" ماذا !؟ البوضا مجددا ! كلا أرجوك ! أنا يتيمة بلا مأوى الآن !؟؟ "
و ليد، حدق بي برهة ، ثم انفجر ضاحكا !
أنا كذلك، لم أقو على كبت الضحكة في صدري، فأطلقتها بعفوية...
نعم ! فلن تغريني البوضا مرة أخرى و لن أنخدع بها!
عندما وصلنا إلى المزرعة كانت الساعة تقريبا التاسعة مساءا...
مباشرة توجهنا إلى المنزل، و قرع وليد الجرس، ففتح العجوز الباب...
تهلل وجهه لدى رؤية وليد و صافحه و عانقه، ثم رحب بي ترحيبا كريما...
قال وليد :
" ابنة عمي .. تحت وصايتي الآن.. و إن لم يكن في ذلك أي إزعاج.. فهي ستبقى معي هنا حتى نجد حلا آخر.."
شعرت أنا بالحرج، ألا أن ترحيب العجوز خفف علي ذلك، قال :
" عظم الله أجرك يا بنيتي، على الرحب و السعة، و إن لم تتسع المزرعة لكما نحملكما على رؤوسنا.."
ابتسمت للعجوز و شكرته..
رد: رواية انت لي... اكثر من رائعه
قال العجوز مخاطبا وليد، الذي كان يجول ببصره فيما حوله :
" في المطبخ.. تفضلا "
لم يتغيّر في ذلك المنزل أي شيء...
سرت تابعة لوليد الذي تقدّم نحو إحدى الغرف، و التي يبدو أنها المطبخ...
و العجوز خلفنا
هناك.. وجدنا أروى و أمها تجلسان على الأرض حول سفرة العشاء..
. و بادرتا بالنهوض بمجرد رؤيتنا...
و حانت اللحظة التي كنت أخشى حينها... ما أن وقع نظري على أروى...
حتى شعرت بشيء ما يتفجر في صدري... شيء حارق موجع..
كانت تجلس ببساطة على الأرض، مرتدية بنطالا ضيقا و بلوزة قصيرة الكمين واسعة الجيب
و شعرها الذهبي الأملس الطويل مربوط بخصلة منه، و ينساب على كتفيها و ظهرها كذيل الفرس !
رحبت الاثنتان بنا ، ثم توجهت أروى نحو المغسل، و غسلت يدها و نشفتها
ثم أقبلت نحو وليد و مدّت يدها لتصافحه !
وليد ببساطة مدّ يده و صافحها !
" حمدا لله على سلامتكما ! كيف حالكما ؟ "
قالت ذلك و هي تشد على يد وليد، و وليد يبتسم و يطمئنها، و أنا أسلط أنظاري على يديهما
ثم عينيهما ، ثم أعود إلى يديهما، ثم أعض على شفتي السفلى بغيظ...
إلى متى ستظل هذه ممسكة بيد ابن عمّي؟؟ هيا ابتعدي !
" مرحبا بك يا رغد، عظم الله أجرك "
رفعت بصري عن يديهما و نظرت إليها ببغض، و مددت يدي لأصافحها..
أعني لأجبرها على ترك يد وليد...
" أجرنا و أجركم، غفر الله لنا و لكم "
قالت :
" كيف صحتك الآن ؟ "
" بخير و لله الحمد "
عادت تنظر إلى وليد ، و تخاطبه :
" هل كانت رحلتكما متعبة ؟ "
قال :
" لا ، كانت ممتعة "
نظرت إلى وليد فرأيته ينظر إلي و يبتسم...
قالت أروى :
" تفضلا.. شاركانا العشاء "
و كررت أمها الجملة ذاتها
قال وليد :
" بالهناء و العافية، تناولنا عشاءنا في أحد المطاعم.. أتموا أنتم طعامكم و نحن سنجلس في المجلس "
و على هذا ذهبنا إلى المجلس، وبقي الثلاثة حول السفرة..
و يبدو أن وليد صار يتحرك في المنزل بحرية كيفما يشاء...
جلس على أحد المقعدين الكبيرين المتقابلين الموجودين في المجلس، فجلست أنا إلى جواره..
و سكنا عن أي كلام أو حركة لبضع دقائق... ثم قال وليد :
" رغد"
نظرت إليه.. فرأيت ملامح الجدية و القلق على وجهه... قال :
" أنا آسف و لكنني في الوقت الحالي لا أستطيع توفير سكن آخر..
كما و أن الظروف لن تمكننا من العيش في شقة مستقلة، لأن عملي هنا و أقضي كل ساعات النهار هنا.. "
لم أعلّق ، فقال :
" هل هذا يروق لك ؟ "
قلت :
" أخشى أن يسبب وجودي الضيق لهم .."
" في المطبخ.. تفضلا "
لم يتغيّر في ذلك المنزل أي شيء...
سرت تابعة لوليد الذي تقدّم نحو إحدى الغرف، و التي يبدو أنها المطبخ...
و العجوز خلفنا
هناك.. وجدنا أروى و أمها تجلسان على الأرض حول سفرة العشاء..
. و بادرتا بالنهوض بمجرد رؤيتنا...
و حانت اللحظة التي كنت أخشى حينها... ما أن وقع نظري على أروى...
حتى شعرت بشيء ما يتفجر في صدري... شيء حارق موجع..
كانت تجلس ببساطة على الأرض، مرتدية بنطالا ضيقا و بلوزة قصيرة الكمين واسعة الجيب
و شعرها الذهبي الأملس الطويل مربوط بخصلة منه، و ينساب على كتفيها و ظهرها كذيل الفرس !
رحبت الاثنتان بنا ، ثم توجهت أروى نحو المغسل، و غسلت يدها و نشفتها
ثم أقبلت نحو وليد و مدّت يدها لتصافحه !
وليد ببساطة مدّ يده و صافحها !
" حمدا لله على سلامتكما ! كيف حالكما ؟ "
قالت ذلك و هي تشد على يد وليد، و وليد يبتسم و يطمئنها، و أنا أسلط أنظاري على يديهما
ثم عينيهما ، ثم أعود إلى يديهما، ثم أعض على شفتي السفلى بغيظ...
إلى متى ستظل هذه ممسكة بيد ابن عمّي؟؟ هيا ابتعدي !
" مرحبا بك يا رغد، عظم الله أجرك "
رفعت بصري عن يديهما و نظرت إليها ببغض، و مددت يدي لأصافحها..
أعني لأجبرها على ترك يد وليد...
" أجرنا و أجركم، غفر الله لنا و لكم "
قالت :
" كيف صحتك الآن ؟ "
" بخير و لله الحمد "
عادت تنظر إلى وليد ، و تخاطبه :
" هل كانت رحلتكما متعبة ؟ "
قال :
" لا ، كانت ممتعة "
نظرت إلى وليد فرأيته ينظر إلي و يبتسم...
قالت أروى :
" تفضلا.. شاركانا العشاء "
و كررت أمها الجملة ذاتها
قال وليد :
" بالهناء و العافية، تناولنا عشاءنا في أحد المطاعم.. أتموا أنتم طعامكم و نحن سنجلس في المجلس "
و على هذا ذهبنا إلى المجلس، وبقي الثلاثة حول السفرة..
و يبدو أن وليد صار يتحرك في المنزل بحرية كيفما يشاء...
جلس على أحد المقعدين الكبيرين المتقابلين الموجودين في المجلس، فجلست أنا إلى جواره..
و سكنا عن أي كلام أو حركة لبضع دقائق... ثم قال وليد :
" رغد"
نظرت إليه.. فرأيت ملامح الجدية و القلق على وجهه... قال :
" أنا آسف و لكنني في الوقت الحالي لا أستطيع توفير سكن آخر..
كما و أن الظروف لن تمكننا من العيش في شقة مستقلة، لأن عملي هنا و أقضي كل ساعات النهار هنا.. "
لم أعلّق ، فقال :
" هل هذا يروق لك ؟ "
قلت :
" أخشى أن يسبب وجودي الضيق لهم .."
رد: رواية انت لي... اكثر من رائعه
قال :
" لا ، إنهم أناس طيبون جدا.. و كرماء لأقصى حد..، لن يزعجهم وجودك، أريد أن أعرف ..
هل يزعجك أنت ذلك؟؟ "
قلت :
" سأبقى حيث ما تبقى أنت..، ألست المسؤول عني الآن؟ "
بدا الضيق جليا على وليد، مال بجدعه للأمام و قال :
" رغد يا صغيرتي.. الأمر ليس متروكا لظروفي بل هو حسب رغبتك أنت.. إذا رغبت بأي شيء آخر فأبلغيني و سأنفذه حتما "
قلت :
" حقا وليد ؟؟ "
قال :
" طبعا، بدون شك.. تعرفين أنني من أجلك أفعل أي شيء..."
شعرت بالصدق ينبع من عينيه.. و آه من عينيه ..
لو تعرف يا وليد.. أنا لا أريد من هذه الدنيا غيرك أنت.. لقد فقدت كل شيء.. والداي ماتا.
.و تيتّمت مرتين.. و أختي رحلت.. و سامر تركته جريحا متألما.. و خالتي و عائلتها ظلوا بعيدين عني..
لم يبق لي إلا أنت..
أنت الدنيا في عيني..
أنا أريد أن أبقى معك، قريبة منك و تحت رعايتك و حبك ما حييت.. أينما كنت..
هنا أو في أي مكان في المجرّة.. فقط أبقني قربك.. و أشعرني باهتمامك و حبك..
" وليد .."
همست بصوت أجش... وليد أجابني مسرعا :
" نعم صغيرتي ؟ "
قلت :
" أنا.. أنا..."
و لم أتم، إذ أن أروى أقبلت الآن، تحمل أقداح الشاي...
" تفضلا.."
لم تكن لدي أدنى رغبة في احتساء الشاي ألا أنني فعلت من باب المجاملة..
أروى جلست على المقعد المجاور، قرب وليد...
تبادلا حديثا قصيرا، ثم قالت مخاطبة إياي :
" يمكنك استخدام غرفتي، و أنا سأنام مع أمي لحين ترتيب غرفة خاصة بك "
نظرت إلى وليد و قلت :
" و أنت ؟ "
قال :
" في غرفتي ذاتها "
هززت رأسي اعتراضا..
وليد قال :
" لا تخشي شيئا يا رغد.. المكان آمن هنا و موثوق كبيتنا تماما "
" لا ! لن أبقى وحدي هنا "
قال :
" يمكن لأروى البقاء معك في الغرفة.. "
قلت :
" إذن خذني لمكان آخر "
تبادل وليد و أروى النظرات، ثم نظر إلى المقعد الذي نجلس عليه، ثم قال :
" حسنا.. سأبات أنا على هذا.. داخل المنزل"
لم تعجبني الفكرة أيضا.. فنظرت إليه باعتراض و عدم اقتناع..
قال :
" لا ، إنهم أناس طيبون جدا.. و كرماء لأقصى حد..، لن يزعجهم وجودك، أريد أن أعرف ..
هل يزعجك أنت ذلك؟؟ "
قلت :
" سأبقى حيث ما تبقى أنت..، ألست المسؤول عني الآن؟ "
بدا الضيق جليا على وليد، مال بجدعه للأمام و قال :
" رغد يا صغيرتي.. الأمر ليس متروكا لظروفي بل هو حسب رغبتك أنت.. إذا رغبت بأي شيء آخر فأبلغيني و سأنفذه حتما "
قلت :
" حقا وليد ؟؟ "
قال :
" طبعا، بدون شك.. تعرفين أنني من أجلك أفعل أي شيء..."
شعرت بالصدق ينبع من عينيه.. و آه من عينيه ..
لو تعرف يا وليد.. أنا لا أريد من هذه الدنيا غيرك أنت.. لقد فقدت كل شيء.. والداي ماتا.
.و تيتّمت مرتين.. و أختي رحلت.. و سامر تركته جريحا متألما.. و خالتي و عائلتها ظلوا بعيدين عني..
لم يبق لي إلا أنت..
أنت الدنيا في عيني..
أنا أريد أن أبقى معك، قريبة منك و تحت رعايتك و حبك ما حييت.. أينما كنت..
هنا أو في أي مكان في المجرّة.. فقط أبقني قربك.. و أشعرني باهتمامك و حبك..
" وليد .."
همست بصوت أجش... وليد أجابني مسرعا :
" نعم صغيرتي ؟ "
قلت :
" أنا.. أنا..."
و لم أتم، إذ أن أروى أقبلت الآن، تحمل أقداح الشاي...
" تفضلا.."
لم تكن لدي أدنى رغبة في احتساء الشاي ألا أنني فعلت من باب المجاملة..
أروى جلست على المقعد المجاور، قرب وليد...
تبادلا حديثا قصيرا، ثم قالت مخاطبة إياي :
" يمكنك استخدام غرفتي، و أنا سأنام مع أمي لحين ترتيب غرفة خاصة بك "
نظرت إلى وليد و قلت :
" و أنت ؟ "
قال :
" في غرفتي ذاتها "
هززت رأسي اعتراضا..
وليد قال :
" لا تخشي شيئا يا رغد.. المكان آمن هنا و موثوق كبيتنا تماما "
" لا ! لن أبقى وحدي هنا "
قال :
" يمكن لأروى البقاء معك في الغرفة.. "
قلت :
" إذن خذني لمكان آخر "
تبادل وليد و أروى النظرات، ثم نظر إلى المقعد الذي نجلس عليه، ثم قال :
" حسنا.. سأبات أنا على هذا.. داخل المنزل"
لم تعجبني الفكرة أيضا.. فنظرت إليه باعتراض و عدم اقتناع..
قال :
رد: رواية انت لي... اكثر من رائعه
" هذه الليلة على الأقل.. ثم نجد حلا آخر"
فاستسلمت للأمر...
ذهبت أروى بعد ذلك لإعداد فراش لي في غرفتها... عندها قلت لوليد :
" وليد.. لا تبتعد عني أرجوك "
وليد نظر إلي بعطف و قال :
" لا تخشي شيئا صغيرتي.. أتظنين أنه، لو كان مكانا غير آمن، كنت تركتك تباتين فيه ؟ "
قلت :
" لكني أخاف.. أخاف كثيرا.. المكان غريب و الناس كذلك.. لا تبتعد عني "
كنت أقول ذلك و أنا متوترة.. و لما لحظ وليد حركة أصابعي المضطربة..
قال :
" اطمئني رغد.. و لسوف أبقي الباب مفتوحا "
ذهبنا أنا و وليد و أروى للتعرف على أرجاء المنزل و انتهينا إلى غرفة أروى..
غرفة بسيطة كسائر المنزل، لا تحوي شيئا مميزا ...
كان الفراش دافئا.. و جسدي متعبا ألا أن القلق لم يسمح لي بالنوم..
أروى نامت بسرعة.. أما أنا فتلاعبت بي الهواجس حتى بدأت أوصالي ترتعد خوفا..
ارتديت عباءتي.. و خرجت من الغرفة بحذر.. شققت طريقي بهدوء تام نحو المجلس..
كان الباب شبه مغلق، و وليد كان نائما على المقعد الكبير..
و بصيص خفيف من الضوء يتسلل إلى الغرفة عبر فتحة الباب.. و عبرها تسللت أنا أيضا إلى الداخل..
.و أوصدت الباب من بعدي !
لأنه طويل جدا، فإن قدميه الكبيرتين كانتا تبرزان من فوق ذراع المقعد..
أما ذراعاه فقد كانتا مرفوعتين فوق رأسه، إذ أن مساحة المقعد لا تكفي لضمهما على جانبيه !
مسكين وليد! لابد أن جسده غير مرتاح في نومته هذه البتة !
و مع ذلك كان يغط في نوم عميق... !
جلست أنا على المعقد الكبير الآخر... لبضع دقائق.. شاعرة بالأمان و الطمأنينة، و الدفء أيضا..
فقرب وليد يطيب لقلبي البقاء و لعضلاتي الاسترخاء و لعيني الإغماض..
استلقيت على المعقد.. و سمحت للنوم بالسيطرة علي.. بكل سهولة !
~ ~ ~ ~ ~
وضعت المنبه على المنضدة قرب المقعد، و نمت بعد أرق، لأنني كنت قلقا على رغد.. أفكر..
هل ستتقبل الحياة هنا..؟ هل ستألف الأوضاع و ترضى بها؟ هل سيسرّها العيش في منزل متواضع
و حال متوسطة، و هي ابنة العز و الدلال و الغنى ..؟؟
إن علي ّ أن أجد أكثر من أجل تحسين وضعي المالي و العام..فرغد لم تعتد حياة الفقر و الحاجة...
و لا تستحق حياة كهذه...
استيقظت بسرعة على رنين المنبه المزعج...
كنت قد ضبطته لإيقاظي وقت الفجر لأصلي...
حينما جلست، لمحت شيئا يتحرك على المقعد الكبير الآخر و الموازي للمقعد الذي نمت عليه ..!
و ذلك الشيء جلس أيضا
دققت النظر فيه ..أظنه خيال رغد! أو ربما هوسي بها جعلني أتهيأ خيالها في كل مكان !؟
في اليقظة و المنام !
قلت متسائلا :
" رغد ؟"
ذلك الشيء تكلم مصدرا صوتا ناعسا ، يشبه صوت رغد !
" نعم "
قلت :
" رغد صغيرتي ! أهذه أنت ؟؟ "
" نعم، أريد أن أنام "
و استلقت على المقعد مجددا !
فاستسلمت للأمر...
ذهبت أروى بعد ذلك لإعداد فراش لي في غرفتها... عندها قلت لوليد :
" وليد.. لا تبتعد عني أرجوك "
وليد نظر إلي بعطف و قال :
" لا تخشي شيئا صغيرتي.. أتظنين أنه، لو كان مكانا غير آمن، كنت تركتك تباتين فيه ؟ "
قلت :
" لكني أخاف.. أخاف كثيرا.. المكان غريب و الناس كذلك.. لا تبتعد عني "
كنت أقول ذلك و أنا متوترة.. و لما لحظ وليد حركة أصابعي المضطربة..
قال :
" اطمئني رغد.. و لسوف أبقي الباب مفتوحا "
ذهبنا أنا و وليد و أروى للتعرف على أرجاء المنزل و انتهينا إلى غرفة أروى..
غرفة بسيطة كسائر المنزل، لا تحوي شيئا مميزا ...
كان الفراش دافئا.. و جسدي متعبا ألا أن القلق لم يسمح لي بالنوم..
أروى نامت بسرعة.. أما أنا فتلاعبت بي الهواجس حتى بدأت أوصالي ترتعد خوفا..
ارتديت عباءتي.. و خرجت من الغرفة بحذر.. شققت طريقي بهدوء تام نحو المجلس..
كان الباب شبه مغلق، و وليد كان نائما على المقعد الكبير..
و بصيص خفيف من الضوء يتسلل إلى الغرفة عبر فتحة الباب.. و عبرها تسللت أنا أيضا إلى الداخل..
.و أوصدت الباب من بعدي !
لأنه طويل جدا، فإن قدميه الكبيرتين كانتا تبرزان من فوق ذراع المقعد..
أما ذراعاه فقد كانتا مرفوعتين فوق رأسه، إذ أن مساحة المقعد لا تكفي لضمهما على جانبيه !
مسكين وليد! لابد أن جسده غير مرتاح في نومته هذه البتة !
و مع ذلك كان يغط في نوم عميق... !
جلست أنا على المعقد الكبير الآخر... لبضع دقائق.. شاعرة بالأمان و الطمأنينة، و الدفء أيضا..
فقرب وليد يطيب لقلبي البقاء و لعضلاتي الاسترخاء و لعيني الإغماض..
استلقيت على المعقد.. و سمحت للنوم بالسيطرة علي.. بكل سهولة !
~ ~ ~ ~ ~
وضعت المنبه على المنضدة قرب المقعد، و نمت بعد أرق، لأنني كنت قلقا على رغد.. أفكر..
هل ستتقبل الحياة هنا..؟ هل ستألف الأوضاع و ترضى بها؟ هل سيسرّها العيش في منزل متواضع
و حال متوسطة، و هي ابنة العز و الدلال و الغنى ..؟؟
إن علي ّ أن أجد أكثر من أجل تحسين وضعي المالي و العام..فرغد لم تعتد حياة الفقر و الحاجة...
و لا تستحق حياة كهذه...
استيقظت بسرعة على رنين المنبه المزعج...
كنت قد ضبطته لإيقاظي وقت الفجر لأصلي...
حينما جلست، لمحت شيئا يتحرك على المقعد الكبير الآخر و الموازي للمقعد الذي نمت عليه ..!
و ذلك الشيء جلس أيضا
دققت النظر فيه ..أظنه خيال رغد! أو ربما هوسي بها جعلني أتهيأ خيالها في كل مكان !؟
في اليقظة و المنام !
قلت متسائلا :
" رغد ؟"
ذلك الشيء تكلم مصدرا صوتا ناعسا ، يشبه صوت رغد !
" نعم "
قلت :
" رغد صغيرتي ! أهذه أنت ؟؟ "
" نعم، أريد أن أنام "
و استلقت على المقعد مجددا !
رد: رواية انت لي... اكثر من رائعه
نهضت أنا عن مقعدي و وقفت أمدد أطرافي..
شاعرا بالإعياء ... إن هذا المقعد صغير
و لا يتسع لجسد رجل مثلي !
تقدمت نحوها
" رغد ! ما الذي تفعلينه هنا ؟ "
قالت و هي شبه نائمة :
" كنت خائفة "
" مم ؟ "
" من الأشباح "
ماذا !؟ أهي نائمة أم تهذي ؟؟
" أي أشباح ؟؟ "
جلست رغد فجأة و نظرت من حولها يمينا و شمالا... و هي تقول :
" أشباح؟؟ أين ؟ أين ؟ "
و يبدو أنها استفاقت أخيرا .. ثم نظرت إلي .. ثم قالت :
" وليد .. "
قلت :
" نعم.. "
قالت :
" نحن في منزل أروى أليس كذلك ؟ "
" نعم صغيرتي، هل كنت تحلمين ؟ "
أخذت تفرك عينيها...
قلت :
" لم أنت هنا ؟ "
قالت :
" لم أشعر بالطمأنينة هناك.. "
" لم صغيرتي؟ "
قالت و هي تنظر إلي برجاء :
" أريد أن أبقى معك .. المكان غريب علي.."
" ستعتادينه.. لا تقلقي "
" لكن يا وليد... "
هنا طرق الباب و سمعت صوت العم يناديني...
" وليد .. انهض بني ..الصلاة "
و كاد يفتح الباب، ألا أنه كان موصدا ! إنها رغد !
صغيرتي المجنونة !
أجبت :
" نعم عمي أنا مستيقظ "
قال :
" هيا إذن "
قالت رغد :
" إلى أين ؟ "
" إلى المسجد "
قالت معترضة :
" و تتركني وحدي ؟؟ سآتي معك "
كنت أعرف أنها ستقول ذلك !
ذهبت إلى الباب مسرعا و فتحته فرأيت العم إلياس يسير نحو المخرج...
و كنا قد اعتدنا الذهاب للصلاة في المسجد المجاور سيرا على الأقدام...
قلت :
شاعرا بالإعياء ... إن هذا المقعد صغير
و لا يتسع لجسد رجل مثلي !
تقدمت نحوها
" رغد ! ما الذي تفعلينه هنا ؟ "
قالت و هي شبه نائمة :
" كنت خائفة "
" مم ؟ "
" من الأشباح "
ماذا !؟ أهي نائمة أم تهذي ؟؟
" أي أشباح ؟؟ "
جلست رغد فجأة و نظرت من حولها يمينا و شمالا... و هي تقول :
" أشباح؟؟ أين ؟ أين ؟ "
و يبدو أنها استفاقت أخيرا .. ثم نظرت إلي .. ثم قالت :
" وليد .. "
قلت :
" نعم.. "
قالت :
" نحن في منزل أروى أليس كذلك ؟ "
" نعم صغيرتي، هل كنت تحلمين ؟ "
أخذت تفرك عينيها...
قلت :
" لم أنت هنا ؟ "
قالت :
" لم أشعر بالطمأنينة هناك.. "
" لم صغيرتي؟ "
قالت و هي تنظر إلي برجاء :
" أريد أن أبقى معك .. المكان غريب علي.."
" ستعتادينه.. لا تقلقي "
" لكن يا وليد... "
هنا طرق الباب و سمعت صوت العم يناديني...
" وليد .. انهض بني ..الصلاة "
و كاد يفتح الباب، ألا أنه كان موصدا ! إنها رغد !
صغيرتي المجنونة !
أجبت :
" نعم عمي أنا مستيقظ "
قال :
" هيا إذن "
قالت رغد :
" إلى أين ؟ "
" إلى المسجد "
قالت معترضة :
" و تتركني وحدي ؟؟ سآتي معك "
كنت أعرف أنها ستقول ذلك !
ذهبت إلى الباب مسرعا و فتحته فرأيت العم إلياس يسير نحو المخرج...
و كنا قد اعتدنا الذهاب للصلاة في المسجد المجاور سيرا على الأقدام...
قلت :
رد: رواية انت لي... اكثر من رائعه
" عمّي .. اذهب أنت سأصلي هنا "
تعجّب العم و قال :
" لم يا ولدي ؟ "
" أخبرك لا حقا.. تقبل الله منكم "
جعلت الباب شبه مغلق
و عدت إلى رغد التي بادرتني بالسؤال :
" الحمام قرب الغرفة أليس كذلك ؟ "
" بلى "
و همّت بالخروج قاصدة إياه ...
" انتظري رغد "
نظرت إلي باستغراب...
قلت :
" حتى يخرج العم ... "
و عدت أنظر من فتحة الباب حتى إذا ما غادر العم خارجا، فتحته
و استدرت إلى رغد قائلا :
" تفضلي ... "
رغد سارت ببطء و هي تنظر إلى الأرض بخجل.. تنحيت أنا جانبا .. و لما صارت قربي ..
رفعت رأسها إلي و قالت :
" أنا آسفة " ...
توترت، و لم يتجرأ لساني على النطق بشيء... فأخفيت نظري تحت الأرض..
منتظرا منها الخروج...
ألا أنها بقيت واقفة قربي هكذا لوهلة... و أنا شديد الحرج، ثم قالت :
" لكنك..أصبحت أبي الآن ! أليس كذلك ! "
رفعت نظري إليها بسرعة مندهشا، و ارتفع حاجباي تعجبا !
كانت تنظر إلي، و الآن.. ابتسامة مرسومة على شفتيها أستطيع أن أرى عذوبتها رغم الظلام...
قالت :
" بابا وليد ! "
و أسرعت خارجة من الغرفة ... تاركة إياي في ذهول و جنون !
إذا كانت ..هذه الفتاة.. اليتيمة المدللة.. الحبيبة الغالية.. ستعيش معي و تحت رعايتي أنا في بيت واحد..
فإنني و بدون أدنى شك.. سأفقد عقلي و أتحول خلال أيام، بل خلال ساعات..
إلى مجنون لم يخلق الله مثل جنونه جنونا...
و أنتم الشاهدون
---------------------
نهايه الحلقه الـ30
تعجّب العم و قال :
" لم يا ولدي ؟ "
" أخبرك لا حقا.. تقبل الله منكم "
جعلت الباب شبه مغلق
و عدت إلى رغد التي بادرتني بالسؤال :
" الحمام قرب الغرفة أليس كذلك ؟ "
" بلى "
و همّت بالخروج قاصدة إياه ...
" انتظري رغد "
نظرت إلي باستغراب...
قلت :
" حتى يخرج العم ... "
و عدت أنظر من فتحة الباب حتى إذا ما غادر العم خارجا، فتحته
و استدرت إلى رغد قائلا :
" تفضلي ... "
رغد سارت ببطء و هي تنظر إلى الأرض بخجل.. تنحيت أنا جانبا .. و لما صارت قربي ..
رفعت رأسها إلي و قالت :
" أنا آسفة " ...
توترت، و لم يتجرأ لساني على النطق بشيء... فأخفيت نظري تحت الأرض..
منتظرا منها الخروج...
ألا أنها بقيت واقفة قربي هكذا لوهلة... و أنا شديد الحرج، ثم قالت :
" لكنك..أصبحت أبي الآن ! أليس كذلك ! "
رفعت نظري إليها بسرعة مندهشا، و ارتفع حاجباي تعجبا !
كانت تنظر إلي، و الآن.. ابتسامة مرسومة على شفتيها أستطيع أن أرى عذوبتها رغم الظلام...
قالت :
" بابا وليد ! "
و أسرعت خارجة من الغرفة ... تاركة إياي في ذهول و جنون !
إذا كانت ..هذه الفتاة.. اليتيمة المدللة.. الحبيبة الغالية.. ستعيش معي و تحت رعايتي أنا في بيت واحد..
فإنني و بدون أدنى شك.. سأفقد عقلي و أتحول خلال أيام، بل خلال ساعات..
إلى مجنون لم يخلق الله مثل جنونه جنونا...
و أنتم الشاهدون
---------------------
نهايه الحلقه الـ30
رد: رواية انت لي... اكثر من رائعه
الحلقةالواحدةوالثلاثون
~ ابتعدي عن حبيبي ~
رغم أنني كنت نعسى في البداية، ألا أن النوم خاصمني ذلك الصباح..
وليد جلس في الصالة يقرأ القرآن، و جلست أنا على مقربة أنصت إليه..
إلى أن عاد الرجل العجوز بعد طلوع الشمس.. فختم وليد قراءته و راح يتحدّث معه..
كانا يتحدثان بشأن المزرعة و ما سيفعلانه هذا اليوم..
و كنت أستمع إليهما ببلاهة ! فأنا لا أفقه كثيرا مما يذكرون !
وليد التفت إلى الآن و قال :
" سوف أخرج للمزرعة الآن، أتأتين معي ؟؟ "
وقفت من فوري و تقدّمت ناحيته.. قال متما عبارته السابقة ببطء :
" أم تفضلين العودة للنوم ؟ "
" سآتي معك.."
و خرجت معه إلى المزرعة..
الهواء كان باردا و كنت أرتدي العباءة فوق ملابس النوم، لذا شعرت بالبرودة تخترق عظامي
قال وليد :
" سنبدأ بجولة تفقدية "
حذائي كان عالي الكعب و لا يصلح للسير على الرمال
لذلك طلب مني وليد ارتداء أحد الأحذية المطاطية الموجودة عند مدخل المنزل...
سرنا في اتجاه شروق الشمس.. و كم كان منظرا جميلا لم أر مثله منذ زمن...
الرياح كانت في مواجهتنا، تغزو أنفي رغما عني ، و تزيد من شعوري بالبرد..
أخذت أفرك يدي بتكرار.. أما وليد فكان يسير بثبات في وجه الريح ، و لا يبدو على جسمه أنه يتأثر بها !
كالجبل تماما !
قال لي:
" الجو بارد.. أتفضلين العودة للمنزل ؟ "
" ماذا عنك ؟ "
قال :
" سأبدأ حرث منطقة معينة هنا، سنقوم بزرع بذور حولية جديدة فيها.. "
و أشار إلى المنطقة المقصودة...
قلت :
" أنت تحرثها ؟؟ "
و يبدو أن سؤالي هذا ضايقه أو أحرجه.. نظر إلي برهة صامتا ثم قال و هو يحدّق في تلك المنطقة :
" نعم أنا يا رغد.. فهذا هو عملي هنا.. و من هذا العمل أعيش و أعيل نفسي.. و صغيرتي .."
ثم التفت إلي و قال :
" فهل يصيبك هذا بخيبة أمل أو .. اشمئزاز ؟ "
قلت بسرعة :
" لا ! لم أٌقصد ذلك.. "
" إذن ؟ "
" تعرف يا وليد.. فخلال التسع سنين الماضية كنت أعتقد أنك... "
و بترت جملتي.. فقد أحسست أن هذا يؤلمه.. و إذا تألم وليد قلبي فأنا أموت ..
قلت :
" لكن ، ألا يمكنك مواصلة الدراسة الآن ؟؟ "
قال :
" إنني أدرس الآن في معهد محلي
و إن تخرجت منه بشهادة معتبرة فستكون لدي فرص أفضل للعمل
لكن إلى ذلك الوقت سأظل مزارعا "
لم يعجبني ذلك، فأنا لا أريد لوليد أن يغمر يديه في التراب ..
بل أن يعلو السحابلكني لم أشأ إحراجه، فقلت :
" أتمنى لك التوفيق "
ابتسم وليد ابتسامة رضا، و تابعنا الطريق...
بقيت أراقبه و هو يعمل، تارة شاعره بإعجاب به ، و تارة شاعرة بشفقة عليه
و تارة بغضب من الأقدار التي أوصلت ابن عمّي إلى هذا المستوى..
ليتني أستطيع منحه ثمان سنين من عمري، تعويضا عما خسر..
بل ليتني أهديه عمري كله.. و كل ما أملك..
~ ابتعدي عن حبيبي ~
رغم أنني كنت نعسى في البداية، ألا أن النوم خاصمني ذلك الصباح..
وليد جلس في الصالة يقرأ القرآن، و جلست أنا على مقربة أنصت إليه..
إلى أن عاد الرجل العجوز بعد طلوع الشمس.. فختم وليد قراءته و راح يتحدّث معه..
كانا يتحدثان بشأن المزرعة و ما سيفعلانه هذا اليوم..
و كنت أستمع إليهما ببلاهة ! فأنا لا أفقه كثيرا مما يذكرون !
وليد التفت إلى الآن و قال :
" سوف أخرج للمزرعة الآن، أتأتين معي ؟؟ "
وقفت من فوري و تقدّمت ناحيته.. قال متما عبارته السابقة ببطء :
" أم تفضلين العودة للنوم ؟ "
" سآتي معك.."
و خرجت معه إلى المزرعة..
الهواء كان باردا و كنت أرتدي العباءة فوق ملابس النوم، لذا شعرت بالبرودة تخترق عظامي
قال وليد :
" سنبدأ بجولة تفقدية "
حذائي كان عالي الكعب و لا يصلح للسير على الرمال
لذلك طلب مني وليد ارتداء أحد الأحذية المطاطية الموجودة عند مدخل المنزل...
سرنا في اتجاه شروق الشمس.. و كم كان منظرا جميلا لم أر مثله منذ زمن...
الرياح كانت في مواجهتنا، تغزو أنفي رغما عني ، و تزيد من شعوري بالبرد..
أخذت أفرك يدي بتكرار.. أما وليد فكان يسير بثبات في وجه الريح ، و لا يبدو على جسمه أنه يتأثر بها !
كالجبل تماما !
قال لي:
" الجو بارد.. أتفضلين العودة للمنزل ؟ "
" ماذا عنك ؟ "
قال :
" سأبدأ حرث منطقة معينة هنا، سنقوم بزرع بذور حولية جديدة فيها.. "
و أشار إلى المنطقة المقصودة...
قلت :
" أنت تحرثها ؟؟ "
و يبدو أن سؤالي هذا ضايقه أو أحرجه.. نظر إلي برهة صامتا ثم قال و هو يحدّق في تلك المنطقة :
" نعم أنا يا رغد.. فهذا هو عملي هنا.. و من هذا العمل أعيش و أعيل نفسي.. و صغيرتي .."
ثم التفت إلي و قال :
" فهل يصيبك هذا بخيبة أمل أو .. اشمئزاز ؟ "
قلت بسرعة :
" لا ! لم أٌقصد ذلك.. "
" إذن ؟ "
" تعرف يا وليد.. فخلال التسع سنين الماضية كنت أعتقد أنك... "
و بترت جملتي.. فقد أحسست أن هذا يؤلمه.. و إذا تألم وليد قلبي فأنا أموت ..
قلت :
" لكن ، ألا يمكنك مواصلة الدراسة الآن ؟؟ "
قال :
" إنني أدرس الآن في معهد محلي
و إن تخرجت منه بشهادة معتبرة فستكون لدي فرص أفضل للعمل
لكن إلى ذلك الوقت سأظل مزارعا "
لم يعجبني ذلك، فأنا لا أريد لوليد أن يغمر يديه في التراب ..
بل أن يعلو السحابلكني لم أشأ إحراجه، فقلت :
" أتمنى لك التوفيق "
ابتسم وليد ابتسامة رضا، و تابعنا الطريق...
بقيت أراقبه و هو يعمل، تارة شاعره بإعجاب به ، و تارة شاعرة بشفقة عليه
و تارة بغضب من الأقدار التي أوصلت ابن عمّي إلى هذا المستوى..
ليتني أستطيع منحه ثمان سنين من عمري، تعويضا عما خسر..
بل ليتني أهديه عمري كله.. و كل ما أملك..
رد: رواية انت لي... اكثر من رائعه
الحماس الذي تملكني أثناء مراقبة وليد ، و الحرارة التي تنبعث من جسده و هو يعمل بجهد
و من صدره و هو يتنفس بعمق، و من عينيه و هو ينظر إلي
كل هذه تجمعت معا متحدة مع أشعة الشمس التي ترتفع في السماء
و أكسبتني دفئا و حيوية لا نظير لهما !...
بعد فترة ، أقبلت أروى..
و الآن، لست فقط أشعر بالدفء ، بل و بالاشتعال ، و الاحتراق أيضا ...
" صباح الخير رغد ! نهضت باكرة ! "
باكرة جدا ! كم تبدين حيوية و نشطة بعد نوم هانىء ! أنا لم أنم كما ينبغي ..
قلت :
" صباح الخير"
وليد كان موليا ظهره إلينا هذه اللحظة ، رفعت أروى صوتها
و كذلك يدها و هتفت و هي تلوّح :
" صباح الخير يا وليد "
وليد استدار و نظر إليها و رد التحية...
هتفت :
" تعال ، فقد أعددنا الفطور "
قال :
" حسنا ، أمهليني دقيقتين اثنتين "
و أتم ما كان يقوم به ...
أروى التفت إلي و قالت :
" أعددت فطورا مميزا من أجلك ! آمل أن يعجبك طهو يدي !
الجميع يصفني بالطاهية الماهرة ، و وليد يعشق أطباقي ! "
وليد ماذا ؟
يعشق أطباقها ؟؟ يا للمغرورة !
قلت :
" وليد يعشق أطباق والدتي فهي لا تقارن بشيء ! "
أروى قالت :
" رحمها الله "
و تذكرت أنه لم يعد لدي والدة ! و لم يعد بإمكان وليد تذوّق تلك الطبخات اللذيذة التي يلتهمها عن آخرها...
ضاق صدري لهذه الذكرى.. و أحنيت رأسي إلى الأسفل بحزن..
أورى لاحظت ذلك فقالت :
" آسفة.. "
لم أتجاوب معها... ، قالت :
" كم كنت متشوقة للتعرف إليها فقد حدّثني وليد عنها كثيرا..
و كان ينتظر عودتها بفارغ الصبر .. "
رفعت نظري الآن إليها، ليس الحزن هو البادي على وجهي بل الغيظ !
لماذا تتحدّث عن وليد أمامي ؟؟ و لماذا يتحدّث إليها وليد عن أمي ؟
أو عن أي شيء آخر في الدنيا ؟؟ هذه الدخيلة لا تمت إلينا بصلة
و لا أريد لمواضيعنا أن تذكر على مسمع منها ...
وليد كان يمشي مقبلا نحونا.. و حين وصل
شبكت أروى ذراعها اليمنى بذراعه اليسرى و هي تبتسم بسرور ...
وقفت أنا أنظر إليهما بغيظ و تحذير ! ما لم تفرقا ذراعيكما عن بعض فسأقطعهما !
لم يفهما تحذيري، بل سارا جنبا إلى جنب على هذا الوضع..
سرت أنا إلى الجانب الأيمن من وليد... و سرنا و نحن ندوس على ظلالنا..
و التي يظهر فيها جليا تشابك ذراعيهما ..
حسنا ! من تظن هذه نفسها ؟ وليد ابن عمّي أنا و ولي أمري أنا!
و بدون تفكير، رفعت أنا ذراعي و أمسكت بذراع وليد اليمني بنفس الطريقة
و بكل تحدي !
وليد نظر إلي بسرعة و بنفس السرعة أضاع أنظاره في الرمال التي نسير فوقها...
و بدا وجهه محمرا ! لكنه لم يسحب ذراعه مني ..
تابعنا السير و أنا أراقب الظل أمامي... و لم أترك يده حتّى فعلت هي ذلك... !
صحيح أن الفطور كان شهيا ألا أنني أصبت بعسر هضم من مشاهدة العلاقة الحميمة
بين وليد و أروى.. كانا يجلسان متقابلين، و تجلس أم أروى على رأس المائدة
و أنا إلى جانب وليد، أما العجوز فلم يكن معنا بطبيعة الحال...
لا أريد منهما أن يجلسا متقابلين، و لا متجاورين، و لا في نفس المنزل
و لا حتى نفس الكوكب..
و من صدره و هو يتنفس بعمق، و من عينيه و هو ينظر إلي
كل هذه تجمعت معا متحدة مع أشعة الشمس التي ترتفع في السماء
و أكسبتني دفئا و حيوية لا نظير لهما !...
بعد فترة ، أقبلت أروى..
و الآن، لست فقط أشعر بالدفء ، بل و بالاشتعال ، و الاحتراق أيضا ...
" صباح الخير رغد ! نهضت باكرة ! "
باكرة جدا ! كم تبدين حيوية و نشطة بعد نوم هانىء ! أنا لم أنم كما ينبغي ..
قلت :
" صباح الخير"
وليد كان موليا ظهره إلينا هذه اللحظة ، رفعت أروى صوتها
و كذلك يدها و هتفت و هي تلوّح :
" صباح الخير يا وليد "
وليد استدار و نظر إليها و رد التحية...
هتفت :
" تعال ، فقد أعددنا الفطور "
قال :
" حسنا ، أمهليني دقيقتين اثنتين "
و أتم ما كان يقوم به ...
أروى التفت إلي و قالت :
" أعددت فطورا مميزا من أجلك ! آمل أن يعجبك طهو يدي !
الجميع يصفني بالطاهية الماهرة ، و وليد يعشق أطباقي ! "
وليد ماذا ؟
يعشق أطباقها ؟؟ يا للمغرورة !
قلت :
" وليد يعشق أطباق والدتي فهي لا تقارن بشيء ! "
أروى قالت :
" رحمها الله "
و تذكرت أنه لم يعد لدي والدة ! و لم يعد بإمكان وليد تذوّق تلك الطبخات اللذيذة التي يلتهمها عن آخرها...
ضاق صدري لهذه الذكرى.. و أحنيت رأسي إلى الأسفل بحزن..
أورى لاحظت ذلك فقالت :
" آسفة.. "
لم أتجاوب معها... ، قالت :
" كم كنت متشوقة للتعرف إليها فقد حدّثني وليد عنها كثيرا..
و كان ينتظر عودتها بفارغ الصبر .. "
رفعت نظري الآن إليها، ليس الحزن هو البادي على وجهي بل الغيظ !
لماذا تتحدّث عن وليد أمامي ؟؟ و لماذا يتحدّث إليها وليد عن أمي ؟
أو عن أي شيء آخر في الدنيا ؟؟ هذه الدخيلة لا تمت إلينا بصلة
و لا أريد لمواضيعنا أن تذكر على مسمع منها ...
وليد كان يمشي مقبلا نحونا.. و حين وصل
شبكت أروى ذراعها اليمنى بذراعه اليسرى و هي تبتسم بسرور ...
وقفت أنا أنظر إليهما بغيظ و تحذير ! ما لم تفرقا ذراعيكما عن بعض فسأقطعهما !
لم يفهما تحذيري، بل سارا جنبا إلى جنب على هذا الوضع..
سرت أنا إلى الجانب الأيمن من وليد... و سرنا و نحن ندوس على ظلالنا..
و التي يظهر فيها جليا تشابك ذراعيهما ..
حسنا ! من تظن هذه نفسها ؟ وليد ابن عمّي أنا و ولي أمري أنا!
و بدون تفكير، رفعت أنا ذراعي و أمسكت بذراع وليد اليمني بنفس الطريقة
و بكل تحدي !
وليد نظر إلي بسرعة و بنفس السرعة أضاع أنظاره في الرمال التي نسير فوقها...
و بدا وجهه محمرا ! لكنه لم يسحب ذراعه مني ..
تابعنا السير و أنا أراقب الظل أمامي... و لم أترك يده حتّى فعلت هي ذلك... !
صحيح أن الفطور كان شهيا ألا أنني أصبت بعسر هضم من مشاهدة العلاقة الحميمة
بين وليد و أروى.. كانا يجلسان متقابلين، و تجلس أم أروى على رأس المائدة
و أنا إلى جانب وليد، أما العجوز فلم يكن معنا بطبيعة الحال...
لا أريد منهما أن يجلسا متقابلين، و لا متجاورين، و لا في نفس المنزل
و لا حتى نفس الكوكب..
رد: رواية انت لي... اكثر من رائعه
فيما بعد، عاد وليد للعمل في المزرعة و أروى تشاركه ، و أنا أتفرّج عليهما بغضب.. و أحاول الإنصات جيدا لكل ما يقولان..
أراد وليد بعد ذلك الذهاب إلى مكان ما لإحضار بعض الأشياء
و سألني إن كنت أرغب في مرافقته، أجبت بسرعة :
" طبعا سأذهب معك ! هل ستتركني وحدي ؟؟"
أتذكرون سيارة الحوض الزرقاء التي ركبتها ذات يوم، للذهاب إلى المستوصف ؟
إنها هي.. نفس السيارة التي يحتاجها وليد في مشواره.
فيما كنا نقترب منها أقبلت أروى مرتدية عباءتها و وشاحها الملون، قائلة :
" أوصلني للسوق سأشتري بعض الحاجيات "
و اقتربت من الباب و فتحته، فسار وليد نحو باب المقود..
و قبل أن ترفع أروى رجلها إلى العتبة، أسرعت أنا و ركبت السيارة لأجلس فاصلا بينهما!
هذا ابن عمي أنا.. و أنا الأقرب إليه من كل بنات حواء ، و أبناء آدم أيضا ... أليس كذلك ؟؟
و من السوق اشتريت أنا أيضا بعض الأشياء، من ضمنها عدّة للرسم
فالمزرعة و مناظرها البديعة أعجبتني كثيرا ..
و لسوف أقضي صباح الغد في رسم مناظر خلابة منها ، عوضا عن مراقبة وليد و هو يعمل...
عندما عدنا ، وجدنا ترتيب أثاث الصالة قد تغيّر، لقد قام العجوز
و أخته بنقل المقاعد من المجلس إلى الصالة، و نقل سرير وليد من الغرفة الخارجية إلى المجلس !
استغرب.. أي قوّة يملك هذا العجوز ليحرك هذه الأثقال !
ما شاء الله !
قالت أم أروى :
" ها قد أصبحت لديك غرفة داخلية يا وليد.. هل تحس بالاطمئنان على ابنة عمّك الآن ؟؟ "
وليد ابتسم، و وجهه متورد .. و شكر الاثنين .. ثم التفت إلي و قال :
كنت أقف إلى جواره .. رفعت رأسي و همست في أذنه :
" لكن ابق الباب مفتوحا "
وليد ابتسم، و قال :
" حاضر "
همست :
" و اطلب منهم إعادة أحد المقعدين الكبيرين للداخل، أو قم أنت بذلك "
وليد تعجّب و قال :
" لم ؟ "
قلت :
" احتياط ! ربما تظهر الأشباح ثانية "
ضحك وليد، و البقية أخذوا ينظرون إليه باستغراب !
قال :
" حاضر ! "
قلت هامسة :
" قبل الليل "
قال :
" حاضر سيدتي ! كما تأمرين .."
و حين يقول وليد قلبي ذلك.. فأنا أشعر بدغدغة ناعمة تسري في جسدي ابتداء من باطن قدمي ّ و حتى رموش عيني ّ !
و من أطراف تلك الرموش ألقيت بنظرة حادة على أروى و أنا أخاطبها في رأسي :
" أرأيت ِ ؟ ستعرفين من تكون رغد بالنسبة لوليد.. و لن أكون رغد ما لم أزيحك عن طريقي ! "
~ ~ ~ ~ ~ ~
مضت الأيام هادئة و مستقرة ، و انشغالي بالعمل جعلني أتناسى وفاة والدي ّ
و الحزن الذي خلّفه...
بصعوبة تمكنت من إقناع رغد بالبقاء في المزرعة أثناء غيابي كل يوم في فترة الدراسة..
و لأنها كانت فترة صباحية، و لخمسة أيام في الأسبوع، فإننا لم نعد نلتقي إلا عند الظهيرة...
و أثناء عملي في الحقل، تقوم هي بمراقبتي أو برسم بعض اللوحات..
بينما أروى تساعدني أو تساعد أمها في شؤون المنزل..
أراد وليد بعد ذلك الذهاب إلى مكان ما لإحضار بعض الأشياء
و سألني إن كنت أرغب في مرافقته، أجبت بسرعة :
" طبعا سأذهب معك ! هل ستتركني وحدي ؟؟"
أتذكرون سيارة الحوض الزرقاء التي ركبتها ذات يوم، للذهاب إلى المستوصف ؟
إنها هي.. نفس السيارة التي يحتاجها وليد في مشواره.
فيما كنا نقترب منها أقبلت أروى مرتدية عباءتها و وشاحها الملون، قائلة :
" أوصلني للسوق سأشتري بعض الحاجيات "
و اقتربت من الباب و فتحته، فسار وليد نحو باب المقود..
و قبل أن ترفع أروى رجلها إلى العتبة، أسرعت أنا و ركبت السيارة لأجلس فاصلا بينهما!
هذا ابن عمي أنا.. و أنا الأقرب إليه من كل بنات حواء ، و أبناء آدم أيضا ... أليس كذلك ؟؟
و من السوق اشتريت أنا أيضا بعض الأشياء، من ضمنها عدّة للرسم
فالمزرعة و مناظرها البديعة أعجبتني كثيرا ..
و لسوف أقضي صباح الغد في رسم مناظر خلابة منها ، عوضا عن مراقبة وليد و هو يعمل...
عندما عدنا ، وجدنا ترتيب أثاث الصالة قد تغيّر، لقد قام العجوز
و أخته بنقل المقاعد من المجلس إلى الصالة، و نقل سرير وليد من الغرفة الخارجية إلى المجلس !
استغرب.. أي قوّة يملك هذا العجوز ليحرك هذه الأثقال !
ما شاء الله !
قالت أم أروى :
" ها قد أصبحت لديك غرفة داخلية يا وليد.. هل تحس بالاطمئنان على ابنة عمّك الآن ؟؟ "
وليد ابتسم، و وجهه متورد .. و شكر الاثنين .. ثم التفت إلي و قال :
كنت أقف إلى جواره .. رفعت رأسي و همست في أذنه :
" لكن ابق الباب مفتوحا "
وليد ابتسم، و قال :
" حاضر "
همست :
" و اطلب منهم إعادة أحد المقعدين الكبيرين للداخل، أو قم أنت بذلك "
وليد تعجّب و قال :
" لم ؟ "
قلت :
" احتياط ! ربما تظهر الأشباح ثانية "
ضحك وليد، و البقية أخذوا ينظرون إليه باستغراب !
قال :
" حاضر ! "
قلت هامسة :
" قبل الليل "
قال :
" حاضر سيدتي ! كما تأمرين .."
و حين يقول وليد قلبي ذلك.. فأنا أشعر بدغدغة ناعمة تسري في جسدي ابتداء من باطن قدمي ّ و حتى رموش عيني ّ !
و من أطراف تلك الرموش ألقيت بنظرة حادة على أروى و أنا أخاطبها في رأسي :
" أرأيت ِ ؟ ستعرفين من تكون رغد بالنسبة لوليد.. و لن أكون رغد ما لم أزيحك عن طريقي ! "
~ ~ ~ ~ ~ ~
مضت الأيام هادئة و مستقرة ، و انشغالي بالعمل جعلني أتناسى وفاة والدي ّ
و الحزن الذي خلّفه...
بصعوبة تمكنت من إقناع رغد بالبقاء في المزرعة أثناء غيابي كل يوم في فترة الدراسة..
و لأنها كانت فترة صباحية، و لخمسة أيام في الأسبوع، فإننا لم نعد نلتقي إلا عند الظهيرة...
و أثناء عملي في الحقل، تقوم هي بمراقبتي أو برسم بعض اللوحات..
بينما أروى تساعدني أو تساعد أمها في شؤون المنزل..
رد: رواية انت لي... اكثر من رائعه
أنا كنت أقوم بعمل مضاعف و بأقصى ما أمكنني ، و لساعات أطول..
و رسمت بعض الخطط لتطوير المزرعة و الاستعانة ببعض العماّل الثابتين..
رغد بدأت تتأقلم مع العائلة و تشعر بالانتماء إليها بعد فترة من الزمن..
و صارت تساهم في بعض أعمال المنزل البسيطة، و التي لم أكن أنا أريد تحميلها عبئها
لولا أن الظروف قضت بذلك..
تعذّر علينا زيارة سامر نهاية الأسبوع الأول، ألا أننا زرناه في الأسبوع التالي، و في الواقع..
خرجت من تلك الزيارة متضايقا لما أثارته في قلبي من الذكرى الأليمة .. ذكرى والدي ّ..
سامر لم يبد أنه خرج من الأزمة بعد.. بل كان غارقا في الحزن..
و حتى زيارتنا له لم تحرز تقدما معه..
أما دانة ، فاتصلت بها مرات ثلاث خلال الأسبوعين
و أعطتني الانطباع بأنها امتصت الصدمة و في طور النقاهة..
عدا عن ذلك ، فهي سعيدة و مرتاحة مع زوجها و عائلته في تلك البلد..
أوضاع بلادنا لم تتحسن، بل بقيت بين كر و فر..مد و جزر.. أمدا طويلا..
الشيء الذي بدأ يقلقني هو الملاحظة التي أبدتها لي أروى إذ قالت :
" يبدو أن رغد تعاني اضطرابا نفسيا يا وليد.. إنها لا تنام بسهولة..
بل تبقى لما لا يقل عن الساعة تتقلب في الفراش، و أحيانا تجلس..
و تنهض.. و تذرع الغرفة جيئة و ذهابا في توتر.. و في أحيان أخرى، أسمعها تتحدّث أثناء النوم..
أو تصحو و تبكي و تنادي أمها ! أعتقد أن وفاة والدتها قد أثرت عليها كثيرا .. "
سألتها يومها :
" هل يتكرر ذلك كثيرا ؟؟ "
" تقريبا كل ليلة ! كما و أنها تصر على إبقاء مصباح النوم مضاء ً
بينما أنزعج أنا من النوم مع وجود النور ! "
هذه الأمور لاحظتها أروى التي تشارك رغد في الغرفة
و التي يبدو أنها تعاني منها منذ فترة دون أن يلحظها أحد...
و هذه الأمور جعلتني أقلق بشأنها.. و أفكر في طريقة تجعلها تنام بطمأنينة و نوما هادئا..
و هداني الله إلى هذه الفكرة...
عندما كانت صغيرة ، رغد كانت تعشق سماع القصص..
و تطالبني بها كل ليلة حتى تنام بهدوء و قرّة عين..
و لأنها كبرت الآن، فلم يعد هناك مجال لتك القصص! و لكن..
لدينا كتاب هو أجل و أعظم من أي كتاب، و بذكر ما فيه تطمئن القلوب.. إنه القرآن.
في كل ليلةقبيل نومهما أبقى مع رغد و أروى في غرفتهما و أتلو ما تيسر من آيات الذكر الحكيم ..
و تظل رغد منصتة إلي، إلى أن يغلبها النعاس فتنام بهدوء و سكينة..
في إحدى الليالي، و بعدما نامت رغد، خرجنا أنا و أروى من الغرفة ..
لم نكن نشعر بالنعاس وقتها، فطلبت مني أروى القيام بجولة قصيرة معها في المزرعة ..
" لكن.. رغد تمانع خروجي و هي بالداخل، أو دخولي و هي بالخارج.. "
" لكنها نائمة الآن "
" نعم و لكن .. "
" هيا يا وليد ! إننا لم نتحدّث مع بعضنا منذ حضورها ! لم تفارقك ساعة واحدة إلا للنوم ! "
استأت من كلام أروى و قلت :
" أرجو ألا يكون وجودها قد أزعجك بشيء ؟ "
" لا لا ، لا تسىء فهمي، أقصد أنني أريد التحدث معك حديثا خاصا بنا أنا و أنت ! كأي خطيبين.. "
و أمسكت بيدي و حثّتني على السير معها إلى الخارج...
حديثنا كان في بعض شؤوننا الخاصة.. و كانت أروى تتكلم بسرور ..
بل كانت في قمّة السعادة.. و أخذنا الحديث لساعة من الزمن..
فجأة ، سمعت صوت رغد يناديني ...
" وليــــــــــد "
سحبت يدي من يد أروى و ركضت مسرعا نحو المنزل ...
رغد كانت تقف في الساحة الأمامية تتلفت يمنة و يسرة..
" أنا هنا رغد "
و لوّحت بيدي، و أنا راكض باتجاهها...
لما رأتني رغد... وضعت يدها على صدرها و تنهدّت بقوة...
و حين صرت أمامها مباشرة، أمكنني رؤية علامات الفزع على وجهها و الذعر المنطلق من عينيها...
" صغيرتي ماذا حصل ؟؟ "
" إلى أين ذهبت ؟؟ "
" هنا في المزرعة، أتمشى قليلا "
و رسمت بعض الخطط لتطوير المزرعة و الاستعانة ببعض العماّل الثابتين..
رغد بدأت تتأقلم مع العائلة و تشعر بالانتماء إليها بعد فترة من الزمن..
و صارت تساهم في بعض أعمال المنزل البسيطة، و التي لم أكن أنا أريد تحميلها عبئها
لولا أن الظروف قضت بذلك..
تعذّر علينا زيارة سامر نهاية الأسبوع الأول، ألا أننا زرناه في الأسبوع التالي، و في الواقع..
خرجت من تلك الزيارة متضايقا لما أثارته في قلبي من الذكرى الأليمة .. ذكرى والدي ّ..
سامر لم يبد أنه خرج من الأزمة بعد.. بل كان غارقا في الحزن..
و حتى زيارتنا له لم تحرز تقدما معه..
أما دانة ، فاتصلت بها مرات ثلاث خلال الأسبوعين
و أعطتني الانطباع بأنها امتصت الصدمة و في طور النقاهة..
عدا عن ذلك ، فهي سعيدة و مرتاحة مع زوجها و عائلته في تلك البلد..
أوضاع بلادنا لم تتحسن، بل بقيت بين كر و فر..مد و جزر.. أمدا طويلا..
الشيء الذي بدأ يقلقني هو الملاحظة التي أبدتها لي أروى إذ قالت :
" يبدو أن رغد تعاني اضطرابا نفسيا يا وليد.. إنها لا تنام بسهولة..
بل تبقى لما لا يقل عن الساعة تتقلب في الفراش، و أحيانا تجلس..
و تنهض.. و تذرع الغرفة جيئة و ذهابا في توتر.. و في أحيان أخرى، أسمعها تتحدّث أثناء النوم..
أو تصحو و تبكي و تنادي أمها ! أعتقد أن وفاة والدتها قد أثرت عليها كثيرا .. "
سألتها يومها :
" هل يتكرر ذلك كثيرا ؟؟ "
" تقريبا كل ليلة ! كما و أنها تصر على إبقاء مصباح النوم مضاء ً
بينما أنزعج أنا من النوم مع وجود النور ! "
هذه الأمور لاحظتها أروى التي تشارك رغد في الغرفة
و التي يبدو أنها تعاني منها منذ فترة دون أن يلحظها أحد...
و هذه الأمور جعلتني أقلق بشأنها.. و أفكر في طريقة تجعلها تنام بطمأنينة و نوما هادئا..
و هداني الله إلى هذه الفكرة...
عندما كانت صغيرة ، رغد كانت تعشق سماع القصص..
و تطالبني بها كل ليلة حتى تنام بهدوء و قرّة عين..
و لأنها كبرت الآن، فلم يعد هناك مجال لتك القصص! و لكن..
لدينا كتاب هو أجل و أعظم من أي كتاب، و بذكر ما فيه تطمئن القلوب.. إنه القرآن.
في كل ليلةقبيل نومهما أبقى مع رغد و أروى في غرفتهما و أتلو ما تيسر من آيات الذكر الحكيم ..
و تظل رغد منصتة إلي، إلى أن يغلبها النعاس فتنام بهدوء و سكينة..
في إحدى الليالي، و بعدما نامت رغد، خرجنا أنا و أروى من الغرفة ..
لم نكن نشعر بالنعاس وقتها، فطلبت مني أروى القيام بجولة قصيرة معها في المزرعة ..
" لكن.. رغد تمانع خروجي و هي بالداخل، أو دخولي و هي بالخارج.. "
" لكنها نائمة الآن "
" نعم و لكن .. "
" هيا يا وليد ! إننا لم نتحدّث مع بعضنا منذ حضورها ! لم تفارقك ساعة واحدة إلا للنوم ! "
استأت من كلام أروى و قلت :
" أرجو ألا يكون وجودها قد أزعجك بشيء ؟ "
" لا لا ، لا تسىء فهمي، أقصد أنني أريد التحدث معك حديثا خاصا بنا أنا و أنت ! كأي خطيبين.. "
و أمسكت بيدي و حثّتني على السير معها إلى الخارج...
حديثنا كان في بعض شؤوننا الخاصة.. و كانت أروى تتكلم بسرور ..
بل كانت في قمّة السعادة.. و أخذنا الحديث لساعة من الزمن..
فجأة ، سمعت صوت رغد يناديني ...
" وليــــــــــد "
سحبت يدي من يد أروى و ركضت مسرعا نحو المنزل ...
رغد كانت تقف في الساحة الأمامية تتلفت يمنة و يسرة..
" أنا هنا رغد "
و لوّحت بيدي، و أنا راكض باتجاهها...
لما رأتني رغد... وضعت يدها على صدرها و تنهدّت بقوة...
و حين صرت أمامها مباشرة، أمكنني رؤية علامات الفزع على وجهها و الذعر المنطلق من عينيها...
" صغيرتي ماذا حصل ؟؟ "
" إلى أين ذهبت ؟؟ "
" هنا في المزرعة، أتمشى قليلا "
رد: رواية انت لي... اكثر من رائعه
و ظهرت الآن أروى فألقت عليها رغد نظرة .. ثم نظرت إلي ..
و بدأت تعبيرات وجهها تتغير حتى صارت إلى الحزن و البكاء ..
" صغيرتي ما بك ؟ "
قالت رغد فجأة :
" إذن هذا ما تفعله ؟ تتركني أنام وحدي و تخرج للتنزه مع خطيبتك ؟؟ "
فوجئت بقولها ، أردت أن أوضّح لها أنها المرة الأولى التي نخرج فيها ..
لم تعطني المجال، بل قال و هي مجهشة بكاء:
" إذا لم تكن متفرغا لرعايتي فارسلني إلى خالتي..
إذا كنت ُ عبئا يعوق دون تنزّهك مع خطيبتك فخذني لبيت خالتي و تخلّص منّي "
و انفجرت بكاء ً...
لم استوعب كلامها أول الأمر..
قلت مذهولا :
" رغد ! ما الذي تقولينه !؟ "
قالت :
" كنت أعرف أنها نهايتي.. ضعت ُ بعد والدي ّ .. لماذا ذهبا و تركاني؟
لمن تركتماني يا أمي و يا أبي ؟ يا لهواني على الناس أجمعين ..
خذني يا رب إليهما.. خذني يا رب إليهما "
لم أتحمّل سماعها تدعو على نفسها هكذا .. صرخت :
" كفى يا رغد أرجوك.. ماذا حصل لكل هذا ؟؟ "
" و تسأل ؟؟ "
" فقط لأنني خرجت من المنزل و أنت بداخله ؟ "
قالت أروى :
" أنا من طلب منه ذلك، لم أكن أتوقع أن يضايقك الأمر لهذا الحد "
رغد نظرت إلى أروى نظرة غضب و صرخت :
" اسكتي أنت ِ "
قالت أروى :
" أنا آسفة "
لكن رغد عادت تصرخ :
" قلت اسكتي أنت.. ألا تسمعين ؟؟ "
أروى شعرت بالحرج، فغادرت الساحة عائدة إلى المنزل...
لم يكن تصرفا لائقا.. و أعرف أنه ليس بالوقت المناسب لأعاتب رغد عليه.. لكنني قلت :
" إنها قلقة بشأنك "
و يبدو أنها لم تكن الجملة المناسبة, لأن وجه رغد ازداد غضبا ، و قالت بحدّة :
" هل تخشى على مشاعرها لهذا الحد ؟ إذن هيا اذهب و طيّب خاطرها ..
و دعني أنا أناجي الميتين، فلربما سمعاني و أحسا بهواني و ضياعي بعدهما
و خرجا من قبريهما و أتيا إلي..
و أخذاني معهما .. و أرحتك مني "
و مرّة أخرى تدعو على نفسها بالموت أمامي .. قلت بحدّة :
" كفى يا رغد كفى.. "
رغد صرخت :
" لا تصرخ بوجهي "
" أنت تثيرين جنوني.. كيف تدعين على نفسك و أمامي ؟؟ "
و عوضا عن التراجع ، رفعت بصرها و يديها إلى السماء و راحت تهتف بصوت عال :
" يا رب خذني إليهما.. يا رب خذني إليهما .. يا رب خذني إليهما "
ثم جثت على الأرض و صارت تبكي بقوة و مرارة... مخفية وجهها خلف يديها
لم أعرف لم كل ذلك.. ألا أنني لم أحتمل.. هويت إلى جانبها، و ناديتها بلطف ، و لم تجبني...
أبعدت ُ يديها عن وجهها و قلت بعطف :
" كفى أرجوك.. "
نظرت إلي ّ نظرة لم أفهم طلاسمها...
مددت يدي و مسحت على رأسها من فوق الحجاب، و قلت :
" أنا آسف يا صغيرتي.. أعدك بألا أخرج من المنزل ما دمت ِ فيه دون علمك و رضاك.. "
لم يتوقف سيل الدموع..
قلت
و بدأت تعبيرات وجهها تتغير حتى صارت إلى الحزن و البكاء ..
" صغيرتي ما بك ؟ "
قالت رغد فجأة :
" إذن هذا ما تفعله ؟ تتركني أنام وحدي و تخرج للتنزه مع خطيبتك ؟؟ "
فوجئت بقولها ، أردت أن أوضّح لها أنها المرة الأولى التي نخرج فيها ..
لم تعطني المجال، بل قال و هي مجهشة بكاء:
" إذا لم تكن متفرغا لرعايتي فارسلني إلى خالتي..
إذا كنت ُ عبئا يعوق دون تنزّهك مع خطيبتك فخذني لبيت خالتي و تخلّص منّي "
و انفجرت بكاء ً...
لم استوعب كلامها أول الأمر..
قلت مذهولا :
" رغد ! ما الذي تقولينه !؟ "
قالت :
" كنت أعرف أنها نهايتي.. ضعت ُ بعد والدي ّ .. لماذا ذهبا و تركاني؟
لمن تركتماني يا أمي و يا أبي ؟ يا لهواني على الناس أجمعين ..
خذني يا رب إليهما.. خذني يا رب إليهما "
لم أتحمّل سماعها تدعو على نفسها هكذا .. صرخت :
" كفى يا رغد أرجوك.. ماذا حصل لكل هذا ؟؟ "
" و تسأل ؟؟ "
" فقط لأنني خرجت من المنزل و أنت بداخله ؟ "
قالت أروى :
" أنا من طلب منه ذلك، لم أكن أتوقع أن يضايقك الأمر لهذا الحد "
رغد نظرت إلى أروى نظرة غضب و صرخت :
" اسكتي أنت ِ "
قالت أروى :
" أنا آسفة "
لكن رغد عادت تصرخ :
" قلت اسكتي أنت.. ألا تسمعين ؟؟ "
أروى شعرت بالحرج، فغادرت الساحة عائدة إلى المنزل...
لم يكن تصرفا لائقا.. و أعرف أنه ليس بالوقت المناسب لأعاتب رغد عليه.. لكنني قلت :
" إنها قلقة بشأنك "
و يبدو أنها لم تكن الجملة المناسبة, لأن وجه رغد ازداد غضبا ، و قالت بحدّة :
" هل تخشى على مشاعرها لهذا الحد ؟ إذن هيا اذهب و طيّب خاطرها ..
و دعني أنا أناجي الميتين، فلربما سمعاني و أحسا بهواني و ضياعي بعدهما
و خرجا من قبريهما و أتيا إلي..
و أخذاني معهما .. و أرحتك مني "
و مرّة أخرى تدعو على نفسها بالموت أمامي .. قلت بحدّة :
" كفى يا رغد كفى.. "
رغد صرخت :
" لا تصرخ بوجهي "
" أنت تثيرين جنوني.. كيف تدعين على نفسك و أمامي ؟؟ "
و عوضا عن التراجع ، رفعت بصرها و يديها إلى السماء و راحت تهتف بصوت عال :
" يا رب خذني إليهما.. يا رب خذني إليهما .. يا رب خذني إليهما "
ثم جثت على الأرض و صارت تبكي بقوة و مرارة... مخفية وجهها خلف يديها
لم أعرف لم كل ذلك.. ألا أنني لم أحتمل.. هويت إلى جانبها، و ناديتها بلطف ، و لم تجبني...
أبعدت ُ يديها عن وجهها و قلت بعطف :
" كفى أرجوك.. "
نظرت إلي ّ نظرة لم أفهم طلاسمها...
مددت يدي و مسحت على رأسها من فوق الحجاب، و قلت :
" أنا آسف يا صغيرتي.. أعدك بألا أخرج من المنزل ما دمت ِ فيه دون علمك و رضاك.. "
لم يتوقف سيل الدموع..
قلت
صفحة 11 من اصل 18 • 1 ... 7 ... 10, 11, 12 ... 14 ... 18
صفحة 11 من اصل 18
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء ديسمبر 03, 2013 9:57 pm من طرف seif
» البيجامات الشتويه
الخميس نوفمبر 14, 2013 1:44 pm من طرف نفيسة النكادي
» تعالوا نتعلم التطريز خطوة بخطوة../ غرزة الظل
الثلاثاء أكتوبر 01, 2013 12:24 pm من طرف الوفاء اخلاص
» فيديو.. لحظة إطلاق الإخوان الخرطوش علي متظاهري الإسكندرية - See more at: http://almogaz.com/news/politics/2013/06/29/981646#sthash.LM2ITjLz.dpuf
السبت يونيو 29, 2013 11:41 am من طرف ashraf
» عاجل| أجهزة الأمن تلقي القبض على 6 مسلحين من التيار الإسلامي بالإسكندرية والقاهرة والدقهلية - See more at: http://almogaz.com/news/politics/2013/06/28/980720#sthash.7YiLhZQE.dpuf
الجمعة يونيو 28, 2013 6:57 pm من طرف ashraf
» عودة القناصة بالآلي حول مقر الإخوان بالإسكندرية
الجمعة يونيو 28, 2013 6:55 pm من طرف ashraf
» عودة القناصة بالآلي حول مقر الإخوان بالإسكندرية
الجمعة يونيو 28, 2013 6:43 pm من طرف ashraf
» تحميل برنامج خاشع المؤذن للجوال نوكيا n73 - n95 - n70
الإثنين ديسمبر 10, 2012 9:55 am من طرف waleedclim
» الديكور الخارجي والحدائق ...
الخميس نوفمبر 15, 2012 1:17 pm من طرف steam84