صندوق الدنيا بقلم : أحمــد بهجــت

[tr][td]

44590 ‏السنة 133-العدد 2009 يناير 5 ‏8 من محرم 1430 هـ الأثنين

[/td][/tr][tr][td align="center"][/td][/tr][tr][td align="center"][/td][/tr][tr][td]

صندوق الدنيابقلم : أحمــد بهجــت أحذية الدمار الشامل الحذاء الذي أطلقه أشهر صحفي في العالم الآن منتظر الزيدي دخل التاريخ من أوسع ابوابه بجانب حذاء سندريلا ومركوب جحا وخفي حنين وقباقيب شجرة الدر وحذاء خروشوف رئيس وزراء الاتحاد السوفيتي السابق عندما وضعه علي منصة الأمم المتحدة وهو يلقي كلمة بلاده في الجمعية العامة‏,‏ وعندما سأله الصحفيون عن دلالة ذلك قال انها رسالة صامتة لأعدائنا‏.‏لكن حذاء الزيدي أفصح عن مضمون الرسالة عندما صاح وهو يسدد المركوب في وجه رئيس اكبر دولة في العالم‏(‏ هذه قبلة الوداع ياعزيزي‏).‏عبر بتلك الجملة القصيرة عما يمور في صدور العراقيين ويعتمل من مكابدة الذل الذي تمثل في الصور الشهيرة لتلك الايدي المكبلة والأعين المغممة والاجسام المنكفئة علي الأرض‏.‏وكان هذا الحادث الفريد فرصة لاطلاق النكتة السياسية من عقالها بعد طول غياب‏.‏فمن قائل إن اوباما أصبح لديه ذريعة للبقاء في العراق لامتلاكه‏(‏ أحذية الدمار الشامل‏)‏ أو انه‏(‏ لا حذاء للديمقراطية‏)‏ وأن أمريكا لن تخرج من العراق إلا بلبيسة‏,‏ أما الاكثر دلالة فهو أن الزيدي أصبح حاجا بعد أن رجم إبليس‏.‏والمدهش أن الشعر ايضا انطلق متدفقا ليشارك في ذلك الحدث الفريد باعتباره رفع رايتنا الي عنان السماء‏..‏ فقال احدهم‏:‏اخلع حذاءك أيها البطل ـ واقذفه كيما يرتعد هبلواجعله يعلم أن امتنا ـ لا تستكين وهامها زحلاخلع حذاء يا لروعته ـ يا للتمرد فيه يشتعلواصفع زنيما فوق هامته ـ واجعله كالجرذان ينخذللا أدري ماهي حكاية كوكب زحل معنا وعلاقته بالكرامة العربية‏,‏ ففي اليوم الأول لقصف قوات التحالف للعراق رأينا الرئيس العراقي صدام حسين في التليفزيون وهو يرتدي الزي العسكري ونظارة سميكة ويعلن البيان رقم‏1‏ مستشهدا بقصيدة لشاعر أردني فقال‏:‏أطلق لها الخيل لا خوف ولا وجل ـ أطلق لها السيف وليشهد لها زحل‏..‏ وبعدها تم احتلال العراق ولم ينفعنا كوكب زحل‏,‏ ولم تفلح الكلمات الرنانة أو القصائد العصماء في إنقاذه من الهوان‏.‏هذه هي رسالة وجدان أحمد عزمي مدرب كرة قدم بنادي الصيد‏.‏

[/td][/tr]

صندوق الدنيا
بقلم : أحمــد بهجــت
أخبار مسافرة
قديما كانت الأخبار تسافر علي ظهور الخيل والبغال والحمير‏,‏ وكان الخبر يسير بسرعة الحصان إذا كان صاحبه يركب حصانا وبسرعة الحمار إذا كان صاحبه يمتطي ظهر حمار‏.‏

ومن هنا كان الخبر يحتاج إلي أسابيع أو شهور ليقطع الطريق من أول البلد إلي آخرها‏,‏ ويحتاج إلي أسابيع أخري ليخرج منها‏,‏ وكان اتساع الكرة الأرضية يسمح لكثير من الدول بأن تعيش في حالها دون أن تعرف ما يجري حولها‏,‏ وبالتالي دون أن تشارك فيه‏.‏

ثم وقعت ثورة العلم والاتصالات في القرن العشرين‏,‏ ومع اختراع الراديو الترانزيستور وإطلاق الأقمار الصناعية بدأ عصر جديد تماما في الأخبار‏.‏ أصبحت الكرة الأرضية مثل غرفة صغيرة واحدة‏,‏ ذابت المسافات وانمحت وتلاشت وصار العالم مكشوفا للغاية ولم يعد هناك من يستطيع أن يخبيء خبرا أو يحتفظ به داخل صندوق الأسرار لفترة طويلة‏.‏

إن خبر سجن نابليون مثلا قد استغرق‏12‏ يوما ليصل إلي سمع العالم‏,‏ أما خبر وفاة كيندي فقد استغرق دقيقتين ونصفا ليغطي أطراف الأرض وينتشر خلال زواياها ويصل إلي الملايين‏

‏ وبعد أن كان الخبر في العصور القديمة يخرج وهو يحمل وجهة نظر من أذاعه فقط صار الخبر في عصرنا الحديث ملكا للجميع ولم يعد يحمل وجهة نظر من يعلنه فقط وحده‏,‏ لأن مهنة نقل الأخبار لم تعد مهنة محلية وإنما صارت مهنة عالمية‏,‏ وأصبحت هناك مؤسسات متخصصة مهمتها كشف الأخبار وإذاعتها وتحليلها والتعليق عليها والتنبؤ بميلاد الأخبار التي لم تولد بعد‏.‏

وترتب علي هذه الثورة أن أصبح السيد الجديد هو القارئ أو المستمع أو المشاهد أو المتلقي للخبر‏.‏

44607 ‏السنة 133-العدد 2009 يناير 22 ‏25 من محرم 1430 هـ الخميس

صندوق الدنيا
بقلم : أحمــد بهجــت
تنشيط ذاكرة الأمة
لعل التطور المذهل الذي طرأ علي ثورة الاتصالات والمعلومات هو الذي أتاح لنا أن نعايش حرب جنوب لبنان عام‏2006,‏ وحرب غزة في الأسبوع الأخير من العام المنصرم‏2008,‏ ونتابع لاهثين علي مدي الساعة تطورات أحداثها وتداعيات وقائعها‏..‏ ولقد هالني من ردود أفعال الشارع العربي أن الكافة قد نسوا تماما ثوابت الصراع وتاهوا في خضم زخم المتغيرات ويبدو أنه قد آن الأوان لتنشيط ذاكرة الأمة لهذه الثوابت مع ما طرأ عليها من مستجدات باعتبارها لا يختلف عليها اثنان‏.‏

أولا‏:‏ الثوابت‏:‏
‏1‏ ـ تواطؤ المجتمع الدولي لإصدار قرار الأمم المتحدة رقم‏(181)‏ يوم‏29‏ نوفمبر عام‏1947‏ القاضي بتقسيم فلسطين إلي دولة عربية وأخري يهودية‏,‏ مع اعتبار القدس مدينة دولية حتي تغسل يديها من عقدة الذنب نتيجة ما تعرض له اليهود إبان الحقب الهتلرية‏,‏ وما تلاها من دعم إسرائيل بعد قيامها سياسيا واقتصاديا وعسكريا خلال حرب فلسطين عام‏1948‏ التي انتهت بإضافة إسرائيل لنحو‏22%‏ إضافية من مساحة فلسطين عما قرره قرار التقسيم‏

‏ وبينما ظل معظم العرب يلقون باللائمة علي الدول الكبري‏,‏ فإن قلة عربية من ذوي البصيرة النافذة بدأوا يعترفون بأن النقائض في التركيبة العربية ذاتها كنتيجة مباشرة لقصور مفزع في الرؤية الاستراتيجية للأمور هي المسئولة عما سماه العرب أدب النكبة وواضح أن هذا القصور مازال سائدا حتي الآن‏.‏

‏2‏ ـ بعد أن أضحت إسرائيل أمرا واقعا وضعت ثوابت لاستراتيجيتها القومية كان من أبرزها الاعتماد علي حليف قوي لمساندتها إقليميا ودوليا فاختارت الولايات المتحدة التي أصدرت مع انجلترا وفرنسا تصريحها الثلاثي عام‏1950‏ بحظر إمداد الشرق الأوسط بالسلاح حتي لا تدخل الدول العربية في سباق تسلح مع إسرائيل‏

‏ وعندما قامت ثورة يوليو عام‏1952‏ في مصر أعلنت عن صفقة أسلحة مع تشيكوسلوفاكيا في سبتمبر عام‏1955‏ فأعلنت الولايات المتحدة أنها تضمن أمن إسرائيل وأنها سوف تسلحها كما وكيفا حتي تصبح متفوقة علي كل الجيوش العربية مجتمعة‏,‏ وهو ما وضح إبان العدوان الثلاثي علي مصر عقب تأميمها قناة السويس عام‏1956‏ وحرب يونيو عام‏1967‏ عقب إغلاق خليج العقبة‏,‏ ويجب الاعتراف بأن الحركة الصهيونية النشيطة هي التي جعلت من ذلك أمرا ممكنا‏.‏

‏3‏ ـ المرة الوحيدة التي طبقت فيها الأمة العربية مفهوم الأمن القومي كانت إبان حرب أكتوبر عام‏1973,‏ فقررت الولايات المتحدة تقديم دعم مباشر لإسرائيل من خلال طلعتين جويتين بواسطة الاستطلاع الاستراتيجي من طراز‏SR71A‏ يوم‏13‏ أكتوبر‏1973,‏ وسلمت صورها لإسرائيل في اليوم نفسه بعد أن كانت قد سلمتها أسلحة ومعدات متقدمة من خلال أضخم جسر جوي عرفته الحروب مما مكنها من إحداث الثغرة‏

‏ وأعتقد أن عبارة الرئيس السادات أنه علي استعداد لمحاربة إسرائيل لكنه ليس علي استعداد لمحاربة أمريكا سوف تظل ترن في آذاننا حتي نهاية العمر‏.‏

‏4‏ ـ تنبهت إسرائيل بعد حرب أكتوبر إلي أن أداء مقاتليها لم يكن بالمستوي المطلوب‏,‏ ومن ثم خشيت من وصول مصر إلي نقطة التعادل الاستراتيجي في القوة الجديدة معها فشرعت في اقتحام عصر الفضاء وامتلكت تقنية الصواريخ بأنواعها وهو ما نجحت فيه بإطلاقها أول قمر صناعي من صنعها من طراز أوفيك ـ‏1‏ إلي الفضاء الخارجي صباح الإثنين‏19‏ سبتمبر عام‏1988‏ باستخدام صاروخ أريحا ـ‏2‏ الذي صنع بتكنولوجيا أمريكية ـ فرنسية ـ جنوب إفريقية مكنها من استخدام الفضاء في الأغراض العسكرية‏..‏ البقية غدا‏..‏

لواء دكتور‏/‏ إبراهيم شكيب