مواقف بقلم: أنيس منصور

مواقف
بقلم: أنيس منصور
ماتت السيدة فاطمة عبد الله محمود‏,‏ أنت لا تعرفها وأكثر المثقفين لا يعرفونها‏,‏ فقد اختارت فاطمة عبد الله محمود لنفسها ميدانا لايهم إلا القليلين من خاصة المثقفين‏.‏

فقد أمضت حياتها في ترجمة أحدث ما كتبه الفرنسيون عن مصر الفرعونية‏,‏ وكان أسلوبها سهلا واضحا‏,‏ فموضوعاتها وحكاياتها من غراميات الفراعنة وعن فلسفتهم وحكمتهم وأمراضهم وعلاجاتهم الطبية لا تهم إلا القليلين‏..‏ وقد مضت فاطمة عبد الله محمود في إصدارها كتابا بعد كتاب‏.‏

وقد كتبت عنها كثيرا‏,‏ وكررت دهشتي لصبرها‏,‏ الذي هو صبر أيوب‏,‏ فكثير من الكتب صعبة جدا وشاقة علي النفس‏,‏ وقد عرفت منها انها كانت تمضي الساعات تترجم العبارات الصعبة‏.‏

وتعبت كثيرا في تيسير عباراتها‏,‏ فكانت تكتب بالقلم الرصاص علي أوراق مسطرة‏,‏ وهي صورة قريبة جدا مما كان يفعله الكاتب الأمريكي هيمنجواي‏,‏ فلم يكن يستريح إلا إلي عشرات الأقلام الرصاص‏!‏

ومضت فاطمة عبد الله محمود في تخطي العقبات الصعبة في مجاهل المعابد الفرعونية عبر الملوك والكهنة والسحرة‏,‏ مضت وحدها في عملها وفي حياتها وماتت كما عاشت‏,‏ في هدوء ودون ان يدري بها أحد ـ وجاء تعبها في عشرين سطرا‏!‏

وقد نشف ريقي مع د‏.‏زاهي حواس لعله يحتفي بها وان يعطيها أي نيشان أو يقيم لها حفلة‏.‏

ونسيت ان زاهي حواس لايهمه إلا الموتي‏,‏ وقد ماتت فاطمة عبد الله محمود فلعله يقدم لأهلها واحدا من النياشين الصفيح التي يقدمها للعلماء‏!‏

وإذا كان أحد يستحق التكريم من الهيئات النسائية في كل المناسبات ففاطمة عبد الله محمود‏!‏

4592 ‏السنة 133-العدد 2009 يناير 7 ‏10 من محرم 1430 هـ الأربعاء

مواقف
بقلم: أنيس منصور
علماء أمريكا وجهوا خطابات للرئيس الأمريكي الجديد‏.‏

إنهم لم يطلبوا تعديلا في مرتباتهم ولا علاوة ولا درجة علمية‏.‏ وإنما يطلبون فقط أن يكون له مستشار علمي يفهم احتياجات العلماء وحرية البحث العلمي‏,‏ يعني عدم تدخل الدولة في انقاص ميزانية البحث العلمي أو أي توجيه للبحث العلمي‏,‏ ولم يفتهم أن يشيروا الي تدخل الدولة في البحث العلمي أحيانا‏,‏ وهي غلطة يجب أن تعتذر عنها الدولة‏,‏ وألا يقع فيها الرئيس الجديد‏..‏ وهم يذكرونه بما قاله كيندي عن أمله في أن يهبط الأمريكان علي سطح القمر ويعودون سالمين‏..‏ وكذلك عن أمل كلينتون في الانطلاق من القمر الي الكواكب الأخري والعودة سالمين‏..‏

وقد اختار الرئيس أوباما عددا من أساتذة الجامعات لأهم المناصب والوزارات‏.‏ فأختار البروفسور اسطفان شو الحائز علي جائزة نوبل في الفيزياء ليكون وزيرا للطاقة‏..‏ واختار البروفسيرة جين لوبشنكا الخبيرة في شئون الاحتباس الحراري أول مديرة للإدارة القومية لشئون البيئة المحلية والعالمية‏..‏

أما مستشاره العلمي فهو البروفسور جون هولدرن استاذ الفيزياء بجامعة هارفارد‏..‏ وهو يعرف تماما كل احتياجات الباحثين في المجالات العلمية‏..‏ وجاء تعيينه استجابه لمطالب العلماء‏.‏ وأكبر دليل علي أن الرئيس الأمريكي قد سمع واستجاب ـ فأستحق الاحترام هو ايضا‏!‏

وهذا دليل علي أن الرئيس الأمريكي الجديد يسمع ويري ويحترم أحلام العلماء لأنه كان أكبر الحالمين‏!‏
anis@ahram.org.eg

44607 ‏السنة 133-العدد 2009 يناير 22 ‏25 من محرم 1430 هـ الخميس

مواقف
بقلم: أنيس منصور
لن يذهب صوت وصدي أفراح البيت الأبيض‏..‏ فسوف يتردد صداها في كل الدنيا‏..‏ في حقول أمريكا ومصانعها وفي غابات أفريقيا‏.‏ فالذي حدث هو حلم الأحلام وخرافة الخرافات‏:‏ أن زنجيا لم يغير لونه‏..‏ وإنما قفز فوق حاجز اللون بذكائه وموهبته‏.‏

لقد كان الرجل الأسود متفوقا في الألعاب الرياضية‏..‏ فقفز فوق حاجز اللون‏.‏ ثم يتساوي مع الرجل الأبيض ويتفوق عليه‏.‏ ولقد كان المتفوقون أفرادا‏.‏ أما اليوم فالذي تفوق علي الأبيض والأسود‏:‏ فرد‏.‏ موهبة‏.‏ علم‏.‏ ذكاء‏.‏

خطابة‏.‏ له كل صفات الاسياد التي كان يحلم بها المقهورون والمعذبون في الأرض والبحر ألوف السنين‏..‏

ولن تموت أضواء زفة الرئيس أوباما‏..‏ ولا الموسيقي الأفريقية التي جعلت خدا أسود ينام علي خد ابيض‏..‏ وذراعا بيضاء تلف خصرا أسود‏.‏

وكان الزنوج ينظمون دموعهم موسيقي راقصة‏.‏ وأغنيات حزينة‏.‏ وكانت موسيقاهم بكائيات الذين يحنون الي أوطانهم‏..‏ الي الجوع مع الحرية‏,‏ لا الرغيف الملوث بالهوان‏.‏

وسوف يرقص تمثال الحرية وتحته أبيات للشاعر ايما لازاروس تنادي المساكين والمعذبين والمشردين في كل أرض‏..‏ وقد استجاب لها أوباما نيابة عن الجميع‏..‏

وفي مسرحية‏(‏ القرد كثيف الشعر‏)‏ للأديب الأمريكي أويل عندما وصل العمال الزنوج الي ميناء نيويورك راحوا يدقون جدرانها الأسفلتية‏.‏ فأوجعتهم أيديهم ولم تسقط الجدران كما سقطت قبل ذلك جدران اريحا من النفخ في الأبواق ودق الأجراس‏.‏

واليوم سقطت جدران نيويورك سعيدة بذلك‏,‏ فقد جاءها ابن من أبناء المعذبين المحتقرين في الأرض‏:‏ أوباما‏!‏‏
anis@ahram.org.eg